سنستمر رغم الداء والأعداء

سنستمر رغم الداء والأعداء
السبت 22 يونيو 2019 - 09:39

وأنا أقرأ تدوينات بعض الأقلام النافثة لسموم الأفاعي والمعبرة عن التشفي نتيجة ما آلت إليه الأوضاع في البيت الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة، ولو أن سم الأفاعي يكسب المناعة، انتابني شعور بالمرارة، وبالإحباط والحزن العميق، وشعور بثورة داخلية تجعلني أستنجد بأولي الألباب من حكماء الحزب وشبابه ونسائه لأن التباكي لا ينفع ما دامت المكائد والدسائس ونهش الأعراض أثرت سلبا على سمعة المناضلين وأحيانا عائلاتهم واعتبارهم، وخلقت شرخا وخندقا عريضا مستصعب الرأب لا ينفع معه مواصلة عمليات التراشق بالكلمات النابية والعبارات القدحية بقدر ما يستدعي استحضار قوة العقل والحكمة والاحتكام إلى الشرعية لتجاوز محطات وبلوغ محطات أخرى عبر القنوات القانونية والتنظيمية.

لكن مهما احتدمت الصراعات بين مناضلي الحزب، فإن ذلك ليس بمقدره أن يمحي التاريخ بجرة قلم، والأزمات تبدع الحلول وتستنهض الهمم، لأن الإنسان مرتبط بماضيه، وهذا الماضي كان حافلا بمحطات وبمناضلين بذلوا مجهودات جبارة من أجل إشعاع الحزب وتقوية واجهاته البرلمانية والجهوية والجماعية، لم نكن نتوقع أن نصل إلى مرحلة طغت فيها المكائد وبلغ الاحتقان أشده إلى درجة قصف الأعراض وتحويل قنوات التواصل الاجتماعي إلى حلبة للنزاع والصراع يتقارع فيها المتصارعون بمختلف الوسائل الجارحة والنبش في الأعراض ومس العائلات والمحاسبة وإلصاق التهم من هذا الطرف أو ذاك دون التوفر على أدنى حجة أو دليل، وتقمص صفة مؤسسات المتابعة والمحاسبة لإصدار الأحكام على الأشخاص والتشهير بهم ضدا على المبادئ والقيم من جهة، والمقتضيات القانونية التي تجرم هذه الأفعال المسيئة من جهة أخرى.

الأمر المحزن حقا أن تنخرط بعض المواقع الالكترونية والأقلام الموجهة من هذا الطرف أو ذاك في صب الزيت على النار من أجل تأجيج الأوضاع وإذكاء نار الفتنة، متناسية أن حزب الأصالة والمعاصرة يضم مناضلين أبانوا عن حنكة ونية صادقة من أجل تطبيق برنامج الحزب والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام بغض النظر عن الشكوك والانتهازية وتأليب زيد ضد عمر، وحتى إن أخطأ أحدهم أو أساء الفهم، فإن تقويم الاعوجاج من صلاحيات الهياكل الحزبية في إطار الاحترام والتوجيه بدل الإيلام والانتقام.

الوطن ينتظر من الفاعلين السياسيين والمنتخبين إبداعا وعملا ومنجزات ملموسة كل حسب اختصاصه، الوطن لا حاجة له بالصراعات والمزايدات وتغول الأنا والعجرفة وتعظيم الذات، فليتواضع الجميع، الكل من منبره وموقعه لرأب الصدع والانتصار للشرعية والمؤسسة الحزبية في احترام تام للنظام الأساسي للحزب ومحطاته التاريخية، علما أن إقامة الحقوق على القوة قد يؤدي إلى الفوضى والانفلات.

وفي هذا الصدد، يقول Jean Jacques Rousseau إذا كان الأقوى هو الحق فينبغي لنا أن نكون جميعا أقوياء، علما أن الصراعات الشخصية والسباق المحموم نحو الكراسي والتصدي ولو بالعنف والحيل لكل من حاول الاقتراب منها يجعل المواطن يستنتج أنه خارج أي مشروع يعنى به وما في ذلك إلا إثبات واقعة الاستماتة من أجل قضاء المصالح الخاصة، الشيء الذي يؤجج الاحتقان ويذكي نار الحقد والضغينة ويدفع المواطن إلى تبخيس كل ما له علاقة بالعمل السياسي والحزبي وما يستتبع ذلك من عزوف وتصويت عقابي في المحطات المقبلة.

لذلك، فليتوقف الجميع لحظة تأمل، سواء من اعتبره البعض ظالما، ومن اعتبر نفسه مظلوما، من أجل محاسبة الذات، وإن اقتضى الأمر جلد الذات والجلوس إلى طاولة التفاوض والتحاور من أجل إعادة بناء صرح الأمجاد لأن الاتحاد قوة والتفرقة هي السبيل إلى الزوال والانقراض.

وأختم بقول الشاعر الأعشى:

كناطح صخرة يوما ليوهِنها فلم يضِرها وأوهى قرنه الوعِل

‫تعليقات الزوار

11
  • إبراهيم بومسهولي
    السبت 22 يونيو 2019 - 12:55

    الحزب إياه لم يتأسس نتيجة نضال طويل على أرضية إيديولوجية أو مذهبية مشتركة، بل تأسس بمنطق الهمزة والغنيمة عن طريق التجمع حول من هو عالي الهمة وفي القمة، ولذلك تجمع فيه اليساري المتطرف الذي إعتقد أن اليسار أصبح من الماضي، واليميني الذي لا ذمة له، والقبلي الذي يخاطبه قومه بأركاز وأمغار، والسمسار في كل شيء والذي كان يتغنى بجراحاته التي تعذبه، وكل من لم تستطع قامته مطاولة آخرين في أحزاب هي في الحد الأدنى طبيعية، وليست أحزابا-مسخا ! والحديث عن الشيء إياه وكأنه حزب عادي، هو عبث يتناسى أن تأسيسه من سقط المتاع حدث بالأمس فقط، وبالتالي يصعب التدليس على الناس !
    تأسس الحزب في زمن فراغ رهيب، ثم جاء 20 فبراير فأجلاه هيكلا ! و سقط المتاع يتكالب الآن على الغبار !
    وفي النهاية أعتذر أنا شخصيا للأعشى : حقك علي، مسحها فيا، إنت الكبير برضو !

  • ع الجوهري
    السبت 22 يونيو 2019 - 12:59

    هذا الحزب أصبح خطرا على الشعب المغربي وعلى توابثه فلم يضن صانعه أنه سيصبح حزب يميني متطرف يدعو إلى انقسام البلد وبالأخص منطقة الريف فتركيبته أصبحت قنبلة موقوتة يسهل تفجيرها
    في خريطة المغرب المتماسك جغرافيا وثقافيا وما يجري داخله الآن هو عملية تفكيك القنبلة من عقلاء الدولة ولا علاقة لها بالحساد أتمنى أن يستفيد صناعه من هذه التجربة والاتجاه لدمقرطة البلاد عوض الإعتماد على الوصوليين وشكرا وعاش محمد السادس

  • ملاحظ
    السبت 22 يونيو 2019 - 14:11

    هذا حال السفينة حينما تترك لمصيرها في أعالي البحار..تخلى الربان عن تدبير أمرها ،دون أن يكلف أحدا بذلك،كما كان يفعل في الماضي.
    اقتنع المؤسس أن هذه التجربة الحزبية المرتجلة لمناوءة الأصولية فاشلة..بل أتت بنتائج عكسية تماما ،كما توقع الانتهازي الكبير بنكيران.
    ثم أكملت أحداث الريف الحكاية ،اذ اتضحت مسؤولية بعض قيادي الحزب في ذلك ؛كما اتضحت مسؤولية أحدهم في أحداث كديم ايزك بصحرائنا.
    ان اجهاض المشروع الملكي التصالحي في الريف ،لم يكن بايادي من خارجه؛ومن تفاصيل هذا الاجهاض حراك الحسيمة المفتعل .
    هذا حزب على شاكلة المحافل السرية ،وباساليبها يشتغل ،ومن هنا لا تصدق عليه مناهج تحليل الأداء السياسي الحزبي ..
    ورغم هذا لا يخفى ما به من أطر قيادية في المستوى ،سارت معصوبة العينين ،ولم تستشرف المآلات ،ولم تدرس الساحة السياسية المغربية بما فيه الكفاية.
    طوبى لمن نزل من سفينة لم يعد أحد يهتم بقيادتها في أعالي البحار.
    خير منها زورق صغير آمن ،يوصل الى بر الأمان.
    ورغم كل شيء تبقى التجربة للدراسة الأكاديمية ،حتى لا تتكرر.
    ويجب ألا تتكرر ايضا تجربة الأحزاب الدينية ،وان بدا قادتها أذكى من غيرهم.

  • زينون الرواقي
    السبت 22 يونيو 2019 - 16:26

    من حق الكاتبة أن تتباكى على ما آل إليه حزبها من تشرذم وفقدان للبوصلة لكن ما لا يحق لها هو استعارة مفردات الماضي والأمجاد والنضال فهذه لا تنطبق ولو في حدها الأدنى على الأصالة والمعاصرة .. الأحزاب ذات الماضي المجيد والنضالي تنبثق من رحم الشعب بتوجهات نضالية تقارع من في مركز القرار خدمة لمن هم في الأسفل وليس العكس .. حزبك ولد في مصحة البلاط في رحم مستأجر قبل ان يلفي نفسه يفترش الأرض خارج أسواره .. قواعده خليط من الانتهازيين والباحثين عن القرب والمظلة المخزنية .. لم يتوقعوا اختفاء الأب الذي كانت تنسج حوله الأحلام والاطماع فأنتهوا الى التشرد يتقاتل على زعامتهم كابرانات ينقلبون على بعضهم البعض كما في انقلابات ليبيريا او الكونغو .. أنتم حزب بدون حاضنة لا فوقية ولا تحتية .. لم تكن للحزب أصلاً حاضنة شعبية أمّا حاضنته البلاطية فقد تركته لمصيره بعد ان استنفد الهدف من إنشائه ولن تنفع معه أشعار ابو القاسم الشابي " رغم الداء " ولا صنّاجة العرب الأعشى ..

  • KITAB
    السبت 22 يونيو 2019 - 18:43

    لله درك أخي الرواقي كفيت ووفيت ووصل سهمك إلى الأعماق.

  • متتبع .
    السبت 22 يونيو 2019 - 22:02

    أنا أسال الأستاذة هل أنت راضية على ’’ مجلس وجـــــــــــــــــــــدة ’’ ؟ . سكان وجدة اعطوا المرتية الأولى لحزب الاصالة والمعاصرة صح . لماذا تخلى هذا الحزب عن رئاسة ’’ جماعة وجدة ’’ لصالح من احتل المرتبة الاخيرة ؟؟؟ .
    لو تسلم الحزب تسير الجماعة لكان هناك تغيير ملموس ولا تظلم المدينة وسكانها .
    هل تتفقين معي استاذتي أم أنا مخطئ في التقييم .
    انتظر الرد .

  • بلال
    الأحد 23 يونيو 2019 - 00:03

    وما هو هذا الحزب المغربي الذي لا يقول بانه يريد تطبيق برنامجه والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام ويتعهد بذلك؟ العبرة بالواقع خاصة صحاب لفلوس في هذه الاحزاب ماذا يفعلون بفلوساتهم؟ اين هي ؟ ما موقعها من الاعراب التضامني الاجتماعي الاستثماري ووو؟ عندنا رئيس جماعة ينتمي لحزب من تلك الاحزاب استطعت ان اعرف بافعاله وحيله واستغلاله لمنصبه حزبه الذي لا يحاسب ولا يراقب المنتمين اليه ولم اعد في حاجة الى كلام يباع ويشترى المهم هو الواقع يتكلم وكل حزب له اثار واقعية تتجسد في ممثليه ومناضليه ومناصريه اما الكلام فكل يغني على ليلاه

  • بيضة الديك
    الأحد 23 يونيو 2019 - 01:07

    حزب الاصالة و المعاصرة يشبه في حالته فريقا كرويا جمعوه من محترفي

    كل الجنسيات و وكلوا له افضل المدربين و الطواقم الطبية و جعلوا له

    افخم المنتجعات في خدمة راحة لاعبيه و فتحوا له من الميادين اكبرها

    و سخروا له اعظم الدعايات صوتا و صورة و جندوا له حشودا من الجماهير

    ما لا يمكن وقف هديرها المستمد الطاقة من قيمة المأتي درهم و النتيجة

    هزائم في الذهاب و خيبات الاياب فهل المراهنة على هكذا فريق ممكنة؟

    ليس بعنواين الاصالة او المعاصرة نقيم تاريخا و نضالا حزبيين و لا بخنساء

    و لا شنفرى و لا حتى شيخ محدث فصيح في البرلمان ننال شهادة " تاريخ"

    تاريخ الاحزاب تكتبه عذابات رجالها و مواقفهم الصامدة

    تحياتي من مراكش

  • hessou
    الأحد 23 يونيو 2019 - 19:13

    le paysage partisan marocain a besoin du PAM. C'est un cadre dont tremblent les vieux partis, toutes "tendances" confondues. Davantage d'enracinement du discours du PAM serait salvateur. Bon courage

  • متتبع .
    الإثنين 24 يونيو 2019 - 21:11

    6 – متتبع .

    كاتبة المقال لا تستطيع الرد ما ان كانت راضية على مجلس وجــــــــــــدة ام لا . نحن سكان وجـــــــــــــــدة لم نحسن الاختيار وننتظر القادم ربما يكون احسن . فتشكيلة المجلس الحالى لن تعود باذن الله . وسنمنح اصواتنا من الان الى اغراس اغراس . البكاء من وراء الميت خسارة .
    ’’ الداء والاعداء ’’ ؟ . الداء استفحل لما قدم كرسي المجلس الجماعي الى المتواجد في ذيل الترتيب رغم انف الوجادة .وتركوه يفعل ما يريد دون الاشراك في السيير .
    صدق من قال اللعاب احميدة والرشام احميدة .
    وما الصبح ببعيد .

  • محمد الصابر
    الثلاثاء 25 يونيو 2019 - 11:34

    في كثير من الأحيان وداخل عنكبوت الاصالة والمعاصرة تبدو أمور السياسة وكأنها وضعت في يد عابثين،لا تهمهم سوى ذواتهم، يقبلون كل شيء في السياسة من أجل مواقعهم، واهمين أنفسهم بأنهم شخصيات المرحلة، في حين أن بعضهم لا يعدو أن يكون سوى جاهل من ذوي السوابق القضائية متواطئ مع صاحب ريع المناصب الانتخابية والسياسية.
    تتناسى هنا السيدة صاحبة المقال وأمثالها أن السياسي اذا وصل الى مرحلة السفاسف والحضيض،فهذا يعكس جوعه لجمع الثروة وكراهيته لمشروع التنمية حبا في الفساد،ومحقوريته ودونيته للمغاربة ضدا على مصالح الوطن والمغاربة و… الاتحاد قوة للانقضاض على الباطل هو السبيل إلى الخلاص والهناوات ـــ قالها يوما ما بنكيران عندما طالب الحزب بفك نفسه. وهاهو التاريخ يصحح مساره والطبيعة تصفي كوارثها،لان الزوابع زوابع تزول،ولعل السنوات المقبلة ستظهر زوال كل تجمع بني على غش وبهتان.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب