المغرب والجزائر وآفاق ما بعد بوتفليقة

المغرب والجزائر وآفاق ما بعد بوتفليقة
الجمعة 26 يوليوز 2019 - 11:54

رحيل نظام بوتفليقة

يبدو أن حملة التطهير الجديدة، التي قام بها الجهاز العسكري بالجزائر، قد أتت على رموز بارزة سابقة في الدولة ممن عرفت بسلطاتها الواسعة، شبكاتها المترامية وعدائها للمغرب على جميع المستويات، فكان إيداعها سجن الحراش مؤشرا على نهاية حقبة بوتفليقة بتأكيد اتهامه وكل أعوانه ومن يدور بفلكه بالفساد وتهديد مصالح الجزائر العليا. ويمكن إدراج طبيعة العلاقات المغربية الجزائرية ضمن هذه المصالح، طالما أن المرحلة صارت دقيقة والحياة السياسية شبه متوقفة ومفتوحة على كل السيناريوهات إن لم يتم التعامل مع المطالب الشعبية بشفافية ومرونة.

هنا نسجل التعامل الإيجابي لكل من المغرب والجزائر مع المرحلة التي تمر بها هذه الأخيرة وغياب تصعيد من طرفها بخصوص قضية الصحراء، إذ تبقى تحركات البوليساريو سواء بالطائرة الرئاسية أو على خطى الدبلوماسية الجزائرية جزءا من عقيدة قديمة ما زالت تمسك بأطراف الحكم بالجزائر حتى صارت عبئا عليها ستعمل لا محالة في المستقبل المتوسط على التخلص منها؛ وذلك بعد بروز الدور الجنوب إفريقي كحاضنة وممولة للجبهة وتراجع أدوار نيجيريا ودول أمريكا اللاتينية.

يمكن اعتبار المرحلة الانتقالية الجزائرية مرحلة تمهيدية لإعادة تقييم علاقاتها مع دول الجوار، خاصة المغرب، بفضل مجهوداته الكبيرة على مستوى العلاقات القارية، تبنيه مقاربة الرابح رابح في ما يخص العلاقات الثنائية ونجاعة سياسته لمكافحة الإرهاب واشتغاله الجاد على قضايا عالمية شائكة ذات أبعاد وطنية وإقليمية كالهجرة والمشاريع الكبرى ورغبته في تنظيم مشترك لكأس العالم بينه والجزائر وتونس كخيار مغاربي يبث روحا جديدة في اتحاد المغرب العربي.

انفراج العلاقات وفتح الحدود، إلى أي مدى؟

الرئيس الجزائري السابق بوتفليقة عاكس كل تطلعات الشعبين، وكان حالة سياسية فريدة في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية؛ فبالرغم من ميلاده في وجدة وقضائه جزءا كبيرا من حياته بالمغرب، فإنه والعديد من السياسيين السابقين لم يعمل على تحسين للعلاقات ولا حل مشاكل عديدة بين البلدين كملف المغاربة المرحلين في السبعينيات، والتهريب على الحدود والاحتكاكات التي قام بها جنود جزائريون مع مغاربة رحل بالجنوب، ناهيك عن غياب خطاب واضح ومقنع بخصوص دعمه لما يسميه الشعب الصحراوي وتبنيه لتقرير المصير كحل لقضية الصحراء، كما يمكننا إضافة تصريحاته ووزراء حكومته المتناقضة تجاه المغرب وتعمدهم إطلاق اتهامات غير موضوعية حياله وحيال مؤسساته الاقتصادية والوطنية، مما اعتبره الكثير عدم جديته وحكوماته المتعاقبة في تحسين وتطوير العلاقات مع جاره بما يخدم مصالح البلدين.

رحيل بوتفليقة هو نهاية عبث دبلوماسي جزائري ونهاية تخبط خطابها السياسي الخارجي تجاه المغرب لصالح صرامة وتعقل رسمي حالي سمته التريث والتفكير والانكباب على القضايا الداخلية أولا لحفظ التوازن الداخلي وضمان سيرورة عمل المؤسسات واستمرارية الدولة ريثما يتم تجويد النظام الديمقراطي وخلق مناخ سياسي صحي قد يمكن آنذاك من إعادة التفكير في علاقات الجزائر الخارجية والانطلاق في ذلك من تغليب مصالح الشعبين في اندماج وإعادة بناء اتحاد مغاربي، نادت بها المؤسسات العليا بالمغرب في أكثر من مناسبة وأيدها في ذلك الرئيس التونسي القايد باجي السبسي والموريتاني المقبل محمد ولد الغزواني. كما سيكون التفكير في المرحلة المقبلة مبنيا على تجاوز خلافات الرؤى المستقبلية بتبني خيارات إستراتيجية تعيد النظر لا محالة في مكونات الأحلاف التقليدية ربما للتطلع إلى مد جسر عبر المغرب للشريك الأوروبي وإعادة فتح خط تونس الدار البيضاء السككي وتسهيل إجراءات السفر والرفع من عدد الرحلات الجوية في أفق فتح الحدود بين المغرب والجزائر ورفع القيود على حركة التنقل بين البلدين.

الضغط الشعبي وفتح الحدود

تصاعدت، في الآونة الأخيرة، شعارات من قبيل: “خاوة خاوة”، و”كلنا المغرب”، ثم “كلنا الجزائر”، و”جيبوها يا لولاد”، تزامنا مع انطلاق مباريات كأس إفريقيا للأمم وخاصة مباريات فرق المغرب والجزائر والتي عرفت رفع أعلام البلدين في المدرجات والشوارع لكلا البلدين؛ غير أن ما ميز هذه الحملة الشعبية هو التحاق الجماهير بحدود البلدين والاحتفال بالأعلام والأهازيج وأبواق السيارات.. وهنا خلق الحدث بالتحاق شاب جزائري بإخوانه بالمغرب، عبر اجتيازه للسياج الحديدي الذي يفصل البلدين والذي لم يمنع توقيفه من حرس الحدود من احتفال الجميع بنصر التأهل للنهائي، وهذا مؤشر قوي على إرادة التغيير لدى الأشقاء بالجزائر قادرة على خلق الحدث وتغيير المعطيات الجيوسياسية بالمنطقة والدفع بالعجلة السياسية إلى تغيير واقع العلاقات المغربية الجزائرية من الانغلاق والانعزال إلى الشراكة والاندماج، وإن كانت قوى الممانعة بالجزائر تقاوم هذا المنحى المحتوم، فهي بكل تأكيد ستعيد النظر في حساباتها وستأخذ هذا التوجه الشعبي الملح بعين الاعتبار؛ فالمغرب من أعلى هرم في السلطة مرورا بالأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني طالبت بفتح الحدود، وقامت بزيارات إلى المسؤولين الجزائريين لحثهم على قبول الطلب المغربي بفتح الحدود؛ غير أن الجواب كان آنذاك الانشغال بصحة الرئيس السابق وعدم استقرارها والتفكير في مستقبل الرئاسة والسيناريوهات المحتملة لما بعد بوتفليقة، وهي مرحلة في اعتقادي تم طيّها مقابل حراك شعبي مطالب بالديمقراطية سيؤخر في نظري البت في هذا الطلب الشعبي ريثما يتم انتخاب الرئيس الجديد وتنصيب الحكومة المقبلة.

*مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية

‫تعليقات الزوار

5
  • anp alg
    الجمعة 26 يوليوز 2019 - 16:50

    لا لفتح الحدود لسنا بحاجة لتهريب السلع المدعمة من طرف الدولة نحو المغرب ليصبح الضحية الأولى هو الشعب الجزائري

  • ahmed
    الجمعة 26 يوليوز 2019 - 18:40

    لابوتفليقة ولاالعناصرالتي تولت السياسة معه كانوا اطرافا في قرار غلق الحدود مع المغرب لكي يعادالنظر في هذا الامر حتى بعد ازاحتهم من الحكومة
    وهذا شيئ طبيعي ان الافراد يذهبون وتبقى الدولة وقراراتها سارية المفعول الى ان تتم الاستجابة للهدف المرجو منصدور القرارات هذا كل شيئ في السياسة الجزائرية ماضيا وحاضراومستقبلا

  • ع الجوهري
    الجمعة 26 يوليوز 2019 - 20:52

    السؤال الذي كان على صاحب المقال طرحه هل بو تفليقة كان أقوى من الجيش أم كان يمثل الدراع السياسي للجيش وتم بتر الدراع بعد ان مرض الدراع كل المعطيات والتجارب تقول لو أراد الجيش فتح الحدود أيام بو تفليقة لفعل ما يهمنا أننا نحتضن أراضينا الصحراوية ومجيئ أو ذهاب من يحكم الجزائر لا يهمنا وإذا عادوا عدنا والسلام

  • ابن الصحراء الجزائري
    الجمعة 26 يوليوز 2019 - 23:49

    لا يهم المغرب وكتاب المغرب وومن ينتقدون النظام الجزائري سوى فتح الحدود وكمواطن سبر مرحلة فتح الحدود وعرف الكثير من خباياها لا نريد فتح الحدود فأنا كمواطن بسيط أقول هذا وأشعر به وأؤمن به ففتح الحدود لا يكون بطريقة ابتزازية على نحو ما جاء في آخر مقال الكاتب شجعناكم ورفعنا شعار خاوة خاوة فاتحوا الحدود ولا أحد من الجزائريين يطالب بفتح الحدود والجزائر قامت بحراكها وقمنا بحراكنا من أجل الجزائر وليس من أجل النظام المخزني لنقدم له الحدود ، ولنفرج على ضائقته الاقتصادية ، فآخر ورقة يجب بحثها هي فتح الحدود فهو مجرد سياج ويفتح ولكن هناك مشاكل عالقة تنصل منها المخزن دائما وتنكر لها دائما فسياسة الابتزاز التي مارسها ومازال يمارسها المخزن لم تعد تنطلي على الساسة الجزائريين وحتى على المواطنين ، ولا أعرف كل هذا الركام من الكتابات المغربية عن فتح الحدود ؟ أريد جوابا مقنعا ..فلا نحتاج الى اقتصادكم ولا الى شيء منكم

  • fouad2
    السبت 27 يوليوز 2019 - 17:38

    ماذﺍ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭﻫﻞ ﻗﻀﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ?
    ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻫﻮ ﺍﻥ ﻛﻤﺸﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻼﺀ ﺣﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ ﻛﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺗﻢ ﺍﺳﻘﺎﻁ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻜﻮﺭ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻭﻗﻊ ? ﺗﻢ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﺨﺮﺝ ﺍﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻌﻤﻼﺀ ﻳﺼﻔﻘﻮﻥ ﻟﻠﻌﺴﻜﺮ ﻭﺗﻢ ﺍﺳﻜﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺑﻤﻨﺤﻪ ﻣﺴﻜﻨﺎﺕ ﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﻜﺎﺱ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﺑﺘﻮﺍﻃﺆ ﺍﻟﻜﺎﻑ ﻭﺍﻟﻔﻴﻔﺎ .. ﺛﻢ ﺳﺠﻦ ﺑﻌﺾ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ … ﻗﺎﻟﻲﻙ ﻧﺪﻳﺮﻭ ﺑﺤﺎﻝ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻴﻦ ! ﻫﺬﺍ ﺍﺍﻃﺮﺡ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻣﺎ ﻋﻤﻼﺀ ﻭﺍﻣﺎ ﺟﻬﻼﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .
    نعود الى مهزلة كاس افريقيا الذي طالته ايادي السياسية مما سمح بتتويج منتخب الجزائر باعتماد تقنية الفار وشراء صمت باقي المنتخبات القوية الاخرى.. لكن ما يهمنا هو المخطط الخطير حيث كان الهدف تصدير الحراك الشعبي ابى المفرب وقد راينا تحركات مشبوهة لبعض الجماهير على الحدود اي محاولة لاقتحامها.. لكن لم تنجح هذه الخطة بفضل يقظة الشعب وعدم انجراره الى فخ الحدود..نفس اللعبة تكررت في الجنوب والصحراء حيث انتظر العملاء صافرة النهاية لبدء اعمال التخريب في العيون فسقط هناك ضحايا.. لكن الشعب لم يخرج ففشل العملاء ايضا في هذه الخطة .. والا فقد نكون لا قدر الله امام حراك كبير في الشمال والجنوب لا احد يعرف نهايته..

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس