المفهوم الجديد للسلطة.. عود على بدء

المفهوم الجديد للسلطة.. عود على بدء
الإثنين 9 شتنبر 2019 - 05:12

أثار شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي لعامل إقليم إفران أثناء جولة تفقدية لمختلف مناطق اقليم افران ليقف على عدة خروقات في علاقة باحتلال الملك العمومي الغابوي بطريقة غير قانونية بالمدينة ونواحيها. وهي المبادرة التي خلقت جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المتابعون بين مؤيد لتلك الخطوة وهم الأكثرية، ومعارض لها بسبب الطريقة الغاضبة التي خاطب بها المسؤول الترابي المخالفين للقانون، وهو غضب يجد مبرره في التسيب والفوضى وانعدام الامن الذي أحدثه بعض هؤلاء المستغلين للفضاء العمومي بطرق عشوائية.

إن مبادرة عامل إقليم افران، تعتبر فريدة من نوعها لتوقتيها وكذا لتعطش المواطن الى سماع صوته والتفاعل مع نبض الشارع سواء تعلق الامر بالاستجابة للمطالب الملحة للساكنة ذات الصلة باستتباب الأمن أو متعلقة كانت بالتنمية وتقوية دور الرقابة على عمل المؤسسات المنتخبة لافتقارها للكفاءة والخبرة في إعداد مشاريع من شأنها تطوير المنطقة.

ويرى المتتبعون أن هذه الخطوة غير مسبوقة على المستوى الوطني، وستسهم لا محالة في إعادة جمال المدينة وجعلها منطقة جذب سياحي عوض أن تكون مدينة طاردة للزوار القادمين إليها، بسبب الوضعية السيئة التي آلت إليها نظرا للتسامح الكبير الذي كانت تبديه السلطة تجاه بعض المظاهر المسيئة لنظافة ورونق المدينة، مما كان يثير غضب السكان والزوار.

إن كل من يعرف المدينة جيدا يعرف كيف كانت في الماضي من أجمل المدن المغربية من حيث النظافة وحسن التنظيم، الأمر الذي أكسبها سمعة طيبة بين المغاربة. غير أن سوء تدبير بعض المنتخبين وعدم الاهتمام بمتابعة المشاريع المبرمجة في عدد من المواقع السياحية المهمة مثل غابة أزرو وعين فيتال حول اقليم إفران والاحياء المهمشة بأزرو والدواوير المنسية بجماعة بن صميم إلى اقليم يستحق الرثاء.

ويعتبر ما قام به عامل الإقليم أمرا جديدا يحدث في مناسبات قليلة في بعض المدن، حيث يصر بعض المسؤولين على مغادرة مكاتبهم الوثيرة وعدم الاكتفاء بالمتابعة عبر التقارير المنجزة والهواتف، والذهاب بأنفسهم لتفقد المشاريع المبرمجة أو المنجزة والوقوف على سير الأشغال. ونحن نعتقد في الواقع أن مثل هذا السلوك الجديد هو ما نحتاجه اليوم في بلادنا، ذلك أن مهمة المسؤولين ليست هي الاختفاء وراء جدران مكاتبهم بل الاختلاط بالمواطنين والانصات إلى شكاويهم والتفاعل معها.

هذه هي المقاربة الجديدة للشأن العمومي كما أشارت إليها الخطب الملكية الأخيرة، مقاربة تعتمد سياسة القرب وربط المسؤولية بالمحاسبة مرتكزة في ذلك على النجاعة والفعالية في الأداء. وما انتشار مظاهر التسيب وغياب الامن والفساد بالكثير من المؤسسات إلا تجلي لغياب المراقبة والتتبع للمشاريع المبرمجة محليا ووطنيا وقلة التفاعل مع نبض الشارع وأولوياته المرتبطة بالأمن والتنمية.

لقد آن الأوان للقطع مع الممارسات القديمة في تدبير الشأن العام وتكريس مفهوم المواطنة في التعامل مع الساكنة. وفي هذا الإطار، يعتبر وقوف المسؤولين بشكل شخصي على تدبير القضايا المرتبطة بمجالهم الترابي أمر في غاية الأهمية إسوة بتنفيذ التوجيهات الملكية السامية المرتبطة بالمفهوم الجديد للسلطة، وجعل المواطن في صلب اهتمامات أصحاب القرار إن على المستوى الوطني أو المحلي.

ولعل من نافل القول إن النموذج التنموي الجديد يرتكز في جزء كبير منه على تغيير نمط التسيير والاستفادة من الإخفاقات، فما قام به عامل إفران وما يقوم به بعض المسؤولين الآخرين يجب أن يكون رسالة إلى الآخرين. وما انتشار شريط الفيديو بهذا الحجم الا دليل على رغبة المواطنين في التغيير وخطوة في اتجاه اسماع صوتهم ومعاناتهم للمسؤولين بمختلف درجاتهم للمساهمة في تحسين ظروف عيش الطبقات الهشة في هذا الوطن.

* أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط

‫تعليقات الزوار

16
  • علي
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 09:23

    تحليل موفق… نريد رجال سلطة مثل عامل الاقليم، بسبب السيبة نجد بعض المدن كافران أغلى من المدن الفرنسية سياحيا… لا بد من تدخل الدولة لمراقبة الأسعار وجودة الخدمات والسلع!

  • محمد
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 10:28

    برافو استاذ لوزير، لابد من الحزم، انا شخصيا اعجبني المقال، واعجبني كذلك فيديو العامل، هكذا فقط بامكاننا القضاء على المحتالين والشفارة الذين رفعوا أسعار كل شيء واحتلال الملك العمومي ضدا على القانون…

  • الاطلس اولا
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 10:50

    سابقة من نوعها ان يقوم مسؤول ترابي بجولة طويلة شملت كل تراب الاقليم ايقف على الاختلالات التي تشهدها جميع القطاعات بإفراننا الحبيب. لكن الأجمل ان جولته لم تقتصر فقط على سؤال الاطفال والنسوة عن حالهم زمن البرد او تحت أشعة الشمس اللافحة، بل تعدى الامر ذلك الى اتخاذ اجراءات فورية لحفظ ما يمكن حفظه لاستدامة بيئة وظيفة لساكنة الاقليم وضربا بيد من حديد على ايدي المفسدين من منتخبين ولوبيات ومن يدور في فلكهم.
    نحن ابناء المنطقة لا يسعنا إلا ان نصفق بحرارة على هكذا مبادرات ترد الاعتبار لصوت العقل وايقاف نزيق مقدرات الاقليم واعادة مراجعة عمل المجالس المنتخبة المهترئة والفقيرة من التجربة وعدم القدرة على ترجمة تطلعات السكان من خلال برامج ومشاريع تعود بالنفع العميم على ساكنة افران ولاسيما الجماعات القروية المهمشة كجماعة ابن صميم.

  • صحراوي من عمق المعاناة
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 11:11

    ونحن نطالع مواقع التواصل الاجتماعي الاسبوع الماضي، أثار انتباهنا رجل في موكب يجول حول مختلف مناطق اقليم بالاطلس ليوقف حالة التسيب واللانظام التي تسود مفاصل الحياة به ولسان حالنا يقول، ليت والي العيون يقتدي بهذا الرجل الصالح ليوقف العبث الحاصل في تسيير شؤون جهتنا وحالة الاستئساد على اافئات الهشة بها.
    هنيئا لكم سكان افران بهذا المسؤول الذي لم يترك شبرا من تراب نفوذه الا ووقف شخصيا على مطالب سكانه وأمر مساعدية باتخاذ ما يلزم للتخفيف عن السكان، وهذا لعمري هو المفهوم الجديد للسلطة التي ما فتئ جلالة الملك يحض عليه منذ 2004. تحية إجلال وإكبار للسيد العامل.

  • زينون الرواقي
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 11:53

    بهذا نبرهن اننا شعب فشل في فهم حدود الحرية واستيعاب الحدٌ الفاصل بين الحقوق والواجبات والقدرة على التعامل بذكاء ومسؤولية مع الظرف الذي تراخت فيه قبضة الدولة لصالح الانفلات الشامل والتأويل الخاطئ لمختلف أوجه الحريات سواء سلوكاً أو تعبيراً أو جراماً وتحدياً للمجتمع والاسرة والدولة والقيم والاخلاق .. واليوم بعد ان اكتوينا برعونتنا و" ضسارتنا " أصبحنا نحنّ الى عهد البصري والعنيكري وشرطة كرواتيا ونرى في زمجرة العامل تحريكاً لنوستالجيا عزيزة وإيقاظاً للحنين الى عهد السوط والصفع .. اصبح المواطن يحن الى القبضة الحديدية بعد ان اصبح مهددا في حياته وحياة ابنائه وقوته وبيته من طرف عصابات الاجرام التي اكتسحت البلد واستباحت حرمات أهله ومن الفرٰاشة المرابضين عند مدخل بيته وهو العاجز عن مطالبتهم بترك منفذ للمرور .. نعم الحرية لمن لا يستحق لا تنجب سوى الفوضى كمن يمنح رخصة حمل السلاح لمجنون .. فليعد العامل ببطشه ولتنزل القوات الى الشوارع ولتختفي مظاهر الليونة والفشوش من السجون فنحن شعب مثل صوف الغنم منافعها شتى لكن بعد ان تُغسل وتُفرك وتُخبط ثم تُخبط وتّقطَّب أما تناولها كم هي خامّ فمجرد قذارة وعفونة وروائح عطنة ..

  • نبيل
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 12:11

    انتشر فيديو عامل اقليم افران في وسائل التواصل الاجتماعي الكنار في الهشيم، خلناه زلزال في المنطقة للوهلة الاولى، لكن بعد رؤية الشريط تبين ان الامر يتعلق بصحوة ضمير مسؤول اقليمي ينتمي لاسلاك وزارة الداخلية، ابى الا ان يستمع لاهات وأنات الساكنة المقهورة التى اخلف المنتخبون المحليون موعدهم معها.
    فنحن كجالية ذوي اصول افرانية لا يسعنا الا ان نثمن هذه الخطوة في انتظار تعميم التجربة على كامل تراب المملكة وتخليق الحياة العامة لينعم المواطن بالحقوق والرخاء.

  • الاطلس اولا
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 12:53

    اعتقد ان ما قام به السيد عامل اقليم افران هو من صميم الواجب والاحساس بالمسؤولية، ولا يمت بصلة لعهد البصري، لان ذلك العهد البائد لم ينتج قط نموذجا بل فتح الباب على مصراعيه لشتى فنون الفساد والريع ليعيث زبانيته فيادا في الارض.
    جولة المسؤول الترابي واتخاذه اجراءات فورية، تصرف لم يكن نابعا من فراغ، نتيجة لتسيب واهمال واستنزاف حقيقيين لمقدرات المنطقة، بعد ان فشلت كل المحاولات مع المخالفين لتسوية تلك الاختلالات وتقويمها، ولا أطنكم توافقوني الرأي بتقديم الورود والحلوى لأولئك الذين يدمرون مستقبلنا ومستقبل الاجيال القادمة دون وازع اخلاقي او رادع قانوني، في غياب دور المؤسسات المنتخبة التي لم تنتج سوى البؤس والمزيد من بؤر الفقر والحرمان.
    مودتي وتقديري

  • هشام والشيع
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 13:10

    مقال رائع وجدير بالقراءة والنشر. أشكرك دكتور وأحيي فيك الروح العالية والغيرة على إقليم إفران وتتبع شؤونه من قريب وبعيد. أشاطرك في حرصك وحثك على الإهتمام بالقطاع السياحي بالإقليم وجعله ركيزة للنهوض بالتنمية المحلية… لا يجادل اثنان في القول أن مدينة إفران مدينة سياحية بامتياز نظرا لما توفره من إمكانيات ومؤهلات كبيرة ومتنوعة ولخصوصياتها الطبيعية .ويعد إقليم إفران من الأقاليم التي تختزن مؤهلات وإمكانيات تؤهلها أن تلعب دورا كبيرا في السياحة الداخلية بالخصوص، كما أعجبني إشارتك دكتور إلى مدينة أزرو والدواوير التابعة لابن الصميم.. وغابة أزرو و أرز گورو.. وأضيف عليها الخط السياحي الرابط بين ضاية عوا موروا بالمتحف الغابوي والمراكز الاستجمامية في مختلف أنحاء المجال الغابوي إلى أفنورير.. قيساريت.. عين اللوح.. ويوان.. والعودة إلى القرى المجازرة.. تاكونيت. توفصطلت.. مرورا بخرزوزة،تومليلين..إلى مدينة أزروومواصلة الإستجمام بالثروات الإكولوجية الزاخرة بالإقليم..

  • lecteur
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 14:30

    Le concept moderne de l'autorité est celui adopté et pratiqué dans les pays démocrates; rien d'autre

  • الرأي الآخر
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 15:03

    لازلنا في زمن "خرج الرشيد يوما مع وزيره جعفر فرأى كذا وكذا وأمر بكذا وكذا ". ماذا تفعل المصالح المخول لها مراقبة المجال وتطبيق القانون ؟ لماذا يتم الانتظار حتى تستفحل الأمور وبعد ذلك تكون الخرجة والغضبة؟

  • سهيل.ع
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 17:30

    دمت متألقا استاذي الفاضل اتمنى لك مزيدا من العطاء و التوفيق . عرف المغرب في الاونة الاخيرة تطورا كبيرا في المجال اللاتمركزي الذي حظي باهتمام كبير سواء من طرف الاطر المعينة و الاطر المنتخبة التي تلعب دور كبير في تسير الشأن المحلي وتلبية طلبات ساكنة و الحفاض على النظام العام بمفهوم تلات .
    ولكن اليوم اصبحنا نرى العكس فبعض المنتخبين اصبحو لايقوموم بمهامهم كما ينبغي .
    و مدينة افران مجرد نمودج كباقي المدن المغربية التي تعاني من سوء تدبير.
    مما دفع سيد العامل افران القيام بهذه البادرة للوقوف على مجموع من الاختلالات التي تعاني منها ساكنة افران .

  • nazha
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 18:50

    مقالة رائعة نابعة من أستاذ و مواطن غيور على بلدته ووطنه الحبيب
    أبى و يأبى أن يقف مكتوف الأيدي أمام تدهور الاقليم مضحيا بالغالي و النفيس في سبيل النهوض بالمنطقة و التعريف بمقوماتها الطبيعية و البشرية.
    كل التوفيق و مزيدا من العطاء.

  • fouzia
    الإثنين 9 شتنبر 2019 - 22:41

    notre société a besoin des gens compétents, responsables et determinés. les élus doivent concrétiser leurs promesses pour que ce pays progresse. L'initiative prise par le dit responsable est un honneur pour la région de Ifrane. Assez des contrevenants nuisent a l'image de nos villes. Aujourd'huquii, a l'instar des autres pays où l'intérêt général prime , on trouve encore des personnes qui sont contre l'evolution du Maroc.

  • نوال
    الثلاثاء 10 شتنبر 2019 - 00:27

    صحيح أن مدينة إفران هي مدينة سياحية جميلة، لقبت دائما باسم "سويسرا المغرب"، لكن ما تشتكي منه في الآونة الأخيرة تشتكي منه باقي مدن المملكة. وبالتالي يتعين أن تحضى جميع المدن المغربية، و بدون استثناء، بمثل هذه المبادرة التي قام بها عامل إقليم إفران من أجل تحسين أوضاع المنطقة.
    إلا أن المسؤولية بهذا الصدد تكون جماعية، تتحملها الدولة و المواطن على حد سواء، باعتبار أن مقابل كل حق واجب و مقابل كل واجب حق. فحق المواطن اتجاه الدولة العيش بكرامة، و حق الدولة اتجاه المواطن احترام القوانين و الأنظمة و الالتزام بها.
    حياكم الله أستاذ مصطفى أوزير على هذه الروح الوطنية.

  • جمال ابن البلد
    الثلاثاء 10 شتنبر 2019 - 01:43

    مقال رائع جدا منطقي وموضوعي ينبع من غيرتكم على افران
    هنيئاً لكم بهذا الرجل عامل صاحب الجلالة …
    حبذا لو يقوم كافة العمال بنفس العمل ويتنافسون في خدمة البلاد بدلا من التنافس في نهب خيرات البلاد…

  • وليد.م
    الثلاثاء 10 شتنبر 2019 - 11:35

    مبدع دائما أستاذي متألق بكلامك و نادر بأسلوبك كلام في محله .
    أعانكم الله

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 3

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات