صفحة سنة أخرى: في دم المعنى

صفحة سنة أخرى:  في دم المعنى
الأحد 1 يناير 2012 - 01:23

كثيرة هي المشاهد في العالم العربي التي تغمرنا بالأسئلة الحرجة ، فتجعلنا في قلب المفارقات ضمن وضعيات مختلة ، يطول معها الانتظار الذي يكسر النظريات المستقبلية على ظهور أصحابها . وفي المقابل ، يترسب الإحباط المركب في ذاك العمق الباحث دوما عن متكأ المعنى في الحياة العربية الذي يولد نقطة نقطة وخطوة خطوة ؛ وليس بساطا أو طريقا مفضية . المشاهد اليوم تذهب في المكان والزمان ، ولا يمكن أن تقولبها وتحنطها دورات السنوات . ولكن قد يكون لكل سنة طعمها النسبي .

لا يمكن ـ في تقديري ـ لكل عين أن تتغاضى الآن عن ما يجري في أقطار العالم العربي من حراك عاصف ؛ يجعل الشارع مسكنا والأفق القريب سقفا . وقد يشكل ذلك نوعا من الصدمة للكل ؛لأن الحدث العربي في التاريخ مؤشكل ويتحرك بالكاد . وقد تمتد هذه الصدمة بشكل أعنف ـ رمزيا ـ للمبدع والمثقف ؛ قصد التأمل في الوقائع والوسائط ، في الأحداث والصور، في العنف المتبادل بصور مختلفة في آفاق هذه التحركات .

يغلب ظني أن هذا التعدد الغاص على اختلاطه والتباسه ، يدعوني لمحاولة الإحاطة بما يجري كحدث وخطاب وترويج.. وبالتالي تتعدد الأسئلة وتتدافع ،نصوغ منها السؤال المركب : هل هو حراك يذهب في اتجاه تأسيس أفق ديمقراطي حقيقي ، يؤسس لفضيلة الاختلاف التي بإمكانها وحدها أن تخلخل بنيات وعقليات وتكلسات في الواقع والمخيال العربيين ؛ أم أننا نقدم قرابين شبيهة بالدم الأسطوري ، لنتيه بين الكمشات والاحتواءات المتعددة الأقنعة ؟؟

على أي، المبدع مطالب بهذا الفهم العسير ؛ وبإمكانه أن يقدم تحليله وموقفه الذي يمتد لكتابته بشكل ما . لذا بالنسبة لي ، أبحث الآن عن نص منفتح على هذا الذي يحدث دون أن يفقد النص ماءه اللصيق بالعمق والروابط الخصبة للإنسان كذات بالحياة والوجود . وعليه ، فالنص يمكنه أن يكون حاضرا وشاهدا . لكن ليس بالمعنى التاريخي والسياسي ؛ بل بالمعنى الإنساني الذي يعيد بناء الأشياء وفق متخيل يغني المعركة أي يجعلها ذات خلفية وامتدادات .

الآن وهنا ، نصي منكسر على أباعضه أمام ما يجري ، أستجمعه وأؤثثه بصعوبة . وهو ما يدفعني إلى إعادة النظر في مفهوم الذات والآخر؛ وفي جماليات الكتابة نفسها…النص العربي في تقديري عليه أن يتحرر أكثر في أفق تأسيس جماليات جديرة به ، لأنه يحاك قرب الفظائع والانعتاقات من القيود والأوهام…

كيف يمكن للذات أن تمتص هذه الأحداث على انعكاساتها وتداعياتها ، لتشكيل قطعة ذات إحساس ورؤيا ما ؟ . فلنحدث حراكا في نصوصنا أيضا دون تقديس وأوهام . من هذه الزاوية ، يبدو لي أن هذه الأحداث المتسارعة ، تدعونا إلى التحرر من الأوهام والأوهام المضادة ، للانتصار للعمق والمعنى .

أي نص جدير بهذا ؟ أعني النص الاستثنائي الوليد التراجيديات التي تذهب في تأثيرها إلى أبعد ذرة في الوجود . وهو ما يؤكد أن قوة المعنى ،تحتاج في المقابل إلى قوة الصياغة .

دعونا من الرقص الغافل على الساحات الوهمية ؟

أكيد أن دمنا العربي يصب في المعنى ، وليس في فخاخ الإيديولوجيا ؟ وإننا له لحافظون…في النص الجريح طبعا .

‫تعليقات الزوار

2
  • زروال - كاميليا - مكناس
    الإثنين 2 يناير 2012 - 15:44

    لم تذهب دماء الليبيين هباء ولن تذهب دماء الآخرين هباء إن شاء الله المولى
    وحتى وإن لم تأخذ حقها في الدنيا ففي الآخرة نعيم وجزاء من رحمان منان ان شاء.

  • ديجور
    الثلاثاء 3 يناير 2012 - 23:50

    المبدع الحقيقي هو من يصنع التورة و ليس من يتكلم عنها, و المبدع هو من يعيش بكل جراة يوميه التافه et le reste n'est que littérature comme disait verlaine

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء