فن رخيص

فن رخيص
الإثنين 11 نونبر 2019 - 14:48

ليس هناك ما يرفع من شأن أمة ويُعلي من قدْرها مثلما يفعل الفن النبيل، سواء كان صورة جامدة، أو أغنية راقية، أو فيلما سينمائيا متحضرا، فهو ليس فقط أمين على نقل الاعوجاج الذي ينخر أركان المجتمع ويُبدد أوصاله، أو واقف متفرج على ثغراته وواصف لانحرافاته، بل هو أيضا طرف حاسم في صيرورة إصلاحه، ومكون أساسي في سموه وتهذيبه.

إلا أن الطامة الكبرى و المصيبة العظمى حينما يعود هذا الفن كارثة إضافية لما يقع في المجتمع من كوارث، فيتحول، في لحظة من اللحظات، إلى مِعول هدم بدل أن يكون أداة بناء، ووسيلة تفرقة بدل أن يكون آلية من آليات الوحدة والتفاهم، فيصبحَ بذلك عبئا إضافيا وتكلفة مجانية وجب على المجتمع أن يدفع ثمنها.

إن ما قام به ثلاثة أشخاص من نشر “أغنية” تجردت من كل القيم، وتنصّلت من جميع المبادئ والأعراف، وتخطت جميع مفاهيم حرية التعبير، وأخرجت دور الفن عن سياقه المفروض فيه نشر قيم الحب والتسامح والرحمة والانفتاح لا يمكن أن يمر دونما استنكار وتنديد وتَبَرُّؤ، خصوصا وأن أصحاب هذه “الأغنية” يدّعون بأنهم يتحدثون باسم الشعب، وكأن هذا الشعب أبله لم يجد إلا مخبولين ليفوضهم للحديث باسمه.

من المحال أن يتحدث الشعب بلسان ساقط مليء بالوضاعة والصفاقة والخسة، ومحال أن ينهل من قاموس يطفح بالكراهية ونشر الحقد والفتن، والأكثر من ذلك كله، محال أن يدنو من مقدساته فيمسها بسوء، وهو الذي طالما آمن بها وقاتل من أجلها، ليقينه في أن هذه المقدسات كانت دوما، وما تزال، صمام أمان يجمع المغاربة قاطبة على قلب رجل واحد، حتى لا يكونوا كالذين تنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم.

حيثما ولّيتَ وجهك إلا ووجدتَ البلدان العربية تئن تحت وطأة الفتن، وحيثما نظرتَ إلا ولمحتَ المواجع التي لا تتوقف، والحروب التي لا ترحم، والمآسي التي تُبكي العين وتدمي القلب، ولن يلومنا بعد هذا أحد، إذا كنا قد عقدنا العزم على أن ما ننعم به من أمْن وأمان لن نزهد فيه، وسوف نعض عليه بالنواجذ حتى آخر رمق، ولن ينال من عزمنا أو يكسر شوكتنا أشخاص لا نصيب لهم من العلم والوعي والأخلاق، لجؤوا إلى لغة الشارع من أجل أن يستميلوا من هم على شاكلتهم، إلا أنه من سوء حظهم، فقد لفظهم الشعب مثلما لفظ من كان قبلهم.

‫تعليقات الزوار

3
  • Maria
    الإثنين 11 نونبر 2019 - 19:49

    صراحة لم اسمع هذه الاغنية التي تتحدثون عنها, سبحان الله, الله يجنبني في كثير من الاحيان سماع اشياء ساقطة. و لكن عموما يجب معرفة ان الكل اصبح يدعي تمثيلية الشعب, يتم مثلا تجميع مجموعة من التافهين يدعون انهم يدافعون عن الشعب و حقوق الشعب و يريدون تنويره و و و في الحقيقة هم مرتزقة يخدمون مصالح جهات معينة خائنة للوطن…

  • shadow and the flame
    الثلاثاء 12 نونبر 2019 - 07:58

    أولا الكلام الساقط اللذي تتحدث عنه هو ليس لغة الشارع فحسب بل لغة الكوميسارية و لغة مخفر الشرطة اللتي يُذَل بها من يتقاسمون معك جنسية هذا البَلَد الغير السعيد، لا لِسَبَبٍ إلا لمطالبتهم بالحد الأدنى لحقوقهم. أما حِكاية المقدَّسات فهي من باب النسبي و ليس المطلَق و لا يمكن أن تُلزِم بها غيرك. و الأمن اللذي تتحدَّث عنه باطِنه تجاري لترويج السياحة و تحسين مناخ أعمال القوم اللذين حوَّلوا البلد لشركة خاصة بإسمهم. أما القطاعات الحيوية للبلد فهي منكوبة، تغرق كل يوم في أوحال التَّخلُّف و العشوائية. لا توجِّه سهامك لشباب اختار أغنية لتوجيه كلام في الصميم لمن يهمهم الأمر. حرٌ من ما زال يعلق الآمال على من باعوا الوهم منذ عقود، و لكن هذا لن يثني عزيمة من يريد إنهاء مهزلةِ مسرحيةٍ سيِّئة الإخراج ، يدَّعي أصحابها القداسة لمراكمة الثروة .

  • عاش الشعب
    الثلاثاء 12 نونبر 2019 - 13:08

    شخصيا إستمعت إلى الأغنية وهي في الحقيقة تعبر عن رأيي بل ملايين المغاربة إستحسنوها.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب