البيجيدي وبرنامج "التمكين" من النساء لا لهن

البيجيدي وبرنامج "التمكين" من النساء لا لهن
الثلاثاء 19 نونبر 2019 - 19:28

صرح سعد الدين العثماني، الأمين العام للبيجيدي، في افتتاح الملتقى الوطني لإطلاق مشروع “تمكين” بمراكش يوم السبت 16 نونبر 2019، بأن “حزب العدالة والتنمية، كان دائما سباقا لتبويء المرأة المكانة التي تستحق، وأنه يرى ما وصلت إليه المرأة المغربية، غير كافٍ”. هل فعلا يعمل البيجيدي على تحسين أوضاع النساء والارتقاء بحقوقهن؟ هل حقا انتصر البيجيدي لمطالب النساء في الكرامة والمساواة والمناصفة؟ هل فعلا تحرص “منظمة نساء العدالة والتنمية على الانخراط الفعلي، في مجال دعم القدرات النسائية على صعيد تراب المملكة” كما ادعت السيدة المصلي خلال اللقاء نفسه؟ تعالوا نتذكر جميعا ونذكّر السيد العثماني والسيدة المصلي بمواقف وقرارات هيئاتهم الحزبية والدعوية والنسوية التي ناهضت حقوق النساء وتصدت لمطالبهن.

1 ـ هل كانت معركة الحزب ضد مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية من أجل النهوض بأوضاعها والتمكين لها سياسيا واقتصاديا؟ هل يمكن للسيد العثماني أن يشرح للنساء أن حزبه عارض بشدة حق المرأة في الولاية على نفسها وعلى أبنائها، وأصر على جعلها تحت الوصاية من أي جهة كانت، حتى ابنها يحق له الوصاية عليها؟

إن رفض ولاية المرأة على نفسها يتنافى مع التمكين للمرأة؛ فلا تمكين للنساء دون استقلالهن الكامل وحقهن في امتلاك أجسادهن وقرارهن. هل يمكن للسيد العثماني أن يشرح العلاقة بين “التمكين” للنساء وبين مناهضته رفع سن الزواج إلى 18 سنة؟ إن موقف الحزب هذا ليس له من غاية سوى الإبقاء على الفتاة رهينة الولي ثم الزوج في تحديد مصيرها وحرمانها من فرص التعليم والتكوين. وهل للسيدة موصلي أن تشرح للنساء أساسا كيف يتم “دعم القدرات النسائية” في ظل تشجيع حزبها لزواج القاصرات وحرمانهن من فرص التعليم والتكوين؟

هل نسيت السيدة موصلي أنها شاركت في المسيرة ضد حق المرأة في إنهاء العلاقة الزوجية لتظل رهينة بيد الزوج يمارس عليها كل أنواع العنف وأساليبه؟

2 ـ مناهضة البيجيدي لقرار حكومة عباس الفاسي رفع التحفظات عن الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، وخاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية. وأدعو السيدة المصلي إلى مراجعة بيانات حركة التوحيد والإصلاح والمنظمات النسوية التابعة للبيجيدي التي استنكرت رفع التحفظات ونددت بقرار الحكومة بحجة أن مقتضيات المادتين (تتعارض مع أحكام الإسلام وتتناقض مع أحكام الدستور وتخالف صراحة بنود مدونة الأسرة وتجهز على مكتسبات ثابتة للمرأة). لتأتي اليوم السيدة المصلي ومعها الأمين العام للبيجيدي يزعمان أن حزبهما “كان دائما سباقا لتبويء المرأة المكانة التي تستحق، وأنه يرى أن ما وصلت إليه المرأة المغربية، غير كافٍ”.

كان الحزب فعلا سبّاقا إلى مناهضة مطالب النساء وحقوقهن. فمنذ تأسيس الحزب لم يحدث أن خاض معركة سياسية أو حقوقية يدعم فيها مطالب النساء وحقوقهن ولا قام بمبادرة قدّم فيها مشاريع قوانين أو اقتراحات للقضاء على العنف ضد النساء وضمان حقوقهن. بل كل معاركه كانت ضد التمكين القانوني والسياسي والاقتصادي للنساء. حتى حق المغربية في منح جنسيتها لأبنائها من زواج مختلط رفضه الحزب وناهضه.

3 ـ تعطيل الدستور وإفراغ بنوده من محتواها خاصة ما يتعلق بتفعيل هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء. هل يستطيع السيد العثماني أن يطلع المواطنات وعموم الشعب على أسباب عدم تفعيل هذه الهيئة علما أن الدستور نص عليها منذ 2011؟ هل يمكن لحزب يسعى لأن “تتبوأ المرأة مكانتها المتقدمة، إلى جانب أخيها الرجل في النضال السياسي” أن يعطّل الدستور الذي يقر المناصفة؟ وهل يمكن للسيد العثماني أن يقدم تفسيرا لقرار الحزب إقصاء السيدة ماء العينين من العضوية في مكتب مجلس النواب؟ لا تفسير لهذا التعطيل أو الإقصاء سوى المناهضة الثابتة القائمة على الخلفية الإيديولوجية لحقوق النساء ومواطنتهن. فلا يمكن للمرأة أن تكون سيدة نفسها وقرارها.

4 ـ نسبة النساء في الحكومة وفي رئاسة الفريق البرلماني واللجان البرلمانية. إن من المؤشرات الحقيقية لمدى صدق شعار “التمكين” هي المراكز التي تحتلها النساء والحقائب التي تُسند إليها. فأين البيجيدي من هذه المؤشرات؟ أول حكومة ترأسها البيجيدي في شخص بنكيران ضمت سيدة واحدة وهذا دليل قاطع على المكانة المهمشة التي يمنحها الحزب للمرأة. أما تلكم النسب من أعضاء الحزب في البرلمان ورئاسة المجالس الترابية فهي ليست دليلا على إيمان الحزب بأحقية المرأة في تولي المناصب نفسها التي يتولاها الرجل، بل حرص الحزب على ضمان الريع الانتخابي والسياسي. وهذا هو مفهوم الحزب وفهمه للديمقراطية؛ يريد مشاركة المرأة في الانتخابات حتى تضمن له المكاسب والموارد لكنه لا يريد أن تشاركه المناصب والمسؤوليات وفق مبدأ المناصفة الذي تقوم عليه الديمقراطية.

5 ـ غياب القوانين التنظيمية سواء الخاصة بهيئة المناصفة أو الخاصة بالجماعات الترابية تضمن أجرأة وتطبيق مبدأي المساواة والمناصفة. مرت إلى الآن ثمانية أعوام بالتمام والكمال على اعتماد الدستور وترؤس البيجيدي للحكومة، دون أن تخرج الحكومة القوانين التنظيمية لهيئة المناصفة؛ الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال عن جدوى الدستور وجدوى تشكيل هيئة قعيدة. ورغم البيانات التي أصدرتها الهيئات النسائية والتوصيات بضرورة الإسراع بإخراج هذه القوانين التنظيمية فإن الحزب مصر على تعطيل الدستور حتى لا تتعزز المكتسبات الحقوقية للنساء.

6 ـ إسناد حقيبة الأسرة والتضامن والمساواة للحزب الذي لا يؤمن بها ولسيدة ناهضت قيم المساواة والمناصفة دليل على مخطط الحزب فرملة الديناميكية التي كان من المفروض أن يطلقها الدستور في مجال حقوق الإنسان عموما وحقوق النساء على وجه الخصوص. إذ كيف لوزيرة لا تؤمن بالمساواة والمناصفة أن تدافع عن حق النساء فيهما، وكيف لها أن ترافع لدى باقي القطاعات الوزارية قصد ترجمتها في السياسات العمومية والبرامج القطاعية؟

7 ـ المواقف السلبية للوزيرة بسيمة الحقاوي من اغتصاب وانتحار أمينة الفيلالي ومقتل فتيات أخريات ثم مقتل عشرات النساء في حوادث التدافع أو السير، إذ لم تكلف معاليها نفسها التنقل إلى عين المكان وتقديم واجب العزاء والدعم لأسر الضحايا وهي وزيرة التضامن، يدل بوضوح على أن أوضاع النساء ومشاكلهن آخر أولويات الحزب. والأمر نفسه بالنسبة إلى الوزيرة موصلي التي كان من المفروض أن تسارع إلى تفقد أحوال الأسر المنكوبة في نواحي ميدلت وتقف على توزيع المساعدات وبناء الخيام لإيواء الأسر.

إذن، الحزب لا يسعى للتمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للنساء وإنما غايته التمكن من النساء والتحكم فيهن واستغلالهن في تحقيق المكاسب السياسوية. فقيادة الحزب مدركة لاتساع ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات وفقدان الثقة في المؤسسات الدستورية، لهذا تسابق الزمن لاستغلال الفرص واستقطاب فئات من النساء لضمان تصدر الحزب نتائج الانتخابات القادمة.

‫تعليقات الزوار

6
  • متابع
    الثلاثاء 19 نونبر 2019 - 20:50

    شكرا لك..
    يركبون على أجنحة التصفيقات ،حينما يختلون بأتباعهم،فيتشدقون باللفظ كما اتفق،يكذبون ويكذبون حتى يصدقهم البيجيديون ليس الا ؛أما غيرهم فقد أقسموا ألا يلدغوامن نفس الجحر مرتين..وان غدا لناظره قريب..
    لا ثقة في كل من يرفع عقيرة الدين في السياسة..الدين لله والسياسة للوطن..

  • مجرد سؤال
    الثلاثاء 19 نونبر 2019 - 21:47

    سؤال :
    يدعي البيجيدي أن مرجعيته إسلامية، يعني أن شهادة المسلمة تساوي نصف شهادة "أخيها" المسلم ؛ فهل تطبق هذه النسبية في التصويت : قنديلتين = صوت واحد ؟
    إذا طُبٌقت هذه القاعدة (نصف صوت للقنديلة الواحدة) سيكون البيجيدي متناسقاً باحترام القاعدة : "لا اجتهاد مع النص" و إذا خالفها سيكون قد قام ببدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار !

    واش فهمتوني و لا لا لا ؟ أنا شخصياً ملي سمّى مول هذ العبارة النساء "تريات" و هو عاطيهم تيشورت مصورة فيه لانبا تبين ليا بلّي كاين شي خلل !

  • مجرد تخمين.
    الثلاثاء 19 نونبر 2019 - 21:50

    قراءة متجردة لنتائج الإنتخابات البرلمانية القادمة تقول أن حزب العدالة والتنمية سيحصل على ما بين المئة وعشرين مقعدا والمنة والأربعون وسيحل ثانيا حزب الأحرار بحوالي الثمانين مقعدا كذالك سيرتفع نصيب الاستقلاليين إلى ما يقارب الستين مقعدا وستعرف هذه الانتخابات سقوط مدويا لحزب الأصالة والمعاصرة بسبب تعاطيه السيء مع أحداث الحسيمة وبسبب الصراعات الداخلية المنهكة حزب الاتحاد الاشتراكي قد يحافظ على نفس مقاعد الولاية السابقة ولكن ما لم يقم بثورة منهجية داخل منظومته فالاكيد أنه بعد أربع أو خمس سنوات سيلتحق بركب أحزاب اليسار بمقعد أو مقعدين في البرلمان .

  • abelebar
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 01:06

    Dans la littérature contemporaine des « Frères Musulmans », le Tamkine représente la finalité tant désirée par les « frères » et l’édifice politique que construisent obstinément leurs bras depuis bien longtemps. C’est le but ultime visé par toute action frériste plaidant la cause de l’islam pour que cette religion – telle qu’elle est comprise par les frères – domine toutes les autres religions et pour que sa Charia puisse gouverner l’humanité entière.

  • khalid
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 19:07

    "التمكين"

    الكثير من ذوي المرجعية السلفية لا يعرفون ما معنى كلمة "التمكين" انهم يضنون انها ترمي الى التحكم في الرجال

  • عبد العليم الحليم
    الخميس 21 نونبر 2019 - 11:02

    الدول الاسكندنافية أكثر الدول تقدما من حيث المساواة بين الرجل والمرأة.
    هم أول من يلاحظ فشلها

    Un documentaire diffusé en 2010 par la télévision norvégienne explique ce paradoxe et met en lumière de façon décisive la portée non scientifique des postulats théoriques des politiques d’égalité.

    La théorie du genre expulsée de Norvège : le paradoxe de l'égalité des genres.

    Écrit par Antony Drumel

    Les pays scandinaves ont été les pays les plus progressistes en matière d'égalité entre hommes et femmes. Ce sont eux qui sont les premiers à constater son échec. Ce documentaire d'Harald Eia montre comment les réseaux LGBT ont noyauté l'université pour lui donner un niveau des plus médiocres. Le ménage a commencé chez eux.
    Et chez nous ?…
    La France adopte la théorie du genre au moment ou les pays pionniers de cette théorie l'invalident totalement et annulent tous les crédits accordés à ce "secteur de recherche"

    Nos élites sont vraiment brillantissimes!

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
الفهم عن الله | التوكل على الله
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | التوكل على الله