العدالة والتنمية وتكريس الفساد

العدالة والتنمية وتكريس الفساد
الأربعاء 20 نونبر 2019 - 03:08

غداة الحركة الاحتجاجية التي انتشرت كالهشيم سنة 2011، والتي ستنعرف في الأدبيات السياسية بالربيع العربي.. أو ربيع الشعوب الحرة، حيث قلبت صفعة في تونس الكثير من الأنظمة، ومازالت تداعياته مستمرة حتى اليوم.

في المغرب كان شعار “الشعب يريد إسقاط الفساد” هو المبتدأ والخبر، المنطلق والمبتغى، كانت الظروف مواتية لحزب حربائي يميل حيث تميل المصالح، حزب العدالة والتنمية، سيركب موجة غضب المحتجين المغاربة، وغضبهم من الأحزاب السياسية التي أخلفت وعودها التاريخية مع الشعب المغربي، وفقدت ثقة المواطنين، ليقدم نفسه كبديل سياسي.

سيصوت الكثير من المغاربة بحماس لحزب المصباح الذي صدحت حناجر سدنته بمكافحة الفساد والاستبداد.. سينتظر الذين صوتوا بحماسة لحزب العدالة بثقة عمياء بداية التغيير، نعم حصل التغيير لكن في حياة وخطاب قادة الحزب الذين شذبوا لحيهم، وحفوا شوارب ألسنتهم الطويلة.. بعدما ذاقوا حلاوة السلطة والمال والنفوذ وقد بدت لهم أكثر حلاوة من الإيمان.

بخصوص ملف محاربة الفساد وهو قمة بورصة الأسهم في نجاح حزب المصباح، بهدوء سيقول السيد بنكيران عفا الله عما سلف.. مبررا موقفه باستحالة ملاحقة الساحرات، وسيوظف لغة الخشب بعدم تسمية المفسدين بأسمائهم ووصفهم بالتماسيح والعفاريت.

الصفة الملازمة لقيادي العدالة والتنمية هي الكذب السياسي والانتهازية الفجة، بمجرد تقلد صلاح الدين مزوار وزارة الخارجية، صدم الكثير من المغاربة كيف لا، وأصوات المصباحيين كانت ترتفع باتهامات خطيرة لمزوار وامتلاك وثائق ضده ستجعله وراء القضبان.

سيواصل السيد العثماني خطاب النفاق السياسي واتهام الأفاعي والضفادع بعرقلة عمل الحكومة، حكومة العثماني الفاشلة بكل المقاييس يمدح إنجازاتها التي تبدو له نتائجها في حياته الخاصة، أما بالنسبة لحياة المغاربة، فمعدلات البطالة، وقوارب الموت ومعدلات الانتحار بين الشباب أصبحت كارثية، مع غلاء معيشي ينذر بمستقبل مجهول.

الرفع من الضرائب والاقتراض المنتظم من الصناديق الدولية والاعتماد على الهبات أو لنقل بلغة دقيقة “الصدقات” من الدول الشقيقة مقابل تبني مواقفها في قضايا تضر بمصلحة المغرب حاضرا ومستقبلا، مع تصدير الثروات الخامة من فوسفاط وذهب دون تصنيعها وبالتالي بيعها بثمن بخس، عدا ضياع توفير مناصب شغل عبر تصنيعها.

بخصوص الفلاحة التي أسندت للسيد أخنوش، يتم التغني ببرنامج المغرب الأخضر والتنمية الفلاحية والأساطير الزراعية، حتى ليخيل إلينا أننا سنستقدم عمالة أجنبية لتشتغل في ضيعات المغرب، بسبب الضجة الإعلامية التي تطبل في الحقيقة للسيد أخنوش لا لواقع الفلاحة عندنا، وهو واقع يفضحه بؤس الفلاح المغربي، وتفضحه عشرات الآلاف من اليد العاملة المغربية من النساء والرجال التي تقصد الكثير من الدول الأوربية للعمل في الفلاحة الموسمية، وما يعانيه هؤلاء من استغلال وعنصرية.

لقد أقفل المخزن المغربي الفضاء السياسي أمام المغاربة، واحتكر السلطة والثروة، وهو مازال يستخدم الأساليب القديمة، بتوجيه الشباب نحو مشاهدة الحياة لا ممارستها.. مشاهدة كرة القدم.. مشاهدة السهرات والمهرجانات الرخيصة.. والهدف هو تخدير وعي الشعب، وهذا الأسلوب ما عاد يجدي أمام الثورة المعلوماتية الذكية التي جعلت العالم في هاتف صغير، عبره يشاهد المواطن مختلف الدول ويحلل ويقارن ويتحسر ويتذمر..

المخزن نجح في احتواء الأحزاب ونجح في احتواء النخب ونجح في احتواء الصحافة، التي حولها من سلطة رابعة تدق ناقوس الخطر وتمارس النقد البناء، حولها إلى راقصة رابعة وظيفتها تقبيل الأيادي وجعل المخزن يشعر بالدرجة القصوى للانتشاء..

بعد هذا الترويض المنتظم أصبح الفضاء العمومي جسدا بلا روح، وكل مظاهر التنمية الإسمنتية بلا روح بلا معنى، مادام انحطاط القيم يبشر بجيل الضياع، وخير مثال واقعي مؤسساتنا التعليمية الجامعية التي تحولت إلى وكر للدعارة والعنف والمخدرات.. لقد حققت العدالة والتنمية وعدها بتكريس الفساد والاستبداد.

‫تعليقات الزوار

12
  • آدم
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 15:56

    تحليل دقيق ـ بارك الله فيك ـ لحقبة من أبشع وأفظع الحقب التي مر منها الشعب المغربي وسيعلم المتأسلمون الفاشلون نتيجة ما اقترفوا من ظلم في حق المستضعفين ويومها لن ينفعهم كذبهم ونفاقهم .

  • إكرام الجزار
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 19:08

    لقد أصبح لزاما على الفاعل السياسي استحضار البعد الأخلاقي كمجال يستهدف سلوك الفرد والسياسة، فتأطير السياسة بالأخلاق أمر ضروري، نظراً لكون السياسة في أصلها فكرة أخلاقية قوامها مبدأ المصلحة العامة. فما أحوجنا اليوم إلى تعميق الأخلاق في الممارسة السياسية.
    فارتباط السياسة بالأخلاق كان ولا يزال منذ القدم، والنضال السياسي هو قيمة أخلاقية بحد ذاته، لذا أعتقد أن ممارسة الفعل السياسي في أي مجتمع كان، لا يمكن أن تخرج عن دائرة الأخلاق التي تحكم ذلك المجتمع، وإن حدث العكس فسنكون قد أعلنا عن موت الفعل السياسي.

  • القيروانية
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 21:43

    هل ينبغي تحميل المسؤولية فقط لحزب العدالة و التنمية و الحكومة المحكومة ام يجب محاسبة الدولة العميقة؟؟؟؟

    مسوولية الباجدة لا نقاش فيها لكن الدولة و الشعب يرغبان في الفساد. المنظومة فاشلة جملة و تفصيلا.

    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

  • نادية
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 22:47

    السياسى المغربى سواء كان اسلاميا او يساريا لا يشكل عنده التناقض بين الخطاب والممارسة اي اشكال بالعكس ممكن يخرج فيك عينو ويدافع على تناقضه

  • مسعود
    الأربعاء 20 نونبر 2019 - 23:39

    باراكا من الفلسفة.. عقنا بكم.. اغلب الكتاب يخدمون اجندة ما…حكومة العدالة والتنمية انتهت بعد اقالة بنكيران.. اماالعثماني فمجرد حيط قصير لا يحسن الكلام الانشائي عكس بنكيران اليساري الفاسي السابق.. لكن اكتشفنا أمره  عندما  تبين ان هذا الحزب يضم عددا كبيرا من المندسين.. وهذا سر الخرجات الغريبة للبعض.. مثلا خرجة  ماء العينين في مولان غوج.. خرجة يتيم في فرنسا.. خرجة الداودي مع سنطرال الفرنسية.. خرجة بنكيران حول تقاعد سمين وفضحه المعلن لجهات في الدولة.. انه الاختراق السياسي بهدف خدمة أجندة خارجية فوضوية صهيونية.. نصيحة للشعب إياكم تصديق الاخبار الزائفة  حول الحكومة أو العثماني أو تصديق ان بنكيران إسلامي… قد تسمعون اخبارا مفاجئة وخطيرة يقوم بها العملاء.. اغنية عاش الشعب.. لماذا؟ يبحثون عن تفويض شعبي لا غير.. تاملوا .. ماكان لي عليكم من سلطان الا ان امرتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم

  • استادة
    الخميس 21 نونبر 2019 - 04:30

    الى مسعود هل لك مشكل مع الفلسفة؟ الفلسفة هي القدرة على استخدام العقل. والعالم الاسلامي تقدم فقط في اللحظة التي ازدهرت الفلسفة وهذا باعتراف اكبر الفقهاء كالامام الشاطبي، لأن الفلسفة هي ممارسة التفكير والتحليل والمقارنة.
    ما بك تحصد يمينا وشمالا الكل في نظرك خائن وعميل. الا انت الناصح الأمين. وانت في امس الحاجة لنصيحتك الأخيرة، لا تتحدث باسم الشعب المغربي.. ماكان لي عليكم من سلطان الا ان امرتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم

  • الملكية المواطنة
    الخميس 21 نونبر 2019 - 12:07

    يبدو لي ان الملك اكثر جراة من الاحزاب و ربما ان الساسة المغاربة منعوا المؤسسة الملكية من تغيير طرق اشتغالها. في بداية حكم محمد السادس كان الملك يقوم بتحركات و مشاريع في مناطق نائية كتونفيت ويمشي في الوحل لكن الساسة خدعوا الله و خدعوا الشعب و خدعوا الملك و الكثير من تلك المشاريع لم تنجز كمنارة المتوسط.
    التقارير التي تنقل للملك في مختلف القضايا هي تقارير خادعة. و الغريب ان ميزانية المؤسسة الملكية تتم داخل توافق برلماني من كل الاحزاب دون استثناء في حين ان الملك بالحرف الواحد قال ان ملكية العهد الجديد هي ملكية مواطنة يمكنها ان نستغني عن ميزانية المال العام وتعتمد على تدبير مرافقها من مالها الخاص.
    ما قاله الاخ مسعود فيه جانب من الصواب هناك من يريد اضرام نار الفتنة و الفوضى في المغرب بشعارات تهيج الراي العام كاغنية عاش الشعب. لا يمكن لاشخاص مدمنين على المخدرات و لهم تجارب سجنية فاقت الثلاثين حكما بدخول السجن في جرائم المخدرات و العنف ان يصبحوا مناضلين و يستقطبوا المراهقين بدغدغة المشاعر بكلام سوقي الضص و العدس والقص. انها مهزلة.

  • الأضرعي
    الخميس 21 نونبر 2019 - 15:57

    مقال هادف يعري حقيقة الوضع السياسي بالمملكة ، فالجميع أصبح يعلم علما يقيناً أن الأحزاب السياسية في المغرب لا تعدو كونها عصابات تتاجر بمصير الوطن والمواطنين ، وحزب العدالة والتنمية وصل إلى السلطة مستفيدا من الوضعية التي مر منها العالم العربي " حراك 2011 " وكغيره من المافيات وظف كل إمكانياته في الإحتيال على الشعب عن طريق توظيف الخطاب الديني والعزف على الوتر العاطفي للحصول على أصوات الناخبين الحالمين بغد أفضل…وفور استيلامه لمقاليد الحكم دخل في منظومة الفساد وأصبح متواطئا مع المفسدين…بل أصبح منتجا ومصدرا للفساد ومكرسا لأعظم مظاهر الريع والمحسوبية…

  • الصفاصيف
    الخميس 21 نونبر 2019 - 16:10

    بعد قراءتي لهذا المقال القيم وبعد تصفحي لبعض التعليقات لفت انتباهي تعليق تحت اسم " مسعود "
    هذا المواطن الغيور على مصلحة الوطن لم يحسن توظيف مشاعره النبيلة للتعبير عن الوضع الراهن للأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب المصباح…فشرع في الهجوم على المقال وصاحبه وانتقل الى الاصطفاف مع أتباع التيار البنكيراني " صاحب التقاعد السمين " ثم اعترف بفساد حزبه إلا انه حمل المسؤولية لقياديين آخرين في الحزب بشكل او بآخر…الحقيقة صادمة وقد لا يتقبلها المتعاطفون مع " حزب العدالة وفدائيو شخص بنكيران " الحقيقة ان الحزب منغمس في الفساد واصبح جزءاً لا يتجزء من نظام الريع الذي يمتص ثروات الوطن ويفقر مواطنيه ويعمق من جراحهم ومعاناتهم .

  • سياسة الأخلاق
    الخميس 21 نونبر 2019 - 16:57

    إن تغييب حريات البشر واستباحة حقوقهم هي مقدمة لا بد منها لقتل بنيتهم الأخلاقية الإنسانية، وبالمقابل فإن إرساء عقد اجتماعي على أسس الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان يعتبر المناخ الأمثل لبناء علاقة صحية بين السياسية والأخلاق تضمن احتكام كلتيهما لنظام مشترك يحتويهما ويتجاوزهما…

  • Rochdi
    الخميس 21 نونبر 2019 - 21:30

    أمارس التجارة لمدة 10 سنوات و هي المدة التي حكم فيها العدالة والتنمية الحكم و أشتغل ليل نهار غير أن الدرائب الصاروخية إضافة إلى الفواتر الماء و الكهرباء الفاحشة كل هده الأسباب جعلتني أفكر في الهجرة لأني متأكد أن المجهودات التي أبدلها ستمكنني من العيش الكريم في دولة دمقراتية لأن الفساد في المغرب أصبح من العادات و التقاليد وهذا يدفع بعض أصحاب المطاعم دوي الضمائر الميتة إلى بيع الدجاج الميث و المواد الغذائية الفاسدة لمواصلة العمل التجاري و التلاعب مع مسؤلية الضرائب برشائهم وتهديد صحة المواطنين مع غياب المراقبة بصفة نهائية

  • م. قماش
    الجمعة 22 نونبر 2019 - 18:27

    زمن سياسي بئيس ساهمت في إنضاجه سياسات الدولة الفاشلة وعاونها السياسيون الأقزام المتحكمون في مصير الأحزاب الذيلية. حزب المصباح أحرق أوراقه ـ المتفحمة أصلا بنيران حطب إديولوجيته الإخونية الإرتدادية ـ أمام أنظارأنصاره المعتوهين مريدي فقهائه التافهين وبجلاء في حِجْرِ مَن إسْتُغْفِلوا فانساقوا وراء مظلومياته وتزييفاته المتتالية في الزمان رافضا الإعتراف بمسؤوليته في تردي حال بلدنا وسكانه مجاليا وفئويا. حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية نقض العهد ففقدَ جماهيره أصبح عاجزا عن القيام بواجبه كمعارض للسلطوية القائمة في أفق إرساء نظام الملكية البرلمانية ينعم الناس فيه بالحرية والمساواة في ظل سيادة القانون مع ربط المسؤولية بالمساءلة والمحاسابة والقضاء على آفة الفساد. أيها الإشتراكي الموحد ويا مناضليه إحذروالإنقسامات وأسسو للديمقراطية الداخلية الحقة. مزيدا من التجدر لحزب النهج الديمقراطي المعول عليك لحكم بلدنا بصحرائه كلها، فاصمد شامخا لتقتلع جدور الإستبداد. حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي أطالبك بالإنكباب على قضايا مغربنا عوض الحكي العربي الزائف دون إغفال علاقاتك الخارجية مع الأحزاب في العالم.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب