يحتفل الشعب المغربي في 18 نونبر من كل سنة بتخليد ذكرى عيد الاستقلال، والجامعة- ( جامعة الحسن الأول بسطات) – باعتبارها منارة للعلم وقاطرة للتنمية تساهم في تخليد الذكرى الرابعة والستين 64 لاستقلال المغرب، وهي بذلك تعمل على تفعيل أحد أهداف منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي عبر ترسيخ الثوابت الدستورية للبلاد واعتبارها مرجعا أساسيا في النموذج البيداغوجي، من أجل جعل المتعلم متشبثا بروح الانتماء للوطن ومعتزا برموزه، ومتشبعا بقيم المواطنة ومتحليا بروح المبادرة.
إن الاستقلال لم تقدمه القوى الاستعمارية، الفرنسية والإسبانية، للمغرب على طبق من ذهب وإنما كان حصيلة ونتيجة نضالات حركة المقاومة وجيش التحرير والحركة الوطنية جنبا إلى جنب مع نضالات المؤسسة الملكية وعلى رأسها بطل التحرير الملك المجاهد محمد الخامس رمز الحركة الوطنية، الذي ضحى بعرشه ورفض الرضوخ لإملاءات الإقامة العامة ومسايرة سياستها الاستعمارية، ولكن بنفي محمد الخامس سنة 1953 إلى كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر اندلعت ثورة الملك والشعب التي جسدت صورة صادقة عن التلاحم بين القمة و القاعدة في مواجهة الاستعمار مما اضطر الاقامة العامة الى فتح مفاوضات مع المغرب انتهت بحصول البلاد على الاستقلال سنة 1956 وانغمارها في مرحلة الجهاد الأكبر.
واصل الملك الراحل الحسن الثاني إرساء وبناء دعائم الدولة الوطنية، حيث شيد مؤسساتها العصرية من برلمان وحكومة وجيش وشرطة وسن مجموعة من القوانين وأطلق مجموعة من المخططات التنموية منها:
المخطط الخمــــاسي الأول: 1960ـ 1964.
المخطط الثــــــلاثي الأول: 1965 ـ 1968.
المخطط الخمــــــاسي الثاني: 1968ـ 1972.
المخطط الخمــــاسي الثالث: 1973 ـ 1977.
المخطط الثــــلاثي الثاني: 1978 ـ 1980.
المخطط الخمــاسي الرابع: 1983 ـ 1987.
برنامج الأولــــويات الاجتماعية: سنة 1993.
وباعتلاء الملك محمد السادس للعرش سنة 1999 دشن مجموعة من الأوراش كرهانات للتنمية في العهد الجديد، عبر وضع استرتيجيات كبرى تم تنزيلها في مخططات تنموية وهي:
المخطط الأزرق
في إطار تثمين المؤهلات التي يزخر بها المغرب في مجال السياحة، تم إطلاق مجموعة من المبادرات الرائدة والتي تهدف إلى جعل السياحة ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، كان أبرزها المخطط الأزرق، في يناير2001 برؤية 2010 بالإضافة إلى رؤية 2020 وإنشاء الهيئة المغربية للاستثمار السياحي.
ويرتكز البرنامج السياحي “المخطط الأزرق 2020” على مفهوم المحطات الساحلية المندمجة “الذكية” الهادفة إلى إعادة التوازن للسياحة الشاطئية في تشارك وانسجام مع الجوانب الطبيعية والبيئية وذلك بهدف ربح رهان السياحة وجعله أكثر جاذبية وتنافسية.
2.المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هي مشروع تنموي انطلق رسميا بعد الخطاب الملكي في 18 ماي2005، ويستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة والهشة وجعل المواطن المغربي أساس الرهان التنموي، وذلك عبر تبني منهج تنظيمي خاص قوامه الاندماج والمشاركة.
وتمحورت المبادرة في مرحلتها الأولى (2005-2010) حول أربعة برامج، وتتمثل في إطلاق برنامج محاربة الفقر في الوسط القروي، وبرنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في الوسط الحضري، برنامج محاربة الهشاشة، إضافة إلى برنامج يهم جميع الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة.
أما المرحلة الثانية للمبادرة (2011-2015) فتجلت في الرفع من الغلاف المالي المخصص لها، واستهداف مئات من الجماعات القروية والأحياء الحضرية الفقيرة.
المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، (2019-2023)، تسعى إلى تحصين المكتسبات السابقة، وترتكز على أربعة برامج أولها، تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، فيما يهم البرنامج الثاني مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، ويروم البرنامج الثالث، تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، بينما يهدف البرنامج الرابع إلى دعم التنمية البشرية من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري.
مخطط المغرب الأخضر
تشكل الفلاحة المغربية، رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، مكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات بفضل التعبئة المستمرة حول مخطط المغرب الأخضر، الذي أشرف الملك على انطلاقته، في أبريل من سنة 2008. واستطاع هذا المخطط بفضل المجهودات التي راكمها، خلال السنوات الماضية، جعل الفلاحة من أولويات القطاعات الاستراتيجية الوطنية، التي عملت على تحديث وعصرنة الفلاحة وتعزيز الاستثمارات والتكامل الجيد بين السلاسل الإنتاجية وضمان الأمن الغذائي والحد من تأثير التغيرات المناخية والحفاظ على الموارد الطبيعية وإنعاش صادرات المنتجات الفلاحية وتثمين المنتجات المحلية وخلق فرص العمل.
كما عرف مخطط المغرب الأخضر، منذ انطلاقه تطورا كبيرا في إحداث التعاونيات الفلاحية في مختلف الفروع الفلاحية، وتطوير السلاسل الفلاحية والتعاون بين الدولة والمهنيين عبر عقود البرامج، وتحسين تربية المواشي، وتكثيف استعمال المكننة، والتركيز على اقتصاد الماء.
4.الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
تستهدف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، العمل بالتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطابي العرش لسنتي 2009 و2010، التي أفضت إلى إعداد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتقديمه خلال الدورة السابعة للمجلس الوطني للبيئة سنة 2011، كما تم إعداد القانون الإطار 99-12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 20 مارس 2014، طبقا لمقتضيات هذا القانون الإطار، تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي قدمت بالمجلس الحكومي المنعقد يوم فاتح يونيو 2017 واعتمدت خلال المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو 2017 تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة.
وتعتمد هذه الاستراتيجية 21 مخططا للعمل القطاعي للتنمية المستدامة تحدد مساهمة القطاعات الوزارية المعنية في تنزيل هذه الاستراتيجية، مع مخطط عمل أفقي خاص بالأداء المثالي للدولة في إطار تنزيل مفهوم الإدارة النموذجية، بإعمال مبادئ التنمية المستدامة، إضافة إلى تحديد الإجراءات الأولوية، التي سيتم تفعيلها على مستوى كل قطاع، والغايات المراد تحقيقها في أفق 2021.
5.الاستراتيجية الطاقية الوطنية
تندرج الاستراتيجية الطاقية الوطنية، التي تم إطلاقها سنة 2009، في إطار الاستراتيجيات التنموية الشاملة، التي اعتمدتها المملكة للارتقاء، إلى مصاف الدول المتقدمة وتوفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، التي تؤمن العيش الكريم للمواطنين.
وتستند هذه الاستراتيجية، إلى اعتماد نموذج طاقي مغربي يرتكز، على عدد من الأهداف تتمثل في، تنويع مصادر التزود بالطاقة، من خلال رفع نسبة الطاقات المتجددة وتعميم الولوج، إلى الطاقة بأسعار تنافسية، ثم التحكم في الطاقة، إضافة إلى الحفاظ على البيئة.
وسيمكن بلوغ هذه الأهداف من الاستجابة للطلب المتزايد على الكهرباء في تأمين الإمداد الطاقي وتقليص التبعية الطاقية للخارج.
وفي سياق تنزيل هذه الاستراتيجية، أنجز المغرب، عددا كبيرا من البرامج والمشاريع لإنتاج الكهرباء بالاعتماد على موارد طاقية نظيفة خاصة الشمسية والريحية.
في هذا الإطار وبفضل الإمكانيات الريحية والشمسية الهائلة، التي يزخر بها المغرب، تم إنشاء حظائر ريحية عديدة أبرزها، محطة طرفاية، التي تعتبر أكبر محطة للطاقة الريحية في إفريقيا. كما تم إطلاق البرنامج المغربي للطاقة الشمسية “نور” الذي يشمل إنشاء خمس محطات للطاقة الشمسية (“نور ورززات” و”نور تافيلالت والأطلس” و”نور ميدلت” و”نور العيون- بوجدور” و”نور طاطا”). ويعد مركب “نور ورززات” أضخم محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم، يتم إنجازها من قبل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن) على مساحة 3000 هكتار.
6.مخطط أليوتيس
في شتنبر 2009 تم إطلاق استراتيجية جديدة للصيد البحري تحمل اسم “أليوتيس”. ويهدف هذا البرنامج إلى تحقيق تنمية وتنافسية في قطاع الصيد البحري وتثمين الموارد البحرية بكيفية مستدامة وزيادة الناتج الداخلي بثلاثة أضعاف في أفق 2020. ومن أجل إنجاح هذا المخطط تم خلق ثلاثة أقطاب تنافسية كبيرة في كل من مدن طنجة وأكادير والعيون.
7.مخطط تسريع التنمية الصناعية
يشكل مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014- 2020، امتدادا لمخطط الإقلاع الصناعي، الذي أطلق سنة 2005 وللميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، الذي تم توقيعه سنة 2009. وهو بمثابة خطة تنموية متكاملة تسعى إلى إرساء صناعة قوية وتنافسية، تمكن من خلق مناصب الشغل ورفع نسبة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام المغربي. ولتحقيق ذلك، اعتمد المخطط سلسلة من الإجراءات الأساسية، التي ترتكز كإنشاء منظومات صناعية، تروم التغلب على التشتت القطاعي، بإحداث شراكات وتحالفات بين المقاولات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة، مما سيمكن من تطوير دينامية صناعية مندمجة ستساهم، في تعزيز التنافسية وتحسين الأداء وخلق فرص الشغل.
8. الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم
تقوم الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، على إرساء مدرسة جديدة قوامها: الإنصاف وتكافؤ الفرص، وترسيخ الجودة، والإعمال الفعال والملائم للنموذج البيداغوجي، باعتباره جوهر عمل المدرسة بمختلف مكوناتها، وأساس اضطلاعها بوظائفها في التربية والتعليم والتكوين.
وعلى مستوى المناهج والبرامج، تقترح الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، إعادة النظر في المناهج والبرامج والطرائق البيداغوجية، وترسيخ الثقافة الوطنية بمكوناتها المختلفة، وتعزيز حضورها داخل المقررات الدراسية.
وتخلص وثيقة الرؤية الاستراتيجية إلى إعادة النظر في تدبير الزمن الدراسي، والتخفيف من كثافة البرامج. ومن مخرجات هذه الرؤية الاستراتيجية القانون الإطار رقم 17.51 للتربية والتكوين والبحث العلمي.
بعد كل هاته المخططات والمشاريع التنموية ،أين وصلنا؟ نحن من جديد على حافة الإفلاس ونبحث عن نموذج تنموي جديد ،محكوم عليه بالفشل مسبقا لأنه بدون أساس متين (الديموقراطية) ولأن من سيخلقه هم من ساهموا فيما وصلت إليه أوضاع البلاد.
ندوة جميلة جدا استاذ عبد الرحمان