جدل الثابت والمتحول

جدل الثابت والمتحول
الخميس 28 نونبر 2019 - 13:21

نستطيع أن نلاحظ أن الكثير من الخلاف الفكري، المشوب ببعض العنف اللفظي أحيانا كثيرة، والذي يرافق جل النقاشات الفكرية والسياسية عموما، مرده أساسا، وفي جزء كبير منه، إلى ما يمكن تسميته جدل الثابت والمتحول؛ ذلك أن لكل نظر ثقافي ثوابته، كما له متغيراته، التي يصدر عنها، ويقرأ بها ومن خلالها الأفكار والوقائع، ومع التقدم في الكلام واحتدام النقاش يتم الإعراب عن هذه الثوابث والمتغيرات إن تصريحا أو تلميحا، بمختلف تلاوينها وتنويعاتها، الدينية والتاريخية والسياسية.

وضمن ثنائية الثابت والمتحول هاته يسكن الكثير من الجدل الثقافي والترافع الفكري والسياسي، ومن شأن المثقف الجاد واللبق أن يستوعب ويتفهم منطق اشتغال هذه الثنائية بالنسبة لمن يخالفه أو يوافقه الرأي، بما يضمن إنجاز نقاش رصين، بعيدا عن لغة الإقصاء والإقصاء المضاد، الذي لا يعني في النهاية إلا إذكاء صراعات صغيرة عبر بلاغة العنف اللفظي، الذي يرتد أحيانا إلى مستويات مؤسفة، لا تشرف أهل الفكر والنظر، كما أهل السياسة الجادة والعالمة.

إن لكل عقل ثوابته، كما له متغيراته، كانت ما كانت. كما لكل عقل منطقه في تصريف وقراءة هذه الثوابت والمتغيرات. وكم سيكون مفيدا لو قمنا بين الحين والآخر بإعادة طرح السؤال الصعب: ما الثابت وما المتغير بالنسبة إلينا، اليوم؟، بما يفيدنا في إعادة صياغة الأطاريح الفكرية والثقافية، باللياقة المطلوبة والهدوء اللازم، بعيدا عن منطق النزالات الحربية، والتصنيفات المتسرعة، التي لا تضيف شيئا عدا المزيد من التباعد والصدود بين الأفراد والفرقاء.

إن جدل الثابت والمتغير خلفية ثقافية ملازمة لكل نظر أو تأويل، وقاعدة خلفية تثوي خلف جل السجالات والمواقف، المعبر عنها، شفويا أم كتابة؛ ما يعني أن مسألة الثابت والمتغير تعد من أبرز الإشكالات المعقدة، والتي تنتظر باستمرار أجوبة جديدة، وتقتضي، من الجميع، مواكبة فكرية جادة ورصينة، بما يساهم في تقدم النقاش الثقافي، ثم السياسي، في بلادنا.

ما الثابت وما المتغير في الدين، في التأويل، في النصوص، وفي قراءة النصوص، في العقل والتعقل، في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، في نظام الأسرة، في العلاقة بين الجنسين، في مبدأ الحرية، وفي الحريات الفردية؟. إن كل النقاشات التي تثيرها هذه القضايا ومثيلاتها مردها في الجملة إلى هذا الجدل، وإلى هذا التقابل بين الثابت والمتغير، بالنسبة للأفراد وكذا الجهات، فلا بد من توفير الحد المعقول من التفهم والتفاهم، ولا بد من التريث كثيرا قبل تحرير الردود، والانطلاق في إصدار الأحكام، ومصادرة النيات والقراءات، ما دام الأصل أن الجميع يريد الصواب، ويبتغي مصلحة البلد، بطريقته وأسلوبه، ووجهة نظره التي تخصه.

‫تعليقات الزوار

3
  • ahmed arawendi
    الخميس 28 نونبر 2019 - 19:48

    لماذا نحتاج أصلا إلى نصوص غيبية تؤطر لنا واقعنا!!!?
    من قرر ماهوثابت , ومن أين لأي ثقافة أن تُحرم نقاش أي ثابت كان!!??
    أليس لهذه الثوابت أي مسؤولية عن حالة التعفن التي يعيشها بلدنا!!!?
    أليست الثوابت هي الإفراز الرمزي للمواجهة العملية لمشاكل الواقع!!!??
    أشكون هوا هاد المروكي لعندو الصنطيحة باش يكول لينا أن النتائج ديال الطريقة لي كان فكرو بها فوق أرض الواقع معتبرة و أننا لازم علينا نستمرو بالخدمة بهاد التوابث و أن حنا كمجتمع ناجح ما عندنا ما نبدلو!!!?
    ألبرت إنشتاين كا يكول : نتا إلا درتي شي حاجة بنفس الطريقة لي درتها بها آخر مرة, فعلاش هاد المرة غادي توصل لنتيجة مختالفة!!!!!
    خوتي نوضو من الكلبة و سميو الحاجات بسميتها و خليو عليكم كترة الإنشاء!!!

  • amaghrabi
    الخميس 28 نونبر 2019 - 22:08

    انا اعترف ان الدين ثابت لا يتغير,الدين الذي فرضه الله سبحانه وتعالى ثابت ثابت ثابت ولا يحق لاي احد ان يمسه او يغير شيئا قليلا منه بحيث يبقى ثابت لا يتحول ابدا بحيث كيف نغير فكرا الاهيا بفكر بشري ضعيف جدا لا يقارن بقدرة الله ولا بعلمه ولا بقوته ووووو.ولكن اخواني المغاربة الكرام لا يوجد فوق ارضنا شرقا وغربا دين الله ,الدين الذي ارسله الله الى نبينا محمد ص.ما يوجد عندنا اليوم في مشارق الأرض ومغاربها هو الفكر الديني ,وهذا الفكر الديني ليس دين الله وانما فكر بشري اجتهد من خلال كتاب الله واصبح هذا الاجتهاد هو مفهوم البشر وحتى مافهمه رسول الله ص من الدين غيبته سياسة الخلافاء وسياسة الامويين وسياسة العباسيين وساسة البشر بصفة عامة,وبالتالي فالفكر الديني غير ثابت وانما متحول بمعنهاه ان يساير العصر والواقع وان يخدم مصلحة الشعوب وليس شيئا اخر الا مصلحة الشعوب ,فالثابت موجود عند الله والله وحده يعلمه وعندنا المتحول

  • الحسين
    الخميس 28 نونبر 2019 - 23:43

    عدد كبير من العلمانيين والملحدين والحداثين. يجهلون اويتجاهلون ان الامور العقائدية والأخلاقية لا تدخل ضمن الأمور التي يجوز فيها الاجتهاد .هذه الامور ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان كالأركان الإيمان هي هي في الماضي والحاضر والمستقبل . وكذالك ما حرمه الإسلام كالخمر مثلا فهو حرام في الماضي والحاضر والمستقبل.

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52

“أش كاين” تغني للأولمبيين

صوت وصورة
الماء يخرج محتجين في أزيلال
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:30

الماء يخرج محتجين في أزيلال