1
في القاموس العربي، كلمة التنوير، ومصدرها النور، مشتقة من الأصل الثلاثي (نور، نار، أنار) وفي اللغة: تنوير البيت بمصابيح ملونه، أضاءته. ويقال صلى الفجر في التنوير.
وقد استخدم القرآن الكريم، النور بدلالاته المجازية لوصف الله سبحانه وتعالى (الله نور السماوات والأرض/ وأنزلنا إليكم نورا مبينا) صدق الله العظيم.
وفي اللغات الأوروبية، مصطلح التنوير يعني الذكاء والمعرفة ووضوح الفكر، تم أصبح علامة على عصر معين، (عصر التنوير) أعتقد فيه بعض الفلاسفة في الغرب الأوروبي، أن أنوار العقل الطبيعي وحدها قادرة على السير بالبشر نحو التقدم والازدهار.
وسواء في اللغة العربية، أو في اللغات الأوروبية، تتعدد دلالات التنوير العامة، والخاصة، لما يكتسبه هذا المصطلح من معاني كمحصلة لتطبيقه على أرض الواقع، ومن جانب آخر لهذا المصطلح، دلالات مشتركة، تشترك في فهمها كل اللغات… والمناهج والفلسفات.
إسلاميا، اهتم علماء وفقهاء المسلمين بمفاهيم هذا المصطلح منذ عصر التنوير الإسلامي وحتى اليوم، إذ وضع العلماء والفقهاء والفلاسفة هذا المصطلح/ التنوير، ضمن دائرة المقدس الديني لارتباطه ارتباطا وثيقا بالدعوة إلى وحده الخالق جل جلاله.
ويتلخص التنوير الديني في القرآن الكريم، بالعديد من الآيات، منها الآية الكريمة: “قد جاءَكمُ منَ اللهِ نورٌ وكتابٌ مبين*يَهدي به الله من أتبعَ رضوانهُ سُبل السلامِ ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنهِ ويهديهم إلى صراط مستقيم” [المائدة:15 -16] وبالطبع إخراج الناس من الظلمات إلى النور معناه إخراجهم من الشِرك إلى التوحيد، إخراج الناس من عبودية الأصنام والآلهة المتعددة إلى عبودية الله الواحد الأحد وهذا مرهون برضا الله: “ومن لمَّ يجعل اللهُ له نوراً فما لهُ من نورٍ” [النور:40] ويتمتع الدين الإسلامي بخاصية متمايزة في هذا المضمار فهو الأكثر بين الديانات السماوية إلحاحاً على مسألة التوحيد الرباني ونقل الناس من تعدد العبادات الى عبادة واحدة هي عبادة الله الذي لا شريك له، وهنا تكمن مفهومية التنوير الديني، والتي لا علاقة لها بالمفهوم العلماني كما هو سائد في ثقافة المجتمعات الأوربية.
وقياسا على ذلك، يمكننا أن نتساءل: كيف تبين الفكر الإسلامي أن معنى التنوير في محدداته ومفاهيمه الفلسفية الأوروبية، أي خروج الإنسان من القصور الذي هو عدم قدرته على استخدام عقله. هل يعني إلحاح القرآن الكريم على مسألة التوحيد الرباني، إخراج العقل من ظلمات الجهل إلى رحابة النور؟
في الإسلام بلغ تعظيم العقل وتقديره حدا اعتبر معه إحدى دعامتين يقوم عليهما هذا الدين هما: العقل والعمل، فالإنسان وقد وهبه خالقه –عز وجل- عقلا به يفكر ويدبر، فيدرك ويعرف، ومن إدراكه ومعرفته، يتحرك شعوره وانفعاله، ليرضى عن الشيء الطيب، وينفر من الشيء الخبيث… فإذا هو يمضي في طريق ما ارتضاه من عقائد ومبادئ يستمسك بها ويطبقها ويعمل على أساسها… وهذا بعينه في نظر العديد من المفكرين هو العمل الذي يسبقه تفكير العقل، وقد أجمل أئمة الإسلام ومفكروه معنى قيام هذا الدين على دعامتي العقل والعمل في عبارة موجزة: “الإيمان باللسان وأداء للأعمال والأركان” ولعلنا نجد تفسيرا لذلك في البيئة الإسلامية الأولى سواء في توجيهات القرآن الكريم، أو في الأحاديث النبوية الشريفة، هذه المكانة التي حظي بها العقل في القرآن الكريم جعلت علماء الإسلام ومفكريه يقرون بأن القرآن هو كتاب للعقل، وإنه دعوة صريحة لتحرير هذا العقل من عقاله. حيث يدعونا بعبارات تختلف في أسلوبها، وتتحد في معانيها… إلى إعمال العقل ووزن كل شيء بميزانه، وإنه يترك لنا بعد ذلك الحرية في أن نعتقد بما ترشدنا إليه عقولنا وحدها، وأن نتبع السبيل الذي ينيره لنا منطقنا البشري، وعلى سبيل المثال فإن الله عز وجل حين دعا الناس إلى التعرف عليه لم يقدم ذاته في الغاز أو أساطير، بل عن طريق ما يشاهدونه من آثاره وصنعه في خلقه، ودعاهم إلى استعمال عقولهم في الاهتداء إليه ليكتشفوا بأنفسهم وجوده والإيمان به دون إكراه، جاعلين سبيلهم إلى ذلك النظر والتفكير، والآليات الدالة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى في سورة الروم: “أولم يسيروا في الأرض فينظروا..” وهو ما يعني بوضوح في نظر العديد من الفقهاء والأئمة أن الإيمان تجربة للعقل، قبل أن يكون أمرا له واذعانا، وأنه نظر وتفكير قبل أن يكون ترديدا وتلقينا.
2
بعد قرون عديدة من ظهور الإسلام/ دين العقل، عرفت البشرية ما أطلق عليه الغربيون عصر التنوير (Siècle des Lumières)، وهو يعني في القواميس الفلسفية والتاريخية، عصر العقلانية، الذي عرف نشوء حركة ثقافية تاريخية دعيت ب”التنوير” والتي قامت بالدفاع عن العقلانية ومفاهيمها ومبادئها، كوسائل وآليات لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة، بالقارة الأوروبية، ومن هنا كان ذلك العصر بداية لظهور الأفكار المتعلقة بتطبيق العلمانية، التي كان روادها يعتبرون، أن مهمتهم الأساسية، هي قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وترك التقاليد البالية والأفكار اللاعقلانية، ضمن فترة زمنية أطلقوا عليها “العصور المظلمة”.
ويمكن إيجاز أهم الملامح الفكرية والاجتماعية والفلسفية التي جسدها عصر التنوير في أوروبا في خمسة محاور، ركز عليها الباحثون والمؤرخون، كما يلي:
1- النزعة العقلانية:
وهي أهم نتائج عصر التنوير التي كانت تجسيدا للتقدم والتحرر الفكري والاجتماعي، الاقتصادي والسياسي، الذي واكب التحولات البنيوية التي حدثت في أوروبا والتي اعتبرت العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة الصحيحة والتي ناضلت ضد الأيديولوجية الإقطاعية والكنسية وعملت بلا هوادة من اجل سيطرة العقل لقدراته على إدراك وفهم الظواهر الطبيعية والاجتماعية.
2- مفهوم التقدم
وقد انبثق من الإيمان بقدرة العقل البشري على التطور والتغير والتقدم نحو الأحسن والأفضل للسيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالح الإنسان والمجتمع، وقدرة الإنسان على مواجهة التحديات التي تواجهه بفضل قابلياته ومقدراته الذهنية.
3- التفريق بين الدولة والمجتمع
انطلاقا من ذلك، صورت فلسفة التنوير المجتمع، بكونه أكثر من مجتمع سياسي، وبمعنى آخر، أكدت على الاستقلالية والتحرر وعدم الخضوع لسلطة الكنيسة وأية وصاية خارجية أخرى، وكذلك التفريق بين الدولة والمجتمع، وبذلك وجهت الأنظار إلى الاهتمام بالنظم والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية.
4- فلسفة المنفعة
وقد اتخذ عصر التنوير في أوروبا من مفهوم “المنفعة” خلقا اجتماعيا وأصبح أساسا في التعامل الإنساني وكفلسفة اجتماعية-قيمية فسرت الأخلاق بمفهومي “اللذة والألم ” واتخذت من سعادة الأكثرية أساسا لتقرير وتقييم السلوك الاجتماعي.
5- القوانين الطبيعية:
وبناء على هذه المفاهيم، اخذ فلاسفة التنوير يفسرون الظواهر الاجتماعية على ضوء القوانين الطبيعية وذلك بسبب انتشار المذهب الحسي، كمذهب للبحث في نظرية المعرفة والاهتمام بدراسة الحياة الاجتماعية، كما اتجهت العلوم الى استخدام “التجربة” التي أصبحت لها أهمية خاصة باعتبارها مصدرا للعقل، كما هو الحال عند جون لوك، وديفيد هيوم.
3
هكذا تميز عصر التنوير الذي تطور بأوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر بتدفق تيارات فلسفية عارمة وأفكار اجتماعية نقدية وحركات سياسية انقلابية انبثقت عن التحولات البنيوية التي صاحبت الثورة الصناعية في أوروبا والتبدلات التي رافقتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبخاصة في فرنسا وإنجلترا وألمانيا، كما ساد مناخ فكري سيطرت فيه الفلسفات الحسية والعقلية وأفرزت صراعات فكرية بين الاتجاهات الفلسفية المادية واللاهوتية والعقلية، الى جانب التيار الإنساني والليبرالي وما رافق ذلك من جدل حول مفهوم الطبيعة البشرية.
وكان الهدف الرئيسي الذي سعى عصر التنوير الى تحقيقه، هو تكوين “فلسفة جماهيرية ” تكون بديلا لفلسفة الطبقة الارستقراطية المحافظة وتهيئة الأذهان لتغيير الأنظمة الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي باتت لا تتلاءم مع روح العصر، وكان محورها الأساسي هو فكرة التقدم الإنساني الذي ينبثق عن قدرة العقل البشري على السيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالح الإنسان والمجتمع البشري. وكان من نتائج عصر التنوير احترام العقل ومناهضة التفكير الميتافيزيقي، انطلاقا من ان العقل البشري هو المصدر الوحيد للمعرفة الصحيحة.
ومن أهم الحركات التي ساعدت على بلورة الفكر الاجتماعي والفلسفي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، الحركة الإنسانية التي تمثلت بأفكار الأنسكلوبيديين في العلوم والمعارف، والحركة السياسية التي تمثلت بالثورة الفرنسية ومبادئ حقوق الإنسان.
انطلقت الحركة الإنسانية من نقض الفكر الميتافيزيقي الذي ساد في العصر الوسيط، ونادى بالعودة إلى الطبيعة الإنسانية التي تنبع أصلا من الظروف الاجتماعية التي تحيط بها، تلك الحركة التي عبرت عن موقف فكري واضح المعالم يؤكد على أن منبع الأفكار هو الواقع الاجتماعي بذاته. وكان من أبرز ممثلي هذه الحركة جان جاك روسو وفولتير وهلفسيوس وغيرهم من الأنسكلوبيديين. أما الحركة الثانية فكونت مشروعا سياسيا هدفه تأسيس دولة تنزل السلطة، بما فيها سلطة الأفكار، إلى المجال الشعبي، وتمثلت بالثورة الفرنسية ومبادئ حقوق الإنسان.
كان يستحيل على العالم الثالث/ الدول السائرة في طريق النمو، أن تؤسس مجتمعاتها في غياب رؤاها الفكرية التي تنشر التنوير وتحفز الإنسان على بلوغ مرتبة الوعي الذاتي، ذلك لأن عدم إبصار الأسباب الحقيقية التي كانت وراء نجاح الغرب في نهضته السياسية وتقدمه الفكري والعلمي، جعل العالم الثالث السائر في طريق النمو، خارج مدار التاريخ والزمن.
السؤال، كيف للدول العربية/ الإسلامية السائرة في طريق النمو، أن تستقرئ مفاهيم التنوير/ معالم عصر التنوير وهي ما تزال مرغمة، خارج مدار التاريخ والزمن؟
إن طرح هذا السؤال في نظر العديد من المفكرين، بات أكثر راهنية، ليس لأنه يعادل في أهميته، السؤال ما هي الحقيقة؟ ولكن لأنه يضعنا وجها لوجه أمامها.
4
التاريخ يؤكد لنا بوضوح وشفافية، أن التنوير الذي عرفته أوروبا في القرن الثامن عشر، عرفه العرب والمسلمون قبل ذلك بقرون (في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي)، حيث نجد للتنوير ملامح واضحة فيما رسمه أبو العلاء المعري لمدرسة فكرية متكاملة وهو القائل شعرا:
زعم الناس أن يقوموا أمـام ناطق في الكتيبة الخرســـاء
كذب الزعم إمام سوى العـ ـقل مشيرا في صبحه والمساء
ونجد هذا أيضا، من قبل ومن بعد عند فلاسفة الإسلام وعلماؤه في المشرق والمغرب، حيث كان اعتدادهم بالعقل وتعويلهم عليه في حل ما كان يواجههم من معضلات في فهم الوجود والكون والإنسان حتى إن الفارابي الملقب بالمعلم الثاني ذهب إلى أن :”واجب الوجود عقل محض، يعقل ذاته بذاته، فهو عاقل ومعقول في آن واحد” وعرفه الشيخ الرئيس ابن سينا حيث ذهب إلى أن: “العقل البشري قوة من قوى النفس لا يستهان بها” وعرفه حجة الإسلام الإمام الغزالي حين لاءم بين العقل والنقل، ورأى أن يستعان بالعقل “لأنه يدرك نفسه ويدرك غيره…” وعرفه فيلسوف أوروبا في العصر الوسيط المفكر العربي المسلم ابن رشد حين دعا في كتابه “فصل المقال” إلى نظر الموجودات ومعرفتها بالعقل مستندا إلى قوله سبحانه: “فاعتبروا يا أولي الأبصار” حين حثت الآية الأولى على النظر بالعقل في جميع الموجودات وحثت الثانية على وجوب الأعمال العقلي في كل شيء.
معنى ذلك، أن العقل العربي قدم في زمن مبكر تراثا تنويريا عربيا إسلاميا خالصا، يزخر بأرقى ما وصل إليه العقل البشري من إضافات فكرية وفلسفية وعلمية وفنية، حتى استطاع وهج هذا العقل أن يضيء ظلام أوروبا وان يفجر فيها عصرا جديدا في مجالات عديدة، وأن يكون له دور في تكوين الفكر الأوروبي الحديث، دور واسع المدى، عميق الأثر شمل العلوم كما شمل الصناعات، ولم يقتصر على الفلسفة وعلوم الدين، وإنما امتد كذلك إلى الأدب: الشعر والفن والمعمار والموسيقى، إلى جانب تكوينه فلسفة عربية إسلامية متميزة عبرت بحق عن أشواق عصر، واحتجاجات حضارة، وقيم مجتمع جديد، وعلى هذا الأساس يمكن القول اتفاقا مع رأي الدكتور عبد الرحمان بدوي ومع الدكتور عابد الجابري، والدكتور سعيد بنسعيد العلوي بأن العقل العربي أسهم في تكون العقل الأوروبي الحديث: حيث تمت عملية الإخصاب الفكري بين العقل العربي الذي بلغ الكمال في تطوره وتنويره، والعقل الأوروبي وهو في سبيل يقظته وتلمس طريقه في مراكز غريبة معروفة بعينها لأنها مثلت نقاط التلاقي التاريخية بين العقلين نتج التقدم الأوروبي الوليد، فالنهضة الأوروبية الحديثة، وبالتالي عصر التنوير الأوروبي.
في العصر الحديث/ عصر النهضة الأوروبية/ عصر التنوير ثم إعاقة العقل العربي الإسلامي، بكل الأسلحة الممكنة والمستحيلة، أسلحة المستعمر الأجنبي، وأسلحة الحاكم المتسلط، لجعل هذا العقل بإرادته أو بدونها يعيش خارج فضاءات التنوير المعاصر، يعاني من القصور، وعدم القدرة على العمل والقيادة والتفكير، يعاني من الانحباس في أسيجة ثقافة القرون الوسطى، وجعله أحيانا معطلا في مفاهيم ومعتقدات عصور ما قبل الكتابة.
وحتى إذا حاول العقل الإسلامي/ العربي، في الدول السائرة في طريق النمو الإفلات من القبضة الاستعمارية أو من أغلال الحاكم المغتصب التي إعاقته لعقود وقرون، وبدأ يمارس استقلاله السياسي، يجد نفسه منغلقا في ذاته، يعيش عصر التكنولوجيا والعولمة والتنوير، تحت وصاية الآخرين، لا يساهم لا قليلا ولا كثيرا في تنوير الجنس البشري، عربته الثقافية والحضارية والتاريخية لا تسير إلى الأمام بسبب المعوقات المتراكمة على ساحته، بل نجده يتقهقر إلى الخلف في العديد من الجهات، التي يهيمن عليها استبداد الحاكم بالسلطة السياسية المباشرة… أو بالسلطة اللاهوتية الغير مباشرة، أو بهما معا.
إن عصرنا الحديث، يتمايز عن بقية العصور السابقة بعالميته، ويوصف من طرف العديد من المفكرين والفلاسفة والسياسيين، بأنه عصر تنوير، لذا ظل التيار التنويري عند العرب والمسلمين، مبعدا عن المشاركة، عن السلطة مترددا بين البحث في التراث عن عناصر العقلانية والحداثة للدفاع عن الذات أمام الآخر المتحضر، وبين محاولة تأسيس مشروع فكري حضاري يساير التقدم الحاصل عند شعوب الغرب، وشعوب آسيا.
وفي هذا الإطار تدخل مجهودات العشرات من المفكرين والفلاسفة والكتاب والأدباء العرب والمسلمين الذين توحدوا حول الفكر التنويري وقيمه وتوجهاته رغم اختلافاتهم الإيديولوجية ونزعاتهم الفكرية، ورغم الحصار الذي تضربه الأنظمة الحاكمة في العالم العربي/ الإسلامي، على الثقافة التنويرية، نذكر من بينهم على سبيل المثال: الأفغاني/ محمد عبده/ طه حسين/ عباس محمود العقاد/ عابد الجبابي/ محمد بن الحسين الوزاني/ سلامة موسى/ مطاع صفدي… وغيرهم كثير، كثير.
ففي كتابات هؤلاء وغيرهم من المثقفين العرب/ المسلمين، نجد الرغبة في إحداث نهضة عربية/ إسلامية على أسس عقلانية حداثية بعيدة عن التقليد والمحافظة، حاضرة بقوة وبإلحاح، وبذلك يصح أن نطلق عليهم، على اختلاف مذاهبهم، نعتا يليق بمقامهم اعترافا بما أسدوه من أعمال جليلة للأمة العربية الإسلامية في الدفاع عن هويتها العقلانية الحداثية المفقودة في رفوف المخطوطات، والمدفونة في المتون وحواشيها، هذا النعت لن يكون سوى وصفا لما قاموا به وهو “التنويريون” لأنهم انشغلوا كلهم بمسألة “التنوير”/ الحداثة والعقلانية من خلال اغترافهم من الغرب وحضارته دون الشعور بالنقص نحوه، وآمنوا بكونية العقل البشري متصدين بذلك للاتجاه المحافظ من جهة أولى، وللغرب المستعمر الغازي وللأنظمة الرجعية المتسلطة من جهة أخرى.
ما بال هؤلاء التنويريون
الم يتفق العلماء الم يكن اتفاقهم اجماعا
الم يرضى المجتمع العربي بعيشة الدواب
والله لا يستفيق العالم العربي حتى يستعبدوا كما فعلوا اثناء غزوهم الامم
لان نفس الفكر هو السائد ما زال الفقهاء او العلماء يستحضرون الفتوحات ويتباكون على الاطلال حتى عميت بصيرتهم ان الزمان تغير
الحمد لله ان العرب لا تملك قوة امريكا ولا الروس
لو كانت لهم هذه القوة لدمروا الانسانية في يوم واحد
حي على التنوير
شكرا على مقالك القيم التنويري.
حي على التنوير
نور على نور
حتى تزول غشاوة الظلام على العقول وتنفتح القلوب.
يا شمس ويا شمس
يا قمر ويا قمر
خذوا عنا السحاب والظلام
اشرقوا واشرقوا ونوروا عقولنا وادخلوا الدفىء على قلوبنا.
ايها الغرب الكافر والعلماني ارسل نورك على شعوب الدول العربية الاسلامية وخذ عنهم الظلام. ايتها الشعوب انفتحي على النور والتنوير القادم من الغرب الكافر والعلماني لان اجدادكم ساهموا في هذا التنوير والحضارات في عهود الفتوحات الاسلامية افلا تعقلون وتبصرون؟ وهل تريدون التشبث في جهلكم وظلامكم خير ان لا تتقدموا؟
*"…و الله متم نوره و لو كره الكافرون،"* هذه الآية تجيب عن الذين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم . الله أحب الإنسان و فضله على جميع المخلوقات . و أحبهم من يسعد الناس . العامة لها دعاء "" الله ينورك "" و يشبهون الزهرة التي تسلب الناظر "" نوارة"" . العقل زهرة تنتج ثمرة . الثمرة تعطي بذور ، تحتاج إلى مشاتل و معاول . كانت مصر ستعيش عصر التنوير في القرن العشرين لكن العقل العربي قايض التغيير بالتحريم .
ماهي الانوا؟
انه خروج الانسان من قصوره الذي هو نفسه مسؤول عنه،قصور يعني عجزه عن استعمال عقله دون اشراف الغير,,لان سببه ليس عيبا في العقل،بل في الافتقار الى الشجاعة في استعماله دون اشراك الغير،تجرأ على استعمال عقلك انت:هذا هو شعار الانوار
ان الكسل والجبن هما السببان اللذان يفسران بقاء هذا العدد الكبير من الناس مرتاحين الى قصورهم مدى الحياة،بعد ان حررتهم الطبيعة منذ زمن بعيد من التوجيه الخارجي،كما يفسران كم من السهل جدا ان يكون المرأ قاصرا،فلو كان لدي كتاب يقوم مني مقام العقل،ومرشد يقوم مني مقام الضمير،وطبيب يقرر لي نظام غذائي..الخ ، فلن اكون بحاجة الى تجشم اي عناء بنفسي،لست بحاجة الى ان افكر طالما بوسعي ان ادفع،اذ ان الآخرين سيتكلفون بهذا العمل المضني ،فأن تعتبر غالبية الناس تلك الخطوة نحو رشدها بمنتهى الخطورة بالاضافة الى كونها امرا مضنيا،ذاك ما يعمل الاوصياء على تكريسه بكل جهدهم،اذ انهم أخذوا على عاتقهم،امعانا في لطفهم،ممارسة اشراف تام على البشرية،بعدما دفعوا بقطيعهم الى هذا المبلغ من الحمق،واحتاطوا بعناية كي لا تجرؤ هذه المخلوقات الوديعة على ان تخطو خطوة واحدة للخروج من الحظيرة
كانط
قال سديو: " لقد استطاع المسلمون أن ينشروا العلوم والمعارف والرقيَّ والتمدُّن في المشرق والمغرب "
ويقول فرانز روزانتالف:
" إن ترعرع هذه الحضارة هو موضوع مثير ومن أكثر الموضوعات استحقاقًا للتأمل والدراسة في التاريخ؛
ذلك أن السرعة المذهلة التي تم بها تشكل وتكوُّن هذه الحضارة أمر يستحق التأمل العميق،
وهي ظاهرة عجيبة جدًا في تاريخ نشوء وتطور الحضارة،
وهي تثير دوما وأبدًا أعظم أنواع الإعجاب في نفوس الدارسين،ويمكن تسميتها بالحضارة المعجزة؛لأنها تأسست وتشكلت وأخذت شكلها النهائي بشكل سريع جدًّا ووقت قصير جدًّا،بحيث يمكن القول إنها اكتملت وبلغت ذروتها حتى قبل أن تبدأ"
ويقول جوستاف لوبون : " وكلما أمعنا في دراسة حضارة العرب والمسلمين وكتبهم العلمية واختراعاتهم وفنونهم،ظهرت لنا حقائق جديدة وآفاق واسعة، ولسرعان ما رأيتَهم أصحاب الفضل في معرفة القرون الوسطى لعلوم الأقدمين،وإن جامعات الغرب لم تعرف لها مدة خمسة قرون موردًا علميًّا سوى مؤلفاتهم،
وإنهم هم الذين مدّنُوا أوربا مادة وعقلاً وأخلاقًا،وإن التاريخ لم يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه في وقت قصير،وأنه لم يَفُقْهم قوم في الإبداع الفني "
مصداقية افكارنا وافعالنا لا تحددها قيمتها المعرفية والاخلاقية وانما مدى انسجامها مع ثراثنا القديم الذي يظل المعيار الوحيد والابدي لاية مصداقية ممكنة ، فالعقل يوناني النشأة واتخذ دلالات مختلفة في تاريخ الفلسفة ، وفي الفلسفة الاسلامية كان حاضرا بامعناه الاصلي بالنظر الى مجال اشتغاله الذي لم يخرج عن اطار الماوراءيات او الالهيات، اي الميتافيزيقا,,,فرغم ان العقل في الاسلام ، كما جاء في القرآن لا يخرج عن التحديد الافلاطوني الذي يعني "التذكر"،"افلا تعقلون" ومفهوم النور الذي يفيد "التوحيد" مقابل الوثنية ، اي مفهوم ديني لا علاقة له اطلاقا بمعنى الانوار في الفلسفة الحديثة ، الا ان صاحبنا ،وسيرا على نهج سلفه ،ابى الا ان يبحث في التراث عن اية كلمة قد تسعفه في تأكيد الاصل العربي الاسلامي لكل المفاهيم العلمية والفلسفية الرائجة في الفكر الحديث,,,هذا،رغم ان الفلاسفة والعلماء المسلمين الذين حاولوا عقلنة الدين وجعله متناغما مع الفكر الفلسفي اصطدموا بجوهر الدين الرافض لاي اعمال للعقل الانساني في الكلام الالهي واعتبار ذلك زندقة وسفاهة وطعنا في الذات الالهية المنزهة عن التشبيه بكل ما هو بشري
رغم ما ذكرته من حقائق واقعة مع الاسف الا ان العاقل الذي سيفرق بين الدين الاسلامي كمنبع لتحرر وتاريخ المسلمين سيلاحظ ان المسالة تكمن في صراع سياسي البسه خلفاء الامويين والعباسيين رداء الدين فالاسلام دين واحد ومذهب واحد وجعلوا منه مذاهب كثيرة والاسلام كتاب واحد مفهوم وواضح غطوا عليه بكتب الاصحاح والشرح كل هذا لاجل تكريس السلطة الدينية وجعلها في خدمة الحاكم الواحد والسلطان الواحد والدولة الواحدة والتي لاينبغي لها ان تخرج من يد سلالة واحدة
التحول من الحكم الراش الى الملك العاظ هو سبب تخلف المسلمين والحقيقة ان الشعوب الاسلامية كانت ولا تزال في غير قادرة على فك طلاسيم البدع التي فرقت بين مكونتها وشتت المفاهيم الصحيحة وبعثرت المفهوم الحقيقي المراد بالدين وقد حصل هذا بين المسحيين من قبل ودخلوا في ظلمات لم يستطعوا الخروج منها الا بعد القرن 18