رسالة إلى المثقفين المغاربة..

رسالة إلى المثقفين المغاربة..
الثلاثاء 21 يناير 2020 - 14:39

اقتراح نموذج تنموي جديد عاجل يعني ابتكار حلول اقتصادية جديدة عملية مناسبة، قابلة للتنفيذ ومضمونة النتائج، لخلق الثروة وتوزيعها بطريقة ذكية، وإنقاذ الطبقة المتوسطة من الفقر الذي أضحى يزحف نحوها بخطى ثابتة تهدد بالشلل الاقتصادي العام والأزمة الاجتماعية التامة، ومن أجل انتشال الطبقة المسحوقة من الفقر المدقع.

وبطبيعة الحال، لا دخل للعامل السياسي أو الأيديولوجي في نموذج التنمية المأمول لأن هذا الأخير يندرج في إطار “عملية إنقاذ عاجلة ومستعجلة”، كما أنه ليس “مشروع عقد اجتماعي جديد”. فالأحزاب السياسية التي تقبل بالعمل من داخل المؤسسات وتتذرع مع ذلك بضرورة تغيير نظام تدبير الشأن السياسي العام، من أجل التملص من مسؤولية تقديم نماذجها التنموية، ما هي سوى أحزاب تحاول إخفاء افتقارها لأطر قادرة على التفكير والإبداع.

وأما التجمعات أو الجمعيات المدنية الأخرى، بما فيها تلك التي لم تقبل بعد العمل من داخل المؤسسات، فعدم المساعدة في هذا الصدد قد يندرج إما في إطار ضعف معرفي أو في إطار أنانية جماعية خاصة محددة أو محدودة؛ ذلك أن، بالرغم من كون العملية صعبة، لا يحق لأحد إخفاء العلم ولو كان في صالح الغير فقط وليس مباشرة في صالح الذات أو النفس.

بقي إذن وحدهم المثقفون العضويون، والمتخصصون، والموضوعيون، والوطنيون، والمستقلون الإنسانيون، من خارج اللجنة المعينة المكلفة بإنشاء النموذج التنموي الجديد، من يستطيعون، كل حسب قدرته و معرفته وإمكانياته، تقديم يد المساعدة للجنة المعينة المكلفة المذكورة، في سبيل الوطن… من أجل الطبقة المتوسطة… من أجل الفقراء..

طيب.

بلغ إلى العلم أن المدة الزمنية المحددة لتقديم اقتراح النموذج التنموي الجديد ستة أشهر. وقت أكثر من كافي بالنسبة لكل مثقف يحب وطنه المغرب، شريطة تفرغه لهذا الأمر، إن استطاع انتشال نفسه من أعبائه و مشاكله اليومية التي قد تذهب بتركيزه بعيدا عن الشأن العام.

هذه فرصة المثقفين المغاربة ليثبتوا أنهم قادرون على رفع تحدي التنمية، حسب المعطيات السياسية و المجتمعية الراهنة، و ليثبتوا أنهم أصحاب المهمات الصعبة “المستحيلة”، وأصحاب الذكاء الثاقب والفكر النقي الصافي النافذ الذي يخرج من التخلف التقدم.

إن الظرف الآن لا يسمح بأن يقول كل من كان في رصيده مساهمات قيمة في علوم الاقتصاد والمالية والتجارة والسياسة وغيرها، في قرارة نفسه، بأن من أراد المعرفة ما عليه سوى قراءة كتبه أو كتب غيره…

لا! إننا في حاجة لمن يستطيع، من بين المثقفين الحقيقيين، تقديم الملخص العلمي الموجز المفيد الواضح المبسط الشامل الذي يترك “الأحلام الأفلاطونية”، وكل الأيديولوجيات والتعريفات، المعروفة منها والمتجاوزة، أو المبتكرة المخترعة حديثا -إن وجدت-، جانبا، والتركيز على ما يجب وما يمكن فعلا وحقيقة فعله، حسب الظروف الحالية والأحوال العامة والخاصة، وحسب سيكولوجية الشعب والحكام معا، صوب تحقيق التنمية. إنها ليست مهمة مستحيلة شريطة الإيمان بالقدرة على تحقيقها.

سيداتي سادتي، إننا فقط في حاجة إلى فكرة نيرة.

فلو اعتبر المثقفون العضويون، و المتخصصون، والموضوعيون، والمستقلون الإنسانيون، بأن صناعة نموذج تنموي جديد مشروع وطني يحتاج بشدة إليهم، رغم الحيف، ونكران الجميل، وانعدام ثقافة الاعتراف بالمجهود وبالمنتوج الثقافي والفكري المستقل الوطني المحض، ورغم التهميش الذي يطال بعضهم أو جلهم، فلا شك أن النموذج التنموي الجديد سيكون مآله النجاح الأكيد.

جميعنا ربما -تقريبا- نعلم أن لا أمل في الأحزاب السياسية الحالية -و معذرة على الصراحة-، فلا داعي للشرح أو لإعادة الشرح والتفسير في هذا الموضوع، فليترك المثقفون الحقيقيون الأحزاب لشأنهم، ولينهمك كل مثقف حقيقي، حسب قدرته و إمكانياته، في التفكير في نموذج تنموي علمي ينقذ المغرب والمغاربة من التدهور والفقر والهوان.

دراسة موجزة للقائمة. تحليل وظيفي. تحليل علمي… ثم الخروج باقتراح قابل للتطبيق من أجل تنمية أكيدة حسب جدول زمني دقيق. مهمة صعبة. صحيح. ولكنها ليست أبدا مهمة مستحيلة شريطة التفرغ لها من جهة، وإرغام النفس على ترك كل الخلافات جانبا من جهة أخرى.

يتبع…

‫تعليقات الزوار

6
  • شكرا لك يا استاذ ...
    الثلاثاء 21 يناير 2020 - 19:39

    … على دعوة المثقفين الى المساهمة في النموذج التنموي باقتراحاتهم.
    وسنكون ممنونين لك ان نقرا بعض اقتراحاتك بصفتك من المثقفين المغاربية المتنورين.

  • الحسين المغربي
    الثلاثاء 21 يناير 2020 - 20:00

    وتلبية لدعوتك من هذا المقال وبإعتباري غيور على وطني وعلى أبنائه،إني أرى الحل المستدام لتنمية المستدامة هو تربية المواطن على المسؤولية إتجاه نفسه وعائلته و وطنه،حيث يكون تغليب التفكير الإيجابي و رغبة العمل بدافع التحسن المستمر للمساهمة في الإصلاح هو الهدف والغاية.

  • مدرس
    الثلاثاء 21 يناير 2020 - 20:42

    جميل جدا ان يكون لنا (مثقفين مغاربة) يهتمون بامور البلاد الاساسية وان تتم مشاركتهم من قبل دولة المخزن القوية (؟).ولكن من نقصد بالمثقفين عندنا؟ اهم الهاربون نحو الكراسي مضحين بكل القيم والمعارف والتفلسف…؟ ام اولئك المتعاركين في قطاع الحزبية المريضة؟ ام هم اولئك الطلبة والاساتذة الباحثين والمبحوث عنهم ؟ لا هذا ولا ذاك لان الامر معقد والنخبة من اي فصيلة معدومة ومشلولة اللهم من الصراخ والنفاق والكذب والخيانة بكل مستوياتها. نتمنى الخير لبلدنا لكن هيهات…

  • KITAB
    الثلاثاء 21 يناير 2020 - 23:11

    هي صيحة في الفيافي، أية أوضاع اقتصادية واجتماعية منهارة حتى يتسنى للمثقف أن يدلي بدلوه في عملية الإنقاذ، يبدو أن الأستاذ غارق في الأفلاطونية حتى أذنيه، متى كان للمثقف في المغرب أو الدول العربية قاطبة دور في تحريك عجلة التنمية، كم هم المثقفون الذين زج بهم في غياهب السجون فقط لمجرد محاولة تعرية وضع قائم واستبيان الداء… لا يمكن أن يخطر ببال ذي عقل سليم أن تكون حقيبة بنموسى رئيس النموذج التنموي تحتوي على شيء إسمه "الثقافة أو المثقف"،يبدو لي أن الأستاذ يغرد خارج السرب حينما يعتقد بأن المثقف ما زال له وجود وله قراء وله وله… الآن يمكن أن تتوجه إلى المثقفين الجدد القابعين وراء البورطابلات يعتاشون على الفايسبوك والواتسب والصور وووو هؤلاء نعم هم المثقفون الدجل الجدد والذين يمكن أن يطبلوا ويزمروا لخطاب الحكومة والنموذج التنموي الجديد وهلم جرا من الهرطقات الجديدة، وتحياتي

  • Brahim
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 10:52

    Innover ! Trouver une science théorie économique, pratique, facile ; qui assure le développement de production nationale, une répartition intelligente des richesses. De plus il faut que la politique et l’idéologie n’aient de place dans la construction de la nouvelle théorie. Celui qui trouve, je lui donne le prix Nobel d’économie. Pour ne rien faire, ne rien changer, demandons l’impossible.

  • سعيد المغربي
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 15:42

    تحية هسبريسية، مشاركة المجتمع المدني والمثقفين وغيرهم أمر مرغوب فيه بطبيعة الحال. لكن ما بُني على باطل فهو باطل. المشاركة يجب أن تبدأ منذ الوهلة الأولى، أي أن اتخاذ قرار تكوين لجنة ما لا بد أن يكون قائماً أصلاً على المشاركة لا على الأوامر أو التعليمات. يجب أن تضم اللجنة ممثلين مشهوداً لهم بالكفاءة عن جميع الفئات، وأن تعقد اجتماعها وبناءً على عملية تشاركية تعيّن أميناً عاماً لها أو رئيساً ومقرراً وتحدد وظائفهما واختصاصاتهما، وتحدد مواعيد انعقادها، وتعيّن أفرقتها المواضيعية كل حسب اختصاصه. وتعقد هذه الأفرقة الفرعية اجتماعات مفتوحة يشارك فيها أكبر عدد من المعنيين (مثقفين ومنظمات مجتمعية) كي يُثروا عملها بآرائهم، وبعد ذلك تُصدر تقريراً يُعرض على الهيئات المسؤولة ويُفتح أمام باب الاستعراض والتمحيص والنقد بغية التصويب أو الإضافة، ثم العمل. أما والأمور لم تتخذ هذا المجرى منذ البداية، فاعلم أنها مثل سابقاتها منتهية إلى المجارير لا محالة. أعتقد أن هذه هي الممارسة المتبعة في البلدان التي تنشد التغيير الحقيقي. وتحية هسبريسية مرة أخرى

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية