نحن في مجتمعاتنا وبصفة عامة ومطلقة إذا انفتحنا تثاقفيا على الآخر ننفتح بدون كوابح أو تمييز، إذ نعتبر هذا الانفتاح الحرية المثلى لتلقي الخبرات والثقافات، التي لها السبق علينا ويتوجب اقتفاؤها، في كل ما يوهمنا بأننا سنتحضر على منوالها..إذاك نفتح كل الأبواب لكل ما تأتي به الرياح من “كائنات” لا تفيد مع تخلفنا، سوى أنها مضيعة للوقت أو هالكة لوجودنا…إذ تحدث فينا، هذه الانفتاحات المخترقة، وبشكل فظيع تشرذمات وشروخا، وكذا اجتهاديات التعارض الكلي مع الذات لدينا، إذ لا تسمح هذه التشرذمات، بتاتا، بأي تفاهم.. وهكذا نبقى نعيد إنتاج أنفسنا دون تغيير أو تغير…
وبالتوازي أيضا إذا انغلقنا، فسنحيى وبصفة شمولية في تزمت خانق انطواء على أنفسنا، نجتر حركية التراجع إلى الخلف..والأنكى من ذلك تلك الشمولية التي تخضعنا لديكتاتوريات سلطوية مطلقة، نتحول معها إلى قطيع يساق إلى حيث لا ندري، بـ”فكر” أحادي يقودنا أو بزعامات تضخم نفسها…إذن فكل انفتاح مطلق وكل انغلاق مطلق هما طرفان لا يلتقيان أبدا.. وبهذا فهما حجرا الزاوية لآفات الجمود والانشقاق والإقصاء… ومجتمع كهذا لا يكون سوى مجتمع هش، وبالتالي خامل وغير متمكن من بوصلته.
من هنا لا يمكن لأمة بتاتا أن تعرف كيف تتوجه وإلى أين في مسارها التنموي نحو تكوين حضارة بمعناها المادي والثقافي، في سياق التاريخ، دون أن تتفق على نهج مبدئي وموحد لها.. ودون حصر، هناك أمثلة لعدة نماذج في التاريخ القديم والحاضر كذلك تشهد على بناء حضارات بارزة ومؤثرة في كل عصورها، وقد عاشت موحدة برؤية تؤلف بين أفرادها وجماعاتها، بالنهج الملائم لها… ولنا المثال في الحضارة الإسلامية بعد حضارات عريقة سابقة لها طبعا، ثم ظهور حضارات مستجدة، ومنها: حضارة التنوير في أوروبا/الغرب، والحضارة البولشيفية السوفياتية، وأيضا ما هو صاعد حاليا من حضارة في بلدان آسيا، ومنها الصين…وذلك لأن التطور يعتمد كليا على الوحدة التي تبنيه، وتقوم على تطويره، بحزم وإرادة منطلقة، سواء كانت دينية أو ليبرالية أو شيوعية… شريطة أن تكون ذات شروط متقاربة أساسا، يتوافق فيها كل الفرقاء، وتكون هي عماد النهضة.. والأهم من ذلك ألا تكون دوغمائية أو استبدادية، في دارها.. بل حازمة وعاملة ومخلصة بالدرجة الأولى، حتى تحافظ على عوامل ودواعي قبولها… لكن إذا انحرفت عن قصدها فإنها تفلس… ودون ذلك فلن تكون هناك “أمة” قائمة، بل مجرد وحدات سكنية في شتاتها…
– فلماذا لا نتناسج في تواؤم متقارب، وتآلف نظامي، وتفاهم سوي، باختلافاتنا وتعدد غناها وليس بخلافاتنا وتعصب أمزجتها؟..فبهذا التناسج الموحد والمتكامل ستتمثل فينا جميعا كل المزايا الرصينة، حكمة وتعقلا ونضجا… فنصنع منها منظومة زاهية، كل يجد نفسه فيها، مشتركا ومساهما ومعطاء…ولا يتخالف فيها الأفراد بتنافر ولا الجماعات بانعزال .. حيث كل يركز على جهوده البناءة، شريطة “إلجام خلفياته” التي يتعصب من أجلها سلبا، حتى لا يحط من معنويات الآخرين، ولا يزدري القيم التي يتمسكون بها اختيارا.
وما يضير في النفس وضمير الأمة أن نستمر على حالنا، منتظرين لا شيء، فيتفشى فينا الخضوع للغير من الأمم الأخرى…نتوسل لها ونتسول…وهكذا وبغياب هذه المبادئ تغيب أهم القيم الحضارية، التي ترفع من قدرنا، وتتمثل كلها في الاعتراف بالآخر، واحترام هذا الآخر، والإصغاء للرأي الآخر…
إذن من المؤسف أن أكثر ما يعيبنا، راهنا، هو أننا لا نملك “مبدأ” نتماسك فيه برأي سديد، يوافق في ما بيننا، منا وإلينا…وليس المقصود أن نقلد غيرنا أو لا نقلدهم…بل المقصود ألا نخضع أنفسنا لما ليس لنا “ملائما”…وإلا لن نبني مستقبلا حضاريا أبدا، سوى على أقوال بلا أفعال، أو عراك كلامي، أو صخب له فشله…ويعني ذلك، وبكل تأكيد، أننا نفتقد إلى تربية تقوم الشخصية لدينا، وحكمة متجذرة تحد من انحرافنا، وضمير جمعي يحملنا المسؤولية، فلا نتوانى في كل ما هو جدي…وبدون ذلك، لن نستطيع سوى أن نبني قصور خيال لم ولن نراها أبدا…نعد بالعدالة الاجتماعية ولا عدالة نحققها، ونعد بالديمقراطية ولا ديمقراطية نركبها، وبالمساواة ولا مساواة نرسخها…ويبقى الجمود والانشقاق والإقصاء قائمة كلها في ما بيننا، دون توقف.. فلا ثقافة حضارية سليمة نؤسسها، إلا بمبادئ توحدنا.
أستاذي الكريم مقآلك خط بمدآد الذهب.. لو عقل الناس ما معنى الاختلاف واحترام الاخر والتركيز على المصلحة الكونية لصرنآ في مجتمع يضرب به المثل .. لكن دآئما وأبدا شي يضرب فشي .. اليساري ينعت الاسلامي بالمتخلف والمتحجر والحاضر معنا لكن وأن عقله في القرون الوسطى والاسلامي ينعت اليساري بعابد العقل أو الوقوع فيما يسمى بتوثين العقل ويقول له أنت كلك نقائص من مرض وجرح وعواطف سلبية وهلم جرا .. شخصيا عشت جحيما فكريا في هذا السياق فتارة تجد عقلي اقصى اليمين وتارة اخرى اقصى الشمال وخرجت بخلاصة وضميري مرتآح بأنه ليس هنآك أفضل من الوسط لأنه هناك نقص في كلتا الايديولوجيتين فلا يمكن الانعزال عن الدنيا والعالم ملئ بالافكار والتكنولوجيا والاختراعات والاكتشافات ومايفيد الانسان .. في نفس الحين لا يمكن الاستغناء عن العامل الروحاني الذي يشكل تغذية للروح والقلب ويحط الرضى في النفس في زمن كثر فيه الحزن والخوف والقلق والامراض الداخلية قبل الخارجية .. الحاصول لله ذر الشاعر عندما قال عش لدنيآك كأنك تعيش أبدآ واعمل لآخرتك كأنك تموت غدآ.
النقد الذاتي و إعادة النظر في سلوكياتنا و ذهنيتنا و مراجعة تدبير قراراتنا و توجهاتنا.. كل ذلك أصبح حاجة و ضرورة في السياق الراهن و المستقبل. تحياتي الأخوية.. الكاتب الفاضل ،العربي الرودالي.
نعم للأمن الصحي. نعم للحجر الصحي لكن لا للحجر الفكري. لا للحجر الاقتصادي.
ضرورة استرجاع الملايير المنهوبة من لصوص المال العام وملفاتهم عند السيد جطو الرجل النزيه الذي كان يجب أن يقود هذه المرحلة لخبرته في المحاسبة والاقتصاد. لا اللجوء الى جيوب المواطنين الفقراء.
أما العدالة والتنمية فحساباتها فلكية وستغرق المغرب الحبيب.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
يبدو اننا لم نجد بعد مكانا لنا في هذا العالم ولا نرضاه بطوباويتنا،فهوعالم غير مثالي عالم المصالح الانانية الفردانية …!! لكن هل نحن فعلا مثاليون هل نقضي وقتنا نسعي لمصالح الاخرين،الواقع نحن لسنا ملائكة
يمكن بسهولة ان ننتقد الراسمالية والليبرالية والعولمة وما وصلت اليه الإنسانية في القرن 21 لكن هل حال واقعنا يؤهلونا لطرح البديل العملي
فالعولمة مثلا هي ميكانزم افرزه تطور العلوم الطبيعية والإنسانية وإنتاج كثرة وتبادل المعارف والبضائع والسلع وآلات مختلفة الاستعمال في ميادين مختلفة وتداولها على الكرة الأرضية بمدنها واريافها
فالعولمة ليس أخلاقية اوغير اخلاقية فهيamoral،فلا يمكن مثلا ان نرمي السيارة لانها تتسبب في حوادث مميتة فالمشكل ليست هي السيارة بل سياقة السائق
فالمشكل ليس هوالعولمة بل ما موقعنا في العولمة هل منتجون مبتكرون او فقط مستهلكون فكل الدول الصاعدة والواعدة استفادت من العولمة بتبادل المنتوجات والبشر ولحقت بالعالم المتقدم وعلى رأسها الصين الهند وسنغافورة ..
مع ارتفاع النموالسكاني الهائل وشح الموارد الطبيعة ستزداد المنافسة ومن تم الحاجة الى عقول مبتكرة تشتغل بدرجات ارفع
مقال رائع يندرج ضمن محور كبير مشكلات الحضارة ، و تستحق أستاذي الفاضل بلا مجاملة ادراج اسمك ضمن رواد النهضة ، ففي المقال نفس جديد و إجابة لأسئلة الحاضر : كيف نحقق التقدم ، لماذا تخلفنا ؟ .
فالعبارة التي أعجبتتي كثيرا هي :« و ليس المقصود أن نقلد غيرنا أو لا نقلدهم..بل المقصود ألا نخضع أنفسنا لما ليس ملائما ..و إلا لن نبني مستقبلا حضاريا أبدا سوى على أقوال بلا أفعال ، أو عراك كلامي ، أو صخب له فشله ..» بوركت و بورك قرطاسك أستاذي الجليل .