تفشت كورونا فعلّق العثماني الموظفين

تفشت كورونا فعلّق العثماني الموظفين
الأحد 29 مارس 2020 - 00:38

في أوج المعركة ضد جائحة وباء كورونا التي تخوضها الدولة المغربية بكل مؤسساتها وأجهزتها لتطويق انتشار الوباء وتجاوز خطره بأقل الخسائر، وبدل أن يشد رئيس الحكومة على أيدي الشعب المغربي الذي انخرط بكل جدية ومسؤولية في تطبيق الحظر الصحي ويشيد بجهود عموم الموظفين في ضمان الخدمات بالمرفق العمومي بالاعتماد على إمكانياتهم الذاتية، خصوصا في قطاع التعليم حيث يواصل الأساتذة تقديم الدروس عن بعد حتى لا تتوقف العملية التعليمية ؛ في ظل هذه الظروف يخرج رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بقرار حرمان الموظفين من حقهم الدستوري في الترقية بحجة أن الاعتمادات المالية التي كانت مرصودة لهذه الغاية سيتم توظيفها في مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن الوباء. وبهذا القرار يكون رئيس الحكومة قد طبّق المثل الشعبي الدارج” طاحت الصمعة علقوا الحجام”، أي تحميل الموظفين جزءا من تكاليف مواجهة وباء كورونا كما لو أن الموظفين هم المسؤولون عن استنزاف مالية الدولة وعجز مواردها عن تغطية هذه التكاليف. الأمر الذي يجعل هذا قرار جائرا من عدة وجوه:

1ــ قرار انفرادي وظالم اتخذه رئيس الحكومة دون استشارة النقابات كما لو أن الأمر مستعجل لدرجة يستحيل معها عقد اجتماع أو اثنين ؛ في حين أن المبادرة الملكية بإحداث “الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا” وفرت لخزينة الدولة موارد مالية مهمة تغني الحكومة عن أي إجراء يمس حقوق الموظفين ويحملهم أكثر مما يحتملون. فرئيس الحكومة يكرس ظلمه لهذه الفئة، إذ لم يكفه أنها تطوعت بالتبرع لفائدة الصندوق بثلاثة أيام من رواتبها، فحرمها من حقها في الترقي. قد يكون حرمانا لسنة بكاملها لفئة من الموظفين بينما سيكون حرمانا دائما للفئة المحالة على التقاعد والتي لن تكون لها أية فرصة للتدارك أو التعويض. ستمر أزمة كورونا ويتعافى الاقتصاد والفئات المتضررة لكن الضرر سيرافق المتقاعدين طيلة حياتهم. فهل فكّر رئيس الحكومة في هذه الفئة التي ظلت آمالها معلقة على الحق في الترقية فصادرها نهائيا؟

2 ــ قرار يتنكّر لجهود الموظفين الذين ينخرطون بكل فعالية وروح وطنية في أداء واجبهم المهني رغم الظروف الصعبة والإمكانيات الذاتية المتواضعة (كثير من رجال ونساء التعليم يستعملون هواتفهم الشخصية لتقديم الدروس عن بعد لإنقاذ الموسم الدراسي ). كل هؤلاء يستحقون الشكر والاعتراف بما يبذلونه لفائدة الوطن والمواطنين. وقرار رئيس الحكومة هذا من شأنه أن يثبط عزيمة الموظفين وينعكس على مردوديتهم خصوصا حين يتعلق بحق من حقوقهم. قد يتفهم الموظفون إن اتخذ رئيس الحكومة قرار حرمانهم من الزيادة في الأجور في هذه الظرفية في إطار التضامن الوطني لمواجهة الجائحة وأضرارها لكن يستحيل إقناعهم بقرار الحرمان من الترقية.

3 ــ قرار يضرب مبدأ المساواة بين الموظفين حين ميّز رئيس الحكومة بين من يستفيد من الترقيات والتعويضات وبين من سيحرمون منها وجميعهم ينتمون لسلك الوظيفة العمومية. صحيح أن رجال السلطة والأمن والصحة في الخطوط الأمامية لمواجهة خطر الوباء ويبذلون قصارى جهدهم ويستحقون الشكر والثناء والتقدير من كل فئات الشعب كما يستحقون رواتب وتعويضات مهمة، لكن هذا لا يُنقص من جهود فئات أخرى من الموظفين خصوصا نساء ورجال التعليم وموظفي الجماعات المحلية الذين يستحقون جميعا الثناء والتعويض. وهذه مناسبة للحكومة لكي تراجع النظام الأساسي للوظيفة العمومية لترفع من أجور وتعويضات كل هذه الفئات التي تشتغل أكثر وتتلقى رواتب أقل.

4 ــ قرار يخرق الدستور في عدد من بنوده خصوصا تلك التي تنص على المساواة واعتماد الديمقراطية التشاركية في تدبير السياسات العمومية أو اتخاذ قرارات تهم فئات واسعة من الموظفين. فحين اتخذ رئيس الحكومة قراره الانفرادي هذا فقد داس على الدستور والأدوار الذي خولها للنقابات (الفصل 8) وما ألزم به الحكومة من ضرورة فتح الحوار والتفاوض معها.

5 ــ قرار يضر باللحمة الوطنية التي تقوّت بفعل عودة الروح إلى الثقة بين المواطنين والدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها، والانخراط الجدي لكل الفئات في جهود التصدي لخطر جائحة كورونا وآثارها الاجتماعية والاقتصادية. إذ كان على رئيس الحكومة أن يتخذ قرارات وإجراءات مهمة توفر لخزينة الدولة ملايير عدة تخفف من آثار وانعكاسات الأزمة من جهة، ومن أخرى تزيد من تعضيد اللحمة الوطنية كأن يعلن عن إلغاء معاشات كل المهام التمثيلة/الانتخابية، وتقليص نفقات التسيير (السفريات، المحروقات، الصيانة وقطع الغيار، الهاتف، تجهيز المكاتب..) وبيع جزء من أسطول سيارات الدولة التي تستنزل الميزانية العامة. إلا أن أهم الإجراءات التي كان على رئيس الحكومة الإقدام على اتخاذها بكل شجاعة هي مصادرة الأموال المترتبة عن نهب المال العام وتسريع محاكمة المسؤولين المتورطين في النهب والتبذير ربطا للمسؤولية بالمحاسبة.

يتأكد من قرار رئيس الحكومة حرمان فئات واسعة من الموظفين من حقهم في الترقية أن الإستراتيجية التي وضعها بنكيران خلال رئاسته للحكومة هي التي يسير عليها خلفه العثماني والتي تروم الإجهاز على الوظيفة العمومية. وإذا كان وباء كورونا أثبت خطورة هذه الإستراتيجية، خصوصا في مجالي الصحة والتعليم، على حياة الشعب ومصلحة الوطن، فإن المطلوب من الحكومة والبرلمان مراجعة هذه الإستراتيجية بما يعيد الأولية لهذه القطاعات والاعتبار للعاملين بها.

‫تعليقات الزوار

5
  • مغربي متابع
    الأحد 29 مارس 2020 - 07:40

    اللحمة الوطنية ينبغي أن نضحي جميعا.
    العديد من الجامعات الأمريكية أوقفت الترقيات والتعيينات لأننا نمر بظرف إستثنائي يجب أن يضحي فيه الجميع.
    الكاتب من أسبوع يتكلم لنا عن التكاتف والتضامن وهاهو يسقط في أول إختبار لأن عداءه للعثماني أعماه.
    أنا صراحة أطالب بأن يتبرع كل موظف بنصف راتبه الشهري حتى نعيل الآخرين الذين لا معيل لهم.

  • فريد
    الأحد 29 مارس 2020 - 08:20

    صعب جدا تصديق ماورد في مقال "مثقف" يطالب بالترقيات والمباريات كأن خزينة الدولة بها ملايير الدولارات تنتظر من يوزعها وكأن ملايين المغاربة من فراشة،أصحاب الموقف،الطلابا،سكان الكرينات والأحياء العشوائية،فلاحي الزراعة البورية …لا وجود لهم،وعلى الدولة أن ترقي موظفي التعليم لأن أجرتهم لم تعد كافية،هذا رغم أن هناك الملايين من الأسر لامدخول قار لها وأُرْغِمت على البقاء في مساكنها.رجال التعليم في المغرب كانوا ولازالوا شوكة في حلق المجتمع المغربي بمطالبهم التي لاتنتهي :التعاقد،الترقيات،الشواهد الطبية…لإنتاج "الكلاخ" والبلادة،كيف لمن لم يقرأ أي كتاب أن يعلمك المطالعة؟رجال التعليم من الإبتدائي إلى الجامعي أغلبهم موظفين "خُبْزِيينْ" همهم الخبز قبل كل شيء،في كل دول العالم قام أناس التعليم بمواكبة التلاميد والطلاب عن بعد بدون تدمر أو إنزعاج إلا في المغرب يريدون أجرتهم فقط,ومند تفعيل صندوق الجائحة أول من طالب ب"جَطُّو" منه كان أصحاب المدارس الحرة،والآن جاء دور موظفي التعليم لنفس الغرض،التعليم أصبح لوبيا ينضاف إلى اللوبيات التي تنخر المجتمع،لم يعد مؤسسة قِيَّم ومبادئ فليدهب هو ورجالاته إلى الجحيم

  • شبالالالا
    الأحد 29 مارس 2020 - 11:21

    إنهم يتحينون كل سبيل لبهدلة التعليم وأسرة التعليم ومن ورائها كل الشغيلة بيد أنهم هده المرة راموا لنا التفرقة والتشتيت انتبهوا ياأهل الصحة الدين تقديرنا لكم لايمليه الطارئ إنماهو على طول ففي الملعقة سم للجميع لن يفرقونا مهما كادوا (من الكيد)

  • ابراهيم بومسهولي
    الأحد 29 مارس 2020 - 12:08

    لا يصعب على من ترعرع في الأحزاب الفاشية أن يخرق القانون ويضرب الحقوق بدون سند قانوني. هذا هو الخطر الأكبر

  • مواطن مغربي يعلم سر السياسويين
    الأحد 29 مارس 2020 - 16:07

    الخطير في الامر ان رئيس المحكومة من خلال اتخاده قرار تجميد ترقيات رجال التعليم هو اتهام مبطن لهده الفئة بكونها تسببت في تفشي وباء كورون واعتقاده الجازم بان رجال التعليم قامو بصنع هدا الوباء داخل الاقسام لهدا عاقبهم اليس سعدالدين طبيب نفساني انه يدرس نفسية رجال التعليم ويعاقبهم على حسب فهمه لنفسيتهم والله لا ننتظر خير من الاسلاموين والقادم اسوا

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة