مراقبة الخصوصيات ومصادرة حرية الرأي

مراقبة الخصوصيات ومصادرة حرية الرأي
الأحد 3 ماي 2020 - 17:40

إجراءات خانقة تحت ذريعة كورونا

في أوج تصاعد وتيرة أرقام كورونا داخل الولايات والأقاليم، سارعت الحكومة إلى سن رزمة من القوانين؛ ملحقة إياها بتدابير وإجراءات احترازية؛ تراها تحول دون تفشي الوباء ووسيلة للحد من آثاره؛ كالحجر الصحي (لزوم الدور والمنازل..)، وحظر التجوال، وتقنين التنقل بين المدن وداخل مقاطعاتها، وصلت إلى مستويات (المنع من التحرك)؛ كانت لها تداعياتها الاجتماعية الخطيرة، كالاعتقالات التي وصلت أرقاما قياسية “50,000 شخص حتى الآن”، ومصادرة السلع والبضائع، وصدور أوامر بإغلاق هذه المتاجر أو تلك، علاوة على تعقيد رخص التنقل وإثقالها بحزمة من الوثائق الثبوتية تتنقل ملفاتها بين مصالح المقاطعات والسلطات الولائية، فضلا عن خضوع طالبي الرخص لفحص طبي ما إن كان مصابين بفيروس كورونا أم لا، وهو إجراء يمكن قراءته؛ على ضوء مجرياته؛ محاولة مغرضة لثني المواطن عن مساعيه الإنسانية الطارئة في التحرك، مهما كانت دقيقة وذات خطورة، كالجانب الصحي الاستشفائي، والمراقبة الصحية للأمراض العامة، وزيارة مرضى أو حضور جنازة..

تنصت المخزن يمتد إلى خصوصياتنا

لا حديث في الكواليس؛ هذه الأيام؛ إلا عن قانون (20.20) الذي تعتزم حكومة العثماني التصويت عليه وتنزيله، وهو قانون يخول للسلطات القضائية متابعة كل المواد العابرة والمتنقلة داخل هواتف المواطنين؛ “تسيء إلى جهة رسمية أو تحمل على التحريض بمقاطعة مواد ومنتجات استهلاكية، أو فيها مس مباشر بالأخلاق العامة..” حسب الديباجة التي تصدرت القانون والذي يتضمن أحكاما قضائية في حق هؤلاء، بين غرامة مالية تمتد من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم، وعقوبة حبسية من 6 أشهر إلى 3 سنوات.

هذا القانون؛ وبهذه الحمولة القضائية الزجرية؛ يحمل في بعده السياسي نظرة الحكومة وموقفها تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، والأدوار الحيوية الطلائعية الخطيرة التي باتت تضطلع بها داخل شرائح اجتماعية واسعة، تختلط بالأمي والعامي والمتعلم، وبالفقير والموسر، بالنظر إلى سرعتها المذهلة في الانتشار وصناعة الرأي أو تأليب رأي على آخر..

بالأمس كان الرقيب يتجول بين صفحات جرائدنا واجتماعاتنا وتقاريرنا ومساعينا.. لكنه اليوم؛ وفي زمن التكنولوجيا الرقمية؛ أصبح يتحرك في الهواء ويندس داخل كل الخلايا الإلكترونية، ليراقب ويتحسس ويتنصت ويسجل مواقع أصحابها بدقة عالية ليسهل عليه ـ في الأخير ـ وضعهم في خانة “الاتهام بخرق القانون”.

محاكمة وسائل التواصل

بالنظر إلى تعامل السلطات المغربية مع نصوص القانون وتطبيقها على المواطنين، والموسوم قليلا باللاحزم واستعمال “عين ميكا”؛ يحق لنا القول إنها تستهدف بها الخاصة وليس العامة، فإذا وقع أحد بين يديها حاكمته بنصوص قوانين عاصرت “جد النمل” في أقدميتها، لتثقل عليه بإنزال عقوبات قاسية، لكنها تتعامى وتتغاضى عن مجموعة من الانتهاكات القضائية كاستخدام الهاتف أثناء السياقة، أو عبور الراجلين، أو التدخين داخل المرافق العمومية… إنها تتعامل مع الخروقات بنظرة انتقائية؛ تجرم هذا وتعفو أو تغض طرفها عن ذاك، وأمام نفس حالة الخرق، وكأنها تريد البعث برسالة إلى كل مستعملي “البورطابل” تحمل في طياتها تهديدا مبطنا بالقمع ومصادرة حرية الرأي.

‫تعليقات الزوار

11
  • نورالدين برحيلة
    الأحد 3 ماي 2020 - 18:15

    تحية مودة أستاذي العزيز عبد الطيف مجدوب، بداية أتقدم لك بأحر التهاني بمناسبة نشرك للمجموعة القصصية "أحرف معشوشبة"، المعروضة في موقع "أمازون" مزيدا من العطاء الإبداعي.
    لقد أجلت الحكومة مناقشة فضيحة مشروع قانون 22.20 والذي يهدف إلى وضع اللجام la bride على أفواه المعاربة لننتقل من كمامة الوباء إلــــــــى كمامة "الآراء"
    الشعب المغربي الحر الأبي سيلقن الحكومة درسا قاسيا في الانتخابات المقبلة.
    الحكومة التي أجهضت حلم المواطنين في العيش الكريم وعمقت الأزمات في كل مناحي الحياة.
    إن غدا لناظره قريب.
    تحياتي لكم أستاذي المحبوب الأديب اللبيب والوطني الغيور، ورمضان كريم للجميع.

  • غاندي
    الأحد 3 ماي 2020 - 18:27

    شكرا سيدي الكاتب على المقال الرصين، فاقد الشئ لا يعطيه.

    الممارسة السياسية هي مجال للقبول بالصراع السياسي المؤسس على حرية التعبير وحرية الاختيار بدل اللجوء الى العنف المادي، اي استبدال فكرة القوة بقوة الفكرة.

    لا يمكن تكبيل حرية الرأي ومهما كانت الانظمة الحاكمة ديكتاتورية فإن الصغط يولد الانفجار.
    لقد قال الملك محمد السادس الا أحد معصوم من الفساد الا الرسل والانبياء ولا يمكن الحجر على رأي المواطنين اللهم اذا كانت حكومة العثماني تتكون من الملائكة والرسل.
    الحكومة ارادت ان تحارب جمر انتقاد المواطنين لها بنار الفتنة والفتنة نائمة..

  • لولا هذه الوسائل...
    الأحد 3 ماي 2020 - 18:50

    لولا هذه الوسائل في التواصل الاجتماعي لكانت الحكومة قد مررت القانون المشؤوم 22,20 . كشف المحزن عن أبشع صورة ظهر بها حتى الان منذ عقود ،مستغلا زمن كورونا ، عاد المحزن إلى ممارسة لعبته القذرة على شعب ضحى بالغالي والنفيس …. ضحى كثيرا ولكن كانت تضحيته تقابل بمزيد من الظلم والصلف والجبروت.

  • حان الوقت للتغيير
    الأحد 3 ماي 2020 - 18:54

    إلى متى وهذا السيف مسلطا على رقاب المغاربة الذي فقد ثقته في كل من يدعي الوطنيه والدفاع عن حقوقه،بل هم يدافعون عن نصيبهم مما يصادره المخزن…لقد افتضح كل شيء….

  • النكوري
    الأحد 3 ماي 2020 - 19:08

    نلاحظ المجهودات و لخطوات المحرجة و المظحكة التي أقدم عليها المخزن للزج بالأبرياء في السجون كما وقع لمناضلي حراك الريف و الصحفي المهداوي و بوعشرين الخ فهؤلاء لفقت لهم تهما في غاية الغرابة و المخزن بحث في ترسانة القوانين الموجودة و التهم التي يمكن تلفيقها الا ان تلك التهم شكلت له إحراجًا و لذلك اليوم يريدون ان يخرجوا قانونا يعفيهم من كل هذا و يريحهم و يمكن لهم عندئذ ان يدخلوا من شاؤوا و متى شاؤوا السجن لتكميم الأفواه

  • الدين الاجابي
    الأحد 3 ماي 2020 - 20:23

    اولا لنترك كورونا وتجاوزات رجال السلطة فهؤلاؤ لهم اعدترهم ،فهده ازمة و سيطول امدها، نعد لهدا الحزب الدي بالامس زاد في التقاعد تم ابخس النفط و اجهز على الخق في الاضراب ايضا،،وهاهز مرة اخرى يستهدف حرية الرأي ،مثلا انا متل العتماني اشجع الاستثمار الاجنبي لست عميلا فمن حقي ان اتحدث عن منتوجاتهم و ادعوا الى اقتنائها و مزايا الساعة الاضافية ،هل هده دعوة مبطنة لمقاطعة منتوحات معامل المستثمر المغربي،؟ من حقه ان يقاضيني ايصا ،مثلا رئيس البرلمان التونسي اسلامي عقد اجتماعا مغلفا مع اردوغان ،بدون نشر اي بيان ،هل هو مواطن ام عميل ؟ كرسي و قطر في صراعهما مع المعارصين،تعاون ام عمالة ، امتدا اللجان العلمية،لان عند السدج ،العلم هو دائما يقدم للانسان المنافع ،و لكن هدا ايس دائما صحيح ،مثلا هناك حرب علمبة بين شركات الادوية الان عن نجاعة الكلوروكرم ،ظاهرهاعلمي و باطنها اقتصادي ، فكدلك الدين ،ان الشهادات العلمية وان كانت ضروري ليست قرينة الكفاءة هالما كنت ام ززيرا

  • مشكلة هذي
    الأحد 3 ماي 2020 - 20:42

    الكمامات الصحية..تتحول إلى كمامات الرأي والحرية التعبير،…. واخا غاديين نرفضو غاتجي الحكومة تطبق هذا القانون بسيف وشكون لعاراف واش البورتابل اديالو مراقب…كلشي مراقب منين تبغي الخدما فشيواحد تلبسلو التهم اديال الترويح الأخبار الكاذبة والمس بهذا الشخص

  • الأستاذ برحيلة
    الأحد 3 ماي 2020 - 22:23

    شكرا، وتهنئتك لها وقع خاص، باعتبارك كاتبا وباحثا فذا غيورا على حرمة حرية الفكر والإبداع، فقد أصبحنا وهواتفنا وحواسبنا في فوهة بارود المخزن أو بالأحرى في أجهزة راداراته يتعقب لمسات أناملنا على الهواتف… وهو أمر وارد حتى ولو تم تعديل القانون الفضيحة 22•20 ، ومن يدري سيكون الواحد منا مستهدفا من حيث لا يدري، فبدلا من توسيع حريات الرأي صرنا أنفسنا محاصرين بجملة من القوانين( أو بالأحرى الفخاخ) للإيقاع بكل من لا يمتثل لأوامر المارد، مع تقديري الخاص وإلى كل قراء هسبريس.

  • KITAB
    الإثنين 4 ماي 2020 - 00:12

    الغريب الذي يدعو إلى الحيرة أن حزب العثماني أصدر بيانا يتبرأ فيه من القانون 22▪︎20 ، لكن وفي ذات الوقت وداخل المجلس الحكومي يقبل بإرجاء التصويت عليه ريثما تنتهي أشغال تعديله، والسؤال من أين جاء هذا القانون، من أجبر الحكومة على تبنيه؟ الجواب سهل بالعودة إلى فقرات القانون والعقوبات الزجرية التي يحملها، فهم أصحاب المال والمصالح والاستثمارات والأسواق والمواد الاستهلاكية…. هؤلاء يخافون على منتجاتهم ولا يريدون أن تعود المقاطعة لتشملهم مرة أخرى والتي كبدتهم خسائر لا زالوا يتذكرونها بمرارة، سلمات

  • العمراني
    الإثنين 4 ماي 2020 - 17:05

    نعم استغلوا كورونا وتكميم أوجهنا لكن يعودون ليكمموا ٱراءنا وأفكارنا أليس هو عين القمع والظلم لشعب أعطى وضحى بالكثير دون أن يكون جزاء سوى مزيد من الضغط حسبنا الله ونعم الوكيل

  • مليحي
    الأربعاء 6 ماي 2020 - 10:43

    مراقبة الخصوصيات وارد شئنا أم أبيينا بالعديد من الدولة ليها أنظمة معلوماتية تندرج ضمنه كل مستعمل الأنترنيت فالصين مثلا نستطيع التعرف على هوية الشخص أينما كان وربنا نستطيع أن تعرف وجهته وما تحمل نظراته وذلك عبر أنظمة معلوماتية جد معقدة مرتبطة بأقمار صناعيه

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس