استهلال: (أَمْضِي وَحِيدًا إِلَى حَتْفِي بِلَا ظَفَرٍ
لَا السُّكْرُ يَقْتُلُنِي، لَا الصَّحْوُ يَنْتَحِرُ
****
اَلْحُزْنُ يَسْكُنُنِي، وَالْجُرْحُ شَرَّدَنِي
لَا الحَظُّ يَحْضُنُنِي، لَا الدَّهْرُ يَعْتَذِرُ
****
عَامُ من الْحُزْنِ، وَالْآهَاتُ تَخْتَمِرُ
الْمَوْتُ مَلْحَمَةٌ، هَيْهَاتَ نَنْتَصِرُ….!
****
أَقُولُ: كَيْفَ رِفَاقِي مِنْ هُنَا عَبَرُوا…؟
يَا لَيْتَنِي مَعَهُمْ، لَمْ يَبْقَ لِي أَثَرُ… ! -إ.ع
…. من قال إن الزعيم الوطني عبد الرحمن اليوسفي، قد مات، لم يقصد الحقيقة إنما قصد المجاز، فالعظماء منذ بدء الخليقة إلى زوالها، يقيمون معنا، وإن غيب الموت حضورهم الجسدي، وعبد الرحمن اليوسفي، من طينة هؤلاء العظماء، الذين ألهمت سيرتهم النضالية مجايليهم، وستلهم الأجيال الآتية في المستقبل، لأنهم كتبوا اسمهم بمداد الفخر في صفحات التاريخ، ولأن التاريخ اختار أن يحيا بهم، كما اختاروا هم أن يخلدوا في التاريخ فكرا وممارسة.
و بما أن اللسان يعجز عن الكلام في زمن المصائب الفجائية، كمصيبتنا اليوم بتلقي خبر رحيل الزعيم الوطني الأممي عبد الرحمن اليوسفي، لا يسعنا إلا أن نستعير رثاء من سبقونا، كي لا نبخس فقيد المغرب حقه، أو نغفل فضائله وخصاله التي يزدوج فيها الإنساني الأخلاقي، بالسيرذاتي- السياسي.
وفي هذا المقام المخصوص، والمصاب الجلل، اخترت أن أستعير لسان المفكر محمد عابد الجابري، صديق فقيدنا ورفيق دربه في النضال، والانتماء الفكري، والحزبي، باعتباره الأقدر في هذه المناسبة الأليمة على رثاء صديقه، وتصوير مناقبه، والتعبير عن مشاعر الحزن التي تعتور المغاربة قاطبة في هذا اليوم الحزين.
قال محمد عابد الجابري من بعده الآخر في رثاء رفيق دربه عبد الرحمن اليوسفي، وبعد أن ختم مرثيته في عمر بنجلون:
-” أ أبكيك يا عبد الرحمن؟ ولِمَ البكاء وقد اخترت الحضور الدائم في نهر تاريخ هذا الشعب، فانتظمت جوهرة ثمينة عزيزة في سلك قلادته التي تمتد بعيدا بعيد إلى أعمق تاريخه، تجسد استمرارية وجوده، وكفاح أبطاله، وآمال جماهيره، وتطلعات شبابه؟
لِمَ أبكيك يا عبد الرحمن، وأنت الذي طفرت بسرعة وقوة، أسرع من لمح البصر، من حياة إلى حياة، لا بل من حياة فانية إلى خلود دائم. طفرت سريعا سريعا، لأنك ما عرفت البطء ولا التباطؤ قط؟ لقد جسَّمت في حياتك ومنذ نعومة أظفارك المثل القائل: (لا تؤجل عمل اليوم إلى غد(، فانتقلت هكذا في رمشة عين من مناضل تتزاحم عليه المهام النضالية فيتحداها وينجزها ويتجاوزها إلى أبعد منها، سابقت الحياة فسبقتها دوما، سواء كان الوقت نهارا، أو كان ليلا، سواء كنت في المنزل أو في ساحات النضال، سواء كنت طليقا تطير من حي إلى حي ومن مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد، أو كنت بين جدران السجن تغالب القضبان والحديد، لتبقى على اتصال دائم برفاقك وإخوانك في الزنازين المجاورة لزنزانتك، ما كان منها داخل سجنك، وما كان منها خارجه.
إيه يا عبد الرحمن! لقد انتصرت على الموت في كل مرة حاول فيها الانتصار عليك. وفي كل مرة كان يعود على أعقابه جارًّا أذيال الخيبة. أراد الموت أن يسبقك فسبقته، فلم تعرف سكرات الموت، لم تتألم، ولم تحتضر، وإنما أسرعت كلمح البصر فانتقلت من حياة إلى حياة.
أنت حي يا عبد الرحمن، حي في سجل أبطال التحرير، وما أكثر ما أنجب هذا الشعب منهم، أنت حي في آمال الجماهير وفي عزيمة الشباب، وتطلعات الأجيال.
أنت حي في التاريخ، بل التاريخ حي بك يا عبد الرحمن! وما التاريخ إلا أنت وأمثالك!
سقيت شجرة الحياة بعرقك، فلما شبَّت يانعة تمد جذورها إلى أعمق أعماق الأرض، وفروعها إلى أبعد الآفاق، ارتأيت أن تنتقل سريعا، كعادتك دائما، فأنت تكره الانتظار، فأخذت تسقي شجرة التاريخ، تاريخ حركة التحرير الشعبية في المغرب، التي منها خرجت وفيها عملت وإليها رجعت.
هل نلومك على إغفالك ودعاء الأصدقاء والرفاق؟
أنت تبتسم وتقول: سنلتقي بعد قليل، فلم الوداع، وإنما إلى اللقاء”.
هنا صمت الكلام عن الكلام، ووقف الجواب عاجزا عن كشف السؤال!
أي رثاء هذا الذي كتبه الجابري من بعده الآخر، وما السر في تشابه رثاء عبد الرحمن اللاحق، برثاء عمر السابق، هل هذا التماهي الكلي منطقي أم أن قدر العظماء المشابهة المطلقة، وأن لا يختلف حولهما اثنان.
رحم الله الزعيم المجاهد عبد الرحمن اليوسفي
رحمه الله الشهيد عمر بنجلون
رحم الله المفكر الفيلسوف محمد عابد الجابري، الذي ناب عنا، في هذا المصاب الجلل، الذي ابتلينا به مطلع صباح 29 ماي 2020 من الزمن الكوروني.
شاعر وناقد، المندوب الإقليمي لحركة قادمون وقادرون مغرب المستقبل
استعار الأستاذ إبراهيم حفظه الله رثاءه بمناسبة وفاة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي من رثاء المرحوم محمد عابد الجابري رحمهما الله وطيب ثراهما زاسكنهما فسيح جنانه.واستعير انا كذلك لرثاء عزيزنا زمحبوبنا عبد الرحمان برثاء رسول الله ص على ابنه إبراهيم الذي احزن موته رسوله حزنا عميقا مستمرا حتى وفاته ,فعاش صلى الله عليه وسلم حزينا بعده حتى لقي ربه زقال في موت إبراهيم"ان العين لتدمع والقلب ليحزن وانا لا نقول الا ما يرضي ربنا"واكرر نفس التعبير الصادق في هذا المصاب الجلل"ان العين لتدمع والقلب ليحزن وانا بفراقك لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا لله وانا اليه راجعون".
بعد عبد الله ابراهيم و المهدي بن بركة،عبد الرحيم بوعبيد،امحمد بوستة.توفي المجاهد عبد الرحمن اليوسفي آخر السياسيين الشرفاء و النبلاء.وبقيت الحتالة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رحمهم الله أجمعين.
انه كان ولن يزل أسد الأطلس الذي كان يدود على مصالح كل مغربي من الأسفل الى الأعلى ، لم يكن تهمه الدرجات، السياسي الوحيد الذي لم نكن نسمع عنه الا الخير، فالكل كان يحبه ويقدره ويقدر الشجاعة التي اتسم بها عند قبوله تسيير الحكومة في تلك الظروف التي كان فيها المغرب مشرفاً علي سكتة قلبية…..
الكلام عنك لا يوفيك حقك ايها المغوار ؛ كفاكم حب المغاربة الذين أجمعوا عليك بعد ان لم يجمعوا علي غيرك
رحم الله ذ عبدالرحمن ( انا لله وانا اليه راجعون)
مغربي
برحيل آخر قامة حزبية لم يبقى لوجود الأحزاب معنى بل ان الراحل ابتعد عن السياسة وأخذ مسافة من الحزب بعد ان أدرك ان الممارسة السياسية داخل الأحزاب تعفٌنت وان الأحزاب التي كانت فيما مضى مشاتل للمناضلين والكفاءات السياسية أصبحت مزارع لتربية الكائنات الانتهازية والوصولية التي أساءت كثيراً الى العمل النضالي التعبوي وهو ما جعل المواطن يقرف منها ومن السياسة عموماً .. رحم الله الاستاذ عبد الرحمن اليوسفي الذي اتذكر قولته عندما سئل عن احواله : لا زلت أقترف خطيئة الحياة .. وكأنه كان يشعر ان الزمن لم يعد زمنه وأن من " في السوق " بضاعة رديئة لا تستحق الاهتمام ..