رمز الخراب على الباب

رمز الخراب على الباب
السبت 27 يونيو 2020 - 23:14

وأخيرا أتى من يقول لنا أن قصة الحجر وشعارات المكوث في البيت مجرد “احتيال” وأن المواطنين مجرد “خراف”.

فقد استضافت إحدى القنوات التلفزية الوطنية المغربية الكاتب الفرنسي “برنار هنري ليفي” للتبشير بكتابه الجديد. وعلى غرار مثيلاتها الفرنسية احتفت القناة بالكاتب وكتابه في مشهد دعائي لا يخصص عادة للمفكرين والباحثين المغاربة. فليفي الذي يصح تسميته “بفيلسوف المنابر” لكثرة ظهوره في وسائل الإعلام الفرنسية وتسويقه لمشاريعه وكتبه، منذ كتابه الأول عن الأزمة الإنسانية في بنغلاديش في 1973، حيث بدأ مراسلا حربيا، هو وريث إمبراطورية صناعية تضعه على رأس ثروة من الأعمال التجارية التي يوظفها في مشاريعه الدعائية والإيديولوجية. ففي كتابه الذي يسوقه تحت عنوان: “هذا الفيروس الذي يدفع للجنون” ينتقد السياسات الحكومية في العالم ويعتبر أن الأمر برمته عملية “احتيال” كبيرة نشرت الرعب في المجتمعات مما أصاب الناس والاقتصاد بالأزمة، في محاولة منه لاستعمال الأسلوب الشعبوي الدعائي في رفض فكرة الفيروس ونقد إجراءات الدول في الحفاظ على مواطنيها.

ففي نظره أن السلطات الحاكمة جن جنونها من أجل ممارسة الاستبداد، بل تطوع الناس ليكونوا “خرافا” مستعدين للتضحية بحريتهم للبقاء على قيد الحياة. فالأصل في نظره أن تتحرر السلطة السياسية من هيمنة السلطة الطبية وتختار عدم التقييد لنسمح للفيروس بالاختيار الطبيعي بين الأكثر هشاشة وأولئك الذين يمكنهم حماية أنفسهم. من الأفضل الحفاظ على حرية الفرد.

هذا ملخص ما جاء صاحب الكتاب ليبشرنا به، واختارته القناة المغربية، ضدا على اختيارات المغاربة وتكاثفهم وتكتلهم من أجل مقاومة الجائحة. نَفَس شعبوي انتشر لدى عامة الناس، وقاومته الدولة في المغرب بالقانون، لكن ليفي صاغه بلغته التي تدعي التفلسف، وسُوِق للمغاربة في وصلة دعائية على أنه من المعجبين بالتجربة المغربية في مقاومة الجائحة. تناقض واضح بين الرفض المبدئي للكتاب والعرض الدعائي للقناة.

يرجع للمفكر الفرنسي ميشيل أونفراي الفضل في الكشف عن حقيقة “هنري ليفي” حين اعتبره نموذجا لأسوء ما في الفكر، منتقدا تواطؤه الدائم مع السلطة والطبقة الحاكمة في الغرب، وازدراءه الدائم للفقراء والطبقات المهمشة. لذا رفض حركة السترات الصفراء الفرنسية حيث شبه أصحابها بأصحاب “القمصان السوداء” في إيطاليا الفاشية ثلاثينات القرن الماضي، وندد بكل الحركات الاحتجاجية بفرنسا، لكن في المقابل شجع ومول حركات الاحتجاج والانفصال في العالم العربي.

أما المؤرخ الفرنسي دومينيك فيدال فقد توقف عند أخطائه “الفادحة” في كتاباته التي تنشر الأوهام والقراءات الاختزالية والانتقائية للتاريخ. وكثير من الباحثين ينتقدون الحضور العلمي للرجل باعتباره وجها إعلاميا وليس باحثا أكاديميا. لكن بعيدا عن هذه الصورة الأكاديمية التي يحاول ليفي تسويقها لنفسه من خلال الحضور الدائم في الإعلام، وهو الثري الذي يعرف كيف يشترى الحضور الإعلامي، هناك صورة لازمته باعتباره أحد أصوات الصهيونية العالمية. صورة زعيم الانفصال ومشاريع التجزئة والخراب وثق بعضها في فيلمه “قسم طبرق.

فقد عرفته ساحات البوسنة وكوسوفو وجبال أفغانستان، وساحات العراق، ومناطق الانفصال في كردستان والسودان ودارفور وليبيا وسوريا. رجل من أهم ميزاته أنه أنى ظهر جر في أذياله الخراب والتقسيم. فلِم تصر قناة وطنية على إظهاره بصورة المفكر والفيلسوف العاشق للمغرب وسياسته وكتابُه ينفي ذلك جملة وتفصيلا؟ وهو الذي انتقد كل الإجراءات القانونية والعملية التي قيدت حركة الناس في ظل انتشار الوباء؟ وهل غدت القنوات المغربية صدى للنقاشات الإعلامية والدعائية الفرنسية تحتفي بمثقفي منابرها؟ ولم هو هنا أصلا؟ وما مشاريعه في المنطقة؟… الأيام كفيلة بالجواب.

‫تعليقات الزوار

8
  • العروبي
    السبت 27 يونيو 2020 - 23:54

    سيسجل التاريخ انه كان من المسؤولين على احتلال ليبيا وتدميرها وتمزيقها واغتيال رجالها خدمة للاستعمار الجديد والصهيونية
    ويسجل التاريخ انه معاد للحق الفلسطيني.
    ملحوظة:
    يمكن العودة لما قاله عنه السوسيولجي الحكيم pierre bourdieu

  • بلال
    الأحد 28 يونيو 2020 - 01:09

    اسس العقيد القذافي لجماهيرية ثورية "انسانية" كانت مهمتها انقاذ البلاد الليبية من الانحطاط …قاوم، ناضل ، ناور ، خطط ، نفذ ، قام بكل شيء الا ماهو مطلوب حقا. فقد فضل العقيد الاستماع لمن كان يطربه بمدى عظمة الثقافة التقليدية و الاسلام وبانها مجد عظيم لا يضاهى . لم يستمع الى كل اولاءك المحذرين بان التشبت بالثقافة القديمة هو اسهل طريق للفناء و انها يخدم فوق كل هذا ورثة الاقطاعيين القدامى واعداء من الخارج، غدر به التاريخ فانتهى مقتولا في ايدي من ثار من اجلهم يوما ما و لم تدم دولته اكثر من فترة حكمه. واذا كان مشير مصر قد تدخل قبل فوات الاوان فان المشير الليبي لم يحالفه الحظ وجاء بعد انهيار الدولة

  • العربي العربي
    الأحد 28 يونيو 2020 - 08:04

    جميل ان تستضيف قناة مغربية كاتب فرنسي من هذا الحجم بغض النظر عن قناعته و انتمائه السياسي او العرقي او الاديولوجي او الديني …
    فمثل هذه المبادرات الادبية او العلمية او الثقافية سميها ما شئت .. ستساهم في اثراء الوعي المغربي بما يجرى في عالمه بشكل او باخر

  • عبدالفتاح
    الأحد 28 يونيو 2020 - 09:41

    هذ زمن البوز و الرجل كيدبر على راسو كأي واحد كيطلع في التلفيزيون أو يوتوب أو فايسبوك هاذ الأيام. المشكل هو أن القناة المغربية حتا هي كتقلب على البوز من أجل الربح و هذا عادي جدا في هذا الزمان، كو لقات شي كاتب مغربي ذكي بطريقته في البوز و مبدأ خالف تعرف كو راه استاضفاتو هو، هذا هو الواقع.
    شكرا

  • احمد المانيا
    الأحد 28 يونيو 2020 - 10:39

    الشخص ليس رمز الخراب فحسب وانما مهندس الخراب وخاصة في الشرق الاوسط مثله مثل الامريكي Bremer في العراق فجذور الشخص صهيونية بغيضة حقيدة فياللاسف عنما نرى اعلامنا يرحب بهؤلاء الفيروسات الحقيقيين الذي نراهم بام عيننا
    فجزاك الله خيرا على مالقك ونصيحتك فقد اعذر من انذر نصيحة النملة لواد النمل
    وكما نشكر جريدتنا المحبوبة هيسبريس على نشرها للمقال نسال الله اي يثيبهم على ذلك

  • يوسف
    الأحد 28 يونيو 2020 - 14:58

    ليفي هو احد منظري الصهيونية واحد المهندسين والفاعلين في خراب العالم العربي، واحد المنازعين لحقوق المهاجرين المسلمين في فرنسا.

  • amaghrabi
    الأحد 28 يونيو 2020 - 17:32

    اعتقد ان انتشار الجهل والامية والفقر هي الاسباب الحقيقية التي تجعل الخراب والحروب هو مصير كثير من الدول العربية الاسلامية كالعراق واليمن وسوريا وليبيا وحتى مصر التي نجت من الكارثة نسبيا وما زال الخطر يحدق بها ويهددها في كل حين وبكل تأكيد ليس هناك دولة عربية الى حد الساعة لا تعيش بين امواج الكوارث السياسية ونطلب من الله الحفظ والسلامة لبلدنا ولكل بلدان العالم وحتى الدول العظمى اصبحت مهددة نسبيا.واتمنى من بعض الدول الاستبدادية كجارتنا الجزائر ان يتعقلوا وان يعملوا بصدق مع شعوبهم ومع جيرانهم لتحقيق نجاحات جيدة للمنطقة ولشعوبهم.شعوبنا بصفة عامة تعيش ازمة تعليمية وثقافية وسياسية ودينية نظرا لمستواها العلمي الضعيف وتشبثها بالخرافات وانتشار الشعوذة والدجل والفكر السحري الذي تكلم عنه افلاطون ماقبل الميلاد .لا بد من توعية الشعوب علميا وحضاريا وثقافيا وتربويا لتنجح السياسة ويتحقق السلم والسلام والرفاهية .اما الاوضاع الحالية فلا تبشر بخير فلا سبيل في نظري لتلصيق التهمة في المؤامرات الخارجية وفي الصهيونية.عدو العرب والمسلمين هو الجهل والتفكير السحري والايمان بالخرافات والنفاق في كل شيئ

  • مواطن
    الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 15:07

    هنري ليفي قال في حواره أنه بينما كان العالم في الحجر الصحي سارعت تركيا وروسيا إلى اقتسام ليبيا. لكنه لم يشر إلى محاولات فرنسا أخذ حصتها؛ فقد سبق للسراج أن ذكر فرنسا في الأمم المتحدة من بين الدول المتدخلة في ليبيا. كما سبق لبعض وسائل الإعلام أن تحدثت عن فرار خبراء عسكريين فرنسيين عبر تونس. وبالأمس أشار المتحدث العسكري لحكومة الوفاق إلى أن هذه الحكومة لا تواجه حفتر فقط بل مجموعة من الدول من بينها فرنسا.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين