خطاب العرش وملك الفقراء

خطاب العرش وملك الفقراء
الجمعة 31 يوليوز 2020 - 08:09

لم يكن إطلاق لقب “ملك الفقراء” “Le Roi des pauvres” على الملك “محمد السادس”، منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، عبثا أو صدفة بل إن الملك عبَّر مرارا عن ذلك كدعوته بأن تخصص جل برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للمشاريع الاقتصادية، ذات البعد الاجتماعي ولصالح الفات الهشة والفقيرة في القرى كما في المدن.

وها هو الملك اليوم ينتصر للفقراء من شعبه بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا، فلأول مرة في تاريخ المغرب الدولة توزع الأموال على الناس، والتي تضررت أكثر من غيرها من تطبيق قانون الطوارئ الصحية والحجر الصحي ومنع التنقل، حيث وجدت فئات عريضة من المجتمع نفسها بدون مصدر رزق، فكانت المبادرة الملكية لتأسيس صندوق كورونا مبادرة رائدة لبعث الأمل في نفوس الفقراء والمحتاجين وإعادة الثقة بين الدولة والمواطنين والمواطنات وتجسير الفجوة بين الفات الهشة والمحظوظين، مما أبان عليه “المجتمع المدني” من تضامن وتــآزر، وهذا ليس بغـريب عن تقاليد وأعراف المجتمع المغربي العريقة.

وهو ما عبر عنه الملك قائلا: “فقد عشنا مشاهد لا تنسى من التعاون والعمل التطوعي، بـين الجيران، ومع الأشخاص المسنين، والأسر المحتاجة، من خلال توزيع المساعدات، وتقديم الدعم والإرشادات.

كما سجلنا، بكل اعتزاز، لحظات مؤثرة تجسد روح الوطنية العالية، خاصة خلال عزف النشيد الوطني من نوافذ المنازل، وتبادل التحيات بين رجال الأمن والمواطنين”.

وإذا كان من الطبيعي أن يشعر الإنسان، في حالات الأزمات الظروف الاستثنائية، بالقلق والخوف؛ فإن ما أعطى ويعطي الثقة والأمل، للمواطنين والمواطنات هي التدابير والقرارات الحاسمة التي اتخذتها السلطات العمومية وعلى رأسها المؤسسة الملكية.

وهي قرارات، وإن كانت صعبة وقاسية واستثنائية فإن الظرفية التي أملتها هي كذلك صعبة وقاسية واستثنائية، وتستلزم الحزم والانضباط والتعامل معها بصرامة وعقلانية، وذلك لحماية المغرب ليس فقط من تداعيات الآثار السلبية لـ”كوفيد 19″ على الصحة العامة بل لحماية الجانب الاقتصادي والاجتماعي كذلك.

إن القرارات الاستباقية التي اتخذها المغرب لمحاربة الجائحة والتصدي لها أدهشت العالم وجعلته نموذجا يحتذى به، وبالخصوص أن الجالس على العرش فضل التضحية بالجانب الاقتصادي على التضحية بأرواح المواطنين والمواطنات، عبر إغلاق الحدود وتوقيف مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، وهو ما استلزم من الحكومة إحداث صندوق خاص لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الوباء. وهو ما مكن من تعبئة 33 مليارا و700 مليون درهم. وقد بلغ مجموع النفقات 24 مليارا و650 مليون درهم، تم صرفها لتمويل تدابير الدعم الاجتماعي، وشراء المعدات الطبية الضرورية.

“كما سيتم رصد خمسة ملايير لصندوق الضمان المركزي، في إطار إنعاش الاقتصاد. وقد وجه الملك الحكومة لدعم صمود القطاعات المتضررة، والحفاظ على مناصب الشغل، وعلى القدرة الشرائية للأسر، التي فقدت مصدر رزقها”.

لقد اعتبر الملك أن المخاطر الناجمة عن الجائحة يجب تحويلها إلى فرص لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا.

وفي هذا الإطار، وجه الملك الحكومة ومختلف الفاعلين للتركيز على الـتحديات والأسبقيات التي تفرضها المرحلة. وفي مقدمتها إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل.

وفي هذا الإطار دعا الملك إلى إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات. كما يجب الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ولهذه الغاية، دعا الملك كذلك لإحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.

إن الهدف من كل المشاريع والمبادرات والإصلاحات هو النهوض بالتنمية، يقول الملك، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وتوفير الحماية الاجتماعية وتعميمها على جميع الفئات الاجتماعية.

*أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول

‫تعليقات الزوار

7
  • زوايا الدجل .
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 08:37

    الفقر ليس عيبا ولكن الفقر في بلد غنية هو العيب في أبشع صوره نحن أغنياء بثرواتنا فقراء بتدبيرها وعدم الإخلاص في العمل لو كنا نعيش شفافية التسيير لكان المغرب في مستوى معيشة اسبانيا على أقل تقدير نحن بدل أن نشجع المشاريع ونقوي الصناعة والتجارة شجعنا زوايا الدجل والخرافة

  • المهدي
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 09:25

    وآين دور لجة بنموسى من كل هذا ؟ لولا مساهمات المواطنين سواء عبر التبرعات النقدية أو الرمزية من خلال اتصالات المغرب أو التضامنية لاقتسام الرغيف لهلك ثلث المغاربة جوعاً .. الجائحة رفعت الحجاب عن التفاوتات الطبقية فتخندق المغاربة في صفين صف الفقراء المعدمين الذين لا يسندهم شيء يحول دون الوقوع في رمشة عين من اعلى جرف الميزيرية وصف بامكانه ان يلزم الحجر لقرون مطمئناً الى ما راكمه من ثروات تكفيه وتكفي ذرية ذريته .. نعم ملك الفقراء وملك على الفقراء …

  • اللهم اجعلنا من الشاكرين
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 10:04

    من الأمثال المأثورة ؛إن أردت أن ترضي جميع الناس فلن ترضي أحدا، هي حرب الغني على الفقير ويد واحدة لن تصفق ، الملك منذ إعتلائه العرش وهو يعمل جاهدا ليخفف من عناء الطبقة الهشة من شعبه وليقلص المسافة بين الأغنياء والفقراء وهي بالصعوبة بمكان أمام تعنت الأغنياء وجبروتهم ولوبياتهم، ورغم دلك فقد إستطاع أن يمهد الطريق أمام الفقراء للوصول إلى حقوقهم وتحقق الكثير ومازالت الجهود متواصلة والنتائج ظاهرة إلا عمن يتعامى .

  • محمد بلحسن
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 12:47

    في عدد من تعاليقي المواكبة لمقالات هسبريس كنت سباق للتعبير عن حلول إبداعية تشغل بالي تصب كلها في إتجاه واحد: تمويل الإجراءات الوقائية من تدهور خطير للإقتصاد الوطني والسلم الإجتماعي.
    طيلة 100 يوم خلت, منذ أبريل 2020, تمنيت لو أنه, سنويا, ابتداء من هذه السنة, وطيلة 10 سنوات قادمة بادر رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي وزعماء السياسة بإعداد شيك قيمه 100 مليار درهم يرافق التقرير الذي ينتظره جلالة الملك في يناير 2021.
    فرحت كثيرا, يوم الأربعاء 29 يوليوز 2020, عند سماع جلالة الملك يقول: " نوجه الحكومة ومختلف الفاعلين للتركيز على الـتحديات والأسبقيات التي تفرضها المرحلة. وفي مقدمتها: إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل. وهو ما يقتضي تعبئة جميع الإمكانات المتوفرة من تمويلات وتحفيزات، وتدابير تضامنية لمواكبة المقاولات، خاصة الـصغرى والمتوسطة، التي تشكل عمادا لنسيج الاقتصادي الوطني. وفي هذا الإطار، سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني..".
    Sa Majesté a majoré de 20% mon rêve
    شكرا.

  • سد الرويني
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 14:08

    أخ اللهم اجعلنا من الشاكرين لا أحد طلب منك إرضاء الجميع فقط لا تتعسف على حقوقهم في أوروبا هناك أغنياء وهناك فقراء ولكن هناك عدالة اجتماعية .

  • Amaghrabi
    الجمعة 31 يوليوز 2020 - 15:38

    انا من محبي جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وشافاه وعافاه وابقاه حصنا منيعا لامتنا المغربية الشريفة والعريقة في اعماق التاريخ البشري,فالحمد لله ملكنا العظيم يتعامل مع ابنائه بكل حنان وعطف ويتجاوب معهم كلما ظهر طارئ يسخط شعبنا الذي كثير منهم يعيشون في ازمات اجتماعية مرهقة.والحمد لله جلالة الملك دائما حاضرا في السراء والضراء ويبحث دائما عن الوسائل الناجعة التي يمكن ان تخفف من الازمات وان تفتح مجالات جديدة لتنقذ ما يمكن انقاذه مشبابنا ومن فقراء امتنا المغربية الشريفة

  • اللهم اجعلنا من الشاكرين
    السبت 1 غشت 2020 - 00:23

    ردي على أخي سد الرويني؛ أنا لم أحاول إرضاء أحد ولم أتعسف على حقوق أحد، إنما قلت رأيي وما أراه وألمسه من حقائق ، وأرى من الإجحاف تبخيس جهد من يعمل عملا صالحا ، أما عن العدالة الإجتماعية أتسائل من المسؤول عن الظلم الإجتماعي ؟ ألسنا نحن جميعا من نساهم في طحن بعظنا البعض، أعطيك مثل بسيط أنا أقيم بأوروبا وبفظولي فكرت أنه من قلة المروئة أن أترك جاري يطلع وينزل الدروج ويحمل أمتعته الثقيلة فسألته أتريد مساعدتي؟ فرفض قائلا ياريت لكني لا أملك ثمن أجرتك ؟ ،،، تصور ونحن جيران . أسألك هل سيؤديك أحد أجرتك إن اشتغلت عنده ؟ ربما؛ لكنه سيجرجرك ويتماطل أو ينقص منها أو لن يؤديها أبدا ، وهذا ينطبق على المشغل والمشتغل والكاتب والبرلماني وهلما صعودا؛ العدالة أخلاق موروثة والنذالة أيضا،ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة