وإذا المدرسة الإدارية سئلت بأي ذنب قتلت؟

وإذا المدرسة الإدارية سئلت بأي ذنب قتلت؟
الأحد 9 غشت 2020 - 16:29

تم إحداث المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا وبباريس عام 1945 من طرف الجنرال ديغول. وأثناء الحماية وفي سنة 1948 أسس الملك الراحل محمد الخامس المدرسة الوطنية للإدارة بالرباط، على غرار النظام الفرنسي.

ولقد شهدت المدرسة الوطنية بفرنسا عدة إصلاحات متتالية بصفتها إحدى الأجهزة العمومية التي تناط بها تكوين النخب لولوج، بعد التخرج منها، الأجهزة الكبرى للدولة مثل مجلس الدولة ومحكمة الحسابات. وفي عام 1990 تم تنظيم مباراة مفتوحة لأجراء القطاع الخاص للتكوين بها. وفي سنة 1991 تم نقل المدرسة الى مدينة ستراسبورغ وشرع التكوين بهذه المدينة عام 2005. وفي سنة 2018 تم فتح سلك للدكتوراه بها عام 2018 غير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن مؤخرا وفي عز أزمة “السترات الصفراء” حذفها بتاريخ 25 ابريل 2019 لعدة اسباب بيداغوجية واجتماعية، لا سيما احتكارها من طرف فئات معينة من الأسر على حساب تمثيلية المجتمع الفرنسي في الولوج وشغل المناصب العليا في الادارة والقضاء. ولقد تم تعيين المحامي فريديريك تيريز Frédéric Thiriez المسؤول السابق عن الدوري الوطني لكرة القدم لتقديم تقرير حول الموضوع.

وعلى ضوء هذا التقرير يلاحظ أن المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا أصبحت تسمى “مدرسة الإدارة العمومية” وأدخل قانونها الجديد تغييرات هيكلية هامة حول المهام المنوطة بها، سواء في ما يخص برامجها التكوينية والبحثية والعملية أو في ما يتعلق بسن قانونها الأساسي حيث تم الارتقاء بها إلى مؤسسة للتعليم العالي تحت اسم “جامعة باريس للعلوم والآداب”. يعهد لهذه المؤسسة إعداد برنامج علمي وعملي في التكوين لكافة الإدارات المدنية والقضاء والصحة والمهندسين (القناطر والطرق)، فضلا عن تكوين أجهزة المفتشيات (المفتشية العامة للمالية ومفتشية الإدارة الترابية ومفتشية الشؤون الاجتماعية).

والأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الصدد تكمن في التالي: ما مصير الشراكة والحالة هاته ما بين المدرسة الإدارية المغربية ومدرسة الإدارة العمومية الجديدة بفرنسا؟؟ فكرا وكفاءة وممارسة؟؟

من الذي جعل المدرسة العليا للإدارة بالمغرب تنغلق عن نفسها وعن الجامعة والنقاش العمومي في وقت تعرف فيه الإدارة المغربية نقصا حادا في مجال التأطير الإداري والمالي- مركزيا ومحليا؟؟

من الذي جعل المدرسة تتخلف في الساحة الوطنية التي تشهد نقاشا حادا حول مجلس المنافسة والاحتكار وهيكلة القطاع العام والحكامة واستئناف الاقتصادي والاجتماعي بعد جائحة كوفيد-19؟

لماذا لم ينص مرسوم وزارة الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري حول الهيكلة عن إصلاح المدرسة العليا للإدارة بصفتها دعامة أساسية في كل إصلاح وهي التي أصبحت تتبع لهذا القطاع الوزاري؟؟

ما هي العوامل التي جعلت بريقها يخفت وهي المؤسسة التي ساهمت بوسائل متواضعة في تكوين عدة أجيال من الاطر في المغرب خلال الحماية وما بعد الاستقلال؟؟

وكانت إلى حدود أواخر التسعينات من القرن الماضي تسهر على تكوين أكثر من 40 جنسية من الطلبة العرب والأفارقة والمغاربين؟ ومنهم من تولى مسؤوليات حكومية عليا بناء على الشهادات العليا التي حصلوا عليها ضمن السلك العادي أو العالي بها.

ما هو واقع الدبلوماسية والتعاون الدولي والإفريقي لهذه المدرسة؟؟ هل توجد هناك رؤية استراتيجية في هذا الشأن؟؟

وإذا كانت نظيراتها في فرنسا أو كندا على سبيل المثال تتولى إصدار مجلات علمية دائمة ومحكمة فإن المدرسة العليا لا تقوم، في اعتقادنا، بهذه الأعمال الفقهية والبحثية والإشعاعية الكبرى.

هل يرجع جمود المؤسسة إلى طغيان منظومة التفاهة والزبونية الحزبية التي عامة ما تطبع إيلاء المسؤوليات إلى اشخاص لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة؟؟ لا سيما بعد 2011؟؟

من المسؤول إذن عن أزمة المدرسة العليا للإدارة وتعطيل إشعاعها البيداغوجي والعلمي والدبلوماسي في البلاد؟؟

‫تعليقات الزوار

7
  • أستاذ الاجتماعيات
    الأحد 9 غشت 2020 - 21:55

    في المغرب الإدارة ليست في خدمة الوطن و المواطن، و إنما في خدمة المخزن، لذلك فمفهوم الكفاءة هنا نسبي، الدولة تريد كفاءات من النوع الذي يمرر سياسات المخزن و يحقق مصالحه الإقتصادية و السياسية، كفاءات ولائها الأول و الأخير للمخزن في كل الأحوال و كافة الظروف و المحطات، أما الكفاءات التي تخدم إقتصاد وطني يستفيد منه الجميع، أو الكفاءات التي تخدم في إدارة مواطنة لصالح المواطن و التنمية الحقيقية، فهذه النوع من الكفاءات غير مرغوب و مهمش و قد يشكل تهديدا للمخزن و مصالحه و اللوبيات المتواطئة معه.
    و عليه فتكوين الأطر الإدارية هو بدوره نسبي، فهو تكوين في خدمة دولة مخزنية بوليسية و ليس تكوينا لأطر مواطنة تخدم الوطن و مواطنينه.

  • متتبع للشأن العام
    الأحد 9 غشت 2020 - 22:04

    خريجو المدرسة الوطنية للادارة، تم تهميشهم و لا تعطى لهم الفرصة لولوج مناصب المسؤولية.
    الدولة صرفت الملايير لتكوين نخبة إدارية و لكن هذه النخبة تم اقصاؤها من طرف الاحزاب السياسية.
    على الدولة ان تقوم بتتبع مآل خريجي المدرسة و اعطاءهم الفرصة في مباريات ولوج مناصب المسؤولية، و كذلك اعطاءهم الاولوية في تدبير الشأن العام على المستوى الجهوي من خلال المساعدة على خلق جمعيات جهوية تتضمن خريجي المدرسة، من اجل ضمان التواصل معهم.

  • مهتم
    الأحد 9 غشت 2020 - 22:34

    بصراحة قرأت خطأ العنوان. كنت أظنه باي أمر قتل التعليم العمومي وتجبر التعليم الخصوصي. و مربط الفرس الآن. ما الغاية وما وراء هذه الخطة. في حين انت تتكلم عن ENA. اديال فرنسا. و اني ارى ان المهم ان فرنسا هي من تكون من يدبرون لنا حكامة جيدة. مع العلم أنها من أسست بيروقراطية على مقاصها. خصوصا في الدول التابعة. تحياتي

  • محمد
    الأحد 9 غشت 2020 - 22:42

    التهميش شمل الجامعة بصفة عامة وليس المدرسة الوطنية للادارة . والنتيجة واقع اداري مزري . كما ان مركزية المدرسة بفرع وحيد في الرباط لا يحقق لها امكانية تكوين متصرفين لكافة الادارات والجماعات.

  • علي طيان
    الإثنين 10 غشت 2020 - 13:32

    ليس المشكل في كون المدرسة الوطنية للأدارة العمومية لم تعد تخرج أكفاءا لمناصب المسؤولية، ولكن الخريجين الذين هم المتصرفون يناط بهم التسيير والتنشيط والتأطير والتأهيل الخ داخل الإدارة العمومية للرقي بمستوى تقديم الخدمات. ولكن ما وقع هو تهميش المتصرفين عبر إدخال أطر أخرى في نفس مهام المتصرفين فتفرق بذلك دم المتصرفين بين القبائل وحتى لا يطالب أهل القتلى بدم قتلاهم سن برلماننا المبجل قانون 377 أجهز على المكتسبات واستبلد المتصرفين وهم ينظرون فلم يعد لهم إلا ما هو ضمان إتاوة قانونية يؤدونها لأسيادهم وهم صاغرون. والله المستعان

  • Rachida Alaoui
    الإثنين 10 غشت 2020 - 22:38

    المدرسة الادارية في صيغتها الجديدة ولدت من رحم مؤسستين عريقتين وهما المدرسة الوطنية للادارة والمعهد العالي للادارة غير انها ورثت نعم تاريخهما الا انها ورثت فشلهما في تمكين خريجي هذه المؤسسات من تبوئ اعلى المناصب في ادارات الدولة رغم ان اطر هذه المؤسسات تم تكوينهم من اجل تسيير الادارة وتدبيرها في اعلى مستوياتها وولوج المناصب العليا.
    غير ان الواقع يعبر عن عكس ذلك بتهميش خريجي المدرسة وابعادهم عن مناصب المسؤولية خوفا من كفاءتهم ومكانتهم على عكس نظيرتها في فرنسا وغيرها من الدول التي يتمكن فيها خريجو المدارس الادارية من تدبير دواليب الدولة.
    فاذا فشلت المؤسسات الام في تمكين خريجيها فهل تستطيع المدرسة الوليدة ان تتخطى الاشكال ام ستكون مجرد مؤسسة تفرخ كفاءات مهمشة دون ادنى تأثير في الادارة وتكون اموال دافعي الضرائب المصروفة في التكوين في مهب الريح.

  • لطيف
    الأحد 20 شتنبر 2020 - 00:11

    يجب ان ينال خريجو هذه المدرسة الوطنية العليا للادارة اعلى المناصب في البلاد من اجل التقدم واصلاح اعطاب الادارة ولا يجب تهميشهم خوفا من كفاءتهم…

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب