بيروت صورة عواصمنا

بيروت صورة عواصمنا
الجمعة 14 غشت 2020 - 07:43

الحديث عن بيروت الجريحة يعني الحديث عن كل عواصمنا التي يراد لها ألا تهدأ، وألا ترسم صورة متقدمة لأوطانها، لأسباب ذاتية نصنعها بأيدينا، ونمعن في صناعتها، وخارجية يتولاها أعداؤنا الذين يكرهوننا، ويستثمرون في تخلفنا.

بيروت صورة لكل عواصمنا التي تختزل كل آمالنا في النهوض، كما تسكنها كل آلامنا التي لا تنتهي. بيروت، الرباط، الجزائر، تونس، طرابلس، بغداد، القاهرة، دمشق، إنها عواصمنا التي اختارها التاريخ، وغير التاريخ، لتختصر وجودنا، وتدل على صورتنا في العالمين، سميناها بالعواصم، إشارة إلى دورها الذي يجب أن تضطلع به في التعبير عن حضور الدولة عندنا، وحماية مؤسسات البلاد، وعصمتها من الأنواء المختلفة؛ فهي خط الدفاع الأول والأخير، فيها تتركز مصالح البلاد الأساس، ومنها تخرج السياسات الكبرى، وفيها تصنع الاختيارات التي تحدد مصائر المواطنين في الحال والاستقبال، هكذا هي العواصم، وهذه بعض معانيها.

ما حدث لبيروت يدفعنا دفعا إلى التفكير في هذه التي نسميها عواصمنا، مقارنة بما يسميها غيرنا عواصمهم، هؤلاء الذين نزعم اللحاق بهم باستمرار، ثم نفلت هذا اللحاق كل مرة.

بيروت صورة لعواصمنا التي لم نتمكن من جعلها مجمعا حقيقيا لأفكارنا الكبرى، ومشتلا شفافا لسياساتنا العليا، ومضمارا حيا لنقاشاتنا الرفيعة، وميدانا تجريبيا لاختياراتنا، ورهاناتنا الأساس.

بيروت هي كل عواصمنا التي توحي لك بكل شيء، دون أن تقدم لك شيئا واضحا يشفي الغليل، تحوي كل أطيافنا، ولا تكاد تحوي شيئا، تتحدث لغة السياسة والإدارة والاقتصاد، بمنطق غارق في بيروقراطية غير مفهومة، تأتي إليها مزهوا منبهرا في أول النهار، وترجع منها متعبا لا تلوي على شيء مساء.

بيروت صورة لعواصمنا المعاقة، التي عجزت أن تكون عواصم باقتدار، تتكلم مفردات الحداثة، وتفشل مكوناتها في تدبير أبسط الخلافات، فتتعطل المصالح العليا للبلد، بدل أن تجد طريقها إلى التنفيذ، ويمضي الزمن وتتقدم الأمم تباعا، تقودها عواصمها الكبيرة والرائدة، بإراداتها الواضحة، وحرصها المتجدد، باريس، لندن، برلين، مدريد، وتظل الكثير من عواصمنا كما هي، تتحدث نفس الرتابة، وتتكلم نفس السياسة، وتعاني نفس الكوابح كل عام، معظمها منشغل بحماية مصالح الذوات، وتدبير حدود الغنائم والمغانم، ومقايضة التوجهات والآراء بالمنافع القريبة، وتسييج الامتيازات، باستعمال واستغلال المؤسسات، لذلك نتأخر ولا نتقدم، وتتحول الكثير من عواصمنا إلى ميادين للاحتجاج المزمن على غياب الضروريات، وما به تستمر الحياة.

مصاب عاصمتنا بيروت مناسبة للتفكير في كل عواصمنا التي نسوس بها مصالح الوطن، وندبر بها خلافاتنا ومرجعياتنا واختلافاتنا الكبيرة والصغيرة، ونؤسس بها تعاقداتنا في الداخل والخارج، ونمثل بها بلادنا في العالمين. إنها قاطرة البلد، أو هكذا يجب أن تكون، فإذا كان العلم الوطني يختزل سيادة البلد الترابية، فإن العاصمة تختزل وتحمي وتعبر عن مضمون تلك السيادة.

من حقنا جميعا أن نعرف المسؤول عن تفجير بيروتنا، وأن نكشف المستفيد من هذا الفعل الشنيع والقذر؛ ولكن من حقنا أيضا أن تكون لنا عواصم تليق بأمجادنا، وطموحاتنا، وإرادات المخلصين منا، وما أكثرهم في بلادنا العريضة.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب