فصل المقال فيما بين حكومتي اليوسفي وبن كيران من اتصال

فصل المقال فيما بين حكومتي اليوسفي وبن كيران من اتصال
السبت 14 أبريل 2012 - 00:13

التاريخ الحقيقي يخلف عُقداًبول فاليري

يبدو الزمن المغربي كما لو أنه يعشق تكرار نفسه إلى حد الغرابة، فهو لا يتخذ بعدا خطيا تْرَانْسَنْدَنْتَاليا (متعاليا)، إذ أن نقطة الانطلاق فيه تَحن دوماً إلى المركز الأول.. نقطة البدء، فتعود إليها بشكل نكوصي فيما يشبه الزمن الدائري، وقد استغرقني التأمل في أشكال التلاقي والتماثل بين الأحداث الذي يصل حد التطابق بين حكومة التناوب الأولى والثانية، أي بين الوقائع التي صاحبت ميلاد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وتلك التي رافقت مسار حكومة عبد الإله بن كيران التي بالكاد تتم مائة يوم من عمرها… كما لو أن التاريخ المغربي يُعيد نفسه، لكن لست أدري هل بشكل تراجيدي أم بصيغة كوميدية!

حين تم تنصيب حكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي في 14 مارس 1998، ارتفع سقف تخوف رجال الأعمال، وبرغم سعي حكومة التناوب التوافقي إلى طمأنة المستثمرين ورجال الأعمال، فإن فزاعة “الاشتراكية” و”الانقلابية” ظلت عملة صالحة للتشويش على الحقل السياسي، وهو ما تكرر مع فوز الإسلاميين بنسبة غير متوقعة في استحقاقات 25 نونبر 2011، وأجبر عبد الإله بن كيران على تقديم تطمينات إلى الباطرونا لحفظ مصالحهم مقابل عدم عرقلة التجربة الحكومية الفتية!

مع إعلان تشكيلة حكومة عبد الرحمان اليوسفي، انطلقت الاحتجاجات في كل مكان، احتل المعطلون فضاء شارع محمد الخامس قبالة قبة البرلمان لأيام وليال، نصبوا الخيام واعتصموا لشهور في الشارع الرئيسي بالعاصمة، وارتفع سقف المطالب الاجتماعية بشكل غير مسبوق، حتى بدأ البعض يقرأ الأمر بخلفيات غير بريئة، لأن المغرب لم يعهد مثل هذا الزخم في صبيب الاحتجاج.. الأمر ذاته تكرر مع تشكيل الحكومة الملتحية، انفجرت بؤر التوتر في تازة، بني بوعياش، سيدي إيفني وسلا… ازداد الضغط الاجتماعي واتسعت دائرة المطالب، وهو ما دفع بن كيران رئيس الحكومة إلى اعتبار بعض الانفجارات التي وقعت هنا وهناك تدعو إلى طرح التساؤل حول ميقاتها!

الطبيعة بدورها لم تكن رحيمة بحكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي كما بحكومة بن كيران، لقد عصف الجفاف بالكثير من الأماني الطيبة للحكومتين زاد من حدته ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية وارتفع سقف الضغط على صندوق المقاصة، الذي أصبح الكل يطالب بإعادة النظر في وظائفه.

مع حجم الأماني التي علقها المواطنون على حكومة اليوسفي، بدأت أولى مشاريع عقلنة التدبير الحكومي وتوازن السلط ومحاولة سن قوانين حسن التدبير، لكن الحيلة أعيت شيخ الاشتراكيين المغاربة أمام قوة “مسامير المائدة”، فأخذ اليوسفي يتحدث عن استحالة مطاردة الساحرات، وهو نفسه ما ردده عبد الإله بن كيران.. يتجاوز الأمر بُعد إرسال الإشارات إلى استخلاص نواة أساسية ترتبط بالاعتراف الصريح بصعوبة التغيير، إنه إقرار يصل حد اليأس، وإذا كان أقصى تنفيس عن هذا اليأس أو العجز هو ما عبر عنه اليوسفي في خطابه ببروكسيل، فإننا قد ننتظر بين الفينة والأخرى خطاباً مماثلا من بن كيران، إلا إذا حدثت المعجزة على اعتبار اختلاف السياق الذي أنجب الحكومتين.

في 2001 كان كل من سعد الدين العثماني وزير الخارجية ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات ضمن الحشد المتظاهر باسم الحزب المعارض.. العدالة والتنمية، أمام فندق حياة ريجنسي بالدار البيضاء احتجاجا على استضافة حكومة عبد الرحمان اليوسفي لوفد إسرائيلي ضمن الأممية الاشتراكية، وكانت جريدة “التجديد” قد أجرت استجواباً مع مصطفى الرميد الذي استنكر وجود إسرائيليين بالمغرب مما جاء فيه: “أتساءل، على سبيل الافتراض لا غير، هل يمكننا نحن في حزب العدالة والتنمية أن ننخرط في أممية إسلامية، ونستدعي أي جهة، حتى ولو كان الأمر يتعلق بأسامة بن لادن، الواقع أن الوزير الأول يتحمل مسؤولية وجود الصهاينة في بلادنا”..

الرميد لم يكن يعتقد أن الزمن المغربي يدور، حيث وجد نفسه عضواً في حكومة تستضيف إسرائيليين ضمن اتحاد برلمانيي المتوسط، حيث اصطف السفياني ومناضلون من حزب العدالة والتنمية ضد استضافة الحكومة الملتحية لوفد إسرائيلي، إنه مكر الزمن المغربي!

بعد انطلاق حكومة اليوسفي، أجرت يومية “الشرق الأوسط” استجواباً مع المستشار الملكي أندري أزولاي، كان حكمه قاسياً على وزراء حكومة التناوب التوافقي، الذي اعتبرهالاشتراكيين فاشلين اقتصاديا، وهو ما دفع بجريدة “الاتحاد الاشتراكي” إلى الهجوم على أندريه أزولاي تحت بنط عريض، يؤكد أن على مستشاري الملك الالتزام بواجب التحفظ، فالحكومة هي المسؤولة عن تدبير الشأن العام وهي التي ستحاسب أمام الشعب، إنه ذات الموقف الذي وجدت حكومة بن كيران نفسها فيه، مع ما أعلنه عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب في نهاية مارس الماضي، حين أكد أن حكومة عبد الإله بن كيران تشتغل لوحدها كأنها في جزيرة معزولة، وأوضح في ندوة نظمها بالرباط استحالة الرفع من مخصصات صندوق المقاصة أو الرفع من أجور الموظفين وحذر من العودة إلى التقويم الهيكلي…

خرجة عبد اللطيف الجواهري لم تمر دون أثر، فقد عبر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إدريس الأزمي عن غضبه من تصريحات والي بنك المغرب الذي أكد أن مهمته هي السياسة النقدية والعمليات البنكية مذكراً إياه بأن الحكومة هي التي تقدم الحساب أمام المنتخبين وهي التي يحاسبها الشعب.

هل نزيد.. ما أشبه اليوم بالبارحة!

‫تعليقات الزوار

8
  • موحى بيا
    السبت 14 أبريل 2012 - 04:01

    قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل(( …. يا عبادي إنما هي أعمالكم ‏ ‏أحصيها لكم ثم ‏ ‏أوفيكم إياها فمن وجد
    دخيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.))
    ويقول الحق تبارك وتعالى:((قل لاأملك لنفسي ضرا ولانفعا إلأ ماشاء الله لكل أمة أجل إذا جاء اجلهم فلايستا خرون ساعة ولايستقدمون..))

  • شبه
    السبت 14 أبريل 2012 - 10:32

    ما أشبه اليوم بالبارحة

    ما أشبه اليوم بالبارحة

  • صالح المجدي
    السبت 14 أبريل 2012 - 11:20

    الأخ عبد العزيز كوكاس : نعم هذه مقارنة بين حكومتي اليوسفي وبنكيران .ولكن لاتنس أن هناك عوامل مختلفة لم تذكرها .أذكر بعضها :
    1- هذه الحكومة جاءت بعد انتخابات نزيهة أي أنها لم تكن حكومة تناوب بل فرضها الربيع العربي وليس الأمر كذلك بالنسبة لحكومة اليوسفي التي جاءت للتناوب .
    2- حكومة العدالة والتنمية حكومة صلاحيات بعد دستور صوت عليه أغلب المغاربة وشتان ما بين رئيس الوزراء ورئيس الحكومة .
    3- وزراء العدالة والتنمية جاؤوا من رحم حركة التوحيد والاصلاح وهمهم ليس هو السلطة في حد ذاتها بل همهم هو إصلاح المجتمع المغربي وتطهيره من الفسا والاستبداد .
    4- الظروف التي جاءت فيها حكومة بن كيران ظروف خاصة يصدق عليها المثل الذي يقول " آخر الدواء الكي "

  • الواضح
    السبت 14 أبريل 2012 - 11:22

    ان التشابه بين حكومة عبد الرحمان اليوسفي و حكومة بنكيران بالنسبة للمواطنين هو غير الدي ترونه انتم السياسيين و الصحافيين,انتم لا ترون الحقيقة,بل تتعاملون مع الحكومات انطلاقا من السياسة التي تجعل الناس لا يفهمون حتى عما تتحدثون, المواطن ينطلق من الواقع اما انتم فتنطلقون من قانون سياسي غير مكتوب انما هو تعاقد ضمني بينكم و بين السياسيين, اما التشابه فهاهو:حكومة عبد الرحمان اليوسفي غيرت تاريخ التوصل بالاجور الى نهاية الشهر عوض اياما قبله, حكومة عبد اله بن كيران,تريد الاقتطاع من اجور الموظفين المضربين و مناقشة قانون الاضراب قبل ان تتطرق للاولويات الكبيرة التي يتطلبها الاصلاح الحقيقي لصالح العديد من الاجراء, ادن كلكم كدابون و لا تستطيعون تغيير ابسط شيء في الدولة,فقط تتحكمون في الموظفين الصغار و الدين لا حول لهم و لا قوة ليتحدوكم و لو كانت اجراءاتكم قانونية كما يفعل الكبار و لا تحركون ساكنا, بالدارجة, نتما كلكم صد الشعب, ادا كمنم فعلا رجال, فغيروا ما يجري هناك فوق كما كنتم تصرحون, والله لا قدرت, تحتقرون المواطنين الصغار و الكوظفين , انكم تتحكمون فينا بلا حق, هده سياسة القوي,

  • زين العابدن الوجدي
    السبت 14 أبريل 2012 - 15:23

    أخي كوكاس وضعت في ذهنك فشل هذه التجربة كما فشلت تجربة الاتحاديين ، ثم أخذت تبحث عن ما يبرر أطروحتك . و لن تعدم مبررات لذلك ، كما أن الناضر بايجابية لهذه التجرية لن يعدم مؤشرات الاختلاف مع التجربة الأولى .
    فمختلف الوزراء يشتغلون بأريحية كبيرة دون ضغط من أحد غير اكراهات الواقع ، فقارن على سبيل المثال بين ما قام به العربي المساري في الحكومة الأولى وبين مصطفى الخلفي ، الأول استقال لأنه لم يسمح له بالاشتغل أما الثاني فليس فقط يشتغل و انما بصدد احداث ثورة اعلامية ( على حد تعبير أحمد عصيد ، الناشط الامازيغي ) .
    خذ كذلك الشفافية المفقودة في حكومة اليوسفي و كيف أصبح الحق في الوصول الى المعلومة ديدن وزراء عبد الآه بن كيران . ألم تكشف لوائح المستفيدين من الكريمات – في انتظار المزيد- و الجرائد والجمعيات المستفيدة من دعم الدولة ، أليست هذه خطوة أولى نحو حكامة جيدة لطالما ناديتم بها .
    هل نزيد……

  • مصطفى بن عبد السلام
    السبت 14 أبريل 2012 - 18:38

    التنفيس الذي تنتظره السيد كوكاس,قد تم في الكواليس ,الآن انتظر 5سنوات التي من المحتمل ان تمر صفراء فاقع لونها لا تسر المنتظرين …
    السيد جواهري رجل سياسة نقدية وانتقاد ولم لا اسي الازمي ..

  • محمد بالعربي
    السبت 14 أبريل 2012 - 19:23

    ايها الغامض صاحب التعليق4 وليس الواضح كما تدعي من تكون اولا وثانيا انك تعرف اننا نعرف انك تكذب وتعرف كذلك اننا نعرف انك مفسد كيف تريد ان تاخذ اجرة وانت لاتعمل؟ اتحب الحرام؟
    اما الاستاذ المفكر لمصلحته الشخصية عبد العزيز كوكاس اقول له اتق الله في شهاداتك فان هذه الشهادات تنقص من قيمتك والتعليق3 قد صحح لك بعض الامور

  • TAS
    الأحد 15 أبريل 2012 - 00:03

    La difference qui a emtre les 2 est que le gouvernement de M. Benkirane est compose d'une equipe honnete et ligitime et le gouvernement de M. Youssefi etait compose d'arrivistes et de comidiens (alioua, Lahlimi, FAthallah, Achaari, Malki, chekrouni et autres) ghir houma comme disent les marocains

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات