يعتبر المرفق العمومي العمود الفقري لمجالات تدبير الحياة اليومية للمواطنين سواء أتعلق الأمر بأمور اقتصادية أو اجتماعية، مما يمكن أن نفهم من خلاله بأن سبب نشأة هذه الوحدات التدبيرية يتجلى بالأساس في الاستجابة لمطالب المرتفقين بشكل يحترم فيه مبدأ استمرارية الخدمة العمومية.
إن جسامة المهام الموكولة للمرفق العمومي، دفعت مجموعة من الباحثين الاستراتيجيين إلى ايلاء عناية خاصة إلى مجال تطوير المهارات النظرية التطبيقية البشرية واللوجستية، لا لشيء إلا من أجل الرقي بمستوى الخدمات والتي إذا ما تم تجويدها ستنعكس وبصفة مباشرة على نمط عيش المواطنين.
تعتبر آلية تحسين إمكانيات سياسة التدبير القطاعي، من بين أهم الوسائل الحديثة التي نهجتها مجموعة من الأنظمة المتقدمة كأوربا الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بهدف تطوير الأداء اليومي لمرافقها الإدارية، ومن هنا يتبين لنا بأن المغزى الحقيقي من الاعتماد على مثل هذه المكنات التدبيرية المرتكزة على ركيزتين أساسيتين واللتان تتجليان في كل من سياسة القرب والتدبير المعتمد على النتائج، يمكن تفسيره بالتقدم الحاصل في الميدان الخدماتي بالدول السابق ذكرها بحيث أن الدولة تقوم بعملية تفكيك لمجموعة الأنشطة المتضمنة بداخلها بهدف تثبيت مبدأ التخصص المجالي، الأمر الذي أفسح المجال أمام صناع القرار الإداري من القيام بمجموعة الإصلاحات المبنية على النتائج فيما يخص كل مكون من مكونات الوحدة الإدارية، بحيث أننا نجد في نفس الكل وحداة متخصصة تهدف كلها مجتمعة إلى تحقيق المصلحة العامة.
إن اعتماد الدول المتقدمة في سياساتها المتعلقة بالتدبير الإداري على نمط الأقطاب القطاعية، مكنها من حصد مجموعة من النتائج الايجابية والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
تحقيقها لمبادئ الحكامة الإدارية، والمتجلية في كل من مبادئ المساءلة والتخصص والاستمرارية;
إحداث وحدات إدارية متخصصة تبين للمرتفق ومنذ أول وهلة , المكان الذي سيقصده من أجل الحصول على خدمته ;
القضاء على الروتين والبطيء الإداريين;
استعمال الوسائل المعلوماتية الإعلامية والتواصلية الحديثة , مما ينعكس إيجابا على سرعة الاستجابة لمطالب المرتفقين وجودتها;
إعمال مبادئ التدبير الاستراتيجي الخاص بالمرفق العمومي وبالضبط في الأقطاب الاقتصادية والاجتماعية التابعة له, مما سيسمح بتطبيق التدبير المبني على النتائج مما يمكن القائمين على القطاع من القيام بعملية التقييم , لا لشيء إلا من أجل تتبع مدى صواب السياسات المعتمدة في تسيير المرفق من خطئها;
السماح بإحداث أقطاب نموذجية تقتضي بها مثيلاتها على المستويين المركزي والجهوي، مما سيسمح للفاعلين والباحثين الأكاديميين من القيام بأبحاث ميدانية ستعود بالنفع على ابتكار مناهج تدبيرية جديدة , الشيء الذي يمكن تفسيره بأن تطبيق نهج التدبير التشاركي للمرفق العمومي مطلب لا محيد عنه;
إعمال مبدأ التناوب فيما يخص التداول على المسؤوليات الإدارية, لا لشيء إلا لأن العمل بمنهج التدبير المبني على النتائج يقتضي العمل بمنهج المشروع , وبالتالي فبانتهاء المشروع تنتهي مهمة المسؤول عنه لا لشيء إلا لأنه مكلف بتحقيق نتيجة ..
إن مغرب هذه الألفية وأسوة بالبلدان المتقدمة في مجال التدبير العمومي بطريقة قطبية ذات فعالية ومفعولية , مطالب من أي وقت مضى بالمضي قدما في إدخال إصلاحات جدرية على نمط تدبيره المرفقي لا لشيء إلا لأن التجربة الميدانية أبانت عن وجود مجموعة من الشوائب المباشرة وغير المباشرة التي تعيق التطبيق السليم لمسلسل القطبية المرفقية بشكل يضمن تحقيق النتائج المرجوة من وراء إنشاء القطاع.
لقد جاء دستور 2011 لإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح بمختلف أبعاده الاقتصادية الاجتماعية والسياسية، وبالتالي فالكل مطالب بتوفير الظروف الملائمة البشرية المادية واللوجستية بهدف ضمان تنزيل صحيح للدستور.
يجب ايلاء العناية بالمرافق العمومية حتى تتتحقق مبادئ الحكامة الإدارية