العربية والممنوعات

العربية والممنوعات
الخميس 24 ماي 2012 - 14:38

1

الممنوع محظور علي وعليك بنص الشرع أو القانون أو العرف . أعرف وتعرف ذلك منذ الولادة، وربما قبل مجيئك إلى الدنيا بأهلية تامة، ربما بالفطرة تدرك بعض الممنوعات ، وبالتربية والتدريب تنمي ما أدركت وما لم تدرك.

سلوك الكائن الحي مرتبط بهذا المنع، فبقدر استطاعتك الكبرى التغلب على شهواتك ” الدنيئة” ” “المنحطة” ، ستكون الكائن المستقيم المرضي عنك من طرف الكل.
الشيطان يؤثر على ذاتك ” المريضة” فتخلق الفوضى ولذا وجب تنبيهك بالقول والفعل والكتابة. ما هي لغة المكتوب التي تشير إلى الممنوعات في عصرنا الحالي ، وفي شوارعنا العامة بالتحديد؟
2
نقرأ أحيانا إعلانات مصحوبة بإشارات، أو بعلامات للمنع متعارف عليها دوليا. كالعلامات الخاصة بتنظيم السير بالنسبة للسيارات مثلا. علامة قف بالحرف العربي وباللاتيني. ممنوع التدخين نقرأها بالعربية أو الفرنسية أو الأنجليزية. Défense de fumer ، No smoking. اختيار الحرف واللغة يخضع للمكان وأهله. في المقاهي الشعبية تكتب عبارات المنع بالعربية، وفي المقاهي الراقية تكتب بلغة موليير وشيكسبير. وقد نرفق ذلك بعلامات بالنسبة للذين لا يقرأون الحروف مهما كانت لغتها.
3
لمن نتوجه بالممنوعات كتابيا؟ نحن نتوجه بها حتما لمن يحسن القراءة أو يعرف فك الحروف على الأقل. لغة الممنوع stop تتجه للذهن والفكر من أجل الفعل أو تجنب الفعل. فإذا كان الأمر عند الأصوليين هو: اللفظ الذي يدل على طلب امتثال الفعل، سواء أكان بصيغة جازمة ؛ أم كان بصيغة غير جازمة، فإن تهريفه عند البلاغيين هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء من الأعلى إلى الأدنى على سبيل التكليف والإلزام بصيغ مختلفة كفعل الأمر، أو المصدر النائب عن فعل الأمر، أو المضارع مع لام الأمر أو اسم فعل الأمر.

أما النهي عند الأصوليين فهو ” القول الطالب لترك الفعل” سواء أكان ذلك بصيغة جازمة، أم كان بصيغة غير جازمة . ويعرف في علم البلاغة بكونه طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام. وفي كل تعريف نلاحظ ها التوجه من مخاطِب إلى مستقبل للخطاب من أجل الفعل أو الامتناع. ومن ثم فالمنع القانوني هو الكف عن إزعاج الجماعة من أجل سلامة الكل.

يتوجه النهي إذن للتنبيه على ارتكاب مخالفة تدخل في الإخلال بشيء ما قد يمس الجانب الأخلاقي أو الاجتماعي أو الأمني المتعلق بالآخر. نحن لا نهتم في خطابنا مع هذا الآخر بالجنس أو اللون، ولكننا نعير اهتماما بالغا للغته التي سنخاطبه بها ليفهمنا أكثر، وسنستعمل لغة أقرب للغته الأم، أو ما سيعرف بلغة رغبة الأم وهو اللفظ الصحيح من زاوية التحليل النفسي.
4
“ممنوع رمي الأزبال”، عبارة نقرأها على بقايا جدار أو على جدار هو في طور الإنشاء. تكتب بخط غليظ وبكتابة رديئة غالبا. ولكنك حين تبحث عن مكان ” شرعي ” لوضع نفاياتك ولا تجده فستكون هذه العبارة الدالة على المنع هي نفسها الدالة على الأمر ، وهذا المكان الملوث من طرف واحد سيتحول بالتالي إلى مكان للتلويث الجماعي ، لأنه مكان شبه مستور أو منزوٍ قليلا عن أنظار العامة:

“ممنوع البول”، عبارة نجدها في الكثير من شوارعنا ، في الأحياء الشعبية خاصة . نقرأها بالعربية الفصحى والأقل فصاحة. نادرا ما نجدها بلغة أخرى غير العربية. فهل معنى ذلك أن توجهنا بالخطاب هو لفاعل ينتمي للحقل العربي لغويا وفكريا وعلى مستوى الهوية أيضا؟

وكأنما قراء الحرف العربي هم وحدهم من يلوثون المكان بهذا السائل المزعج ، هم لا يجدون مرحاضا عموميا ولن يجدوه ولذلك علي أن أحذرهم من ناحية، وأرشدهم من ناحية أخرى إلى المنع وضده.اتركوا متاعكم بداخلكم من فضلكم إلى أن تخرجوا للخلاء الذي له أيضا آدابه لدى فقهائنا القدامى الذين كانوا يخوضون في كل شيء بلا حرج.

على بعض الحيطان نقرأ : ممنوع البول يا حمار، نقرأ يضا : ممنوع البول ومن حصل فإنه سيأدي ( هكذا كتبت ) ، نقرأ أحيانا ممنوع البول : اذهب بعيدا، وأيضا احترم تحترم.

لعل المثير هنا دون أن ندخل في تحليل سوسيولوجي أو نفساني دقيق ، فذلك ليس مقصدنا هنا، المثير في منع البول في الشارع العام هو لغة المكتوب: العربية. حبيبتنا المقدسة. لغة الشعر والأدب ونشرات الأخبار الرسمية ولغة الجرائد الأكثر انتشارا إلكترونيا وورقيا، العربية تتسع لكل شيء ، فهل سنكتب بها كل شيء ؟ ونحن نتساءل فقط: لِمَ نكتب ونتعمد أن نربط بين هذا النوع من المنوعات وبين اللغة العربية الفصحى رغم أننا الآن نكتب أغلب اللوحات الإشهارية التجارية بالدارجة؟ هل معنى ذلك أننا لن نحاسِب من لا يقرأ الحرف العربي إذا قام بهذا الفعل ” الشنيع” ما دمنا قد كتبناه بلغة يجهل حروفها؟

عن العلاقة بين الكلام ومن ثَم الكتابة يقول الدكتور مصطفى صفوان: ” غيرية الصوت الذي يعلن الحكمة الأخلاقية هو على شاكلة صوت دالّ اللاوعي، حيث يثبت أن الذات تفرض سماع رسالتها من مكان آخر ( كبير) إلى موقع اللغة ّ ( مصطفى صفوان، الكلام أو الموت، ترجمة مصطفى حجازي، مركز دراسات الوحدة العربية، 2008، ص: 95)
الآخر الكبير Grand A حسب جاك لاكان ، هو هذا الرمزي الذي أخاطبه فيك وفي ، ولكن لنفترض فقط أننا أكثرنا من المراحيض في كل مكان ونظمنا مدننا ، وأكثرنا من مواضع وضع القمامات ، فهل سيكون لهذا المكتوب مشروعية ، في كتابة تدل على المنع بالعربية خاصة؟

نشير فقط إلى أن اللغة العربية هي لغة قائمة بذاتها في كل شيء، ومن هنا على أهلها مناط التكلبف إذا أرادوا رد الاعتبار لذواتهم المهزوزة بازدواجية مهزوزة هي أيضا نطقا وكتابة.
[email protected]

‫تعليقات الزوار

10
  • akhsassi
    الخميس 24 ماي 2012 - 18:04

    مهما فعلتم فلن نكون الا كما خلقنا الله امازيغ طبعان

  • souss
    الخميس 24 ماي 2012 - 19:56

    إن كُنْت تعتز بلغتك فهذا من حقك.لاكن تذكر أننا نحن الأمازيغ لذينا كذالك لغة أُمِّنا وليس من حَقِّ العرب فرض لغتهم علينا وفي قَعر دَارِنا. ماذا تريدون من هذه اللغة ؟ أن تجعلوا منها وَصْفة عِلاج يَفْطُر بها على الرِّيقْ المغاربة؟ هي موجودة منذ 1400 سنة ومرسمة وإجبارية فمازالت ككل اللغات الأجنبية لا يعرفها المغاربة ولا يتحدثون بها وهناك 10 ملايين من الأمازيغ الذين ولو ظهرهم لجريمة التعريب لا يعرفون كلمات تفوق عدد الأصابيع من هذه اللغة الدخيلة.هذا مرة أخرى تكالب على لغة المغاربة الأصلية لأمازيغية.أتريدون أن تُعَرِّبوننا بالقوة و الدافونية؟ كم مغربي يعرف العربية وكم من هم لا يعرفها بثاثا. معتاد من القوميين العربان أعداء الشعب الأمازيغي.هم يخافون على عَرَبيتهم لأنهم يذركون جيدا أنها لغة مفروضة على من ليس عربي وعلى حساب لغة أمه بقوة المؤسسات وقوة البوليس في بلاد الأمازيغ. .لم تفتهم الفرصة لذكر أن العربية مقدسة .حتى البقرة مقدسة عند الهنود وماهو الفرق؟ هذا أكبر تظليل وأستهزاء بذكاء الناس يلتجأ إليه العرقيون العربان الإسلاماويين.

  • نسيم نزيه
    الجمعة 25 ماي 2012 - 01:20

    ممتاز هذا الموضوع العربي المُمَنْوَع بلغة مراحيض من الدرجة الرفيعة

    واصل سيد احمد العمراوي فنحن نشتاق لهاته النصوص الفواحة بعطر النزاهة

  • Voice of Morocco
    الجمعة 25 ماي 2012 - 13:22

    رغم كل محاولات الطمس الثي تتعرض لها اللغة العربية، سواء في وسائل الإعلام حيث هناك تيار في صدد تدريج كل شيء بدأ من الصحافة المرئية والسمعية إلى الصحافة المكتوبة، أو من قبل بعض الأماسيخ المرضى الذين ينسبون أنفسهم إلى الأمازيغ الأحرار الذين يشهد لهم التاريخ أنهم أول من خدم اللغة العربية في المغرب!.
    إن اللغة العربية لها وزنها في العالم فهي تحتل مراتب متقدمة في العالم و معترف بها في عموم الدول والهيآت و المنظمات العالمية…إد يتم تدريسها في معظم الجامعات العالمية لعلمهم أن اللغة العربية تصلح لأي زمان و مكان… و هي لغة العلوم والآذاب والفنون والإقتصاد والسياسة…
    دعوا عنكم العواطف الإندفاعية وتجردوا من كل الإنتماأت فاللغة العربية تجمعنا أينما كنا في هذا العالم…! عاشت اللغة العربية شامخة رغم الداء والأعداء…!

  • رمضان مصباح
    الجمعة 25 ماي 2012 - 17:13

    أهلا وسهلا الشاعر الصديق أحمد العمراوي

    نثرك شعرك ؛تنتبه الى أمور نمر بها يوميا لكننا لانهتم بها ؛ولا ننطقها ولانفجر دلالاتها . انها رسائل ,منا والينا ؛تكشف عن هذا "النحن" بكل زلاته الفاضحة.
    تصور لو حققت رغبة أحد المعلقين(رقم2) وكتبت نيابة عن البلدية:
    "آورتبشش" لاتهمك بمعاداة شعب تامزغا واعتباره بوالا ليس الا.
    هذا "النحن" لا نقترب من فهمه الا حينما يخطئ أو يزل لسانه.
    تحيتي ؛ وما أروع قولك "نولد بأهلية تامة" فهل من قارئ؟

  • alaoui
    الجمعة 25 ماي 2012 - 23:32

    est ce que ce monsieur a parlé de amazigh? il a juste fait de défendre gentiment, notre langue, nous marocains ARABES. Alors allez jouer ailleurs. Merci ssi amraoui. .

  • alaoui
    الجمعة 25 ماي 2012 - 23:36

    ainsi donc l'arabe est une langue morte! allez vous instruire: c'est une langue en expansion grace à son peuple et à l'Islam. les rabes ne haissent personne c'est pour ca que leur langue évolue. Vous les berberistes/amazighstes et les les bons amazigh, al hassad va vous tuer. lachez vous un peu. .

  • مغربي
    السبت 26 ماي 2012 - 03:09

    رغم أن المقال لم يذكر كلمة أمازيغ إلا أن بعض مرضى النفوس من المتأمزغة سيهاجمون صاحب المقال بكل ما أوتوا من وقاحة و نذالة. و لهذا سنكتب :"ممنوع أن تكتبوا تعليقاتكم هنا يا …. و شكرا".

  • محمد
    السبت 26 ماي 2012 - 06:02

    الأمازيغية الامازيغية..الامازيغية………….أين هي هذه "اللغة"…..دلونا عليها..اعطونا مؤلفات لها جرائد مجلات……..فقط جعجعة بدون طحين…..لماذا لا تكتبون بها…….الامازيغية امام العربية مثل الضفدع امام ثور…….أعتقد انكم تعرفون حكاية الضفدع الذي كان بالوادي و لما جاء الثور ليشرب خرج إليه الضفدع من الماء ينفخ و جنتيه ليظهر له أنه قوي مثل الثور..و ظل الضفدع ينق نقيق الضفادع…..و لم يسمعه الثور..هذا الاخير عندما هم بالمغادرة..رفس الضفدع برجله دون ان يشعر……..و من هنا صار المثل العربي "نقيق ضفادع………..

  • Arabia
    السبت 26 ماي 2012 - 18:07

    اللغة العربية حاضرة و بقوة في بلاد المغرب، فليس هنالك من مغربي الا و يفهمها، و من اراد زرع الفتنة بيننا فلن يلوم الا نفسه. و الامازيغ اخواننا ان كانوا مسلمين. فلا تهمنا اللغة ما داموا اخواننا في الدين، و لم يمنع العرب الامازيغ من الحديث بلغتهم، و لو ارادوا ان يفعلوا ذلك لما بقيت الى هذا العصر. فكلنا مغاربة و ديننا واحد، و ان اردتم ان تتكلموا بالفرنسية او البرطقيزية فلا يهمنا. جاء العرب الى هذه البلاد لنشر الاسلام و ليس العربية. فكل له لغته التي فتق الله تعالى بها لسانه. انشر من فضلك

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء