ضربة جزاء البعد الإفريقي في الدستور

ضربة جزاء البعد الإفريقي في الدستور
الجمعة 1 يونيو 2012 - 16:07

عمق بلادنا الإفريقي كما ورد في الدستور فيما يخص التنوع الحضاري والثقافي والفكري لبلادنا ، الذي يشمل الأمازيغ والحسانيين والأندلسيين إلخ… هذا العمق أصبح يفرض علينا الكثير من الجهد لبلورة أحد المكونات الدستورية على أرض الواقع، من خلال ما راكمته بلادنا من تجارب تاريخية، كانت فيها مؤثرة في المسار الإفريقي بدءا من نشر الدعوة الإسلامية، إلى تقوية المعطيات الاقتصادية لإفريقيا من خلال حركة الرواج التجاري التي حركتها بلادنا في فترات متتالية نحو العديد من الدول الإفريقية، إلى نقل التجارب الناجحة في مجالات مختلفة، إضافة لفتحها لمدارسها ولكلياتها ومعاهدها المدنية والعسكرية ، لأفواج مهمة من الطلبة الأفارقة في إطار الإسهام في تكوين المؤهلات البشرية للعديد من دول إفريقيا الصديقة.

وحينما نتحدث عن التفعيل الميداني لأحد مجالات الدستور فليس من باب المزايدات الشعبوية، وإنما من باب الإنصاف لشريحة مهمة تكون الشعب المغربي الموحد الهوية والعقيدة، شريحة نعتت في أحيان كثيرة بأوصاف قدحية فيها الكثير مما يمكن التعبير عنه بالميز غير المقبول لمغاربة ذووا امتدادات متعددة من ضمنها الامتداد الإفريقي وسجلنا في فترة قيام صوت على ما أذكر من مدينة الراشيدية ليؤسس إطارا لحقوق ذووي الجذور الإفريقية وما أكثرهم، وإذا كانت الكاتبة المقتدرة سناء العاجي قد أشارت في إحدى كتاباتها إلى هذا الميز الذي قد سيكننا تلقائيا في لا شعورنا، اتجاه الجاليات الإفريقية الموجودة فوق تراب وطننا من خلال تعامل يضع مسافة بيننا وبين إفريقيا التي ننتمي إليها جغرافيا وحضاريا.

فإنني اعتقد جازما أن واقع المغاربة السود إذا جاز التعبير واقع فيه الكثير من الحيف في مظاهر متعددة فيها ما هو اجتماعي، وقبلي، لازال سائدا في بعض أجزاء وطننا العزيز، وفيها ما هو مؤشر سياسي يجب أن يعاد فيه النظر بصورة جذرية وهيكلية، حيث يمكننا أن نقوم بإحصاء لمراكز المسؤوليات في مراتب معينة لنكشف الغياب الكلي لشريحة من الشعب المغربي، ويكفي أن نتأمل قنواتنا التلفزية، لندرك جزءا دالا من هذا الغياب سواء على مستوى مقدمي نشرات الأخبار أو منشطي البرامج سواء ذات البعد الثقافي أو السياسي أو الفني، وهو نفس ما يمكن أن ينطبق على الحكومات المتعاقبة، والسفراء، ومسؤوليات أخرى، ولعلنا يمكننا تسجيل استثناءات محدودة جدا فيما يمكن أن نسميه مسؤوليات الصف الثالث وما دونه، وهي الملاحظة ذاتها التي يمكن تسجيلها بالنسبة للعديد من القيادات الحزبية ببلادنا.

شخصيا مؤمن أن تنزيل الدستور لا يمكن أن نقبل فيه بالانتقائية، كما لا يمكن أن نجعل منه وسيلة من وسائل الموقع لفئة على حساب فئة أخرى، كما أنه من باب أن الدستور ساوى جميع المغاربة أمام القانون، وفي المسؤوليات، كما في الواجبات يمكننا الاستمرار في البحث عن حلول لإرضاء هذا الطرف أو ذاك، على حساب تجانس مجتمعي ضروري في ظل الانصهار الذي حطم عبر التاريخ الكثير من العادات السيئة السابقة.

لست من دعاة إقرار كوطا لذوي الأصول الإفريقية،لأنني مؤمن أن الكوطا ريع مرفوض، وتمييز غير إيجابي، يمكن أن يعطي لمن لا يملك الكفاءة، أو الامتداد التنظيمي، أو الامتداد الشعبي الميداني موقعا لا يستحقه، لكنني من دعاة أن نقدم صورة النموذج الديمقراطي المتكامل، الذي ينبني على أن الكفاءات في مختلف المواقع، موجودة بناء على تنوع ثقافي ومجتمعي حقق انصهارا نموذجيا للقطع مع كل أنواع الفرقة القبلية أو العرقية، لأننا جميعا اخترنا الملكية ضامنا لوحدتنا ترابا وهوية، والإسلام الوسطي المعتدل الذي قال لنا فيه سبحانه وتعالى:” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، ووطن واحد موحد فيه المواطنة قائمة على الواجبات المقرونة بالحقوق المكفولة بقوة الدستور.

‫تعليقات الزوار

4
  • قد و هو
    الجمعة 1 يونيو 2012 - 16:52

    يبدو موضوعا جيدا و قد طالعت خاتمته و قد تفضل السيد علال مشكورا بموضوعه على صفحة هسبريس التي نطلب منها تحريا في مطلب الموصوفين بالمتدينين حول مطلبهم الدي سمعت به اليوم و هو مطلب موسمي الا و هو تخصيص شواطئ صيفية غير مختلطة لهم و للعجزة و الشيوخ الكرام و اوليس الشمس لنا و القمر لنا جميعا اقول الاختلاط و ما قد ينجم عنه من اختلاط في المفاهيم ربما جريدة هسبريس تضع تشكيلا للاراء التي قد تبدو متباينة الى حد ما او بلا حد فالموسم موسم صيف يا هاد الناس

  • anaruz
    الجمعة 1 يونيو 2012 - 17:35

    اتفق معك يا سيدي القناة المغربية الوحيدة التي يوجد فيها صحفي اسود هي قناة الامازيغية(مقدم برنامج توتلايتينو) و طبعا هذا غير كافي.

    ان سبب تهميش المغاربة السود لا يتعلق باللون فقط بل ايضا بلسانهم و بموقعهم الجغرافي, امازيغ الراشيدية البيض ايضا مهمشون في الاعلام المغربي.هذا الاخير يشترط في صحفييه ان يكونوا عربيو اللسان و الملامح و الامازيغي الذي يحمل لسان وملامح عربية يكون له الولوج الى هذه القناة و بما ان المغربي الاسود لا يمكنه ان يغير لونه فهو ممنوع من ولوج هذه المناصب.. هل سبق لك و رايت عائلة امازيغية (اللسان) سوداء او بيضاء في برنامج مختفون او الخيط البيض او لالة لعروسة؟ رغم ان هذه البرامج اجتماعية و من المفروض ان تقدم كل شرائح المجتمع.

    الامازيغ و السود و الحسانيين هم مهمشون تهميشا مطلقا في الاعلام المغربي, و حتى قناة الامازيغية لم يحصل عليها الامازيغ الا بمشقة النفوس, سكان الراشيدية و الاقاليم الشرقية سواءا كانوا بيض او سود يشهد لهم بالكفاءات الجسدية و العقلية على حد السواء,, حتى انه عندنا في الاطلس الام تقول لابنها كول التمر باش تكون ذكي بحال صحراوة (سكان الراشيدية)

  • Benazizi Abderrahmane
    الجمعة 1 يونيو 2012 - 17:56

    e le code noir de Napoleon est encore en vi

  • khalil raihani
    السبت 2 يونيو 2012 - 00:14

    شيء صحي أن يتداول الموضوع بشكل متزايد و في فضاءات مختلفة … الحوار بين تقافي المغرب مغربي ضرورة ملحة عبر التربية على الحقوق للنشىء و تغيير الصور النمطية المتواجدة في المقررات الدراسية ,,, بهدف تغيير السلوك الفردي و الجماعي لأحكامنا المسبقة على الآخر أيا كان , صحراويا, أمازيغيا , شماليا أو بركانيا ,,ورش كبير يجب أن تخوضه كفاءات البلاد لتمكين جمعياته و أفراده لإتقان تدبير التنوع و الإيمان بأن التنوع فرصة نجاح و مورد للمجتمع ,,, أن يكون في البلاد أصحاب قراريختارون التنوع كأولوية,سيعكس نضج و رصانة قيادية

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة