التحول الديمقراطي

التحول الديمقراطي
الأحد 7 أكتوبر 2012 - 02:14

لا يمكن اختزاله في تبويء حزب العدالة والتنمية قيادة العمل الحكومي

كُنَّا، ولا زلنا نؤكد على أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، منشغل بقضايا هي على صلة قوية بالدعوة الدينية منها إلى السياسة كمجال لتسيير وتدبير الشأن العام، وهو ما يتأكد يوما بعد آخر.

فبمجرد أن تم تشكيل الحكومة في السنة الماضية، والإعلان عن “البرنامج الحكومي”، تبين من خلال طريقة التشكيل ومنهجية البناء أن هناك غياب تام لما يمكن تسميته برنامج عمل حكومي، وذلك لسبب بسيط أطنبنا في الحديث عنه، ويكمن أساسا في غياب التصور الناظم للتفكير، وعدم تحديد التوجهات والخيارات كقاعدة ارتكاز أساسية لتوجيه مختلف تحركات الحزب وأعماله من خلال الموقع الحكومي، وما يمليه هذا الموقع من ضرورة ممارسة الحزب لدوره بصفته فاعلا رئيسيا ومنشطا حيويا للحياة السياسة، سواء منها الوطنية أو الإقليمية والمحلية.

لذلك، وبغير كثير من الذكاء السياسي، يمكن الجزم بأن حزب العدالة والتنمية اليوم، لا يستند بالبات والمطلق لما يمكن اعتباره خارطة طريق توضح له ـ قبل غيره من الفاعلين السياسيين والرأي العام ـ مدى “التزامه” فيما يرجع للقضايا المتصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والمؤسساتية، بل والثقافية المغربية بشكل عام.

وفي اعتقادنا، فإن الأمر مرتبط أشد الارتباط بتتبعنا لمسار هذا الحزب منذ النشأة إلى الآن، وعلى صلة بمجموع الملاحظات والمؤاخذات على مسار أدائه السياسي، وكذلك في علاقة بتفاعله مع مكونات الساحة السياسية والأحداث والوقائع المتعددة والمتنوعة، التي كانت دائما تفيد بأن هذا الحزب بعيد كل البعد عما يمكن أن يفيد أنه يرتكز على تشخيص ملائم لتقدير واقع البلد والاحتياجات الحقيقية للأمة.

بل الأكثر من ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية الذي يتربع اليوم قيادة العمل الحكومي، لم يشتغل نهائيا على وضع إطار للتعاقد الاجتماعي، ينبني على محورية المسألة الاجتماعية في الإجابة عن التنمية والاستقرار والسلم المدني، في بناء الدولة الحديثة كتعبير عن الصالح العام، و تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وإرساء ثقافة حقوق الإنسان.

إن تخبط هذا الحزب اليوم ـ من الموقع الحكومي ـ في التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة طيلة التسعة أشهر الماضية، وإعلانه عن صعوبات الظرفية الاقتصادية والمالية بشكل متأخر، وتلويحه بتبرير كل أشكال وأصناف الفشل في تدبير الشأن العام بهذه الصعوبات من جهة، وبمحاربة العفاريت والتماسيح من جهة أخرى، ليدل بما لا يدع مجالا للشك ـ حتى لدى أشد مناصريه ـ أن الحزب لا يستند على تشخيص الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا علم له بنقاط القوة ونقاط الضعف، كما أنه لا فكرة لديه حول ما تتيحه هذه الحالة من فرص ولا حول ما تختزنه من تهديدات في كل القطاعات وعلى مستوى كل المجالات الترابية.

وبالقدر الذي يدل كل هذا على أن شأننا العام كمغاربة هو في يد حزب لا زال يتهجى أبجديات السياسة كفن لتدبير وتسيير الشأن العام، بالقدر الذي يفيد كذلك أن حزب العدالة والتنمية لم يدرك بأن التحالفات التي قام بهندسة خريطتها للتمكن من تشكيل أغلبية حكومية هي تحالفات أقل ما يمكن نعتها به هي كونها هجينة وضعيفة وغير مفيدة له في التغلب على ضعفه المزمن في التعاطي مع الشأن العام من موقع التدبير الحكومي. وبذلك يصدق على هذا الحزب الأغلبي المثل العربي الشائع: “تَعَلَّقَ غَارِقٌ بِغَارِق”.

إن حزب العدالة والتنمية، لا زال غير مدرك لطبيعة وشكل الظرفية التي نمر منها اليوم، فإذا كنا كمغاربة نعيش على وقع تحول ديمقراطي على طريقتنا، وبالشكل الذي جنبنا السقوط في مطبات ومآلات العديد من البلدان المجاورة، فإن ذلك كله لم تكن الغاية منه هي تبويء حزب العدالة والتنمية مكانة قيادة العمل الحكومي، بل إن الرؤية التي كانت تؤطر تصورنا كمغاربة لهذا التحول الديمقراطي ـ المنطلق منذ أكثر من عقد من الزمن ـ تكمن أساسا في تعبئة الجميع، من أجل المشاركة في تهييء ظروف وشروط تشكيل أغلبية حكومية قادرة على:

1. إضفاء دينامية فعالة على المشهد السياسي الوطني بهدف التطوير التدريجي وتوطيد الديمقراطية وسيادة القانون، الذي يتطلع إليه الشعب المغربي؛

2. العمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، في منأى عن تأثير التقلبات المناخية، وكفيل بخلق فرص عمل مرضية كما وكيفا؛

3. الحرص على بلورة منظومة للتوزيع العادل للثروات المنتجة، بهدف الضمان الأمثل للتماسك الاجتماعي ولمكافحة الفقر والهشاشة، وبوجه عام، لتوسيع ولوج الساكنة للخدمات الاجتماعية الأساسية.

إن المغاربة كلهم مشدودن ومتطلعون إلى تحقيق هذه الغايات، وما دون ذلك ـ من اعتداد بالنفس وخرجات إعلامية ومزايدات سياسية ـ يبقى كلام في كلام، لا يسمن ولا يغني من جوع المغاربة.

‫تعليقات الزوار

11
  • الروداني
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 02:39

    هذا الكاتب نموذج للمثقفين الانتهازيين الذين بدلوا جلدهم كالجرباء و امتطوا متن الجرار ولم يعد يظهر لهم من العدالة و التنمية الاالفراغ و الظلمة و انعدام الكفاءة
    فقليلا من الموضوعية وشيئا من احترام عقل المغاربة
    ثم نصيحة لك ان تعطي لنفسك فسحة للتامل بين كل مقال واخر فالسرعة و الكتابة تحت الطلب تزري باصحابها وتسف بمكانتهم

  • عثمان
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 04:03

    اسجل تحليل منطقي للصورة و المشهد السياسي ،لكن مع الاسف منذ متى كانت لكل حكومة مغربية برنامج و وخارطة طريق توضح فيها المراحل و الاهداف ،فالمشهد السياسي برمته في المغرب لازال احادي القطب رغم كترة التهافتآت السياسية التي تؤول الى الصفر ،

  • Amazighe
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 08:47

    إن غايات المغاربة كلهم هي تحقيق نمو اقتصادي مستدام عادل، في منأى عن تأثير التقلبات المناخية، وكفيل بخلق فرص عمل مرضية حريصة على العدل في توزيع للثروات وتماسك اجتماعي كافل بمكافحة الفقر والهشاشة، والحرص في توسيع ولوج الجميع للخدمات الاجتماعية الأساسية. يمكن اعتبار هته خارطة طريق استرتيجة لدولة(المخزن)حثى تضمن بقائها واستقراها. و اما حزب العدالة والتنمية فهو مدبر ازمة متراكمة. و يبقى كلامك خرجات إعلامية لا يسمن ولا يغني من جوع .

  • جمال علي
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 10:04

    قدم الحزب برنامجه الانتخابي وفاز بالصف الا ول في الانتخابات وظبعا تعلمون انه لايمكن تشكيل الحكومة دون اغلبية، وتشارك الحزب مع الاخرين ، وانحزتم للمعارضة حيث كنتم تضعون الحزب وراء خظ احمرلايمكن تجاوزه، واليوم انتم مع احزاب اخرى تشكلون هجينا في المعارضة ، ادن الشعب المغربي في نظركم غبي وسادج وعليه ان يبقى تحت ضغظكم واحتقاركم وتبقون الاسياد ونحن العبيد ، الدين لاينفصل عن السياسة ابى من ابى وشاء من شاء وكدلك السياسة لاتنفصل عن الدين ، والافلمادا تقحمون السياسة في الدين ، تكلموا عن السياسة ولاتنظقوا بكلمة الدين ولا الحق ولا العدل ولا الحرية ولا الحكم لانها من الدين ، نحن امة وشعب واخترنا عن قناعة ورغبة في الاصلاح، وانتم جيء بكم ايام بوش وبليروساركزوي لتعيقوا وتعرقلوا ، فلو كنتم راغبين في تنمية البلاد لما اعظيتم الاولوية للحجروالتفاهات والانحلال ، نحن نعرف من يقف ورائكم انه الاستعمارالفرنسي ولستم سوى ابواق له تنفدون مخظظاته وتنهبون المال باسم المشاريع وتبيعون القيم والاخلاق وتقومون له بما يريد مقابل دعمكم لاستعباد الناس واستغفالهم والتسيد عليهم ، شعب اراد التغيير فاختار من يغير لصالحه

  • marrueccos
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 13:23

    العدالة والتنمية مقتنعة بفكرة أن النجاح يرقد في السنوات الأولى للإسلام وأنهم الموكلون حصريا لإيقاض الصحوة الإسلامية ! ليقاوموا بها غزو الغرب الملحد ! العدالة والتنمية خاصة والإخوان بشكل عام إختاروا تصادم الهويات ويحاولون تطبيقها بإسم أغلبية الصناديق ! وهكذا تحول الصراع من كيف نكمل بناء مؤسسات الدولة الحديثة ؟ إلى كيف نكون مسلمين ؟ السؤال هنا يصب في بركة فقهاء ( مسيسون ) يصنعون وجودهم كله من الكلام بإسم الدين ، هذه تجارتهم ! التي صنعوا منها ملايين تنتظر رحمة الله !

  • مواطن مغربي حداثي
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 14:05

    اخشى أن تكون قعاقعك اللفظية سيد سامر مجرد غطاء للدفاع عن مصالح معينة شأنك شأن كل المتباكين الان على الحداثة المسكينة المفترى عليها في بلدنا والا أين كنتم منذ عقود ؟ لا مصداقية لهذا الخطاب لدى الناس الذين رأوا بعيونهم قيم الحداثة وهي تعرض في كوربات الصدقات المخزنية والصفقات الريعية …أجب بالله عليك من تريد أن تقنع بمفهوميتك ؟؟؟ لقد ضيع "الحداثيون المغاربة "موعدهم مع الاصلاح والتغيير منذ لهاطهم على الكراسي والموائد والامتيازات ومصالح الأهل والأحباب وعليهم أن يتحملوا أوزار هذه الكارثة ….. نقول يبقى كلاما في كلام وليس كلام في كلام قليلا من احترام قواعد اللغة العربية المظلومة

  • أم عماد
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 14:24

    صاحب التعليق الأول تنقصه ثقافة الرأي و الرأي الآخر،ويحتاج إلى تكوين مكثف في مبادئ حقوق. الإنسان.
    أما الأستاذ المقتدر أبو القاسم فهو حقوقي بامتياز ومحلل سياسي وباحث يكتب بموضوعية . وأنا أتفق مع ما جاء في مقاله القيم ،لأن الحكومة ليس عندها برنامج وتخطيط للتنمية الشاملة بل تركز على الجانب الديني ،تنفذ تعليمات تماسيحها وعفاريتها…ولاشي ء تغير؟؟؟..
    لافض فوك أستاذ أبو سامر .ومزيدا من إنتاجاتك الممتعة.

  • باز
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 19:06

    إن حزب العدالة والتنمية، لا زال غير مدرك لطبيعة وشكل الظرفية التي نمر منها اليوم. وباااااااااااااااااااااااااااااز لوجاهكم ياك البام أدرك الظرفية وعرف حجمه أم لا يزال يرى نفسه كمنقذ للبلاد. حشمو شويا راه بحالكم للي شوهو السياسة.

  • عبد الله
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 23:22

    السيد ابا القاسم…أنصحك بالخروج من الحزب البئيس المشؤوم..المغرب بحاجة إلى مجهوداتك في إطار آخر غير البام….هناك أناس داخل البام زج بهم فقط وهم شرفاء، اليوم يبحثون عن شراء استقالتهم او شراء طردهم من الحزب .

  • الفيلالي
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 23:26

    عن أي تحول ديموقراطي تتكلم يا دكتور؟؟ فوز العدالة والتنمية في الانتخابات حتى وان كانت عن استحقاق فهي لم تكن إلا جزء من مسرحية أخرجها النظام من اجل تكميم الأفواه و قطع الطريق عن أي مطالب إصلاح حقيقية.
    لماذا لم يتطرق سيادتكم لحكومة الظل و هي الفاعل الأساسي في القرارات السياسية و الاقتصادية للبلد؟ وحتى أن فرضنا جدلا ضرورة و جودها فعلى أي أساس تم اختيارها؟ لمجرد الصداقة و الطاعة العمياء لخدمة مصالح القصر و ليس الشعب.!!!
    إذا أردتم أن تتكلمو على الإصلاح أو التحول الديموقراطي فمن الأجدر أن تبدأو بالحزب اللذي تمثلونه و الذي انبثق من دهاليز البلاط ورغم كل الإمكانيات التى وضعت تحت تصرفكم لم تفلحوا في إقناع قطاع عريض من الشعب وتحاولون بشتى الوسائل الحقيرة وللأسف عرقلة مسار حكومة و لو على قلة سلطاتها و تجربة أعضائها تحاول أن تحقق شيئا ما.
    على أي أتأسف على مجموعة من مثقفي اليسار الذين باعوا مبادئهم التي كانو يتبجحون بها وأصبحوا بوقا و أداة لخدمة مصالح البلاط القابضة…

  • خالد ايطاليا
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 23:39

    المغاربة جربوا كل حكماء السياسة المغربية من لبراليين واشتراكيين وو…ولم يجدوا وصفة وعلاج لمشاكلهم غير التنويم بمسكنات الكذب والنفاق والبهتان والتمني ,وبقيت اخر فرصة واخر امل في يد الحكماء التقليديين فقهاء السياسة لعل وعسى احجبتهم وحروزهم ودعاويهم واذكارهم تخفف من المعانات المستمرة والطويلة الامد .

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش