في مضامين رسالة الشيخ الشيباني إلى الأستاذ عبد الإله بنكيران

في مضامين رسالة الشيخ الشيباني إلى الأستاذ عبد الإله بنكيران
الأحد 4 نونبر 2012 - 01:42

بشكل مخالف للأعراف التنظيمية المعهودة لدى أدبيات جماعة العدل والإحسان، لا يمكن أن يبق إصدار الشيباني عضو مجلس الإرشاد لرسالة جد مفاجئة، بدون مقدمات وخلفيات ومناورات…

فالجماعة تفاعلت مع تولي حزب العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة بشكل أقل حدة مما عهد عليها إزاء مبادراته؛ بما فيها قبوله المشاركة السياسية.

وغير بعيد سارعت الجماعة إلى تهنئة عبد الإله بنكيران بمناسبة إعادة توليه الأمانة العامة لحزبه بوفد لم يضم الشيباني، الذي غاب عن تركيبة بعثة الجماعة لتهنئة شباط. كما أن موقف الجماعة من المشهد السياسي ثابت، لا يحتاج إلى رجل شاب في ظل الشيخ أن يضيف جديدا.

وبما أن الرسالة لم تحمل أي جديد، وربما لن تلق لدى بنكيران اهتماما مقدرا، يستلزم رد فعل ذي شأن. فإنه من الضروري البحث والتساؤل حول طبيعة الأهداف الخفية التي يتوخاها “الواقفون” خلف الرسالة المفاجئة، وليس الشيباني لوحده.

بعيدا عن ردود الفعل المتسرعة، يمكن قراءة الرسالة في ضوء المعطيات الواقعية على أساس اختبار جماعة العدل والإحسان لقدرات الرسالة في مهمتين لأمر واحد.

تتمثل الأولى في النظر في إمكانية قدرة الشيباني على تولي حماية بيضة الجماعة، وإلى أي حد يمكن اعتباره رجل المرحلة المؤهل لإنجاح مهمة التنفيس عن الاختناق الداخلي للتنظيم.

فنتيجة الوضع الصحي للشيخ، وتنحي نادية عن الساحة… حتم اختفاء آل ياسين، والافتقاد إلى من بمقدوره سد الفراغ، الذي لم تستطع الدائرة السياسية ملء بكفاءة… الدفع بالشيباني لمخاطبة الموردين ومختلف الفرقاء انطلاقا من الواجهة السياسية البراقة.

حسب القراءات السطحية، يفترض أن يتولى الأستاذ فتح الله ارسلان مهمة طرح المواقف، لرصيده التاريخي، وتجربته في تدبير ملف التواصل مع التيارات الإسلامية، بما فيها العدالة والتنمية. وقد كان من المفيد أيضا أن يعهد بإصدار الرسالة إلى الأستاذ عبد الواحد المتوكل رئيس الدائرة السياسية. لذا يحق للمتتبع طرح التساؤل حول سر القفز المفاجئ بالشيباني إلى الواجهة.

وكأن الأمر فيه ما فيه، فإن النقطة الثانية تتمثل ربما في تلميع صورة الرجل، وبدء تمرينه على مهمة خلافة عبد السلام. ويشم المتبع رائحة ذلك من خلال رسالة أو “بلاغ سياسي”، يحاول تمهيد الطريق بصناعة البطولية انطلاقا من العودة إلى الماضي، وإعادة سرد المعلوم من أهم تطورات المشهد السياسي الإسلامي…

بصفة عامة، تحاول الرسالة الهروب بالمتتبع من الواقع الصامت داخل الجماعة، وعزل المريد وإعداده بقصف كلامي لصناعة الكاريزما، التي يحتاجها من يرشح لمنصب خلافة مرشد الجماعة. ففي هذا الصدد، استثمر قاموس البلاغ مفاهيم ومصطلحات… تحاول تقديم الرجل كقيادي ذي رصيد تكويني وعمق عالي في استيعاب حقائق العمل الإسلامي.

وفي الأخير، ينتظر أن تنتهي هذه التخريجة بإقناع المريدين بقدرة الشيباني على إدارة مهمة صون خط الجماعة المبني على مصادمة ومفاصلة كل أطراف المشهد السياسي، واتهامها بالتمخزن كمسوغ للتعالي عليها.

ولعل الإبراق بالرسالة إلى كبير العدالة والتنمية اختيار مقصود، باعتبار بنكيران متزعم المشهد الحزبي عامة والحركي الإسلامي خاصة. ولأجل خدمة الإستراتيجية، لا يمكن للشيباني القادم إلى سدة الجماعة أن يبدأ بفتح قنوات حوار من الأسفل الوضيع، ويشيد علاقات أقل مرتبة، ينخرط فيها أقل من الزعماء، وبدون أن تثير الزخم الإعلامي اللائق.

توحي خيوط الرسالة إلى أن دار الجماعة بعد ياسين ستبقى على أحوالها، وربما سيودع سرها بأمان في يد نادية ياسين بوكالة عبد الله الشيباني، الذي لن يسمح له بأكثر من لعب دور الواجهة. فالتواري المفاجئ لنادية لن يفهم منه أكثر من دلالة وحيدة؛ وهي الدفع بصاحب الرسالة إلى الصفوف الأمامية، وتقديمه إعلاميا للمريدين بشكل قوي، كفيل بالقبول الموضوعي بصهر الشيخ شيخا.

بسبب تمويهات الرسالة، وتوجيهها انتباه الرأي الداخلي للجماعة إلى الخارج، سيتجند قطاع واسع من المريدين الدراويش، وإعلاميي الجماعة، وقطاعها الطلابي، وستعقد الرباطات والجلسات الداخلية… لقراءة تتحرى التأويل الوحيد لخطاب الرسالة بنفس ايجابي، يخدم المهمتين الداخلية والخارجية للبلاغ.

وسيثمر الالتفاف حول الرسالة توحد الفعاليات في الدفاع عن المنطوق لصالح المفهوم منه. وذلك كله لأجل تسهيل انتقال المشيخة، وتشكيل المؤسسات الأفقية والعمودية بالسلاسة الضرورية لاستمرار الجماعة.

وعليه، يمكن التساؤل إلى أي حد يمكن أن تكون جماعة العدل والإحسان قد وفقت في طريقة حسم خليفة عبد السلام ياسين ؟ وإذا صح الأمر، فإن مضامين الرسالة يمكن الارتقاء بها إلى مرتبة البلاغ أو البرنامج الدعوي السياسي لمجلس الإرشاد الجديد بقيادة الشيخ الجديد. يبدأ وفق الرسالة بتأكيد أهليته عن طريق خوض صراعات، تجلب مظلوميات جديدة، تنعش الجماعة.

( *باحث في العلوم الإنسانية)

‫تعليقات الزوار

15
  • البركاني
    الأحد 4 نونبر 2012 - 02:44

    الدي لم يفهمه ياسين و عصابته،ان الامور التي ادت الى شهرته مند تلاتين سنة لا يمكن ان تلمع صهره الان، الان لم يعد كافيا ان تصف النضام بالمخزن او تصفه بالفساد لتصبح بطلا،لان الصبية يقولون دلك و لا يابه بهم احد، فادن حركة الشباني لن تنفعه بل هي حتما ستضره،الرسالة موجهة الى الاتباع السدج الشهود الني لا يعلمون شيئا،للتنفيس عليهم كما دكرت و لالقامهم طعما جديدا يستمر فترة ما ريثما يلقمونهم بليانا جديدا.

  • asri mohamed
    الأحد 4 نونبر 2012 - 04:01

    (وسيثمر الالتفاف حول الرسالة توحد الفعاليات في الدفاع عن المنطوق لصالح المفهوم منه. وذلك كله لأجل تسهيل انتقال المشيخة، وتشكيل المؤسسات الأفقية والعمودية بالسلاسة الضرورية لاستمرار الجماعة.)
    ( *باحث في العلوم الإنسانية) واي واي واي واي مسيلمة جديد هدا فقيه خطير براكا من الكدوب على عباد الله الناس خداما وانتما عاطينها للهدرة شنو قال هاد الشيباني ما قال غير المعقول او عجباتكم زلايف الحريرة وجه الدل

  • النصير
    الأحد 4 نونبر 2012 - 08:49

    ما شاء الله ، باحث في العلوم الإنسانية، تحليل عميق جدا و تاويلات وتفسيرات على ضوء آخر ما جادت به العلوم الإنسانية من فكر ومبادئ وقوانين صارمة لا تخطئها العين. حياك الله من دكتور و زادك بسطة في العلم والجسم!!
    صدق الله العظيم إذ يقول:" {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23

  • محمدين احمد
    الأحد 4 نونبر 2012 - 10:15

    افضل واعمق قراءة لرسالة الشيبانى …يبدو ان صاحب القراءة على دراية واسعة بخبايا الجماعة… انصح الباحثين او بالاحرى العابثين بالحركات الاسلامية (ضريف و لكحل…) بالعودة الى تحليل د . سالم فهو تحليل يلامس الحقيقة ان لم يكن اصاب كبدها…هذه الحقيقة التي لا تخفى على من عرف القوم و غشي مجالسهم…وما يدور في كوالسهم..

  • elfahssi kenitra
    الأحد 4 نونبر 2012 - 10:28

    لم يخطر لي ببال ان يكون سالم تالحوت وسعيد لكحل يعلمان الغيب حتى قرات لهما هذا الصباح على صفحة هسبريس,فمن علمهما بظهر الغيب الى التنبؤ بالمستقبل (سيتجند قطاع واسع من المريدين…وستعقد الرباطات والجلسات الداخلية… لقراءة تتحرى التأويل الوحيد لخطاب الرسالة بنفس ايجابي.. وسيثمر الالتفاف حول الرسالة توحد الفعاليات في الدفاع عن المنطوق لصالح المفهوم منه.اقول لتالحوت انك خبطت خبط عشواء.لماذا اعتمدت سوء الظن في معالجة الرسالة وقراءتها بخلفيات ممقوتة.يا حسرة على تحاليل ااخر الزمان

  • samir
    الأحد 4 نونبر 2012 - 11:18

    الدفع بالشيباني لمخاطبة الموردين ومختلف الفرقاء انطلاقا من الواجهة السياسية البراقة.أستاذ يسمي نفسه باحثا يكتب المريدين هكذا الموردين ، إذا كنت باحثا حقا فعلى الدنيا السلام .

  • منصف
    الأحد 4 نونبر 2012 - 13:23

    صدق من قال العقول الكبيرة تناقش الأفكار و العقول المتوسطة تناقش الأحداث والعقول الصغيرة مثلكم تناقش الأشخاص

  • محمد
    الأحد 4 نونبر 2012 - 13:26

    بالرغم أنني لا أهتم بالسياسة والسياسين ، وأعلم أنهم غير صادقين مع أنفسهم ومع وطنهم. إلا أنني أتفاجئ بم يفترض فيه تقديم المعرفة الموضوعية ورفع منسوب الوعي لدى الجماهير بتحليلاتهم البئيسة ومعالجاتهم الرديئة. وبهكذا طروحات تساهمون في تكلاح هذا الشعب أيها الدكاترة في زمن بيع وشراء الشواهد.

  • saidi omar
    الأحد 4 نونبر 2012 - 15:43

    الكل يفكر بطريقته و الكل يقول كلامه مِن الناس من يقول الحقيقة و منهم من يخنقها وتبقى
    جماعة العدل والإحسان تصنع الحدت . انا شخصيا هذه الرسالة اتاحت لنا الفرصة من جديد لنرى هل تغيرت طريقة التفكير لدى من يسمون انفسهم ب مفكرين و مناضلين و حقوقيين و اهل السياسة بعد ما شاهدوا بأم اعينهم و بالمباشر هروب بن علي و سجن مبارك وقتل القذافي وعزل صالح و انه يمكن ان يقع المستحيل بالمستحيل في وقت مستحيل لكن في بلدنا تبقى عقلية ما قبل الربيع العربي هي السائدة لدى الفضلاء الديمقراطيين و بالخصوص تجاه جماعة العدل والإحسان و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل .

  • محمد بن احمد
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 00:23

    كن واثقا اخي سالم ان اتباع الجماعة سيتصدون لك بكل انواع النقد لان مقالك اصاب عين الحقيقة ..وانا و هم نعرف ذلك …واذا اتتك المذمة منهم فاعلم ان مقالك صائب …ادعو كلا من ضريف و لكحل الى الاستفادة من المقال ..و ادعو ما تبقى من السدج المغرر بهم من اتباع الجماعة ان يتوبوا الى رشدهم..وان يعودوا الى منهج مرشدنا و قائدنا ومعلمنا سيدنا محمد عليه افضل الصلاة و التسليم.

  • مصطفى بنور
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 00:57

    ادكركم بما كتبتموه حول رسالة الى من يهمه الامر،وكيف اغفلتم اهم ما وجب استخلاصه في تلك المرحلة، والمتمثل اساسا في كون العلاقة مع السلطة تتحول مع الزمن الى ما يتجاوز حالة الادمان،لدلك ،كان من الحكمة ان ندكر المعني بامور الحكم بخطورة ما هو مقبل عليه،قبل ان تتقادفه الامواج،او ان تبتلعه،…
    وها انتم ترون كيف ان ما خلصت اليه الرسالة،لا يتعارض بتاتا مع واقع الحال.
    كيف اغفلتم سيدي ما تقترحه رسائل العدل والاحسان من حلول وبدائل؟وركزتم كامل اهتمامكم على ما الجانب القابل للتاويل؟ما قولكم فيما اقترحته من ضرورة مبادرة اولي الامر الى وضع جزئ من ثرواتهم في صندوق المستضعفين؟وما سيترتب عنها من تاثيرات عمودية وافقية؟
    كيف فاتكم ان تفكروا في معنى ان تعيد رسالة الشيباني ما سبق ان طرحته اختها في هدا الباب؟هلا تساءلتم سيدي عن مغزى التدكير باهمية هده الخطوة؟
    ان كانت الرسالة سياسية؟فلان السياسة من الدين،هكدا بكل بساطة،
    كيف تنسون خرجات بنكيران الاعلامية؟وهي التي اثارت غبارا وضجيجا؟وهو الدي يمثل راس الهرم؟ان جاز لكم ان تسقطوا مصامين الرسالة على المرشد وعلى الزوجة وعلى كل التنظيم،فما قولكم في خرجات د بنكيران؟

  • ابو محمد
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 17:32

    مقال مضحك ،أنا عضو بالجماعة وتحليلك بعيد عن واقع الجماعة بعد الشمس عن البعيد اذا تولى الاستاذ الشيباني قيادة الجماعة أنا مستعد ان أجعلك نائبا له.

  • مواطن
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 17:59

    لا علاقة لعنوان المقال بالمضمون.
    المقال تحت عنوان "في مضامين رسالة الشيخ الشيباني إلى الأستاذ عبد الإله بنكيران" والحقيقة ان صاحبه متحامل و حاقد بحيث لم يناقش مضمون الرسالة بقدر ما عرض مواقف سياسوية من جماعة عبد الله الشيباني.

  • مندل
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 18:02

    كل التحليلات المقدمة لرسالة الشيباني لم تناقش المضمون واكتفت بالرجم بالغيب في النيات والدوافع
    سواء بولوز او ضريف او المجدوب ولا حتى هذا تالحوت
    لذا اتسائل
    اليس في المغرب محللون

  • khtira
    الإثنين 5 نونبر 2012 - 21:49

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اي تحليل هذا الرجل لا يعرف الجماعة على ما يبدو، ليبحث في سجل مقالات سبقته تخبط خبط عشواء كما يخبط صاحبنا. الرسالة من شخص عبر عن رأيه كما عبر صاحب المقال ونعبر نحن.لم الذهاب بعيدا ؟؟

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية