دفاعا عن رئيس الحكومة!!!

دفاعا عن رئيس الحكومة!!!
الخميس 8 نونبر 2012 - 06:10

تناقلت جل المنابر الإعلامية صورة خاصة بجلسة عمل للوفد المغربي المرافق لملك البلاد في الزيارة الأخيرة لمجموعة من دول الخليج . يحتل فيها المستشارون الملكيون لوحة
قيادة الحوار وينتظم على هامشها أعضاء الحكومة.

انتشرت هذه الصورة بشكل كبير في مجموعة من المواقع وعلى جدران مرتادي النوادي والصفحات الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي ؛تباينت التعاليق والملاحظات ؛ وانطلقت إبداعات في استهجان الرسائل التي بعثتها الصورة ؛ تثمن طرح سلطة الظل العتيدة ؛ وتساءل الجميع عن دور الوزراء السياسيين ؛ أو بتعبير آخر عن موقع الشرعية الانتخابية ؛ والعملية الديمقراطية برمتها ؛ في حين فضل آخرون مقاربة الصورة من زاوية المصلحة.

والنتيجة ومدى القدرة على تحقيق أهداف اللقاء وحجم الاستثمارات ورقم المنح ومنسوب الثقة ودرجة التجاوب المفضي إلى التعاون والدعم.

وهنا يمكن أن ندرج بعض الاستفسارات:

-هل قرر المستشارون الملكيون قيادة جلسات العمل ؛ واحتلال المواقع المركزية والرئيسية كممثلين للمؤسسة الملكية المنوط بها المشاركة في تحديد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة ؛ وجملة من الاختصاصات الحصرية المنصوص عليها دستوريا؛ من باب تمثل فصل السلط ومايقتضيه من فرز في ممارسة الصلاحيات وفي هذه الحالة تنفيذ التكليفات ؟ وهنا يحق لنا أن نتساءل عن صلاحيات المستشارين الملكيين ؛محددات مهمتهم؛ آليات اشتغالهم ؛ طبيعة علاقتهم بالسلطة التنفيذية؛ عن حدود نفوذهم أو سلطتهم أو مهامهم؛ وأي صيغة أو مصطلح أو وظيفة يمكن أن تصف دينامية وحضور مكلفين لا يعرفهم الدستور؛ ولا تفك شفرتهم القوانين ؛ وتنبطح لهم المؤسسات وتذعن لأوامرهم الإدارات والمسؤولون !

إن تشكيلة الوفد وتوزيع المهام فيه وترتيب البروتوكول ستعمل لا محالة على تدويل التعثرات والاحتقانات التي تواجه تفعيل الوثيقة الدستورية والمرتبطة أساسا بمساحات التداخل في السلط بين المؤسسات ؛ وسيرشح من خلالها المسكوت عنه من الصراعات الغير متكافئة بين الجسد الحكومي ذي الصلاحيات الدستورية وبين المستشارين الملكيين الغامضي الصلاحيات ! ألم يكن أكثر جدوى استغلال بقعة الضوء هذه لتمرير رسائل الاستقراروالانسجام وصفاء المناخ السياسي والمؤسساتي وجودة مناخ الأعمال والاستثمار وتوازن السلط وتعاونهاعبر وفد مغربي يترأسه رئيس الدولة وممثلها الأسمى حسب الدستور ويتكلف ببسط تصوراته الاستراتيجية أعضاء يملكون الشرعية الانتخابية ويمثلون مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية في أفق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، والمعنيون المباشرون بصراط المحاسبة والتقييم المرتبطين بالمسؤولية وثنائية العقاب والجزاء.

– ما الداعي لاستعراض المشهد المؤسساتي المغربي في مختبر المباركة الخليجي وتحت أنياب أبواقها الإعلامية المفترسة؛المتربصة بالأنظمة ؟ وهل يفترض فينا اخضاع تجربة متقدمة في الدمقرطة -على الأقل بالنسبة للمرجع الخليجي- لسلطة التحكيم القطري وتراها الحملة التسويقية للصيغة المغربية للربيع العربي ستتوفق في تهدئة عصاب الفتوحات في الدعوة القطرية؟

ألن يفهم من رسالة التراتبية كما نقلتها الصورة ومن احتكار التصريحات من قبل المستشارين الملكيين؛ والحوارات الطويلة التي نقلتها القنوات التلفزية الوطنية؛ ؛ أن حكومة الربيع لا يمكن أن تكون إلا مرافقا مكملا و رقما ثانويا في السياسة الخارجية ؛ ألا يشكل هذا صيغة صريحة لاستعصاء ملف العلاقات الخارجية على الهجمة الإصلاحية للربيع الدستوري؛ وتجدر الإشارة هنا إلى تصريحات وزير الخارجية السياسي المتعلقة بورطة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي للصحراء كريستوفر روس .

ألم يكن كافيا الامتثال الى المقتضيات الدستورية التي تعتبر الملك ممثل الدولة الأسمى في الفصل 42 ، وترتيب الوفد المرافق حسب الفصل 48 الذي يقدم بالمنطوق وزراء الحكومة على غيرهم في إطارالمجلس الوزاري ؛ لتفعيل الفصل 49 في مقتضاه المتعلق بالتداول في التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة والتي تمثل الزيارة موضوع الصورة إحداها!!!

لا أعرف لماذا لم تنل صورة أخرى تتناول إشكالية وضع السلط الغير الواضحة للمستشارين الملكيين ؛ موقعهم البروتوكولي وطبيعة صلاحياتهم وعلاقتهم برئيس الحكومة ووزرائها؛ نفس الاهتمام والتبادل والتعليق ؛الصورة عاينها نواب ومستشاري الأمة يوم افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية في الولاية التشريعية التاسعة ؛ حيث لم يميز البروتوكول رئيس الحكومة بموقع يعكس سلطته وصلاحياته ومسؤولياته الجديدة والمتقدمة ؛تظهر الصورة قائد الأغلبية وزعيم الحزب الأول انتخابيا وهو يتوسط عددا من المستشارين الملكيين ؛ في وضع تخاله -أي رئيس الحكومة- مستشارا ملكيا أو تخالهم -أي المستشارين الملكيين- رؤساء الحكومة المغربية؛لا تكفي على مايبدو الهندسة الدستورية الجديدة ؛ وزخم المقتضيات الدستورية التي تخص رئيس الحكومة دون غيره بمسؤوليات تتراوح بين الحصرية والتشاركية ؛ يكفي منها دلالة لحظة التنصيب البرلماني بثقة مجلس النواب ؛وإمكانية حله من طرف رئيس الحكومة حسب الفصل 104؛ الممارسة الحصرية للسلطة التنفيذية ؛عضوية مجلس الوصاية ؛ ؛ طلب انعقاد المجلس الوزاري؛ وإمكانية ترؤسه بتفويض من الملك ؛ والكثير من لحظات تجسيد السلطة التي تستوجب تمثلها من طرف رئيس الحكومة ؛ بدءا من الشكليات والبروتوكول وصولا إلى عمق السلطة وتجلياتها؛كل ما أفرده الدستور لرئيس الحكومة لم ينجح في خلخلة تعنت الأعراف البروتوكولية التي تتمنع على الاعتراف برئيس السلطة التنفيذية.

أعتقد أن تحويل أنظار المغاربة الى رئيس الحكومة كمالك جديد للسلطة حسب الدستور؛ يعد خطوة أساسية من أجل ترسيخ الإصلاح و يرتبط ارتباطا وثيقا بتطوير العلاقة بين مفهومي الصلاحية والمسؤولية ؛ فيفترض في الأولى الإرادوية وفي الثانية الإلزامية، فهل رئيس الحكومة ملزم بممارسة صلاحياته ؛ وهل هي إجبارية أم اختيارية في ممارستها وهل يعتبر الرجل مخلا بمسؤوليته إن هو لم يفعل كل ما يعطيه الدستور من صلاحيات ؛ كيف سيقتنع المغاربة بالانخراط في العملية السياسية وبالمشاركة في الانتخابات وهم يعاينون أهم مكتسب والمتمثل في رئيس الحكومة المنتخب ؛ضائعا لا يجد لنفسه مكانا وسط جموع المستشارين الملكيين؛ ولا يخص بوضع بروتوكولي خاص يرسمله لصالح رئيس السلطة التنفيذية المرابط في المشروع الإصلاحي لدعاة الملكية البرلمانية ؛

هل يستطيع رئيس حكومتنا في ظل الممارسات الممعنة في التقليدانية والصراعات وازدواجية الأهداف والمقاصد أن يخطو خطوة في اتجاه الحكم ؛هل يملك الأستاذ بنكيران
أن يبث الروح في “ماكيت “رئيس الحكومة المنتظر الذي قد يهرم بين سطور ربيع دستوري لا يفضي دائما-على مايبدو -إلى ربيع ديمقراطي!! وهل يمكن أن يكون بنكيران أو غيره من أرقام اللعبة السياسية الراهنة …ذلك الرجل…!!!!

‫تعليقات الزوار

10
  • احمد محمادي
    الخميس 8 نونبر 2012 - 14:41

    مقال يستحق التامل والمناقشة واستغرب لعدم وجود تعليقات على مثل هده المواضيع الهامة الا تثير في القراء شيئا سابا او اجابا…

  • Mouhssine
    الخميس 8 نونبر 2012 - 17:37

    كلام جميل … نتمنى ان نرى برامج تناقش هذه العقلية الاستبدادية بدل الكلام عن فشل الحكومة في تحقيق طموحات الشعب. من المستفيد من ترسيخ هذه الفكرة ؟ بغض النضر عن الحكومة! ما الذي تغير؟!! شخصيا لا ارى سوى برامج سياسية مُسيَّسة تهاجم الحكومة في كل شيء.

  • مغربي قح
    الخميس 8 نونبر 2012 - 17:54

    أشاطر ك الرأي ياحسناء جنوبنا الغالي وأفتخر بفطنتك ونباهتك النادرة.

    هنيئا لك بحدسك ودهائك السياسيين وفراستك التي قلما تخطئ .

  • رجل قانون
    الخميس 8 نونبر 2012 - 18:18

    ا عتقد ان حسناء ابوزيد تكتب محطة جديدة للاتحاد الاشتراكي في المعارضة وتحسب لها موضوعيتها والتجرد وتسمية الاشياء باسمائها المباشرة لاتتكلم لا عن تماسيح ولا غيره وتتحدت عن مستشارين اعتذر لهم بنكيران سابقا ما اريد ان اعرفه هو موقف حزبها وقييادييه كنت اتمنى لها حزبا قادرا على تحريرهذا الطرح الى مواقف

  • ولد لبلاد
    الخميس 8 نونبر 2012 - 19:44

    ان حكومة الظل هى السبب فى الربيع القادم لكن هذه المرة سيصعب احتوائه لأن الفرص لا تتكرر والجماهير وصلت الى نقطة الا عودة ,ان من يهمش الدستور كيف لا يهمش رئيس الحكومة أو يتطاول على سلطاته؟وبالحسانية :العكاز اعوج من الفوك

  • محمد بولوز
    الخميس 8 نونبر 2012 - 19:59

    تحية للأستاذة حسناء أبو زيد على مقالها الشجاع والمفيد في التنزيل الإيجابي للدستور، وما أحوج هذا الوطن إلى تظافر الجهود للقطع مع الاستبداد وركوب قطار الإصلاح في ظل الاستقرار من غير لف أو دوران.

  • سعيد بورجيع
    الخميس 8 نونبر 2012 - 20:13

    أرجو أن يكون المقال فيه من المقصود ما به على الشعب من نفع قد يعود. لو رجعت الكاتبة المحترمة وهي النائبة في مجلس النواب عن فريق الإتحاد الإشتراكي، أقول لو رجعت إلى مرحلة تدبير الشأن العام من خلال حكومة التناوب لوجدت مآربها فيما طرحت من تساؤلات، لعل إيرادها في هذا الوقت وبالشكل النمطي هذا فيه ما يطرح الشكوك من كونه حق أريد به باطل. ذلك أنها تعلم علم اليقين أن الدستور في طور تنزيل مضامينه وتطبيق مقتضياته، مما يضع مرادها فيما هو مطروح في المقال أمر غير مقبول من حيث الموضوعية السياسية والقانونية والأخلاقية، لكون المرحلة مرحلة التأسيس لما اتفق عليه الجميع من آليات الإصلاح في ظل الإستقرار… لأن المغرب الجديد لم ولن يعود إلى قبول أسايب التيئيس والركوب على الأحداث ابتغاء التنكيس… الجميع اليوم مطالب بأن يضع بصمته على صفحة التجديد والإنتقال إلى صف المبادر المواطن، كل من موقعه ملكا ومستشاريه، حكومة وأحزابا وهيئات مدنية وحقوقية وعموم الشعب بكل مكوناته… فإلى أي حد أنا وأنت أختي الكريمة متفقين على هذا المنهج، بعيدا عن تصنيف الناس ومحاكمتهم؟ وعاش المغرب بلدا حرا آمنا بما فيه. "الله الوطن الملك"

  • مغربي حر
    الخميس 8 نونبر 2012 - 20:42

    مقال جميل الأخت يستحق التأمل ولأول مرة أقرأ لك ما يضع الأصبع على جرح المغرب الغائر, حيث تسمية الأمور بمسمياتها,فشكرا لك على المقال. ونسأل الله أن يحرر مغربنا من كل استبداد وفساد,وننعم جميعا بمغرب جميل يسود فيه الحق والعدل والرفاهية.

  • خالد رحموني
    الجمعة 9 نونبر 2012 - 00:50

    مقال متميز ،لامس العمق وتناول أهداف المرحلة وسياقها ،أرجو أن تظل الاستادة وفية لهدا الافق من داخل الاتحاد الاشتراكي حتى لا يتمخون ولا ينأى عن القوات الشعبية التي أفرزت نخبا بديلة له ،وجدير بي أن أسجل بعض الملاحظات والاضافات :
    إننا كنخب وقوى حينما نتأمل ممارستنا السياسية على امتداد عقود من الزمن من زاوية جدلية الحكم والحلم، فإننا نجد أننا كونا رصيدا هائلا من الخطاب النقدي تتوارثه الأجيال السياسية والإعلامية اليوم أيضا ،وعلى الجانب الآخر كونا رصيدا هائلا من الخطاب التدبيري المفصول الصلة بالكامل مع مجال الأحلام والقيم، يتحصن أصحابها بالإدارة ودواليبها شاهرين في وجه كل مسائل أو منتقد، مبدأ استمرارية المرفق العام وأسبقية التسيير على التسييس، وبين هذا وذاك ضاعت عندنا إلا في فترات متقطعة قصيرة وبحساب الزمن السياسي جدلية الحكم والحلم والتي تعطي للممارسة السياسية ذلك الزخم الخلاق والمنتج. وليس ضروريا بالنسبة لنا أن نبقى أسرى هذه الحلقة المفرغة حيث النقد عدو للاقتراح والتدبير عدو للسياسة. فإننا في حاجة إلى جدلية يصير فيها الحلم حليفا للحكم.
    وتحية طيبة نضالية
    عهدا على الوفاء للديمقراطية

  • مبروك بوشتى
    السبت 10 نونبر 2012 - 15:34

    التجرد من الحزبية ينتج لنا مقالات ومقاربات في الصميم ما يميز هذا المقال هو وضعه الاصبع على الجرح حيث كشف الصراع الدائر بين قوى الماضي الماسكة بكل مفاصل السلطة ودواليبها ضاربة عرض الحائط كل الاصلاحات الدستورية وقوى التجديد والحداثة والاصلاح التواقة الى تنزيل الدستور وتحقيق التغيير المنشود

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات