...وأموال المغرب، كيف أهدرت؟

...وأموال المغرب، كيف أهدرت؟
الجمعة 1 مارس 2013 - 13:20

1

لم يعد خفيا على أحد، أن ظاهرة الفساد المتعدد الصفات في بلادنا، أصبحت أشبه ما يكون بمسلسل لا حد لحلقاته، تمثل في الآن نفسه سببا ونتيجة حتمية لتلك الخصائص الجاحظة التي تتميز بها مؤسسات الدولة الإدارية والمالية والسياسية والاجتماعية، وهو ما يعني بشفافية ووضوح، أن الفساد متعدد الصفات أصبح مرتكزا أساسيا لتآكل المشروعية السياسية، التي تعتبر القاعدة الصلبة لعلاقة السلطة بالمجتمع، وهي علاقة قائمة على المنجز، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان السلطة لمضامينها ومشروعيتها وإلى تلاشي هياكلها التي بدونها تصبح مؤسسات الدولة ونخبها الحاكمة بلا معنى.

2تقارير الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية، المختصة في حماية المال العام بالمغرب، تضعنا من حين لآخر، ومنذ مطلع الألفية الثالثة، أمام قضايا وملفات شائكة، يقشعر لها البدن يتصل بعضها بالفساد الإداري وبعضها الأخر بالفساد المالي والسياسي، وجميعها يهدد الجسد الوطني بالسرطان القاتل، الذي يصعب علاجه… أو بتره.

وبعيدا عن ما تحمله محتويات هذه التقارير المفزعة، فإن الدولة المغربية أقرت منذ سنة 2000، من خلال البيانات الصادرة عن لجان تقضي الحقائق البرلمانية التي طالت مجموعة واسعة من المؤسسات والقطاعات، التي أهدرت المئات من الملايير من الدراهم، كان لها أن تساهم في تنمية البلاد قبل أن تصاب بالسكتة القلبية، وقبل أن يتضاعف بها عدد الفقراء والعاطلين والمهمشين والمقهورين، الذين أصبحوا عنوانا بارزا لتخلف المغرب وتراجعه.

عن هذه المؤسسات، تذكر لنا التقارير الرسمية:

1/ أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي : أهدر 115 مليار درهم

2/ أن المكتب الشريف للفوسفاط : أهدر 10 مليار درهم

3/ أن مؤسسة كومانف : أهدرت 400 مليون درهم

4/ أن المكتب الوطني للنقل: أهدر 20 مليون درهم

5/ أن الخطوط الجوية الملكية: (قضية مدير عام سابق للخطوط الجوية) أهدرت مليار سنيتم،

6/ أن مكتب التكوين المهني: أهدر 7 ملايين درهم

7/ أن وكالة المغرب العربي للأنباء: أهدرت 1.76 مليون درهم

8/ أن المطاعم المدرسية: أهدرت 85 مليون درهم

9/ أن جمعية مطاحن المغرب: أهدرت حوالي 2 مليار درهم.

اضافة إلى ذلك، تذكر لنا التقارير الرسمية، وتقارير هيئات ومنظمات حماية المال العام، قضايا اختلاس أخرى ذات طبيعة مختلفة، منها:

1/ الأموال التي اختلسها/ يختلسها السماسرة والوسطاء من انتاج الصيد البحري، إذ صرح وزير سابق لهذا القطاع أن 70% من هذا الانتاج يباع بطرق غير قانونية، وهو ما يعني اهدار مئات الملايير من الدرهم كل سنة.

2/ الأموال التي ضختها الحكومة المغربية، وتعد بمئات الملايير، في حسابات القناة التلفزية الثانية (M2) التي كانت قناة خصوصية، وتم تحويلها إلى قناة عمومية بعد إفلاسها من أجل انقادها، دون أي حساب أو عقاب للذين تسببوا في هذا الإفلاس.

3/ الأموال التي تم اختلاسها في الاتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية المغربية، وتقول الهيئة التي حققت في هذا الموضوع، إن الأمر يتعلق بعشرات الملايير من الدرهم.

4/ قضية البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، والتي تورط فيها العديد من الشخصيات الإدارية والسياسية، والتي تصل أموالها المنهوبة والمهدورة إلى مئات الملايير من الدرهم.

5/ قضية خوصصة فندق حياة ريجينسي التي تمت ب18 مليار درهم، في الوقت الذي كانت القيمة الحقيقية لهذا الفندق تساوي 27 مليار درهم، أي بفارق 9 مليار درهم، لم يظهر لها أي أثر حتى الآن.

6/ قضية تفويت معمل ايكوز بدرهم رمزي في الوقت الذي كان قد كلف ميزانية الدولة40 مليار درهم علاوة على مخزونه من المواد والسلع، والذي يقدر ب 9 مليار سنتيم.

7/ قضية خوصصة لاسامير وتفويتها للشركة السعودية كورال بتروليوم ب300 مليون دولار فقط، في الوقت الذي قدرت قيمتها ب2 مليار دولار، وقد كان مستثمرون كنديون قد عرضوا ألف مليار سنتيم مقابلها وتعهدوا باستثمار 700 مليار سنتيم على امتداد خمس سنوات. وللإشارة فقد أصبح أحد وزراء الخوصصة مديرا عاما للشركة نفسها .

8/ قضية شركتي صوديا وصوجيطا اللتين كلفتا بتسيير واستغلال جزء من الضيعات المسترجعة من المعمرين، والتي كانت لهما في البداية 305 ألف هكتار، ولم يعد لهما سوى 124 ألف هكتار من المساحة الأصلية، يتم استغلال 99 ألف هكتار منها فقط، في حين تم تفويت الباقي، إما في إطار ما سمي بعملية الإصلاح الزراعي ،بحيث تم كرائها بأثمنة رمزية لمدة 99 سنة، وهناك أراضي أخرى تم الاستيلاء عليها من طرف بعض النافذين وأخرى تم منحها لبعض المستفيدين، وتم الشروع في تفويت كل الأراضي التي كانت تسيرها شركة صوديا للخواص بهدف التستر على ما طال القطاع الفلاحي من هدر وسطو على مدا خيل أخصب الضيعات ولعدد من السنين، وقد خضعت هذه الأراضي منذ سنة 2006 إلى شطرين من التفويتات. هم الشطر الأول حوالي 44 ألف هكتار والشطر الثاني 38 ألف هكتار، ورغم مراسلة الهيئة الوطنية لحماية المال العام لوزارة الفلاحة من أجل الكشف عن مصير هذه الأراضي والأسباب والمعايير المعتمدة لتفويتها، ولائحة المستفيدين منها مع المطالبة نشر الأسماء وكذا دفتر التحملات ومصير الشغيلة الفلاحية، لكن دون أن تقدم للهيئة الوطنية لحماية المال العام أو للرأي العام أية أجوبة.

3

السؤال الذي تطرحه هذه الحالة الشادة من الإهدار المتعدد الصفات، ما هي الجهة أو الجهات التي يمكن محاسبتها عن هذا الإهدار، الذي جر المغرب إلى الفشل والانحطاط… والذي أصابه نهاية القرن الماضي بالسكتة القلبية، وبالعديد من الأمراض الفتاكة، هل هي الإدارة أم السياسة؟

كيفما كان الأمر، فإن ما انتظره المغاربة، بعد نشر غسيل الحزب الإداري السري الذي سيطر لفترة طويلة على دواليب الإدارة، ليحول أموال الدولة المغربية ورأسمالها وأراضيها وأملاكها إلى حسابه الخاص، ما انتظره المغاربة، هو حل هذا “الحزب” ومحاكمته، والانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة على أساس مسلسل إصلاحي متزن وحقيقي.

لاشك أن الأهمية القصوى التي تحتلها الإدارة في منظور المصلحين والإصلاحيين، تجعل فكرة الإصلاح استعجالية، غير قابلة للتأجيل، خاصة وأنها وحدها من سيعمل على إيقاف نزيف الفساد العام الذي حول البلاد والعباد، إلى الجيوب الفاسدة.

أفلا تنظرون..؟

‫تعليقات الزوار

7
  • Anas
    الجمعة 1 مارس 2013 - 16:20

    On a besoin une grande révolution armée comme la syrie pour obtenir nos droits, et non les réparation de benkiran.

  • observator x
    الجمعة 1 مارس 2013 - 16:40

    ربما السيد بنشماس رئيس الفريق اليرلماني لحزب ل pam له راي اخر. فهو لابفتا -كلما اطل علينا من البرلمان – يسال -ربما عن حسن نية !السيد رئيس الحكومة عن اسماء هؤلاء الحيوانات والعفاريت الادمية التي تنخر اقتصاد المغرب ومؤسساته الحيوية.
    واحيله على هذا الجزء من المقال ليتاكد بنفسه ان بقيت لذيه ذرة من شك.

    "كيفما كان الأمر، فإن ما انتظره المغاربة، بعد نشر غسيل الحزب الإداري السري الذي سيطر لفترة طويلة على دواليب الإدارة، ليحول أموال الدولة المغربية ورأسمالها وأراضيها وأملاكها إلى حسابه الخاص، ما انتظره المغاربة، هو حل هذا "الحزب" ومحاكمته، والانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة على أساس مسلسل إصلاحي متزن وحقيقي. ذ

  • Krimou El Ouajdi
    الجمعة 1 مارس 2013 - 19:46

    محمد أديب السلاوي Merci cher compatriote:
    de la publication de ces données. Je trouve que c'est inadmissible qu'on ne crée pas une commission qui se charge pour mettre de la lumière sur tous ces dossiers et ainsi présenter toutes les personnes concernées devant la justice. Cette dernière doit rendre justice au peuple tant sur le plan matériels que moral. Le retour de tous les biens est exigé. On ne peut en aucun cas fermer les yeux sur ces affaires, les responsables administratifs etc..vont continuer à détourner comme et quand ils veulent. Que je sache, l’état, à un moment donné, dans le cadre de la commission Instance Équité et Réconciliation a payé le prix, et a bien fait, pour régler le dossier d’un groupe de compatriotes touchés moralement et/ou physiquement. Je ne comprends pour quoi on n’applique pas les mêmes règles puisque cette fois-ci, c’ est tout le peuple qui touché. De cette manière on peut partir sur une bonne bas.

  • محمد
    الجمعة 1 مارس 2013 - 21:23

    السؤال الذي تطرحه هذه الحالة الشادة من الإهدار المتعدد الصفات،
    ليس هو :ما هي الجهة أو الجهات التي يمكن محاسبتها عن هذا الإهدار، الذي جر المغرب إلى الفشل والانحطاط… والذي أصابه نهاية القرن الماضي بالسكتة القلبية، وبالعديد من الأمراض الفتاكة، هل هي الإدارة أم السياسة؟بل
    لماذا عندما يصل المغربي إلى المنصب الممتاز يعمل لحسابه الخاص والمغاربة كلهم سلبيون ينظرون إليه دون أن يقوموا سوى بالبكاء ؟

  • ابن البلد
    الجمعة 1 مارس 2013 - 22:10

    أمال المغرب والشعب المغربي الفقير ليس لها راعييييييييييييييييييييييييي

    شكرا لك أيها الكاتب على على التوضيح , أكتب وجاهد تانميرت .

  • Abdulah
    السبت 2 مارس 2013 - 05:26

    المغرب بلد غني ولولا هؤلاء المجرمين لكان لكل مغربي عمل محترم ومسكن لائق. المشكلة تكمن في كون معظم المغاربة مشغولين بأعباء الحياة ومنهوكين بفواتر الماء والكهرباء وهذه سياسة مقصودة. والأغرب من هذا كله أن الملك لا يفعل شئا إتجاه هذا النزيف المستمر لأموال الدولة فتجده يذهب إلى دول الخليج لطلب الدعم المالي وأموالنا تنهبها شرذمة من التماسح والعفاريت والدينصورات…

  • إحدى الحقائق
    السبت 2 مارس 2013 - 10:13

    من بين أوجه هدر المال العام ببلادنا، الريع الإداري الذي وجد له أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مخرجا "شرعيا" حين أقدم على إسناد مناصب المسؤولية الإدارية الثقيلة للمنتسبين للزاوية البودشيشية "العارفين" بالله مثل أحمد غاني الجاخل تماما بالشأن الديني والإداري على حد سواء جاء به من حقل التعليم ليقتسم معه بعضا من "الكعكة " ، فلم يكتف "المندوب الجهوي للشؤون الاسلامية" بأن تطاول على مهمة ليست من قياسه، بل تجرأ على التزوير والاختلاس واستغلاله للنفوذ ليحتكر ما ليس له، بينما الوزير "الداهية" فضل التستر عليه بكل ما أوتي من قوة ونفوذ وجبروت، في الوقت الذي "تصدى بشجاعة" للصادقين… ا

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب