دلالات الرد الجزائري العنيف ضد المغرب

دلالات الرد الجزائري العنيف ضد المغرب
السبت 2 مارس 2013 - 22:16

هناك حاجة إلى قراءة دلالات الرد العنيف الذي ردت به الجزائر على تصريحات رئيس الحكومة المغربية، وسبب اقتصاره على قضية الصحراء دون قضية أزمة مالي. إذ ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها رئيس الحكومة، بل عدد من المسؤولين المغاربة من قبله، وعلى مدى ثلاثة عقود من الزمن، بأن قضية الصحراء لن تجد حلها إلا عبر حوار مباشر بين المغرب والجزائر، وأن الجزائر، حتى ولو تنكرت لذلك، تعتبر طرفا أساسيا في النزاع، وليست كما تزعم طرفا “يشجع الطرفين على إيجاد حل في كنف احترام الشرعية الدولية”.

فما الذي استجد في تقديرات الدبلوماسية الجزائرية حتى ترد هذا الرد العنيف وتتهم من خلالها الرؤية المغربية بالسطحية وعدم العمق والافتعال والخداع، وغيرها من المفردات التي تعكس توتر الموقف الجزائري وانزعاجه من مواقف مغربية اعتاد لأزيد من ثلاثين سنة على سماعها؟ وما الذي جعل الجزائر تقتصر في الرد على قضية الصحراء دون الإشارة بكلمة واحدة إلى انتقادات رئيس الحكومة للتدبير الجزائري الانفرادي لملف لأزمة في مالي قبل التدخل العسكري الفرنسي؟

ومع أن المسألتين مختلفتين تماما، إلا أن الجواب عنهما واحد، إذ أن الذي يوحدهما هو التوقيت الذي يأخذ هنا وجهين: التوقيت بالنظر إلى التطورات الداخلية التي تعيشها الجزائر، والتوقيت بالنظر إلى التطورات الخارجية.

أما بالنظر إلى الاعتبار الداخلي، فإن أكبر رهان تعيشه الجزائر هذه الأيام، هو تحدي الانتخابات الرئاسية وقضية التعديل الدستوري وتوقيته، وهل يأتي قبل الانتخابات أم بعدها، وبالضبط القضية الجوهرية في هذا التعديل والمرتبطة بتحديد ولايات رئيس الدولة..

أما بالنظر إلى التطورات الخارجية، فيرتبط الأمر، بالخلاصات التي تم التوصل إليها في مالي بعد التدخل العسكري الفرنسي، ومسؤولية الجزائر القبلية والبعدية في تعقيد الوضع الأمني من خلال علاقاتها بأطراف النزاع، وموقع جبهة البوليساريو في هذه المعادلة.

ولذلك، حرصت الجزائر في ردها العنيف على الاقتصار على قضية الصحراء دون قضية مالي، واختارت أن تصعد اللهجة ضد المغرب حتى تخلق حالة تحدي خارجي (مغربي) يستهدف الجزائر، تبرر بها الحاجة إلى وجود رئيس قوي قادر على مواجهته لإبطال مطالب المعارضة السياسية بتحديد ولايات الرئيس في الدستور الجزائري القادم، أو لتسويغ تقديم الانتخابات الرئاسية على التعديل الدستوري. ولعل هذا ما يفسر عودة الجزائر إلى استعمال أسلوبها البومديني التقليدي باستعادة أسطوانة تصفية الاستعمار، والحديث عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مع أن الدبلوماسية الجزائرية تفهم جيدا أن الحكم الذاتي يعتبر شكلا من أشكال تقرير المصير، وأن منظومة الأمم المتحدة لا تعتبر الاستقلال الشكل الوحيد لتقرير المصير، بل إن رفع حالة التحدي وصلت ذروتها مع استثمار الحدث وبعث الرئيس الجزائري رسالة إلى الأمين العام لجبهة “البوليساريو” بمناسبة الاحتفال بالذكرى 37 لإعلان الجمهورية الوهمية يؤكد فيها أن الجزائر لن تدخر جهداً في مساعدة الشعب الصحراوي على ممارسة حقه في تقرير المصير!

الخلاصة، أن الجزائر التي اعتادت أن تسمع الموقف المغربي بشتى اللغات، الحادة واللطيفة، وجدت اليوم في تصريحات رئيس الحكومة المغربي الذريعة التي كانت تفتقدها لتوظيفها في السجال السياسي الداخلي، لتقوية مواقع الرافضين لتعديل المادة 74 من الدستور التي تخص تحديد ولايات رئيس الدولة، حتى يتمكن السيد بوتفليقة ضمان ولاية جديدة في الرئاسة، وذلك ضدا على مطالب المعارضة السياسية وضدا على منطق التحولات السياسية التي عاشها العالم العربي مع ربيع الشعوب.

ولذلك، اختارت الجزائر عدم الرد بخصوص قضية مالي، لأن المستهدف من ردها سيكون أكثر من طرف ربما يتقاسمون وجهة نظر السيد رئيس الحكومة المغربية لاسيما بعد التعقيد الأمني الذي وصلت إليه الأزمة بعد التدخل العسكري الفرنسي، وبعد مواقف معاكسة للمنطق الدولي والإفريقي في المنطقة، أبدتها بعض أطراف النزاع مثل حركة أزواد التي هددت باستئناف الحرب على الجيش المالي، مما قد يفيد بأن الجزائر التي كانت تحتفظ بعلاقات متينة مع أطراف النزاع في مالي قبل التدخل العسكري الفرنسي، لا يستبعد أن يكون لها يد في تعقيد الملف الأمني أو على الأقل كانت تعمل على اختلاق الأوضاع التي تجعلها ماسكة بكل الخيوط، ضامنة بذلك أن الحل لا يمكن أن يمر إلا عبر بوابتها.

‫تعليقات الزوار

10
  • Krimou El Ouajdi
    السبت 2 مارس 2013 - 23:36

    Merci pour vous cher compatriote de cette analyse clair et précise qui nous permet de comprendre un domaine qui nécessite plus de spécialisation et qui n'est pas à la portée de tout le monde.

  • bop35
    السبت 2 مارس 2013 - 23:45

    Sachez quelque choses, que les F.L.N – dernière dictature pure et dure du monde arabe- leur ennemi numéro 1 sur terre et dans l'espace c'est le Maroc et "lmrarka" donc, il faut arreter de les courtoiser ça sert à rien je dirais même si le maroc avait le moyen de construire un mur tout au long de la frontière avec eux ça serai bien…

  • حمزة
    السبت 2 مارس 2013 - 23:50

    الجزائر مثل الدول المتخلفة سياسيا وإقتصاديا في دول أمريكا الجنوبية.

  • صلاح الدين
    الأحد 3 مارس 2013 - 00:03

    المغرب افضل من الجزائر في كل شيء, لذلك السبب هم دائما يبدؤون بالمشاكل من لا شيء…و الصحراء مغربية و ستضل مغربية رغم انوف البعض

  • simo
    الأحد 3 مارس 2013 - 00:12

    لنكن واقعيين ونسمي الاشياء بأسمائها نظام الجزائر هش جدا ونحن نعطيهم اكثر من حجمهم. هذه القضية لو كانت في يد الرجال الذين يخافون الله وحده فلن يتطلب الامر كل هذه السنين من الكر والفر بل لوصل الامر لاسترجاع سبتة ومليلية ومعها موريتانيا. المشكل اين يكمن المشكل ليس البوليزاريو وليست اموال الجزائر المشكل يكمن في ضعف التسيير في كل الميادين الى جانب استفحال الفساد وتبعاته وانعدام العدل. نعم عدونا هو الفساد والمفسدون و هم سبب تخلفنا. لو كان هناك عدل وتمت محاسبة كل من سولت له نفسه العبث لكنا دولة غنية بشعبها واقتصادها وفي هيبتها ولن يجرء العالم كله علينا

  • محمد
    الأحد 3 مارس 2013 - 22:16

    هناك حلقة مفقودة في هذه الحرب الباردة بين المغرب والجزائر تتجلى أساسا في الصحراء الشرقية بما فيها تيندوف.
    لو أن المغرب يجلس للمفاوضات مع الطرف الجزائري ويتنازل على صحرائه الشرقية لصالح الجزائر وهي بالمقابل تعترف بسيادة المغرب على جنوبه ،نفس الطريقة التي سلكها المرحوم الحسن الثاني مع موريتانيا ،اذ تنازل لها عن شطر من الارض محررة بما فيها الداخلة ،لكن موريطانيا في ما بعد ردتها للمغرب بسبب كثرة الاعتداءات عليها من جبهة البوليزاريو .
    وكذا الاعتراف الغير المعلن من الجارة الشمالية مقابلة امتيازات اقتصادية في هذا الظرف الحالي والأزمة العالمية .

  • أبو هاله
    الأحد 3 مارس 2013 - 22:39

    في كل المناسبات وفي جل المحافل الدولية والإقليمية نجد مسؤولي الدولة الشقيقة وإن كنت أتحفظ من كلمة الشقيقة لا يألون جهدا بنعت المغرب ونظامه بالدولة الاستعمارية والإمبريالية اعتبارا منهم أنه سلب أرضا ليست ملكا له دون أن يكلفوا نفسهم عناء الرجوع للتاريخ الذي لا يتماشى مع أطروحاتهم وادعاءاتهم الوهمية بل والذي يفند هذه الأقاويل وإن كان القرن الثاني والثالث عشر وإلى أواخر القرن الرابع عشر ميلادي خير مرجع لتصحيح أخطائهم ومفاهيمهم المغلوطة تجاه دولة لم تكن لهم يوما سوى خير جار وأصدق صديق في السراء والضراء بل وخير من ساعدهم على نيل استقلالهم وما كان من جزاء إلا بما جازى به السنمار ولم نحصد من وراء حسن الجوار إلا المكر والخداع وكانت حرب 1963 خير دليل بل واقتطعوا من تراب وطننا العزيز جزءا مهما كحاسي بيضا وحاسي مسعود وصحراء تندوف بآلاف الهكتارات ومع كل هذا لم ننعتهم يوما بالمستعمرين ولا بناهبي أملاك وثروات كل المغاربة الذين تم طردهم في عهد الجنرال بومدين وقذفوا بهم إلى وطنهم بدون سابق إنذار بل لم يتركوا ولو لحظة قصيرة لهم ليجمعوا أرزاقهم ويبيعوا ممتلكاتهم فما عسانا أن نقول لهذا الجار: حسبنا الله.

  • naim
    الأحد 3 مارس 2013 - 22:48

    je pense que l'algerie nous defie et ce qu'il faut faire soit batir un mur tout au long des frontieres soit rompre les relations car les generaux d'algerie savent que la persistence du coflit est a leur faveur pour s'enrichir.dima maroc.

  • Google earth
    الإثنين 4 مارس 2013 - 11:28

    Sorry I have to comment in English ,I was looking at the Algerian news paper just now and I saw how the way that the Algerian accuse Moroccans about the kid. Held in morocco because of sex abuse and I see how the Moroccans acuse the Algerians about Sahara oxi well I just wanna say be a good neibourght specially the people lets the both governments faith they are the same corrupt

  • saad
    الإثنين 4 مارس 2013 - 13:05

    l algerie va a l enfer . a cause de son gougernement alphabetique malheureusement, les caporale de france a l epauque, voila les resultats maintenant

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس