ديموقراطية الربيع العربي

ديموقراطية الربيع العربي
السبت 2 مارس 2013 - 22:09

إن ما تعيشه دول الربيع العربي من فوضى و اضطرابات تكاد تعصف بكيان الدولة وأركانها يجعلنا نطرح أكثر من تساؤل :

ـ هل الشعوب العربية بحكم تاريخها وثقافتها وفكرها قادرة على اختيا منظومة تحكمها وتلتزم باختيارها؟

ـ هل الديموقراطية كأداة لتدبير شؤون الحكم قابلة للتطبيق على النموذج العربي؟

ـ ألا يمكن اعتبار الأنظمة الفيودالية والديكتاتورية المتسلطةبجل الدول العربية نجحت على الأقل في ضبط أركان الدولة واستتباب الأمن ولو نسبيا؟

هذه الأسئلة وكثير منها تطرح نفسها بحدة لما نستقرأ التاريخ العربي عبر الأزمنة إلى أن نصل إلى ما بعد الربيع العربي.

ربما فشلت الثورات المتتالية بالعالم العربي في القرن الماضي لكونها كانت انقلابات عسكرية أكثر منها ثورات شعبية. ولذلك أطيح بأنظمة ليأتي بعدها جنرالات العسكر لإحكام سيطرتهم على دواليب الحكم. لكن بعد ثورات تونس، مصر وليبيا التي كانت فيها تلقائية الشعب هي السمة الكبرى ، الكل توسم خيرا وظن أن الشعوب قد فرضت نفسها بقوة لترسم طريق الحرية وتختار لنفسها ما تراه يليق بتدبير شؤونها وإدارة أمرها.

لم يكن بد من الإجماع على أن أداة الديموقراطية هي الوحيدة الكفيلة بإعادة ترتيب البيت الداخلي لهذه الدول.

هنا نتوقف عند النموذج المصري على اعتبار أن هذا البلد يعتبر الأهم والأكبر على الصعيدين العربي والإسلامي.

ليس المجال هنا لتشخيص ما آلت إليه الأوضاع عبر سنون حكم الجيش، حيث أصبح الشعب المصري أقل من تحصى مشاكله وهمومه من فرط الذل والفقر والإستعباد.

لأول مرة في تاريخ هذا البلد تجرى انتخابات نزيهة وشفافة بإجماع المراقبين المحليين والدوليين، ولأول مرة يمنح الشعب حريته كاملة لاختيار من يحكمه دون وصاية أو قيد أو شرط أو تزوير لإرادته.

من البديهيات في اللعبة الديموقراطية أن يكون هناك منتصر ومنهزم، بل من الضروري أن يكون الطرف المنهزم هو من يكمل أركان الحكم بلعبه دور المعارضة واستعداده لخوض الإستحقاقات القادمة.

وهنا مفصل القضية، حيث أن المنهزمين ومن اليوم الأول تجندوا بكل ما أوتوا من قوة لتكسير الحلم الجميل الذي عاشه الشعب المصري ومعه الأمة العربية جمعاء.

تحرك المنهزمون المتنافرون بالأمس القريب ليتوحدوا مع بقايا وفلول النظام البائد لتشكيل جبهة إنقاذهم من اختيار الشعب. تحركت الأموال الفاسدة من الداخل والخارج لتحريك الرعاء للإفساد في الأرض، وتحركت ديكتاتورية الإعلام لتحريف وتزييف الواقع، والكل توافق على أن يدخل التجربة في النفق المسدود، والنزول على الشعب المسكين بأشد العقوبات لاختياره، ما أشبه هذا السيناريو بتجربة الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، مع تغير الوسائل.

أصبحت تسمع المنظرين (النخبة) يتحدثون عن جهل وأمية الناخبين، وأن من صوت للإتجاه الآخر يعدون الألف بالواحد منهم. وأصبحت لديهم الديموقراطية ليست بالصناديق، وأصبح لديهم الرئيس المنتخب ليس رئيسا إلا للنسبة التي صوتت له.

وصار كل نكرة بإعلام الأمس، يلعق أحذية ضباط أمن الدولة، يحمل سيف الشجاعة والنظال كأنه (دونكيشوت) ليتجرأ على رئيس الدولة المنتخب ليقدحه وينعته ويلمزه.

وأصبح قصر الرئاسة، رمز أكبر سلطة في البلد تنتهك حرمته كل يوم من قبل البلطجية وأبناء الشارع، وصار آخر عسكري أو ضابط بالجيش يكن له الإحترام أكثر من الرئيس المنتخب.

نعم أصبح من باعوا ضمائرهم وقضايا الأمة بثمن بخس (جائزة نوبل) يدلون بدلوهم و يفرضون الشروط لدعوات الحوار المتتالية. وفتحت القنوات والجرئد المأجورة للرويبضات ولكل من لها أو له عاهة عقلية أو فكرية للنيل من رئيسهم المنتخب.

لم تنئى مؤسسة القضاء بنفسها عن المعركة ضد الديمقراطية، حيث أصبحت نوادي القضاة وجمعياتها العامة فرصة لإصدار البلاغات والتهديد والوعيد لمؤسسة الرئاسة.

ودفع الناس دفعا للتمرد والعصيان لإيقاف عجلة الإقتصاد والزج بالبلاد في نفق الفوضى واللامن، حتى أن من المنهزمين من صار يدعوا إلى الإنقلاب على الشرعية عبر الإطاحة بالرئيس المنتخب وعودة الجيش للحكم، ومنهم من دعى علانية تدخل الغرب لحماية الشعب المصري من نفسه ومن اختياراته لأنه قاصر وأمي وجاهل.

كل هذا الكم الهائل من الكيد والمكر بالليل والنهار، ولم يمر على انتخاب الرئيس سوى بضعة أشهر لم يتحين فيها فرصة ليشد نفسه.

إن الرئيس أوباما لما انتخب، لم يفز بأكثر من نسبة تزيد قليلا على %50 ، ولكن بمجرد إعلان النتيجة لم عد مسموحا أبدا لمنافسه أو أي أحد من الأمركيين أن يطاب بإسقاط الرئيس بدعوى أنه لا يمثل إلا النسبة التي صوتت له، وهو الذي أمضى أربع سنوات بالبيت الأبيض ولم تحقق سياساته إجماعا لدى الشعب الأمريكي، ولم تحل مشاكله الإجتماعية والإقتصادية، ومع ذلك لم يخرج عليه رومني وماكين بجبهة إنقاذ وطنية مطالبين مصر بالتدخل للإطاحة بحكمه.

ولم يخرج بلطجية نيويورك ونيجيرزي وواشنطن لحرق المؤسسات العمومية ورمي البيت الأبيض بالمولوتوف. وتعاملت الصحافة التي تحترم نفسها وتقدر معنى الحريات بكل مسؤولية واحترام لإرادة الشعب واختياراته دون فرض واية عليه.

فهل قدرنا كشعوب عربية أن نعيش بين سندان الملك العاض ومطرقة الفوضى واللأمن.

‫تعليقات الزوار

4
  • Young assoussi
    الأحد 3 مارس 2013 - 01:50

    بعد ما أن ظن العرقيون العرب أنهم حسموا في تعريب الأمازيغ وبلدهم, يفاجؤون اليوم بعد أن سخروا الإعلام والتعليم لإحاطة عروبتهم بالبريق واللمعان وتشويه الأمازيغ وتزوير تاريخهم بصحوة أمازيغية ضاربة رغم أنها في بدايتها. ففهموا أن السحر إنقلب على الساحر.أصيب القومجيين بالسكيتزوفرينية لما يتوقعونه من فشل الفكر العروبي بشمال أفريقيا بعد أن سخروا كل مقومات الدولة لِإكتمال جريمة التعريب. هذه الحيرة جعلتهم يكثفون في حملاتهم التظليلية وإطلاق يد العصابات البوليسية ضد المناضلين الأمازيغ.نلاحظ عبر جرائدهم وقنواتهم الإداعية ومحاظراتهم بعد كل عشر كلمات يقحمون لَقبَ عَربِي من قَبِيل: الربيع العربي ,المغرب العربي ,الوطن العربي ,الكوكب العربي ,الأمازيغ العربي,البطِّيخ العربي….هذا إبتزاز لِالأمازيغ. يظن العربان أن بتكرار لقب عربي وانتشاره وشبه الإجماع الحاصل حوله، سيصبح بمثابة حقائق ثابتة ومسلمات بديهية تشكّل الإطار المرجعي الذي صنعه وقام بحراسته المخزن العروبي.لا نَطلب منكم أن تَخجلوا لأن بالنسبة لكم تعريب العالم يفوق الخجل ,العدالة الديموقراطية وحتى الإستقرار والأمن.

  • amazigh
    الأحد 3 مارس 2013 - 16:57

    بعد ما أن ظن العرقيون العرب أنهم حسموا في تعريب الأمازيغ وبلدهم, يفاجؤون اليوم بعد أن سخروا الإعلام والتعليم لإحاطة عروبتهم بالبريق واللمعان وتشويه الأمازيغ وتزوير تاريخهم بصحوة أمازيغية ضاربة رغم أنها في بدايتها. ففهموا أن السحر إنقلب على الساحر.أصيب القومجيين بالسكيتزوفرينية لما يتوقعونه من فشل الفكر العروبي بشمال أفريقيا بعد أن سخروا كل مقومات الدولة لِإكتمال جريمة التعريب. هذه الحيرة جعلتهم يكثفون في حملاتهم التظليلية وإطلاق يد العصابات البوليسية ضد المناضلين الأمازيغ.نلاحظ عبر جرائدهم وقنواتهم الإداعية ومحاظراتهم بعد كل عشر كلمات يقحمون لَقبَ عَربِي من قَبِيل: الربيع العربي ,المغرب العربي ,الوطن العربي ,الكوكب العربي ,الأمازيغ العربي,البطِّيخ العربي….هذا إبتزاز لِالأمازيغ. يظن العربان أن بتكرار لقب عربي وانتشاره وشبه الإجماع الحاصل حوله، سيصبح بمثابة حقائق ثابتة ومسلمات بديهية تشكّل الإطار المرجعي الذي صنعه وقام بحراسته المخزن العروبي.لا نَطلب منكم أن تَخجلوا لأن بالنسبة لكم تعريب العالم يفوق الخجل ,العدالة الديموقراطية وحتى الإستقرار والأمن.

  • حسين عامر
    الأحد 3 مارس 2013 - 22:19

    الأستاذ الفاضل والكاتب المتميز عبد المجيد أحييك على هذه المقالة والتي تبين أنك متابع جيد للأحداث الواقعة في مصر وصاحب قلم يعبر عن الواقع المرير
    فعلى الرغم من الاصلاحات الكثيرة للرئيس وأعلانه عن اتخاذ اجراءات كثيرة في صالح المواطن وهذه الاجراءات صار لها أثرا ملموسا على الجميع
    ولا يخفى علينا أن منظومة الاصلاح تعمل وسط قصف إعلامي تديره أجهزة مخابرات على كفاءة قتالية عالية في التشويه والتضليل والإفك بالإضافة إلى فلول النظام السابق واللصوص المنتفعين من الفوضى وجبهة تخريب مصر والبلاك دوج ووو……….
    أتمنى أن نكون عونا للمشروع الإسلامي نقف وراءه ونشد من أزره
    فلست قلقًا أبدا من تآمر ومكر الآخرين، ولكني مرعوب من ثلاثة أمور:
    الأول: تقصير وتخاذل البعض منا عن القيام بواجباته الدينية والدنيوية.
    والثاني: حرص البعض منا (أعني المنتمين للتيار الإسلامي)على المناصب والتنافس عليها، وطلب التصدر.
    والثالث: فساد ذات البين والتنازع، وشيوع الغيبة والنميمة.
    فعلى كل من يستطيع وضع لبنة في هذه الثغور ألا يتأخر.

  • tamazgha
    الأحد 3 مارس 2013 - 22:35

    بعد ما أن ظن العرقيون العرب أنهم حسموا في تعريب الأمازيغ وبلدهم, يفاجؤون اليوم بعد أن سخروا الإعلام والتعليم لإحاطة عروبتهم بالبريق واللمعان وتشويه الأمازيغ وتزوير تاريخهم بصحوة أمازيغية ضاربة رغم أنها في بدايتها. ففهموا أن السحر إنقلب على الساحر.أصيب القومجيين بالسكيتزوفرينية لما يتوقعونه من فشل الفكر العروبي بشمال أفريقيا بعد أن سخروا كل مقومات الدولة لِإكتمال جريمة التعريب. هذه الحيرة جعلتهم يكثفون في حملاتهم التظليلية وإطلاق يد العصابات البوليسية ضد المناضلين الأمازيغ.نلاحظ عبر جرائدهم وقنواتهم الإداعية ومحاظراتهم بعد كل عشر كلمات يقحمون لَقبَ عَربِي من قَبِيل: الربيع العربي ,المغرب العربي ,الوطن العربي ,الكوكب العربي ,الأمازيغ العربي,البطِّيخ العربي….هذا إبتزاز لِالأمازيغ. يظن العربان أن بتكرار لقب عربي وانتشاره وشبه الإجماع الحاصل حوله، سيصبح بمثابة حقائق ثابتة ومسلمات بديهية تشكّل الإطار المرجعي الذي صنعه وقام بحراسته المخزن العروبي.لا نَطلب منكم أن تَخجلوا لأن بالنسبة لكم تعريب العالم يفوق الخجل ,العدالة الديموقراطية وحتى الإستقرار والأمن.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين