بائعوا الوهم

بائعوا الوهم
الجمعة 4 يوليوز 2008 - 20:42

اعتدنا في بلدنا الحبيب ان نسمع بين الفينة والاخرى من بعض عشاق الوهم ذلك الكلام الجميل والمنمق الذي يسير على منوال المغرب اجمل بلد في العالم,مما يجعل البعض يعتقد حقا ان الامور تمشي بصورة ممتازة بل ومثالية وان الرفاهية المنشودة التي ظللنا نحلم بها كمغاربة لعقود قد تحققت..


اخر ما سمعت من مثل هذا الكلام هو ذلك المقال المنشور في موقع الوكالة الوطنية لانعاش الشغل والكفاءات, والذي تحدث باسهاب عن تلك المائدة المستديرة التي جمعت عددا من الفاعلين في مجال السياحة لتدارس جودة التكوين السياحي بالمغرب وعلاقته بسوق الشغل.


وكخلاصة لما جاء في هذا النقاش الحار, تحدث علي غنام ممثل الهيئة الوطنية للسياحة عن ان معظم مخططات السياحة تتقدم باسثناء المتعلق بتكوين الاطر والشغيلة في الميدان و الذي لا يزال دون مستوى تطلعات المقاولات السياحية,واضاف حفيظ كمال مدير الوكالة الوطنية لانعاش الشغل والكفاءات عن ان بعض المناطق سوف يقع بها خصاص كبير في هذا المجال كمراكش التي تحتاج في غضون السنتين القادمتين الى اكثر من 20.000 عامل, وفي نفس الاتجاه تحدث الكتاني عن ان السعيدية لوحدها تحتاج لاكثر من 1.500 عامل في غضون الاشهر الثلاث القادمة,كما تحدث محمد مفكر ممثل هيئة الصناعة التقليدية عن خريجي المعاهد الكبرى للسياحة في المغرب, والذين يشتغلون في قطاعات بعيدة عن السياحة كالابناك و فروع التامين, وخلصت كاثرين بارو عن مجموعة مطاعم اجنبية ان مشكل طلبة القطاع السياحي يكمن في ان بعضهم غير مقتنع بتاتا بهذا الميدان الذي يحتاج الى جدية وعمل شاق.


ولعل ان ابرز ما جاء في هذا اللقاء مللنا من سماعه خاصة ما يتعلق بتشغيل الالاف من حملة الشواهد السياحية,فباستثناء المداخلتان الاخيرتان واللتان تكلما بموضوعية عن القطاع, لا زال البقية يبيعوننا نفس الكلام المنمق البعيد عن الحقيقة, ولعل ابسط مثال هو ان اكثر من نصف الطلبة الحاملين لشواهد في المجال السياحي لا زالوا دون عمل يذكر..


ربما ان اكثر مداخلة تجلى فيها التناقض هي تلك الذي تحدث فيها عبد اللطيف منير ممثل قطاع التكوين المهني, والذي قال ان عددا من الشركاء الاجانب يريدون تشغيل عدد من خريجي المعاهد السياحية المغربية,لكن حاجة المغرب اليهم في السنوات القادمة تجعل ممثلي قطاع التكوين المهني يرفضون مثل هذه الشراكات وبالتالي الاحتفاظ بالموارد البشرية في انتظار العمل الذي ياتي وقد لا ياتي.


وربما نسي عبد اللطيف منير ان الموارد البشرية في المغرب قد تصب عليه جام غضبها ان سمعت بهذا الكلام,فحتى من يشتغل حاليا في الفنادق يعيش في ظروف جد مزرية على اعتبار انهم ممنوعين من عدة حقوق, والاكثرية منهم يشتغلون بدون ضمان اجتماعي و بمجرد اتفاق محدود لا يتجاوز في افضل الاحوال سنتين,اما من يحمل شواهد في المجال السياحي ويبحث عن مجرد عمل باي اجر كان-حتى ولو كان اقل من السميك- فالاكيد انه سيجن لما يعرف ان عبد اللطيف يمنعه من طلب رزقه في بلد اخر, (ما خدموتنا ما خليتو الناس يخدومونا….)


لو كان حقا هناك مصداقية لذلك الدبلوم الذي حصلنا عليه بعد قضاء سنتين في التكوين ولو كانت هناك مصداقية لذلك الكلام الذي يلوكونه صباح مساء,لانهالت علينا العروض فور تخرجنا من المعهد, ولوجدنا عملا بمجرد وضعنا لطلب عمل في احدى الوكالات المتخصصة بايجاد وظائف للمتخرجين, فحتى كون بعض الشعب تتطلب مستوى دراسي محدد, كمستوى التقني المتخصص الذي يعد بمثابة باك+2 ,الا ان اغلب حاملي هذا الدبلوم لا يزال عالقا في شباك العطالة او في كثير من الاحوال يشتغلون في قطاعات يعيدة عن الميدان السياحي..


انهم يتحدثون عن توظيف الالاف, ويتناسون ان العشرات تنتظر مجرد عمل, وان اردنا افضل دليل فاسئلوا طلبة تسيير وكالات الاسفار عن اوضاعهم, او طلبة التسويق السياحي, سوف تجد ان نصفهم بدون عمل, والنصف الاخر اختار اكمال دراسته كي يرجئ خيبة عدم التوظيف الى اجل مسمى,انهم يتحدثون عن ضعف جودة التكوين السياحي ويتناسون انهم كانوا سببا في هذه الحالة المزرية التي يعيشها التكوين بالقطاع, فبعض الشعب لا يتوافر بها اساتذة متخصصون, والنظام التعليمي ضعيف ولا يرقى الى مستوى التكوين الحقيقي, فلا يعقل مثلا ان يبقى طلبة تسيير وكالا الاسفار دون اساتذة المواد الاساسية,فهذا اكبر ضحك على ذقون من يقولون انهم هم حاملوا مشعل السياحة بالمغرب…


انهم يتحدثون عن هيكلة القطاع,بينما نصف من يشتغل في القطاع السياحي لا يمتلك اي شهادة ميدانية تذكر سوى انه يعرف فلان وفلان ادخله لانه يعرف فلان , ولعل ابرز مثال ان من يسير كثير من الفنادق ووكالات الاسفار جاد على اقربائه واصدقائه بنصف الوظائف,وجعل النصف الاخر يتنافس عليها ابناء الشعب.


ان مشكلة القطاع لا تكمن فقط في عدم جودة التكوين,بل تتعداه لتصل الى من يسير دواليب السياحة بالبلد,فالواضح ان هناك لوبي قوي يتحكم بالقطاع ويسيره على هواه وكما يريد,لوبي جعل من هذا القطاع وسيلة للاغتناء بعيدا عن التفكير ان من واجبهم التفكير في الموارد البشرية وكيفية استغلاللها على النحو الاحسن, وبجانب هذا اللوبي نجد مشكل عدم وجود صلة ربط بين المقاولات السياحية وبين مراكز التكوين, فلا عجب ان كثير من المقاولت لا يثقون في جودة خريجي هذه المراكز,وبالتلي تثق في بعض من تتوافر لديهم التجربة على حساب من يحمل الدبلوم,زد على ذلك ان توزيع الاجور في القطاع يخضع لمحسوبية لمعايير بعيدة عن الموضوعية,ففي نفس المقاولة,تجد هناك من يربح اكثر من 5.000 درهم والبقية لا يتجاوز اجرهم 2.000 درهم, في مؤشر على عدم وجود اي قدم للمساواة مما يجعل الكثير من الشغيلة ينتظرون هبة من الزبائن,حتى ولو فكروا في اكثر الطرق احتيالا للحصول عليها.


ان كانوا يتحدثون عن جودة القطاع,فلماذا لا يجيبونا عن اسئلة وجيهة, لماذا من يمتلك شهادة متميزة كالتقنيي المتخصص لا يجد عملا في حين من يمتلك شهادة التاهيل المهني يشتغل في اسوا الظروف؟؟,لماذا تحولت عدد من المعاهد المتخصصة في السياحة والفندقة الى ساحة للمضاربات قوامها من يدفع اكثر يدخل ليدرس ومن اتى يعول على مستواه الدراسي فقط فمن الاحسن له ان يوفر عناء اجتياز المباراة كما يحدث بمعهد اكادير التابع لوزارة السياحة ؟؟ لماذا حقوق العاملين في القطاع مهضومة ولا تزال دون تقدم يذكر؟؟لماذا تعطى الفرصة لمن لا يملك اي شهادة بالقطاع لكي يشتغل بعد تكوين على الطائر لا يتجاوز 3 اشهر كما فعل فندق روبنسون باكادير مؤخرا دون الاهتمام بمن افنى عمره في الدراسة؟؟


ربما ان اكثر هذه الاسئلة وضوحا ودقة هو لماذا تبيعوننا الوهم على انه حقيقة؟؟؟


ولاننا نعرف اجوبتكم مسبقا, فلا داعي لتكرار نفس الكلام الرنان,وفكروا في جواب اخر بعيدا عن من عودتموننا على سماعه…


www.sm3on.canalblog.com

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج