العروس التي تطارد المدعوين.. حقيقة أم خيال؟

العروس التي تطارد المدعوين.. حقيقة أم خيال؟
الثلاثاء 28 ماي 2013 - 21:20

«مثل عروس كانت تنتظر فرح المدعوين بها يوم عرسها، فإذا بالناس يفرون منها ليلة الفرح، فلم تجد من حيلة لإرجاع المدعوين إلى الحفل، إلا أن حملت العصا وأصبحت تطاردهم ليرجعوا إلى أماكنهم. لقد اكتشف المدعوون أن العروس ذميمة وبئيسة، وهي أكبر إساءة إلى الوطن»…

إنها لغة الأمثال والاستعارات التي اختارها رئيس الحكومة كأسلوب لبعث رسائله بعدما ضاق به الحال، ولم يعد قادرا على تصريف آرائه وتوجهاته وبرامجه في قرارات سياسية، وقوانين ومراسيم وتعيينات وإقالات وسياسات عمومية على أرض الواقع، فلجأ إلى أسلوب المعارضة التي توظف الخطابة المنبرية، ووسائل الإعلام، والاحتجاج والمرافعة والنقد أسلوبا للاشتغال، لأنها بعيدة عن القرار. الآن نشهد بدعة سياسية جديدة اسمها المعارضة الحكومية، وهنا أنا لا أنتقد هذا الأسلوب ولا أزكيه، وأعرف أنه جزء من تعقيدات تدبير المرحلة السياسية، وجزء من صعوبات التمرين الديمقراطي، وعنوان لفشل الاحتكام إلى الدستور، ونهاية منطق تدبير الخلاف السياسي بعيدا عن الوثيقة الدستورية.

الآن لنفك أحجية العروس هذه، وسر عودة بنكيران إلى رأس حزب الأصالة والمعاصرة الأقرع، وضربه، لأن ضربه سهل، والدم سيسيل منه بسهولة.

العروس التي يقول بنكيران إن الناس هربوا منها يوم عرسها هي حزب الأصالة والمعاصرة، والمدعوون الذين فروا منها هم الناخبون، ووصفها بالذميمة والبئيسة عنوان عن طبيعة مشروع الحزب السياسي الذي قال بنكيران عنه، أكثر من مرة، إنه كان يهدد استقرار البلاد وسلامة العرش. مناسبة وسياق الحديث وأسباب النزول كلها تقول إن المقصود هو حزب الجرار ليس كمنتوج سياسي فقط، بل كمشروع لإدارة الحكم.

السؤال الآن: لماذا يرجع بنكيران إلى حزب الأصالة والمعاصرة كل مرة، ويشرع في فتح ملفاته واستخراج أوراقه السوداء ومخططاته التي كانت ترمي إلى إنشاء حزب للدولة يكتسح الساحة ويقص أجنحة الإسلاميين، على غرار ما حصل في تونس ومصر ودول أخرى؟ هذا الخطاب وهذا النقد كان له ما يبرره أيام كان المصباح وزعيمه في المعارضة والجرار في الحكم يحصد الأخضر واليابس، لكن بنكيران اليوم في الحكم، وحزبه فاز بضعف الأصوات التي حصل عليها الأصالة والمعاصرة، وهذا الأخير حاليا في المعارضة، وظاهريا لم تعد له أسنان وأظافر كما كانت في السابق، فما المبرر الذي يجعل رئيس الحكومة يرجع إلى حكاية «البام» كل مرة بعدما «شبع فيه نقدا وتقريعا وضربا وتشهيرا» طيلة الحملة الانتخابية الماضية؟ لا أملك جوابا عن هذا السؤال، ولم أسأل بنكيران عن سر هذا الرجوع إلى ملف «البام»، وحتى لو سألته فالراجح أنه لن يجيب بوضوح وصراحة عن هذا الموضوع، لهذا أعرض أمام القراء فرضيتين لحل هذه الأحجية، قد تعينان على الفهم، أما الحكم فأمره سهل.

الفرضية الأولى تقول إن بنكيران يحس بأن حزب الأصالة والمعاصرة وقادته والواقفين خلفه مازالوا يتحركون ضده وضد حكومته في مواقع مختلفة، وأن الحزب فشل انتخابيا أو اضطر إلى الرجوع إلى الوراء بعد أحداث 20 فبراير، لكن أذرعه في الإدارة والإعلام ومواقع أخرى، بعضها حساس جداً، مازالت تشتغل، وهي التي يسميها مرة التماسيح، وأخرى العفاريت، وثالثة «الحياحة». رئيس الحكومة يضغط على الجرح الذي يؤلم جناحا في السلطة يعتبره بنكيران الراعي الرسمي لحزب الأصالة والمعاصرة ومشروعه، وذلك لتخفيف الضغط عليه، وكسب مساحات للحركة في دائرة القرار.

الفرضية الثانية تقول إن بنكيران يعرف أن مشروع الأصالة والمعاصرة كحزب للدولة فشل، وأن الجرار لم يعد يقدم نفسه كبديل عن الأحزاب الحقيقية، بل أصبح يلعب دورا ينحصر في مضايقة حزب المصباح والحد من سرعته واستنزاف جزء من قوته حتى لا يهيمن على الساحة، وأن الجرار لم يعد بديلا، بل صار لاعبا كل طموحه ألا يسجل خصمه أهدافا كثيرة في مرماه، أما الفوز بالكأس أو البطولة فهذا خارج حساباته، على الأقل في هذه الظرفية. بنكيران يعرف هذا لكنه يريد خصما يعلق عليه فشله في إقرار إصلاحات كبرى لم يرها الناس إلى الآن. ومن أفضل من خصم مثل «البام»، الذي جرب بنكيران الحرب عليه ونجح أكثر من مرة. إذن، عوض أن يحاسب المناضلون أو عموم المواطنين رئيس الحكومة على حصيلته، فإنهم مدعوون إلى مساندته في حربه ضد «البام» لأن هذه العروس تطارد الناس بالعصا بعد أن فروا من الحفل، ومازالت تحاول إعادتهم إلى قاعة الأفراح بالخشونة. إذن، مركز الاهتمام الآن ليس الحكومة ولا حصيلتها ولا نهج إدارتها، بل عروس الجرار وعصاها، والمشهد المثير وهي تطارد المدعوين في الشوارع والأزقة.

أيا يكن الأمر فالسؤال الآن هو: هل هذه المنهجية البنكيرانية في إدارة شؤون الحكم ومواجهة الصعوبات ومراكز النفوذ تقربنا من المنهجية الديمقراطية أم تبعدنا أكثر عن بر الأمان، وتدخلنا إلى حفل تنكري لا يعرف حقيقته سوى أصحاب الحفل، أما المدعوون والمتفرجون فلا يرون إلا الأقنعة؟ مرة أخرى، ليس المهم هو الحكم المهم هو الفهم، الآن على الأقل.

❊ مدير نشر “أخبار اليوم المغربية”

‫تعليقات الزوار

12
  • العز
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 21:52

    الحياحة وقصة العروس سيشارك بها بنكيران في مهرجان كان للقوالب السماعيلية وسيلعب مع شوباط فيلم مطول من700 حلقة تحت عنوان // التماسيح والعفاريت تختبىء لتعيش// تاليف نبيل ليس عيوش بل بن عبدالله اخراج لشكر وانتاج المشهد الاعلامي الموزع الرسمي للفيلم المطول

  • العروسة الكارهة
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 23:42

    و العريس هو ب ج دي الدي بقي محاصرا في مكان ما من قاعة الحفل لا يريد رؤية العروسة الكارهة = في الماضي كانوا يزوجوون البنت صغيرة جدا و كانت تكر ه العريس مما يجعل بينهما نفورا لان العريس يكبرها سنا و خشونة =
    عجيب في الدول المتقدمة حين يفوز احد الاحزاب ينتهي الامر ويبقى الاداء و المحاسبة و تنتهي الحملة و ما تلاها
    عندنا يستمر الجدب ربما لان لعصيدة سخونة بزاف

  • sadi9
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 23:49

    ا لعروس …..يمكن ان تكون حقيقة بنصف تصديق.اتفق معك حول لغة الامثال هذه هناك مثل يقول اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ومع بنكيران اشتكي اشتكي حتى يتعاطف معك الناس.الناس تعاطفت في حدود امكاناتها ولكن بدئ اكثر هؤلاء الناس يملون كثرة الشكوى هذه فقد اصبحنا امام سلسلة لا تنتهي من الخصومات الحزبية لهذه التشكيلة الحكومية.سياسيا حصل تقدم واقتصاديا وقع تقهقر.البام حزب لا يمكن تجاهله رغم كل سلبياته لان احد منظرييه لا يمكن تهميشه بسهولة وهذا الصراع مع المصباح سببه الاساسي ايديولوجي.وهو صراع حول المجال العام والخاص للدولة.المصباح يريد ان يكون اخطبوطيا ايضا كجيع الاحزاب.وهنا يصبح العروس بعروسين بعدما رفض الاولى اذ به يغرم بثانية وكل هذا بعد حفل الزفاف المشؤوم.

  • Idder
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 04:33

    الحقيقة المُرّة هي أن بلدنا لا زالت لم تصِل إلى مرحلة أن الحزب الحاكم له كلّ الإمكانات لتنفيذ برنامجه بدون عراقيل. بالتّالي من الطبيعي أن يكون منطلق بنكيران لا يزال نضاليّاً لأنه يعرف حدود سلطته. فَبَدلاً من ترك الملعب فارغا حتّى تظهر قوانين اللعبة (وقد لا يأتي ذلك اليوم أبداً لو إنتظرناه) فإنّه يستعمل أسلوب "آخد ما هو موجود وأُطالب بالمزيد" أي محاولة توسيع هامش الحركة من داخل السلطة. وبما أن هناك تماسيح وعفاريت تنتظره في كلِّ مستويات السلطة والإدارة فمن الطبيعي أن يشتكي، فالشكوى سوف تتوقف مع اتّساع هامش الحركة.

  • احمد
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 10:29

    بعد سنة ونصف من هذه الحكومة نلاحظ كمتتبعين بان الاحزاب الحكومية وخاصة حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال في حملة انتخابية وفي معارضة مستمرتين .هذا السلوك ادى الى انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة. هذا دليل بان ليس هناك انساجم حكومي لاجل اتخاذ قرارات حكومية تصب في تطبيق البرنامج الحكومي وسن قوانين تخدم المصلحة العامة. اسباب هذه الازمة يجب البحث عنها داخل اعضاء الحكومة ورءيسها. اكيد هناك اختلاف حول بعض المواضيع والاوليات وتوزيع الحقاءب ولكن المهم في كيفية تدبير هذا الخلاف والازمة من طرف الفاعلين السياسيين داخل الحكومة. نجاح او فشل الحكومة يرجع الى اداء جميع الفرقاء في الحكومة وعلى راسها السيد بن كيران. ومن طبيعة الحال رءيس الحكومة هو المسؤول الاول عن النجاح اوالفشل. عندما نسمع السيد بن كيران يتحدث بلغة التماسيح والعفاريت وعفى الله عمى سلف والرزق عند الله وما انا الا مجرد رءيس الحكومة وهناك جهات مثل حزب البام ورموزه والعروس التي تطارد المدعوين الذين يعرقلون الاصلاح . هذه كلها دلاءل على ان رءيس الحكومة يبرر فشله بالاختفاء وراء الاوهام. من يمنعه للانسحاب من هذه الحكومة لمصلحة الوطن وPJD?

  • خالد تالوين
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 12:31

    كيف كان السيد بن كيران،رئيس الحكومة الحالي يدافع قبل الإنتخابات وكيف نراه اليوم يهاجم كثيرا ويدافع كدلك أكثر ، لكن لصالح بقاء حزبه والواضح هو عدم وجود نتائج وأهداف لصالح عموم الشعب المغربي تأهله للدور القادم من عصبة الأبطال الدي تنضمه الشعوب للسمو بالكرامة والإعتناء بوضعيتها في جميع المجالات.

  • نورالدين
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 13:09

    يقال الكل في السياسة وارد مادامت تجري وراء مصالح و إعتبارات فإدن ليس بالغريب تحالف الأصالة و المعاصرة مع العدالة و التنمية ،لاننا شهدنا سمفونية تحالف التقدم و الاشتراكية و العدالة و التنمية رغم أن الحزبين مختلفين إديولوجيا.

  • غريب
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 17:03

    استسمح اخواني المغاربة لاقول لكم لم نصل بعد الى مستوى الديمقراطية ولم نعرف بعد التعامل معها. في السابق لم نكن نرى الوزير الاول الا في الاحتفال بعيد العرش او الخطابات الملكية وحتى عباس الفاسي لم نسمع صوته ولم يحاسبه البرلمانيون يوما. اما بن كيران فقد جاء باسلوب جديد سيفسد على الطامعين في الاستوزار نشوتهم بحقيبتهم التي ستجرهم للمحاسبة امام البرلمان وامام الشعب. فالعدالة والتنمية حزب انطلق من الشعب اي من القاعدة المقهورة والاصالة والمعاصرة جاء من القمة ليحكم القاعدة وتمكن من تثبيت هياكل مهمة في الدولة وهي الان التي تعرقل اعمال بن كيران.

  • مهتم
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 22:55

    دائما ماأقرأ مقالات بوعشرين، ودائما ماكنت تصيب الحقيقة أو تقاربها كثيرا، بل وتقترب من الرأي العام الغير المبلقن، لكن هذه المرة لم يحالفه الصواب، نعم اقترب منه شيئا ما في الفرضية الأولى، ثم ابتعد إما مغالطة ودهاء خوفا من أمر ما، أو لم يعمق البحث جيدا وهذا ما نستبعده، بنكيران يا سيدي يعرف لماذا يهاجم البام ومن معه، والناس جميعا تعرف من أين تبدأ وتنتهي مطابخ السياسة في البلد، وما شباط وغيره ممن يطلعون علينا سوى أشباح لمن هو في الظل يحرك اللعبة وينتظر ردود الأفعال: إننا نفهم ولربما بل يقينا أنت تفهم لماذا يركز بنكيران على البام وما حوله، ويتناسى شباط ولشكر ومزوار ومن كان على شاكلتهم، إن دائرة القرار والمحرك الأساس للأحزاب وغيرها، هناك حيث يشير بنكيران، وأنت تفهم هذا جيدا، بلا لف ولا دوان أو تمويه

  • maroc
    الخميس 30 ماي 2013 - 00:41

    المتفرجون بدؤوا يرون من وراء الأقنعة، الحكومة تعمل جيدا، و هذا تسبب كما كان متوقعا في ظهور فئة كانت تستفيد من الريع لأن ما تقوم به الحكومة ليس في مصلحة هذه الفئة

  • tal karim
    الخميس 30 ماي 2013 - 14:18

    الاعلام يبني مجتمع أو يحطمه كما قال أحد وزراء هتلرــــــــــــــــ أعطني إعلاما بدون ضمير أعطيك شعبا بلا وعي ــــــــــــــــ

  • ocservator x
    الخميس 30 ماي 2013 - 16:19

    "إنها لغة الأمثال والاستعارات التي اختارها رئيس الحكومة كأسلوب لبعث رسائله "

    إنها لغة لا يتقنها فقط السيد بنكيران بل كل الشعب ،وإلا لماتلقفها السيد الباكوري ربان الجرار ورد عليها بما رآه مناسبا ليفهمه الشعب. الشعب الذي يقدحه "المثقفون"ويصفونه -أعني لشعب – بالأمي،وتناسوا أن سياسة الأحزاب التي تداولت على الحكم هي من عملت على أميتة وإفقاره مع سبق لإصرار ولرصد .

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب