رسالة بلا تشفير في شكر مدينة أصيلة

رسالة بلا تشفير في شكر مدينة أصيلة
الجمعة 5 يوليوز 2013 - 19:23

بعيدا عن المدن الكبرى، وعن المركبات السياحية المصنفة، وعن زحمة المرور للوصول إلى مكان لتناول العشاء، وقع اختياري على مدينة صغيرة في الاسم، على المحيط الأطلسي، ولكنها كبيرة الهامة في الضيافة للباحثين عن مهرب من زحمة سنة كاملة من التعب في العاصمة الرباط، المدينة الكبيرة الحجم، وكبيرة المعاناة مع المرور يوميا خلال التنقلات.

في زقاقات أصيلة، لا يزال بالإمكان الاستماع إلى أم كلثوم بالقرب من خطاط الحي العتيق في أصيلة، وإلى فيروز لدى بائع الأشرطة قرب الجدار التاريخي، وإلى وردة من “مقهى علي” حيث يمكن شرب الشاي على الطريقة المتبعة في شمال المغرب، لإعداد الشاي الأخضر بالنعناع بمذاق خاص، ولا تستيقظ المدينة إلا متأخرة، لأنها لا تنام إلا متأخرة جدا، عندما يأتي أول الصباح، فالليل في هذه المدينة الأطلسية، هدوء يغري بالسمر، في نسج خيوط الحكايات على الكورنيش البحري خاصة في مطعم أسميه بـ “الأسبقون”.

من خلال قربي، الذي أصفه بالروحي من أصيلة، تعرفت إلى أصدقاء أرفع الرأس فخرا بكوني صديق لهم، يملئون الجلسة حديثا شيق المذاق، خاصة إذا توفر السمك الطري، والطباخ ماهر الصنعة، فمحمد العربي، لا يتوانى في سرد محكيات أصيلة، من القديم إلى الجديد، ليؤكد أنه الماهر في نسج الروايات، على إيقاع مختلف عقارب الأزمنة، وإن تغيرت، فالرجل لا يزال صداحا بالصوت وكثيرا في البوح.

وفي جلسات أصيلة، التي من الممكن أن تمتد لأوقات متفرقة خلال النهار، يمارس “الزيلاشي الفرانكفوني” الذي أعرفه يرطن بطلاقة بلغة موليير، رشيد مرون، صمته قبل الحديث أو التعليق أو الدعوة لتغيير الموضوع، فالوقت صيف والتوقيت إجازة، ويجب إعادة تدوير الرأس بعيدا عن هموم السنة ورهاناتها، خاصة عندما يطيل قديس أصيلة “جوردي” في استعراض عضلاته بين شعراء الأمس العتيق واليوم القريب، ليقدم النادل بقية الطلبية من طازج السمك المحلي.

الباحثون عن إجازة للاستراحة، والاستمتاع برياضة المشي، والتحديق بين العابرين والعابرات، والتخلص ولو مؤقتا من الحواضر الكبيرة، مدينة أصيلة تنتمي إلى المصطافات الصيفية التي تلبي الغرض على إيقاع من الأصالة، فهي الفاتحة للأبواب أمام الداخلين إليها بأمان للاستمتاع بجدارياتها، ومنازلها المصبوغة في الغالب بالأبيض والأزرق البحري.

وبين زقاقاتها الملتوية مهرب للقاصدين طريقا صوب “القريقية”، وهي برج بحري يطل مباشرة على أمواج المحيط الأطلسي، وللعائلات التقليدية في أصيلة “طقوس مرعية” خلال يوميات المدينة، ففي كل صباح لا بد أن ترفع رجليك للهروب من مياه التنظيف، ولا بد أن تهاجم أنفك روائح طهي السمك، ولا بد أن تغرق في زحمة شارع الحسن الثاني، حيث محلات البيع والشراء والنساء البدويات بقبعات من القش، اسمها المحلي “الشاشية”، واللواتي تخصصهن بيع المنتوجات الفلاحية واليدوية المصنفة في قرى الجوار.

وتنتمي أصيلة إلى المدن التي لا يزال الحي العتيق، فيها لم يكشف كل أسراره، بالرغم من الحاجة الماسة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى التفاتة لترميم الجدار التاريخي، وإعادة فتح الأجزاء التي لا تزال مغلقة منذ عقود، فالمدينة في حيها العتيق، استفادت من موجة شراء للدور العتيقة من قبل أوروبيين أعادوا ترميم منازل كادت تنهار بفعل التقادم.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة