من يتآمر على رئيس الحكومة؟

من يتآمر على رئيس الحكومة؟
الأحد 14 يوليوز 2013 - 14:00

يتداول الرأي العام الخافت صراحة عن مؤامرة تُحاكُ ضد رئيس الحكومة ؛ وتكاد تُنسج خيوط شبكة متداخلة من الأحداث والمستجدات والتخمينات وأدوات الربط بينها من أجل الإقرار باستفحال طعم التآمر على الحكومة ؛ فمن يتآمر على رئيس الحكومة أو على الأستاذ بنكيران ؛ ولم لا على حزب العدالة والتنمية .

أعتقد أن النمط السردي للأحداث والمواقف والخرجات لمختلف الفاعلين واعتبارها شاهد اثبات ؛ لا يشكل وحده المدخل الأمثل لاكتشاف الجهة التي تتآمر على رئيس الحكومة وحزبه ؛ إذ تحمل كل الأحداث في ثناياها تركيبة متشابكة متناقضة ؛ يستحيل عبرها استخراج خيوط المؤامرة أو أدلة أو إثباتات مجردة و موضوعية ؛ تؤكد أو تنفي التآمر ؛ إذ لا يكفي في اعتقادي أن نستشهد بأزمة الأغلبية أو بالفورة القياسية للاحتجاجات والإضرابات ؛ أو بالانتقاد اللاذع المضطرد للاختيارات الحكومية ؛ أو صراعات المعارضة والأغلبية وجولاتها التي لا تكاد تنتهي إلا كي تستأنف ؛ أو التعنت النقابي الذي يشكل هوية النضال العمالي ؛

مع التسطير بقوة تحت النيران المتواترة التي توجهها مكونات فاعلة في القطب العمومي والإعلام عموماً وفي اتحاد مقاولات المغرب؛ مبوبة في الامتدادات التابعة للمستشارين الملكيين ؛ لا يكفي أن ندفع بأن هذه الدينامية التي تتخللها لحظات تجاوز من كافة الأطراف ؛تشكل دليل التآمر على رئيس الحكومة وحزبه المحترم ؛منطق التعاقد السياسي قائم بالأساس على تنظيم الصراع ؛ وفي اللحظات التأسيسية بعد الدساتير ؛ وفي لحظات كتابة القوانين المؤسسة ؛ يتأجج الصراع ويأخذ مناحي أقوى وأكثر حيوية ويتحول إلى صراع بقاءٍ و وجود ؛ يتناحر فيه الفاعلون من أجل البقاء والإمساك بخيوط التحولات بقيادة المبادرات وافتعال الأحداث وشحن الساحات العمومية بالحضور الذي أصبح يأخذ في أحيان كثيرة شكل اللغط والعنف والصدامية .

أعتقد أن التشابك والتضارب الذي تحمله كل الأحداث والخرجات والمواقف ؛ والتي تشل مرجعيات التحليل والقراءة ؛ مرتبط ارتباطاً > وثيقاً بسؤال الاستقلالية ؛ والذي يجد امتداداته في ترسبات ماقبل الحسم في الخيار الديمقراطي كخيار لا رجعة فيه ؛ والتي لا تزال متجذرة ونشيطة وممسكة بالأذرع الفاعلة في المنظومة المجتمعية ؛ فإذا أقدم الدستور الأخير على فتح الباب أمام تصور متقدم لبعض السلط والمؤسسات ونص على مجموعة من المبادئ والمفاهيم الكونية ؛ فإن البنية المجتمعية والسياسية لم تغير وسائلها أوأسماءها وأوآليتها ولم تمحو عناوين صانعيها وأسماء أولياء مصيرها وعتبات ولاءاتها ؛و لعل الخرجات الصدامية التي قادتها أسماء القطب العمومي في تجاوز لصلاحياتها وأدوارها ؛تشكل أخطرها وأكثرها دلالة على طبيعة الصراع إذا ما ربطناها بالقرب من المحيط الملكي .

يبقى سؤال الاستقلالية ؛ الذي سيقض مضجع العملية السياسية برمتها ؛ والذي ينخر الهيئات السياسية من الداخل ؛ ويطرد السكينة من التجمعات النقابية والجمعوية ويرفع الطهرانية عن النضال والعمل الجماعي ؛ ويكاد يحول الصالونات والميادين والمقاهي والجامعات وكل مستويات التجمعات البشرية ؛ إلى مكاتب تحقيق وشرطة علمية مكلفة بكشف المؤامرات مع متهمين بدون قرينة البراءة ؛ ولا شروط المحاكمة العادلة ؛ لقد استشرت أورام التآمر داخل الإرادة السياسية في المغرب ؛ وأضحت آلة فتاكة في يد السلطوية توظفها بالاستعمال المباشر أو بتخوين المبادرات المستقلة وتسميم الأجواء الطبيعية ؛ وتنميط الخلافات والمواقف والمستجدات كآليات مقاومة وتشويش أبداً ودائماً؛ لا يستطيع أحد أن يجزم بأن قرارانسحاب حزب الاستقلال من الحكومة ؛ خرج من رحم مجلسه الوطني أو من هاتف أمينه العام ؛ لا يستطيع أحد أن يجزم هل تعيينات الولاة والعمال التي تبناها رئيس الحكومة كُتبت بمبادرته وباقتراح مستقل من الوزير المعني أم من مقربين مخلصين للدوائر العليا ؛كما لا يستطيع أحد أن يجزم أو ينفي تبعية النيابة العامة لغير وزير العدل ؛ ولا يستطيع أحد أن يفهم السرعة والمكوكية في استصدار قانون التعيينات في المناصب السامية قبل غيره وحشره في دورة استثنائية انعقدت أصلا لمناقشة قانون المالية ؛ والأمثلة لا منتهية ومستمرة في التشعب .

الذي يتآمر على رئيس الحكومة في اعتقادي ؛ هو الأستاذ بنكيران نفسه ؛حين يقر بمناسبة وبدون مناسبة أنه طالب إصلاح وليس طالب سلطة أو حكم ؛ وهنا يجر البساط بيديه من تحت قدميه ؛ إذ كيف سينفذ دفاتره الإصلاحية دون سلطة أو حكم وإدارة وصلاحيات ؛ وحين لا يدافع عن موقع وسلطة رئيس الحكومة المنتخب والشرعي ؛ وحين يغرق في الحسابات ودفتر التحملات الحزبي والكثير مما لا نعرف ؛ فاته أن عمر الهيئات السياسية في البلدان التي لم تحسم بنيويا ومؤسساتيا في الديمقراطية ؛ هو كعمر الفراش ؛ قصير حالم مؤثر واندفاعي ، كنزوات العاشقين؛ تمر مسرعة خاطفة إلا أنها تعصف بالجوامد والنصب والأسوار؛ وتبذل الأيام مكتسباً في دفاتر أوجاع المحرومين ؛ الذي تآمر على الأستاذ بنكيران هم المؤمنون بالإصلاح أنفسهم ؛ حين جلسوا كالكبار ليحلموا كالأطفال ؛ أن التغيير يمكن أن يكون سلساًأو انسيابياً أو هادئاً؛ الأستاذ بنكيران المحترم وعبره حزبه المحترم ؛ ونحن جميعاً؛ارتجلنا أن المرحلة الجديدة ابتدأت مع الدستور الجديد والسياق الثوري العربي والإقليمي ؛ وأن الدولة المغربية بشعبها و بمحيطها الملكي ومؤسساتها وإدارتها وأمنها وهيئاتها ؛ اغتسلت من خطاياها وأطماعها وعثراتها وممناعتها يوم 29 يوليوز ؛ وانبعثت داخلها روح طاهرة مصلحة ملائكية ؛ سيرفل معها الإصلاح في ثوب الممكن ؛ وسندخل في بيات وئام جماعي ؛ لا يتخلله إلا التهليل لمنجزات الحكومة المصلحة ؛ والابتهال بالدعوة لها ؛ في حين ستترفع هي عن الاستفراد بالوحي الإصلاحي ؛ وستعترف لسلفها الصالح من الهيئات التي دبرت قبلها بأبوة الإصلاح وبالارتباط الجيني به دون خبرة بيولوجية ؛يعتقد الأستاذ بنكيران أنه بوليصة تأمين على الاستقرار ؛ وطالما وشى بالمجهول الذي يُرابط في الثنايا الخلفية للشارع المغربي ؛ وأنه والمجهول مرتبطان بانتفاء التساكن ؛ وأنه وحده يمكن أن يطرد ه من الأفق المغربي…. ؛ لعله ولعلنا لم نسترق السمع لأنين الشارع في أيام الآحاد من كل أسبوع ؛ يقول أريد حلاً…..!!!

‫تعليقات الزوار

8
  • أب عل
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 16:53

    jتحية خاصة للأخت حسناء أبو زيد لآنها تلامس بعمق في تحليلاتها اللحظة السياسية الراهنة هنا أي بعد انتخابات 25نوفمبر وما مدى النكوص الدستوري الذي أفرزته تجربة وصول حزب العدالة والتنمية لموقع يبدو أنهم ومن خلال التجربة غير مؤهلين له نفسيا حتى باستثناء الجانب الانفعالي المميز لإخوان بنكيران الذين يعبرون عن نشوة الفوز بشكل يشبه نشوة الطفل الصغيربلعبة عاشوراء والتي لاتدوم أطول مدة لتتحول فيما بعد إلى شيء ضمن أخرى قابلة للكسر أو للتقادم وحين تنكسر توزع التهم من قبل المنتشي على كل المحيطين به متناسيا أنه هو من عمل على تكسيرها بعدم الحرص عليها وتحية مرة أخرى للأخت حسناء 

  • عبد الودود خربوش
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 17:45

    قدمت الآخت حسناء تحليلا رصينا يحمل معاني عميقة لأزمة السياسي المغربي اليوم، حيث يتحمل فعلا المسؤولية كاملة أمام الله وأمام التاريخ، من يتولى اليوم مسؤولية تنزيل الدستور…

  • الراصد2
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 18:59

    أنصحك بالإبتعاد عن السياسة لأنها كشفت مكنونك وضيق صدر ممن يخالفك الرأي فلك موهبة في الكتابة وأسلوبك سلس لكن قللي من التشبيه والمرادفات الزائدة والتاكيد والخيال الطفولي ،اقتدي بمثقفي عصرك وكوني للناس جميعا ولا تكوني آلة في يد المخزن الدي ضغط على أهلك في الجنوب للتصويت ضد الرجل المثقف الدي يحمل بصمات من رجال الإتحاد الإشتراكي "الزايدي" أما الداهية بنكيران قاد بشغله وشباط سقط على قفاه هو ومن والاه…

  • najwa
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 19:34

    تحية لحزب الاستقلال والاحزاب الاشتراكية كذلك التي ربما اشرف بكثير ممن استخدم الخطاب الديني للوصول الى مبتغاه , حتى اصبحنا نرى خشبة مسرح في قبة البرلمان التي كانت يوما ما مكانا لمناقشة مشاكل الشعب .

    انشري يا هسبريس اثباتا لمصداقية الصحافة

  • 00gg
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 20:32

    وتحية لحزب الاستقلال والاحزاب الاشتراكية كذلك التي ربما اشرف بكثير ممن استخدم الخطاب الديني للوصول الى مبتغاه , حتى اصبحنا نرى خشبة مسرح في قبة البرلمان التي كانت يوما ما مكانا لمناقشة مشاكل الشعب .

    انشري يا هسبريس اثباتا لمصداقية الصحافة

  • ILYAS
    الأحد 14 يوليوز 2013 - 23:23

    Je pense que cet article a pu nous transmettre deux idées capitales :
    la première idée c'est que monsieur Benkirane se complote contre lui-même , cela est plus ou moins vrai puisque à chaque fois il déclare qu'il n'est pas ici pour le pouvoir ou l'autorité, il est là pour ajuster les irrégularités politiques et économiques et assurer justice sociale, oui c'est bien ! c'est ce que aspire tous les marocains ! mais n'aie pas l'hésitation de dire j'ai le pouvoir et je l'utilise ! et je suis là le chef de gouvernement ! c'est votre poste, les marocains ont voté pour que vous décrochez ce poste et parallèlement réaliser leurs aspirations et leurs attentes. car ce la va vous permettre non seulement d'éviter un discours contradictoire et utopique, , mais aussi d'appliquer efficacement les programmes et les décisions que vous estimez valides pour servir l'intérêt général.

  • كرشك
    الإثنين 15 يوليوز 2013 - 04:58

    ا نتهى زمنكم يا مصاصي دماء الشعب و ها قد انكشفت عوراتكم و نقول لكم باعلى صوتي وحدي ارحلوا عن وجوهنا تواروا عن الانظار ديرو خير فيكوم و ريحونا من قماقمكوم شيبتونا قبل الوقت واعطيونا اتيساع واش شباط مثقف مشا حزب الاستغلال بلا رجعة واك واك يا دجاج

  • احمد
    الإثنين 15 يوليوز 2013 - 09:36

    الخطء الكبير الذي سقط فيه السيد بن كيران هو بقاءه كامين عام لحزبه ورءيسه وهو الذي اضعف من مسؤوليته عندما صرح بانه مجرد رءيس الحكومة. هذه الازدواجية سببت له مشاكل تسيير الحكومة لانه تراه في كل خرجة في الحكومة والبرلمان وخارجه في حملات انتخابية. انه لن يستوعب بعد دوره الدستوري وهو رءيس الحكومة ورءيس جميع المغاربة. اضافة الى هذا انه اتخذ قرارات لا شعبية في حق شريحة كبيرة من المواطنين مثل المقاربة الامنية ضد المعطلين اعضاء حركة فبراير والزيادة في المحروقات والاسعار واللجوء الى الديون من الابناك الدولية. فيما يخص محاربة الفساد اقتصر بطلق مقولته الشهيرة "عفا الله عمى سلف" ونشر لواءح لكريمات ومقالع الرمال. بن كيران وحزبه اصيبوا بعد التناءج الانتخابية المهمة التي حصلوا عليها "بجنون العظمة" وهذا السلوك يظهر في تدخلات رءيس الحكومة في الحكومة والبرلمان ومع المجتمع المدني. ليس هناك حوار مبني على الاحترام للافكار والمقترحات والاعتراف بالتعدد وهذا يادي الى الانفرادية في اخذ القرارات. انه لن يتقبل النقد ولو كان بناءا ومن يفعل ذالك فهو تمساح او عفريت او حلوف يقف ضد الاصلاح. واين تنزيل وتفعيل الدستور?

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات