جاران متباعدان يحاولان الاقتراب من بعضهما

جاران متباعدان يحاولان الاقتراب من بعضهما
الأربعاء 17 يوليوز 2013 - 02:24

يبدوا ان جيراننا الإسبان قد هيئوا جيدا لزيارة الملك خوان كارلوس الى المغرب ووضعوا الكثير من الباهارات والتوابل فوق الطاولة الملكية التي ستجمع العاهلين المغربي والأسباني.

اولى هذه التوابل هي توقيت الزيارة التي جاءت الاولى من نوعها بعد خروج خوان كارلوس من وعكته الصحية التي طالت اشهر عديدة وفاقمت من ثانيا الوفد الذي يرافق ساكن قصر زارزويلا الى المغرب وفد كبير وعلاوة على وزراء حكومة راخوي ورجال الاعمال والصحافة أصر خوان كارلوس على اصطحاب تسعة من وزراء خارجية السابقين لإسبانيا الديمقراطية. ثالثا ملك اسبانيا هو من اكثر ملوك اوروبا الذين يعرفون القصر العلوي وتقاليده منذ ايام الحسن الثاني الذي كان يحرص على إعطاء الطابع الملكي للعلاقات بين الرباط ومدريد قبل الطابع المؤسسي بين البلدين ولهذا جاء خوان كارلوس لإحياء هذا التقليد وجعل الرداء الملكي يغطي العلاقات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية بين الجارتين.

لم تعرف العلاقات المغربية الاسبانية جوا صافيا بلا غيوم كما تشهده العلاقات هذه الايام والمفارقة ان هذا الود المثالي يجري في عهد اليمين الاسباني الذي كان على الدوام مصدر إزعاج للمملكة هذا الإزعاج الذي كاد يودي الى حرب مفتوحة حول صخرة جرداء في مياه المتوسط سنة…… حتى ان الوساطة التي أطفأت الحريق بين جارين بينهما اتفاقية صداقة وحسن جوار و12 الكلوميتر من المياه الدافئة جاء من واشنطن التي تبعد ب6 آلاف كيلومتر على البلدين الجارين.

الان يبدوا هذا التاريخ بعيد جداً واحد لا يريد ان يتذكره رغم ان يومياته مازالت في الذاكرة التي يجري إنعاشها بين الحين والآخر عن طريق وسائل الاعلام التي تبحث دائماً عن الموضوعات الخلافية التي تستقطب الاهتمام اكثر من غيرها.

اليمين الاسباني تعلم وبسرعة من أخطائه اتجاه المغرب على عهد خوسي ماريا اثنار والذي كان مصابا بحساسية اسمها المغرب. قبل اشهر كنت ضمن وفد صحافي مغربي زار اسبانيا للقاء الزملاء الصحافيين هناك وعدد من المسؤولين لقياس حرارة التقارب الجديد بين ضفتي المتوسط. فطرحنا سؤالا على كاتب الدولة الاسباني في الخرجية …. حول تغير الموقف الديبلوماسي الاسباني من المغرب بين اليسار واليمين وكيف ان الورقة المغربية كثيرا ما تستعمل في سوق المزايدات الانتخابية بين الحزبين المتنافسين. فرد قائلا ( اظن اننا تجاوزنا هذا المشكل الان. واعتبر ان السياسات الديبلوماسية بين الدول لا يجب ان تتغير بتغير الاحزاب الحاكمة وأقصى ما يمكن ان تغيره حكومة او وزير للخارجية في التوجهات الديبلوماسية للبلاد هو مقدار 10 في المائة لا اكثر الباقي دائماً محكوم بالاستمرارية والطابع الاستراتيجي. وأظن ان الحزب الشعبي اقتنع بهذه الحقيقة الان )
لا اظن ان حكاية العشرة في المائة هذه وحدها المسؤولة عن تغير سياسة اليمين الاسباني اتجاه المغرب بل هناك أيضاً الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ضربت اسبانيا منذ خمس سنوات وجعلت مدريد تفقد الكثير من وزنها السياسي والاقتصادي والديبلوماسيين بحيث صارت ترى في المغرب وأفريقيا عموما متنفسا لازمها وقد رأينا كيف تحول المغرب في ظرف اشهر قليلة الى أول زبون تجاري لإسبانيا بعد ما كان لعقود اول زبون تجاري لفرنسا التي لها نفوذ اقتصادي وسياسي وثقافي أكبر في المغرب.

اكبر سوق أفريقي بالنسبة لإسبانيا هو المغرب واقرب نقطة حدود لمدريد مع جنوب المتوسط هو المغرب.وامثر بلد في افريقيا والعالم العربي يعرف اسبانيا ولغتها وتاريخها وشعبها هو المغرب. ولهذا فمن الطبيعي ان يلتفت الإسبان الى المملكة الشريفة ويسعون لتوثيق العلاقات والمصالح والتجارة معها وهذا حقهم لكن في المقابل فان لهم واجبات على حسن الجوار وهي :

اولا رفع ايديهم عن ملف النزاع في الصحراء قدر ما يستطيعون اعرف انهم متورطون في هذا النزاع منذ بداية القرن الماضي. لكن في الوقت ذاته فان لهم دورا إيجابيا يلعبونه لحل النزاع في اطار الحفاظ على الاستقرار في المنطقة اما صب الزيت على النار فلن يخدم لا الصحراويين ولا العلاقات الودية والمنافع الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا.

ثانيا موضوع سبتة ومليلية والجزر المحتلة يجب ان يوضع في ملف خاص وان لا يجري استفزاز المغرب وشعور أبنائه الوطني في هذا الملف الحساس ( الملك خوان كارلوس نفسه ارتكب خطا كبيرا عندما زار المدينتين المحتلتين لاول مرة سنة2007 تحت ضغط ثابترو مما أعاد الى الأذهان صورة المستعمر الاسباني للثغور المغربية ….) هناك صيغ وحلول كثيرة للاقتراب من هذا الملف دون ان يفسد للود قضية بين البلدين الجارين هناك احياء لجنة ابن رشد وترك الحكماء يبحثون عن حل توافقي لهذا المشكل القديم وهناك فكرة السيادة المغربية والإدارة الاسبانية وهناك فكرة المنطقة الدولية تحت العلم المغربي ….. لكن ما هو ملح الان هو تطوير العلاقات الاستراتيجية بين المملكتين والشعبين دون ان تقف المدينتين الصغيرتين عقدة في المنشار. الباقي كله يمكن التفاهم حوله بين الجيران لان القدر الجغرافي أكبر من اي مشاكل يقترفها البشر.

نحن نعرف اسبانيا وثقافتها ولغتها وتاريخها ومطاعمها وفنونها لكن جيراننا الإسبان لا يعرفون عن المغرب وشعبه سوى الكليشيهات البئيسة التي لا تخرج عن صورة( المورو المسلم) الذي يعيش في أدغال افريقيا حياة القرون الوسطى والذي لم ينسى جوهرة الاندلس التي سرقتها من أجداده الملكة ازابيلا.

لهذا فان اعادة اكتشاف المغرب من قبل الإسبان تبدوا مهمة مستعجلة حتى ينطلق الحوار.

❊ مدير نشر “أخبار اليوم المغربية”

‫تعليقات الزوار

3
  • belafkih
    الأربعاء 17 يوليوز 2013 - 04:15

    قد تخفي هذه الزيارة ورائها مجموعة من الدلالات ،لاكنها تؤكد ان جارنا الاسباني لم يعد يرى في المغرب منافسا تجاريا فقط ، وانما تقر بتفوق سياسة ملك المغرب الهادفة الى تحويل البلد الى ورش اصلاح يهم جميع المجالات.وهوالامر اللذي سينعكس سلبا على اقتصاد جارنا الاسباني خاصة وان العديد من زبانئه حولوا وجهتهم نحونا ،وبما ان السياسة لاتعترف الا بالمصالح فهم مدركين لظرورة فتح حوار جديد معنا،يؤتت لمناخ سياسي مستقر بين البلدين ، واكيد انها فرصة للدفع بجارنا الى اعادة النظر في موقفه من قظية صحرائنا الجنوبية ، وثغورنا المحتلة.

  • أمازيغي
    الأربعاء 17 يوليوز 2013 - 12:27

    عقدة الخواجة تتحكم بكم.

    إسبانيا ليست مغرمة بكم بل هي تحتاج إلى المغرب لشراء بضائعها. هذا كل شيء.

    إسبانيا ستتجاهل المغرب بمجرد قضاء وطرها منه.

    يا ودّي ضرب ف المعقول آش من إسبانيا آش من الحوار الأورومتوسطي آش من جسر الربط القاري!

    الصبنيول خدامين شغالاتهم ونتوما كتحلمو بالكاوريات والشقراوات يجيو ينعسو معاكم.

    الصبنيول أوروبيين ماشي أمازيغ ماشي أفارقة. الروح ديالهم مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا والميريكان.

    آش غايديرو بكحل الراس والحجاب والنقاب والمساجد والفتاوى!

    وا فيق!

    قالك "يحاولان الإقتراب من بعضهما" !

    ضرب ف المعقول أ وليدي.

    التقدم خاصنا نصنعوه حنايا. ما كاين لا سبانيا لا فرنسا لا ميريكان لا عبو الريح.

    دير ليا العلمانية والحرية الفردية والديموقراطية وحقوق الإنسان وغادي يتقدم المغرب بوحده بلا هادوك الشمايت ديال الأوروبيين.

    منين تكون العلمانية والديموقراطية والعدالة ف المغرب غا يرجعوا كاع المغاربة اللي كاينين ف أوروبا لبلادهم يعيشو فيها بكرامة ويخليو هادوك الشمايت ديال الأوروبيين في الخلا ديالهوم.

    لا يغير هبل ولالا بويا واللات والعزى ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

  • marrueccos
    الأربعاء 17 يوليوز 2013 - 13:49

    يذكرني الأخ الأكبر أن تنقلات المغاربة للضفة الشمالية لم تكن تعترضها ڤيزا ولا أي شيء ! يمكن لأي مغربي أن يسافر إلى إسبانيا خفيف ضريف وكأنه يقصد أي مدينة مغربية الفرق فقط في حمل جواز سفر ليختم بطابع الدخول وهو إجراء ينطبق على إسباني قاصد فرنسا أو أي بلد في أوربا الغربية !
    العديد من الشباب المغاربة كان يقضي عطلة الصيف متنقلا بين بلدان أوربا الغربية بتذكرة قطار وجواز سفر دون ڤيزا ؛ معظم من كانوا يذهبون يعودون تلقائيا إلى المغرب إستعدادا لسنة جديدة ! أوائل ثمانينات القرن الماضي إقتربنا من الشرق وأراد لنا البعض أن ندير ظهرنا للغرب ! فبدئ بتعريب التعليم وكلما تقدم مشروع التعريب كلما إزدادت الدول الأوربية التي فرضت على المغرب الفيزا ! وبعد سنتين من تأسيس إتحاد المغرب ( العربي ) أصبح مستحيلا أن تدخل دولة أوربية غربية دون ڤيزا !! !!
    كان المغاربة يشعرون أنهم جزء من أوربا شغوفون بفرقها الرياضية وتجد الأطفال الصغار في السبعينيات يجمعون ألبومات صور لاعبي أكبر الأندية أما السينما والمجلات الثقافية والتجارية فحدث ولا حرج ! حينها لا أعلم عن وضع " بوعشرين " المعجب بديمقراطية قطر شيئا !!!!!

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة