المشاركة بين ظرفية الاستجداء واستراتيجية المقاطعة

المشاركة بين ظرفية الاستجداء واستراتيجية المقاطعة
السبت 27 يوليوز 2013 - 15:47

انخرط في العمل الحركي منذ نعومة أظافره، انتقل من تنظيم إلى آخر من تلك التي تعنى بتربية اليافعين والشباب.. مخيمات ورحلات ومسابقات ومساهمات مادية وفكرية وبدنية.. تضحية وبذل وعطاء.. احتكاك ومشاحنة.. نقص وخصاص…: تلقى تكوينا “خشنا” بمثابة التدريب العسكري، لا يزال أثره في الصلابة والاعتماد على الذات باديا إلى اليوم.. أصلا بيئته القريبة اللصيقة الضيقة لها باع في الحركية المدنية الاجتماعية، فلا يمكن إلا أن يرضع نصيبه منها..

ما كان ملزما أن يمر من هذا المسار، فظروفه المادية والاجتماعية والمدنية يمكن أن توفر له حياة مترفة ملؤها الرفاهية والدلع: واقعيا الابن الوحيد لأسرة نووية ربها موظف منذ “ظهور “موضة” التوظيف”!!

لم يكن المسار الدراسي شذوذا عن نمط المسير العام: جد واجتهاد في مسلك علمي توج بتوظيف ثم ترق واستكمال الدراسات العلمية الأكاديمية والتكوينية العليا..
نبيه لبيب، سريع الفهم، جيد الإنصات، محاور راق، قصدي النقاش، هادئ الطبع..

تدرج في دواليب العمل الحزبي والنقابي والتسيير المحلي، راكم على إثر ذلك تجربة بوأته مكانة “الاستشارية” والتكوين لكل “بني منظماته” في الجهة، رغم حداثة سنه الذي لم يتخط الربيع السادس بعد الثلاثين بعد!!

شخصية قوية وكاريزما مركزية..

لكن، لكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة، كما يقال، والكمال لله سبحانه وتعالى وحده، فالنقائص من تمام مكونات الآدميين كيلا يغتروا..

لحظة الغضب، وأثناء المحاصرة -وهما حالتان نادرتان جدا من حسن الحظ- فإن كبرياء الرجل يفقده اتزانه وقوة منطقه، بل وإنصافه أحيانا، فتلمس استدلالا لا يمكن أن تنسبه إليه، كما وأن طموحه الجامح يسقطه -في أحيان قليلة جدا أيضا- في مطبات لا تناسب مظاهر الرفعة والقوة الملازمة لشخصه باستمرار المشار إليها أعلاه. فسبحان من لا يزل..
وبما أن القاعدة تقول أن العمل بالخواتيم، فإن صديقي هذا لم يشذ عن القاعدة، حيث أثرت فيه آخر حلقة مما مضى سرده من سيرة الرجل: “الانخراط في الأنشطة الحزبية والنقابية والتسيير” إلى درجة أن المثال الذي يردده حين غضبه(القليل) أثناء النقاش هو: “واش السياسة فيها 1+1=2؟؟؟!!!”

نعم، هما نتيجتان حتميتان لهذا الانخراط:

أولاهما: غياب، بل تغييب الجانب الروحي التربوي الذي بدأ صديقنا ببنائه أولا، وبهذا يكون الرجل قد أضاع بوصلة مآله الشخصي الذي لا يهمه، في آخر المطاف، غيره..
ثانيهما: الاقتناع والتسليم المطلق بأن السياسة لا يمكن أن يكون فيها منطق سليم يمكن احترامه عبر التخطيط والتنفيذ بشفافية ونزاهة وصدق وإخلاص.. والحقيقة أن لصديقنا عذره، فكبراء القوم المتوارثون القيام على الشأن العام، لم يتركوا للسياسة من تعريف غير هذا: “علل أن 1+1<>2″، ولك مطلق الصلاحية في اعتماد أي منهج واعتبار أي معطيات هامشية أو مشوشة.. المهم الوصول إلى النتيجة. فالغاية تبرر الوسيلة كيفما كانت.

بالفعل، هذه هي السياسة حاليا في بلاد بني قحطان، ولكي يتم تغيير المفهوم إلى معنى القيادة الرشيدة تحت طائل المسؤولية والمساءلة ومفاهيم الحق والواجب وسيادة القانون… لابد من فعل معين..

ما هو هذا الفعل؟ وكيف يتم تنزيله؟… هذا هو جوهر الخلاف!!..

يرى صديقي، وانسجاما مع ذاته المنتمية إلى كيان سياسي مشارك في “اللعبة” السياسية(كما يسمونها سياسيونا أنفسهم، فهو ليس مصطلحي)، يرى أن الهدف ممكن التحقيق عبر التغلغل التدريجي في هياكل الدولة والمجتمع، وذلك بواسطة المشاركة السياسية في ظل القوانين المنظمة المتاحة حاليا، ومن ثم العمل على التغيير المرحلي من الداخل.. وهذا ما يبرر مشاركتهم بهذا القصد، وأيضا بقصد التخفيف والتنقيص من وطأة الفساد ما أمكن.. وهذه أهداف نبيلة لا يملك المرء إلا أن يحترمها ويحيي القائمين عليها..

بهذا التوصيف يكون صاحبي هذا يناقضني تماما -شأنه شأن بني حزبه وشيعته-، بل ويلومني على اعتراضي، بحجة ماذا يقدم المعترضون المعارضون غير السلبية والانتظارية…

وعليه يصبح التساؤل مشروعا عن جدوى المشاركة وجدوى المقاطعة.. بل إنهم لا يكادون يعترفون بمفهوم المقاطعة أصلا، وفي كل الأحوال فهم لا ينسبون له جدوى!!

لسنا في حاجة إلى البحث الأكاديمي الموثق عن ماهية مفهوم المقاطعة -سواء الاقتصادية أو السياسية أو حتى الاجتماعية- وتاريخها، ونشأتها، ومتى نجحت، ومتى أخفقت… فذلك متاح ميسر في عهد محركات البحث.. وأيضا لا يليق ذلك بمقام المقال.. وعليه نكتفي بإيراد وسرد ما يعلم من فقه الواقع بالضرورة، ونركز على تلك السياسية..

ترفع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية سلاح المقاطعة في وجه بعضها البعض في أحايين كثيرة ومناسبات عدة في شتى بقاع المعمور، مستعيضة بها عن مبدأ التفاوض والتشارك الذي ربما يكون قد استنفذ أو لم يجرب أصلا، وذلك حسب تقدير رافع هذا السلاح.. بل وتستعمل هذه المقاطعة عوض الحروب أحيانا..

تلجأ أحزاب معارَضة نظام ما في الكثير من المناسبات إلى هذه المقاطعة، وفي الكثير من الحالات تحقق بها نجاحات لم يكن من الممكن تحقيقها عبر المشاركة، وذلك عندما يجد النظام نفسه معزولا لا يستطيع أن يستمر في تحمل المسؤولية منفردا..

المسألة تبدو أكثر جلاء عند الحديث عن منهجية عمل النقابات(وصديقنا أول وأكثر من يعرف هذا عن قرب من جانبين: النقابة والإدارة). فنسبة لا يستهان بها من مطالبها تحققها عن طريق المقاطعة أو التلويح بها..

بل المقاطعة تستعمل لتأديب أفراد المجتمع بعضهم مع بعض، ومنهم الزوجين، فما الهجر إلا مقاطعة..

هذه كانت متعلقات عامة مرتبطة باستعمال سلاح المقاطعة، أما على مستوى الأمثلة الحية المباشرة التي عاشتها بلادنا، فالقاعدة العامة أنه لو استطاع النظام أن يستفرد وحده بالبلاد والعباد، لفعل غير متورع ولا راقب إلا ولا ذمة، حيث أنه لم تثنه التقوى ولا القناعة، ولو كان الأمر كذلك لرأينا ابن عبد العزيز رضي الله عنه يمشي بين الناس ينثر القمح حتى لا يجوع طير في بلاد المسلمين بعدما لم يجد المجتمع محتاجا يُعطى الزكاة.. ولم نجد شخصا جمع من السلطة أطرافها ومن التجارة حواشيها، فزاوج بين الحكم والمال حيث لا يكون المولود إلا دجالا أعور.. والحالة هذه لا يمكن أن يكون الفتات المنثور على عتبات الكيانات السياسية، إضافة إلى ضمان الحال وتأمين المآل عبر توسيع قاعدة الفساد وتوريط القيادات وتكثير سواد المتنفعين، أقول لا يمكن أن يكون ذلك التنازل والترفع والكرم إلا قطعا للطريق عن المقاطعة واستباقا لتفعيلها..

كان تنزيل هذا المبدأ عندما أعلن رأس النظام حينئذ أن البلد مهدد بالسكتة القلبية، وعليه تجب مشاركة الجميع في عملية الإنعاش بالصدمة الكهربائية خاصة حزب اليوسفي آنذاك الغاضب المقاطع المغادر..

من الناحية المنهجية، لا يستقيم في هذا المقال تقييم ردة فعل الحزب “المرغوب” آنذاك، والشروط والحيثيات التي قبل بالعمل تحتها، مع أنه كان الأقوى، وتجربته في الحكم التي هدت صلبه، حتى تَوضح أن الأمر لم يكن سوى استعمال وظيفي، تماما كمن استعمل عود أسنان بعد الأكل ثم ألقى به!!! من لم يحسب خطواته، لن يجد من هو أحرص على فعل ذلك مكانه..

سنوات بعد ذلك، يتم طبع النسخة الثانية لنفس التجربة مع تغيير الشخوص: بعد تعذر حصول نخبة من السياسيين والدعاة الإسلاميين على ترخيص للعمل بالشروط الدنيا المطلوبة، اهتدوا(ولا ندري حقيقة من المهندس الحقيقي أو الطباخ الماهر الذي أنزل الوصفة) إلى إعادة إنتاج تجربة مرت في بعض الأقطار منها مصر. يقتضي الحل -حفظا لماء وجه المخزن، وتوفيرا لعود أسنان ثان بعد الوجبة المتخِمة- أن تنخرط تلك النخبة في هيكل نخر لحزب لم يعد يملك من مقومات الحياة غير ترخيص ومقر.. أنجز المطلوب. سُمح للنخبة بممارسة “اللعبة” داخل الحيز المخصص قصد القيام بعملية الإنقاذ من السكتة الثانية.. وأيضا نفس الخطأ: خطأ في التقدير ترتب عنه اعتبار أن مجرد السماح بالوجود إنجاز، في تبخيس ذريع للذات والمقدّرات. نظرا لحجم القاعدة الشعبية، ومتانة المشروع الفكري، ونزاهة القيادات ونظافة أياديهم… لم تنته مدة صلاحيتهم بعد استعمال وحيد.. فدورهم لم ينته بعد، وإن ساد الاعتقاد أنهم في المشهد الأخير من الفصل الأخير..

الشاهد أنه يجب استعمال كل من له قاعدة شعبية، أو شرعية فكرية أو تاريخية، أو قيادة قوية ذات كاريزما أو تعاطف دولي… طبعا ما دامت هذه القوى على استعداد للنزول إلى حضيض قواعد المخزن الملتفة، وإن بحسن نية وسوء تقدير.. إنه الاحتواء والتدجين والتفريغ، بل الابتلاع الكلي تطبيقا لقاعدة: “إن أردت العدل قتلناك، وإن أردت الرحمة فاقتل نفسك بنفسك”، وطبعا الكل يطمح إلى الرحمة فيريح العدو من وزر القتل، ويوفر له الرصاص، ويعفيه من عناء المجهود البدني..

نسف المقاطعة هنا مضمر خلف “تنازل” “أهل المكان” وتعاملهم مع تيار معين -بعدما لفظوه وحاربوه وقاطعوه لردح من الزمن- ما دام في الإمكان كيان، قصد اختيار الحلقة الأضعف من المتعدد المتاح الممكن(من يرضى بالشروط)، خشية تفعيل المقاطعة من طرفه..

زمنَ تغول الدولة كان هناك تنفير، بل ترهيب من العمل السياسي، ونجح الأمر إلى حد بعيد نتج عنه عزوف من شرائح مجتمعية واسعة عن هذا المارد-“السياسة”.. والآن، وبعد تحقق هدف ذاك الحين المترجم بالتنفير والمقاطعة، ها هم يتوسلون أعتاب الرعايا من أجل قطع المقاطعة وتشارك المشاركة!!

في كل استحقاق، توسل عبر الإذاعة، والتلفزة، والصحف، والمنشورات، واللوحات الإشهارية، والمواقع الإلكترونية، ومنابر الخطباء… بواسطة الوعظ ،والنصح، والتوجيه، والترفيه، والتمثيل، والتزمير، والتسهيل… ذلة ومسكنة ما بعدهما نظير!! لقاء ماذا؟ لقاء، وكما سلف، قطع المقاطعة..

إنه الرعب من قوة المقاطعة والمسارعة لفك الطوق ورفع الحصار المضروب من جراء تفعيلها..

طبعا لكل فعل نضالي شروط نجاح، وشروط نجاح المقاطعة اصطفاف الخيار الفضلاء الغيورين في صفها.. وبما يمثل هؤلاء من قواعد شعبية، وقوة الموقف، ورسوخ المشروع، ونبل القيادات… بحيث إن استطاع متحديهم أن يبحر، فلا يستجدي ولا يشاور.. وإنما الفشل في قَسم الصف الناتج عن الخذلان المترتب -عن قصد أو غير قصد- عن سوء التقدير(كما سبق)، والرضى بالفتات، وطول الأمل..

لو اجتمع الفضلاء السالفو الذكر في فسطاط المقاطعة ولم يبرحوه حتى يفرضوا شروطهم، لكان الأمر قد حسم منذ التهديد بالسكتة الأولى.. ولكن الواقع أن أغلبيتهم اجتمعوا -لأسباب مختلفة- في الضفة المقابلة.. والنتيجة لا تحتاج إلى بيان.. فتكون مشروعية المقاطعة قائمة على أقل تقدير من باب عدم السقوط في الخطأ الاستراتيجي القاتل، القاضي بوضع كل البيض في نفس السلة الواحدة، أو القمار بكل رأس المال.. ثم من باب تجريب ما لم يجرب، ما دام ما جرب لم يأت بخير..

إن المخزن بالوعة خرافية، سوائلها الهضمية تفتت الصلب وتستسيغ الحنظل، ماكينتها دوامة لا يقاومها شيء، تجربتها 14 قرنا لم تستثمر إلا لمثل هذا..
القاعدة الفقهية والقانونية تفيد أن المذنب يعاقب بنقيض مبتغاه، فمن سعى للإشراك باستجداء وإلحاح ومؤامرة، يكون عقابه الحصار والمقاطعة، لأن تدليل تصرفه يدل أنه من ذلك يخاف..

آخر نقطة يمكن أن نلتفت إليها هي إمكانية تقييم مشاركة المشاركين بوازعي -كما مضى- الإصلاح التدريجي من الداخل، وإنقاص وتقليل الشرور والموبقات الممررة عبر دواليب وهياكل الدولة. وهذا وارد، ولكن السؤال يبقى مطروحا ومشروعا عن المفاضلة بين ما تم تحقيقه من مكاسب، وما تم اقترافه من آثام، خصوصا لمن يؤمن ويستحضر ساعة الحساب..

الظاهر أن ما تم اقترافه من سيئات من طرف اللصوص والمفسدين والعفاريت والتماسيح وأفراس النهر… بحسب اعتراف المشاركين أنفسهم، كبير لا يخفى، والحال البين هذا يعطي مشروعية مطلقة لسؤال: هل يتحمل المشاركون جزء من هذه الأوزار؟: خلاعة وعري ورداءة الإعلام، انحطاط الخدمات الصحية، ابتزاز الراشين المرتشين لذوي الحقوق، تدني مستوى التعليم وضياع متخرجيه، اهتراء البنية التحتية للطرق وغيرها، تعنيف وضرب وجرح واعتقال المحتجين على أحداث الداخل والخارج، اضطهاد المعارضين دون وجه حق، ترسيم اقتصاد الريع من طرف رجال الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية(رخص النقل، والصيد، والمقالع…) احتكار السلطة والمال في يد الولي، تحرك آلة المخزن بملايين الدولارات دون حسيب ولا رقيب من أجل نشاط قدرما كانت قيمته، غلق الطرقات عن أحياء محاصرة بكاملها من أجل الموكب، حشد الجوعى والعطشى من أجل التصفيق……

ليس هذا وليد اليوم، نعرف ذلك جيدا، ولكن السؤال عن مسؤولية من يقع هذا في عهده وتحت مسؤوليته، إذا كان مسؤولا فعلا.. لك الخيار: إذا كنت مسؤولا واقعا، فهذه المصائب سوف تسأل عنها لأنها تسجل باسمك، وإذا كنت عون تنفيذ، فانسحب من التمثيلية ولا تعطهم شرعية يذنبوا باسمك وتحت ردائك، وتطيل عمرهم..

لا محالة كفة الخسارة تَرجح كفة الربح أضعافا مضاعفة. لكم التأمل المجرد الموضوعي والحكم والقرار..

‫تعليقات الزوار

1
  • لععراف عاشق سوسو
    الأحد 28 يوليوز 2013 - 01:51

    ….. التأمل المجرد الموضوعي والحكم والقرار..

    اخي سعيد جل ما قلته معقول لكن فالوقت بدل الضاءع هذا مجرذة راي.ادغرن ايضا يدور تقريبا في نفس الوقت و هذا ليس عيب و لكن حبذا الدخول وسط مربع العمليات و التمركز و التحرك لمحاولة التسجيل وهنا توجد لاااااااااااكن ربيكه وهي الشبكة تبلع اللعايبيا بكورتهوم بحكم لميدان و الشروط و الجمهور الغافل المغفل و طيريري و ما يتبع و لي الشكرو ما نعرف

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة