إذا كنت تحب الحياة فاذهب إلى السينما

إذا كنت تحب الحياة فاذهب إلى السينما
الإثنين 5 غشت 2013 - 00:28

السينما كان اسمها “سينما لوبيرا”… وكانت على بعد ربع ساعة فقط على الاْقدام من بيتنا بسلا. بعض الإشاعات كانت تقول بأن هناك قاعات أخرى بأسماء أخرى في المدينة القديمة أو خارج الأسوار كما كان هناك من يتحدث عن سينما اسمها الملكي بالرباط تعرض أيضا التاريخ والجغرافيا (هندي كراطي) وسينما مارينيون وسينما رونيسانس وسيصل إلى سمعي لأوّل مرة الحديث عن قاعة “الساتيام آر” التي ستتحول فيما بعد إلى نقطة لقاء للمواعيد الغرامية بالنسبة لشباب الأحياء البعيدة الذين تلفظهم الحافلات العمومية خلف مسرح محمد الخامس… لكن علاقتي الأولى بالسينما كان اسمها بالتأكيد لوبيرا.

أيام الجمعة كنت على موعد مع الاْفلام المصرية رفقة أختي… أفلام عبد الحليم حافظ وشادية وأفلام بروس لي و”لا فييفر دو سامدي سوار” مع ترافولتا. اكتشافي لسينما الفرجة الرومانسية وسينما الحبّ والرقص والفرح وسينما البطولة والكارطي سبقت بكثير اكتشافي للأفلام المعروضة صباح يوم الأحد بالنادي السينمائي. اللحظة الفارقة كانت يوم سيسألنا أستاذ الفيزياء عمّن يريد اقتناء بطاقة “سيني كلوب” كان المقابل هو 30 درهما، رفعت أصبعي وأنا لا أعلم بعد إن كان والدي سيقبل أن ينفحني هذا المبلغ مقابل أمر لا دخل له بالتحصيل الدراسي.

في سيني كلوب سوف أتعلم أنّ الأفلام تقول أكثر مما يظهر لنا في الشاشة الكبيرة وسأتعلم أن “أقرأ” الأفلام و أفكّ شفرة الرسائل التي تبعثها الصورة، لازلت أتذكر أنّ أحدهم قال إنّ لقطة الطيور تعني الحرية، أحببت الحرية وسينما الأحد وأصبحت أفضلها على سينما الجمعة. اكتشفت الثورة والفن والجمال في الكتب وفي القاعة المظلمة أيضا وكنت مثل كلّ عشاق السينما على موعد مع الأفلام الخارقة صباح كلّ أحد… أتذكر الآن الفيلم الصيني “المعلمة الصغيرة” وأتذكر كيف غادرت صالة العرض وأنا أكاد أطير في البهو الواسع للوبيرا حيث أفيشات الأفلام وصور نجوم السينما. ذلك الأحد بالتحديد سوف يتوقف الموعد السينمائي لعشية الجمعة رفقة أختي وسيحل محله موعد سينما الأحد صباحا… وكنت أذهب إليه بمفردي.

ثمّ اقتربت نهاية السنة فدخل الحارس العام فصلنا الدراسي ليطلب منا ملء استمارات الرغبات الخاصة بالتوجيه ثمّ يخبرنا أنّ هناك إمكانية ثانية للتوجّه إلى مجال السينما والدراسة بفرنسا رفعت أصبعي بحماس (نفس الحماس تقريبا الذي رفعت به أصبعي عندما سألنا أستاذ الفيزياء عمّن يريد بطاقة نادي السينما) وأخبرت الحارس العام وسط ضحك التلاميذ أنني أريد أن أصبح مخرجة .

دراسة السينما كانت في فرنسا، وفرنسا لم تكن توجد في المغرب والموضوع كان يتطلب مصاريف سفر وإقامة، ووالدي الموظف البسيط لم يكن مستعدا لذلك. خلاصة القول بدل أن أضع “سينما” في بطاقة الرغبات الاستثنائية وضعت “أدب” في البطاقة العادية.

السينما كانت اختيارا استثنائيا بالتأكيد…

وهي حلم مجهض لا زال يراودني من حين لآخر، حتّى أنني عندما أكتب أكون في الحقيقة بصدد تجربة إخراج على الورق: فقصصي أفلام قصيرة لم تر النور بعد تماما كما كانت تتحول حجايات أمي إلى صور متحركة وإلى لقطات أكاد أراها في ظلام الغرفة. السينما بمناسبة هذا البوح، معشوقتي الأولى التي انكمشت في أعماقي كما ينكمش بالون فقد كلّ الهواء الذي كان بداخله، يستعيد البالون أحيانا بعض توهجه المفقود عندما يتحقق نصّ أو “تصدق” كتابة، فيتحرك البالون سعيدا ويرتفع في السماء وعليه تطل تلك العبارة التي تقول:

“إذا كنت تحب الحياة فاذهب إلى السينما”.

‫تعليقات الزوار

4
  • Free Thinker
    الإثنين 5 غشت 2013 - 04:12

    من الجميل ان يكون لنا احلام. انا ايضا يراوضني حلم شبيه بالسينما.

  • mohamed
    الإثنين 5 غشت 2013 - 04:30

    سيدتي المحترمة نعم (لما نحب الحياة نذهب للسينما ) هذا مثل لم استوعبه الا بعد ان وجدت نفسي وسط الصناعة السينماءية صدفة حيث بالرغم من عشقي الكبير لها منذ صغري الا انني لم اكن اتصور انه في يوم من الايام ساصبح وجها لوجه امام (الكاميرا) ومحاطا بممثلين مغاربة واجانب الذين اكن لهم كل احترام وتقدير وجنود الخفاء الذين يعملون دون ملل ونظرة (المخرج) للعمل الذي يقوم به لا يمكن فهمها الا بعد اتمام العمل الذي ياخذ من (المخرج) شهورا او بضع سنوات لعمل لا يتعدى في اغلب الاحيان 90دقيقة وبالرغم من المجهود الجبار الذي يقوم به عدد من الممثلين وجيش من التقنيين ويخرج العمل للوجود يتفضل بعض النقاد عبر صفحات بعض الجراءد الصفراء بحيث يستل قلمه ليذبح (مخرجا) اخرج مخه ليقدم عملا فنيا اخد منه جزءا من عمره وماله ليوصفه بالعمل التافه لذا استاذتي (لطيفة) الله كان لطيفا بك لما رزقك ميدان اخر وجدت نفسك فيه!

  • كاره الضلام
    الإثنين 5 غشت 2013 - 06:02

    السينما فرجة اولا، و هدا ما لم يفهمه مخرجونا،نحن في المغرب لم نبدا السينما من البداية للاسف،التسلسل المنطقي هو افلام استعراض و مغامرة و افلام تاريخية،هده هي الانواع التي تشد الجماهير الى السينما،ثم بعدها تاتي الرومانسية و الواقعية، و هدا هو الخط الدي سار عليه المصريون، عندنا كان محمد عصفور هو الوحيد الدي جاء في اوانه،افلام هزل burlesque على بدائيتها الا انها عرفت اقبالا،موسم المشاوشة كان يجب ان ينتج في تلك الفترة هو و افلام سهيل بن بركة تبعا للتسلسل المنطقي،و معهما دموع الندم، و لكن الدي ظهر هو الشاكرباركبن و ابراهيم ياش،افلام لا تعتمد الحكي الخطي و تلجا الى الفلاشباك و مشاهد الحلم القاتمة، و مخرج تساله لمادا لا تصنع افلاما يفهمها الناس فيجيبك و لمادا لا يفهم الناس ما اعمل؟،افلام نفرت المغاربة من سينماهم و القت بهم عند الامم التي فهمت ان السينما فرجة،الهنود و الصينيون،قرن من الزمن و لم يبتعد الهود عن الاستعراض،نحن الان تائهون، متى سنصنع افلام خيال علمي؟متى سنصنع افلاما فيها فكر و نبتعد عن ال fait divers ،؟

  • hamidd34
    الإثنين 5 غشت 2013 - 09:15

    قاعات السينما أغلقت أبوابها في أغلب المدن المغربية، لم يبق هناك سوى بضعة قاعات في مدن لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، يقصدها الشبان و الشابات لأغراض أخرى لا علاقة لها بالفرجة أو بقراءة الصورة. و عنوان مقالك تجاوزته الأحداث، موضوعك يصلح لاجتياز امتحانات السادس ابتدائي. إن كنت تتحدثين فقط عن مدينتك سلا فاعلمي أن المغرب به مئات المدن غيرها، فكيف سذهب المرء لمكان لا وجود له أصلا في مدينته.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين