بؤس المشهد السياسي بين "وطنية" الشاب خالد و "خيانة" أنوزلا

بؤس المشهد السياسي بين "وطنية" الشاب خالد و "خيانة" أنوزلا
الأربعاء 2 أكتوبر 2013 - 11:02

من الصدف المثيرة في السياسة تلك الأحداث المضادة التي تقع بين الفينة و الأخرى، مثل تزامن اعتقال الصحفي “علي أنوزلا ” مع منح “الشاب خالد” الجنسية المغربية

و طبعا هناك أحداث أخرى أكثر أهمية في دلالاتها وقعت في نفس المرحلة، مثل قضية العفو على المجرم” دانييل”. فحتى و إن ابتعدت المسافة الزمنية بينهما، فهي تفيد في استخلاص نفس الملاحظات التي نود التنبيه إليها.

لكن دعونا في البدء، نُساءل الحدثين المتناقضين شكلا و المتكاملين في معانيهما الباطنية. وفي هذا التكامل يتعرى المشهد السياسي المغربي الذي يبدو مرتبكا و يعيش حالة ضعف بنيوي.

يبدو الطرف الأول المحروم من الوطن ” أنوزلا” والقابع في السجن، عدو يفسد السير العادي للمجتمع، يعرقل تطوره، يخل بالأمن العام ويزعزعه، يشيع الأفكار الإرهابية و يحدث ضبابا يعتم على صورة البلاد اللامعة في نظر الخارج. وبالتالي فالسجن إدانة له عقابا على خيانته للوطن. بينما يبدو الطرف الثاني ” الشاب خالد” خادما للوطن و هو يسري في الحفر الليلية و المناسبات الوطنية الكبرى ليتقيأ على جمهوره الوطني وغير الوطني أرذل الكلمات التي تفسد الذوق وتضيق النفس على المولعين باللحن النظيف كلمة و طربا، نال من خيرات الوطن” فيلا في السعيدية و أموال كبيرة ثمنا لمشاركته في بعض المهرجانات”. ويزيد من خلال نمط أغنيته توسيع المسافة بين راهن البلد الرديء وطموح شرفائها في التقدم نحو أسمى القيم الإنسانية.

لسنا ضد منح الجنسية للأجانب لكن الآمر يتعلق بدستور وضعه النظام بنفسه، يقول أن هذا الامتياز لا يمكنه أن يكون إلا لمن قدم خدمات جليلة للوطن. ومن حقنا التساؤل عن ما قدمه الشاب خالد لهذا الوطن، الذي لم يتمكن طوال تجربته الفنية إنجاز ولو سمفونية واحدة للفقراء والمحرومين لا في المغرب ولا في بلاده الجزائر.

لم يكن أنوزلا إلا واحد من الملايين الذين يخجلون من نتائة عورة بلادهم، ثم يدعون لتنظيفها من الفساد والاستبداد عبر أساليب مدنية. و لم يكن الشاب خالد إلا واحد من الذين لا تعنيهم صورة الوطن و يمارسون بوعي أو بدون وعي عملية تدمير كل ما يضيء الطريق نحو المستقبل. و يصبح الوطن في عمق الحدثين، يحدد بمقياس خدمة إستراتيجية الأطراف المهيمنة من أجل ضمان الاستقرار السياسي.

و إن كان هذا التزامن صدفة، فقد انسل ليفشي ضرورة تعرية واقع المشهد السياسي، و إظهار الممارسة السياسية لمالكي القرار كعائق ثابت لتطور المجتمع. و مقيد لعناصر التطور فيه، ليبقى دورها( أي الممارسة السياسية ) حبيس حل إشكالات ليس من شأنها سوى تجديد الأزمة المزمنة التي تتخبط فيها البلاد.

المشهد السياسي الراهن مثقل بالتناقضات، ميزته الضعف و العجز على وضع ركائز متينة للاستقرار، ما دامت أطرافه مصطنعة و غير ناتجة عن فعل سياسي نزيه، يفرزها كنتاج طبيعي للصراع بين الفئات الاجتماعية داخل المجتمع.

تناقضات الممارسة السياسية ( أحيانا شكلية تترجم عمق الارتباك الذي يميز المشهد السياسي ) عندما تتكرر، تصبح قاعدة تُعد سلوكا طبيعيا يرسخ وعيا جديدا لدى فئات واسعة، كانت في الأمس القريب تثق في شعارات الحكم و في “وطنيته”. فهكذا، فَقَدَ النظام جزءا مهما من المنخدعين بشعاراته عندما قام الملك بالعفو عن المجرم “البيدوفيلي الاسباني.

فقد يجد النظام في سلوك فردي معزول فرصة لإلهاء الرأي العام و تحوير انشغاله بقضاياه الرئيسية، لكنه في حالات عديدة لم يعد من الممكن خداع الرأي العام المحلي. مما يجعل ممارسته تلك عنصر آخر يفجر الأزمة، ويتورط آنذاك في مستنقع يجعل صورته أكثر وضوحا، عليه إما العناد من أجل تكريس وجوده مهيمنا، أو يتنازل من أجل منع استمرار فعل الاحتجاج كما وقع عندما اعتذر الملك ضمنيا عن العفو على البيدوفيل الاسباني.

و يتضح أكثر فأكثر تورط النظام مرة أخرى في خلق أحداث لا تخدمه عندما اعتقل “علي انوزلا”، بحيث أن الفيديو مبرر الاعتقال لم يكن شائعا إلى أن وقع حدث الاعتقال، وأستقطب فضول المهتمين وغير المهتمين لمعرفة سبب تحريم نشر رابط له.

ويبدو أن الفيديو لا يحمل جديدا، فهو فقط دعاية رخيصة لتيار تكفيري يحلم بالحصول على دعاية مثل التي حققها اعتقال “على أنوزلا”. أما مضمون ما جاء فيه، فالحديث عنه قائم حتى في بعض الصحف التي لا يمكن اتهامها بالمعارضة و باليسارية.

مما رجح القول أن اعتقال “انوزلا” كان لأسباب أخرى تتعلق بنقده للملكية و بعض النافذين في السلطة و بعض الأحزاب المرتبطة بها، بل اعتبر البعض نقد الملكية السعودية واحد من المواضيع التي سببت مؤامرة الاعتقال، نافية كون الفيديو الذي اعتقل من أجله سببا

في خلاصة لما يجري، يعكس تزامن الحدثين بؤس المشهد السياسي المغربي و أن الأطراف المهيمنة لم تجد سبيلا لتجديد أزمتها غير اعتماد أساليب وقائية عرفت زمن الرصاص من جهة ، ومن جهة ثانية تؤكد قوة حركة المطالبة بإطلاق سراح علي أنوزلا و الحركة الاحتجاجية ضد العفو على “البيدوفيل الاسباني” على انتقال الوعي الديمقراطي إلى مرحلة أرقى. هذا الوعي الذي يتجه نحو استيعاب (عبر الفعل التضامني والاحتجاجي) فكرة اعتبار أن الأمر لا يتعلق بأحداث معزولة ثكلى بل هي تأتي ضمن إستراتيجية ضمان الاستقرار السياسي.

‫تعليقات الزوار

10
  • متتبعة
    الإثنين 30 شتنبر 2013 - 23:09

    كلام معقول، كلام واقعي. فصاحب المقال تكلم في الصميم والمواطن المسؤول والمحرك للماء الركد هو المواطن الصالح بكل المعايير الحديثة. وأستغرب ما هي القيمة المضافة التي يأتي بها الشاب خالد لا فنا ولا غيره

  • مواطن يحمل خلايا جدعية مغربية
    الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 03:44

    ملاحظة في للصميم و مقارنة دكية تبه الى الدعارة السياسية التي ينساق اليها هدا البلد. العفو عن دانيال + منح الجنسية المغربية للمدعو الشاب خالد + أهداء فيلا في السعيدية له كلها كانت بقرار اعلى سلطة في .فمادا اضاف خالد وامثاله الى سؤدد هدا الوطن ورفاهية مواطنيه الدين جلهم يحلبون حلبا طيلة 10/15 سنة ليؤدوا ثمن قغص يسمونه سكن اقتصادي ؟؟في المقابل يندس اناس لهم ما يكفي من الدكاء البراغماتيي لكي يدغدغو شمكارة الامة و عديمي الدوق والعقل باغني بئيسة و كلمات رخيصة و قهقهات خسيسة للحصول على هدايا نفيسة.يقال لنا بان المغرب بلد فقير انه كدلك .نفتقر فعلا الى عزة النفس والقرار الحكيم.فقرنا لا يمنعنا من ان نفتح خزائننا لهده الراقصة لانها تبرز اكثر مما تغطي او تلك المطربة لانها يعول عليها في سياسة الالهاء او داك النجم لان جمهوره طويل عريض بين جهلة القوم.مثل شعبي يفرض نفسه في سياق القول/العكر على الخنونة/ وما اصدقه من قول.لا ندري ولا نريد ان ندري كيف نضع الاولويات وتجهل ونتجاهل الابعاد والارتدادات الكبرى لقرارات تبدو صغيرة. فيا شباب المغرب غنوا لتغتنوا.اما مدارسكم فلا تعلمكم من اين تؤكل الكتف.

  • مغربي
    الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 10:57

    ا ذا كان خالد من ام مغربيه فله الحق في الجنسيه حسب القانون المغربي الجديد وانتهي الكلام .

  • الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 12:06

    يبدو أن صاحب المقال لايتوفر على الجرأة الكاملة ليقدم طرحا نقديا و محايدا في نفس الان فهو يكني و يحيل دون وضع اليد على الجرح الحقيقي الذي أدى إلى فساد المشهد السياسي المغربي. فكان عليه أن يعمل على انتقاد الرموز المفسدة لهذا المشهد صراحة، بدل التساؤل عما قدمه الشاب خالد للمغرب و الذي ليس سوى فنان يقدم إبداعه ـ اتفق معه أو لم يتفق صاحب المقال ـ إلى جمهور عريض من الشباب المغربي الذي مل كلام أشباه المثقفين و السياسيين و النقابيين و الحقوقيين… و الذين ما أكثرهم للأسف في بلدنا الحبيب.

  • بونيف محمد
    الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 15:20

    تحياتي للرفيق يوسف الطاهري دائما موجود ومتألق

  • sifao
    الثلاثاء 1 أكتوبر 2013 - 19:21

    ما العيب في ان يحمل الشاب خالد الجنسية المغربية ، امه مغربية وزوجته كذلك ، يطرب شبابنا وشباتنا وكل من يحب الفن والرقص والشطيح والرديح و مظاهر البهجة ، ام تريد منهم ان يحفروا قبورهم بأيديهم ويمدون اجسادهم المنهكة بالقرب منها في انتظار قدوم الساعة للسقوط في حفرة النهاية المحتومة ؟ تلك هي متعة الحياة ، اذا كانت ا"لفيلا" هدية من ملك عمومي فمن حقك ان تحتج ، لكن اذا كانت ملكا خاصا فغضبك مردود عليك ، ومن حقي ان أقول انه حقد وحسد وليس غيرة وطنية ، اعتقد ان انوزلا نفسه لن يقبل بهذه المساومة ولا ان يكون طرفا في هكذا معادلة ، لأن ذلك قد يفسد عليه قضيته الاساسية .
    الشاب خالد فنان كبير وعالمي له جمهور عريض من الجهلاء مثلنا ، عندما يصعد الى منصة الميدان لا يجد امام المسجد من يقيم له الصلاة ، ماذا قدم الفقهاء للناس في خطبهم ، من فوق منابر افخم "الفيلات "التي يسمونها بيوت الله ، على مدى قرون من الزمن ، غير التذكير بالقادم من الحساب والعقاب والعذاب الشديد ؟ ورغم ذلك لا ينتبه اليهم احد ، انهم مقدسون ، قارن بين مساجدنا ومدارسنا ، لتعرف من اكل ما تبقى من كتف الفريسة .
    لا نحسن الكلام اذا تكلمنا .

  • نفس اللآدمي أعلاه
    الأربعاء 2 أكتوبر 2013 - 01:57

    دو العلم يشقى في النعيم بعلمه/ و دو الجهالة في الشقاوة ينعم ..قدس الله روح الشاعر وكانه يصف جهلة القوم عندنا. لا يكتفون فقط بالجهر بجهلهم بل الافتخار بنعمه عليهم كدلك..متع الحباة لخصوها في هز الارداف والاكتاف بتعطيل النصف العلوي من الجسد الدي به دماغ يفكر و تشغيل النصف السفلي من الجسد الدي به عورات تغري وتغوي.نواح وعناق وتداخل الاجساد و تحريك الليبيدو للوصول الى الرعشة الكبرى و شكرا يا شاب خالد…الشاب خالد يصعد المنصة فيرقص حتى الفقيه والمعتكف و تتعلاى حتى المدثرة بلحاف الحشمة..عجيب هدا التعمم .. عجبي ليس من اعتراف جهلة القوم بجهلهم بل من اصرارهم على جهلهم لانهم لا يدرون انهم يرقصون رقصة الثور المنحورأما خطب المساجد فهي مجرد كلام انشائي لا يمتع لانه لا يرقص.اما بخصوص اهداء قطعة من المغرب الى فلان من طف فرتلان بدعوى ان فرتلان له كامل الحق في التصرف في ملكه الخاص فاساءل اين هي حدود الملك الخاص من العام في هده الحالة ؟هل المغرب ببشره وبقره وزرعه وضرعه وارضه وسماءه وبحاره ويابسته ملك خاص ؟ادا كان الجواب بنعم فالحمير السياسية لشباط لها مخيخ ارقى من مخيخ مجادلي.

  • مجاز غير كفئ
    الأربعاء 2 أكتوبر 2013 - 14:22

    للاسف هذا هو حال المغرب تجريم كل شريف وغيور على هذا البلد وتكريم كل سفيه ونكرة لكن ما يدعو للاسف اكثر هي تلك الاقلام التي ثكاثرت هذه الايام التي تتغنى بمغرب الكفاءة والتي لا هم لها الا النيل والتقديح من ابناء هذا الشعب التي جريمتهم الوحيدة في نظر هؤلاء هو مطالبتهم بالكرامة والعيش الكريم فالى اصحاب شعار الكفاءة اي خدمات قدم الشاب خالد للمغرب لينال الجنسية المغربية واي كفاءة تملك دنيا باطما والاخر مغني الراب لينالوا وساما ملكيا ارجو ان يجيبني احدهم

  • meknassi
    الأربعاء 2 أكتوبر 2013 - 14:24

    نفس الأسطوانة مكررة أصحابها لا يكلون ولا يملون ، إتهام البعض بالرذاءة وإستغلال خيرات المغرب ونشر الدوق الرديء والساقط ، وإضفاء صفة المناضل الفارس الشهم اللذي يخاطر بحريته على البعض الآخر .ما رأيك إذا قلت لك أن الشاب خالد ذوقه عالمي وأن موسيقيين عالميين كبار تعاملوا معه ولازالوا يتعاملون ،وأن الشاب خالد لم يأتي للمغرب كمغني مغمور يبحت عن الدعم والشهرة بل جاء ووراءه شهرة عالمية ورصيد بنكي أسالا لعاب جيراننا الذين تهموه بالخيانة .ومارأيك إن قلت لك أن أنوزلا وجريدته لم يكتبا قط جملة واحدة إيجابية في حق المغرب والمغاربة ،وأن جريدته تعتبر صوتا للإنفصاليين داخل المغرب .

  • un marocain
    الأربعاء 2 أكتوبر 2013 - 21:28

    ما البديل عن النظام الديمقراطي؟ بديل الديمقراطية نقيضها أي النظام الديكتاتوري الشمولي والسلطوي، علمانيا كان أو دينيا، الذي يملي على الناس في كافة أنشطتهم نوع التفكير والسلوك. هذا النظام يدوم بدوام أصحابه وسلالتهم من عشيرة أو ملّة أو طائفة أو فئة…

    رغم كل سلبيات الديمقراطية فهي أرقى من النظام الديكتاتوري وأقرب إلى أماني الشعوب المتعطشة إلى الحرية والحياة الكريمة. سلبيات حكم الفرد والفئة ظاهرة بوضوح، هذا النوع من الحكم يعمل لصالح فئة صغيرة بالدرجة الأولى، ويضع بقية الشعب تحت الوصاية ولا يعتبره راشدا لتسيير أموره وتقرير مصيره. ولكن هذا النظام، عن طريق غسل دماغ المواطنين عن طريق أبواقه الإعلامية، يدعي بهتانا الإصلاح والعمل لخدمة الشعب!

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 74

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 67

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة