تحديات اقتصادية ترافق الدخول الاجتماعي .. حسابات المغرب تخضع للسياق الدولي

تحديات اقتصادية ترافق الدخول الاجتماعي .. حسابات المغرب تخضع للسياق الدولي
صورة: و.م.ع
الجمعة 26 غشت 2022 - 10:00

رهانات عديدة وملفات “حارقة” تتجاذب الدخول الاجتماعي والاقتصادي الجديد في المغرب، في ظل موسم شهد بلوغ نسَب تضخم قياسية وفق معطيات رسمية؛ في حين يتوقع أن تصل فيه نسبة النمو بنهاية السنة معدلا يناهز 1,5 في المائة.

ويحمل الدخول الجديد، برسم عام 2022 والسنة المالية المقبلة، في طياته رهانات اقتصادية لم تعد تحدياتها خافية عن مختلف الفاعلين، سواء تعلق الأمر بالحكوميين منهم والمؤسسات العمومية أو مقاولات القطاع الخاص.

وبين استمرار سياقات دولية متأثرة بشدة بشظايا الحرب والصراع في أوكرانيا، ورغبة وطنية داخلية في تحقيق طفرة انتعاش اقتصادية بعد موسم جفاف حاد غير مسبوق، وتنزيل أوراش اجتماعية واقتصادية دعت الخطابات الملكية الأخيرة إلى تسريع العمل عليها؛ يبدو الدخول الاجتماعي والسياسي الجديد محملا بتحديات على جميع الأصعدة يتطلب رفعها تضافر وتسريع الجهود مع الوفاء بالتزامات مجتمعية منتظرة.

كما يرتقب أن يشكل مشروع قانون مالية سنة 2023، المقرر مناقشته ضمن أجندة الدخول البرلماني في أكتوبر، ساحة للنقاش وتجاذب الرؤى حول التجسيد العملي لهذه الرهانات والتحديات في شكل إجراءات عملية، وتدابير تحفيزية للاقتصاد والقطاعات الاجتماعية البنيوية.

“معادلة صعبة”

مع استحضار سياق دولي موسوم بـ”استمرار الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، الذي رفع أغلب الأسعار العالمية للمواد الأولية والاستهلاكية، فضلا عن تأثيرات طالت أسعار المنتجات الطاقية ومشتقاتها”، قال زكرياء فيرانو، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الإعداد للدخول الاجتماعي والاقتصادي الجديد يبقى “رهينا بتطورات سياق دولي” سيكون له الكلمة الحاسمة في تحديد السيناريوهات الممكنة لإعداد مالية 2023 في ظل “انخفاض سعر غير مسبوق لعملة الأورو تحت عتبة الدولار”؛ ما يؤثر بشكل مباشر في سياسات الاتحاد الأوروبي، الذي يظل الشريك الاقتصادي الأول للمملكة.

ولفت فيرانو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “السياسات النقدية الأوروبية تحاول حفظ التوازنات في انتظار ما ستفرزه اجتماعات البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من قرارات ستبصم اتجاه التضخم المتصاعد عالميا”، معتبرا أن “الركود الاقتصادي الأوروبي المتوقع سيطال المغرب عبر تأثيرات مباشرة تخص انخفاض الطلب الخارجي من حيث الصادرات، لا سيما في القطاعات الصناعية عالية القيمة”.

ودعا أستاذ الاقتصاد ذاته إلى ضرورة “أخذ السياقات الدولية بعين الاعتبار حين تحضير مشروع مالية العام المقبل”، مشددا على ما تطرحه المشاريع والأوراش الاجتماعية الكبرى في مجالات الحماية الاجتماعية (تعميم التعويضات العائلية على 7 ملايين طفل و3 ملايين أسرة) والتعليم والصحة والسجل الاجتماعي الموحد، دون إغفال إصلاح مهم يتمثل في تفعيل إصلاحات ضريبية وجبائية (توسيع الوعاء الضريبي، محاربة التهرب الضريبي)، من “تحديات التمويل” وتوفير الميزانيات الكافية.

فيرانو، وفي معرض حديثه، أشار إلى “إمكانية لجوء الحكومة إلى تعبئة تمويلات خارجية، في ظل الحديث عن قرب حصول المغرب على خط ائتماني جديد لصندوق النقد الدولي بقدر مالي كبير، وضمان قدرته على السداد”، مع دعوة القطاعات والمؤسسات العمومية إلى “عقلنة وترشيد نفقاتها”، وهو ما ورد في المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية 2023 الصادرة عن رئيس الحكومة.

وخلص المتحدث ذاته إلى ما سماها “معادلة صعبة تسعى الحكومة، من خلالها، إلى ضمان التوازن والتأثير والتأثر بين سياق دولي ضاغط ورهانات وطنية سوسيو-اقتصادية كبرى تنتظر التفعيل والتسريع”، لافتا إلى “مجهود تشريعي يجب أن يبذل لإخراج نصوص ومراسيم تنظيمية لقوانين كثيرة تهم ملفات مستعجَلة في قطاعات الصحة والاستثمار والسجل الاجتماعي الموحد.

تحدي التمويل

ضمن تفاعله مع تحديات ورهانات الدخول الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب، قال أحمد أزيرار، باحث في الاقتصاد، إن “أكبر تحدّ يظل مطروحا ومتجددا عند بداية الإعداد لمشروع ميزانية السنة المالية هو إشكالية ضمان التمويل وتوسيع موارده بشكل كافٍ، مع ضرورة ترشيد النفقات وخفض التكاليف لاسيما في شق التسيير”، مشبها الأمر بـ”قطب الرحى”.

وتابع أزيرار، في معرض حديثه مع هسبريس، أن “الظرفية الحالية لا تبدو مناسِبة أبدا لتخفيض تكاليف المقاصة”، على الرغم من إرباكها للتوازنات المالية للدولة مع توقعات باستمرار تداعيات الحرب في أوكرانيا؛ وهو ما يعني، وفق تقديره، مِلحاحية “العمل على ملفات وأوراش اجتماعية مستعجَلة تتعلق بالقطاعات الأساسية والبنيات التحتية، لأن الملف الاجتماعي أكبر صمام أمان للسلم الاجتماعي”.

ولفت الاقتصادي ذاته إلى أهمية قصوى يكتسيها “تسريع العمل بالسجل الاجتماعي الموحد؛ إلا أن الأمر يطرح تحديات تتعلق بالتدبير الإداري وكيفية ضمان المستهدَفين من برامج دعمه”، مؤكدا أن ملف الاستثمار، الذي يعول على ميثاقه الجديد لتحريكه، “يلزَمه وقت قصد جَني ثماره، شريطة ضمان تعبئة شاملة لفاعِلي المال والأعمال في القطاع الخاص، فضلا عن قطاع البنوك، مع تحلي الدولة بالجرأة الاقتصادية على تشجيع الخواص لضمان جذب رؤوس أموال ذات مشاريع لها قيمة مضافة عالية”؛ وهو ما يساير مطامح وأهداف الميثاق في الشق المتعلق بخلق فرص العمل والقيمة المضافة.

في هذا السياق، دعا إلى “رفع مردودية ونجاعة الاستثمار العمومي”، الذي اعتبر أزيرار أنه “يعاني حاليا من معيقات تعرقل تحقيق أهدافه التنموية، بعضها موضوعي؛ يظل أبرزها انتشار الفساد الإداري والرشوة ما يضيع على المملكة نقاط نمو ثمينة”، مشيرا إلى أن الحكومة مدعوة إلى “تعزيز الحكامة بصرامة وتحديد الأولويات فيما يخص الإنفاق العمومي”.

كما أثار أزيرار ضرورة “تنظيم القطاع غير المهيكل اقتصاديا، وكذا تفعيل تدابير مكافحة التهرب والغش الضريبيَيْن”. كما نادى مقترحا “فرض ضرائب على قطاعات تنشط في إطار مجال المهن الحرة من باب إسهامها في التنظيم الاجتماعي”.

وخلص المتحدث ذاته، في ختم تصريحه، إلى الإشادة بـ”تنويع المغرب لشركائه الاقتصاديين خلال السنوات الماضية، في سياق اندثار الثقة في تماسك الاتحاد الأوروبي مع دخوله في كساد وركود نتيجة تقهقر عملته الموحدة”.

‫تعليقات الزوار

5
  • متتبع
    الجمعة 26 غشت 2022 - 10:09

    لازالت المحروقات مرتفعة رغم انخفاضها في السوق العالمية و هذا يشكل أكبر عائق حاليا بالنسبة للمستهلك إضافة للساعة الاضافية المشؤومة التي سببت كثيرا من المشاكل

  • محمد ااقدوري
    الجمعة 26 غشت 2022 - 10:29

    ما يحصل الآن في العالم أمر غير طبيعي فكل الأحداث التي شهدها العالم ابتداء من كورونا الى الحرب الروسية الأكرانية تجر دول العالم الثالث الى العبودية وبالخصوص الدول التي تضع مصير شعوبها في أيدي غرها وتتوهم التقدم والتطور بالخضوع للغرب وخدمة المخطتات والصراعات القديمة الجديدة على النفوذ وهذه البلدان ستقع في وسط النار لا على أطرافه

  • السيد
    الجمعة 26 غشت 2022 - 11:07

    على المغرب أن يغير سياسته الإقتصادية بسياسة رشيدة تمنحه مناعة أمام هذه التحديات والمشاكل التي بات يعيشها العالم بين فينة و أخرى والإنسلاخ من الفستان الفرنسي الذي ليس على مقاسه والسلام

  • mokrini
    الجمعة 26 غشت 2022 - 11:43

    طرق التمويل سهلة جدا جدا جدا :
    احداث ضريبة سمينة على الثروة .لماذا سمينة؟ لان المعنيين اغتنوا بطرق غير شرعية وعلى حساب جيوب المواطنين .
    زجر كل تهرب ضريبي بما لا يدع مجالا لمعاودة التهرب ، مع تضريب قنوات التواصل الاجتماعي التي تدر أموالا طائلة على اصحابها دون المساهمة ولو بدرهم واحد في صندوق الدولة .
    مراقبة المتخصصين في سلب ونهب اموال الدولة تحت اي غطاء واية ذريعة وزجرهم زجرا شديدا في حال ثبوت الخرق عليهم .
    تخويل المجلس الأعلى للحسابات السلطة التنفيذية التي ستمكنه من استرجاع الأموال المنهوبة والمسروقة والمهدورة ، عوض الاكتفاء بتقرير مفاده أن فلان اختلس 17 او 20 او 50 مليار …

  • عبد اللطيف
    الجمعة 26 غشت 2022 - 12:05

    هو دخول اجتماعي ولا زلنا لم نخرج من معضلات سابقيه لولا المبادرات الملكية
    اي دخول اجتماعي والمكاتب تمضي السكاكين والكتب في اشتعال والاجرة لم تتحرك بعد عام من التنازلات للمواطن
    ارحمونا شويا يا قلوب الحجر

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس