نزاع على أراضي كولومبيا بين "الأصليين والأفارقة"

نزاع على أراضي كولومبيا بين "الأصليين والأفارقة"
صورة: أ.ف.ب
السبت 10 شتنبر 2022 - 15:59

في وديان كاوكا الخصبة جنوبي غرب كولومبيا، يحتل أفراد من السكان الأصليين بالقوة أراضي زراعية، مؤكدين رغبتهم في إنهاء زراعة محصول واحد في أكبر منطقة لإنتاج السكر في البلاد.

ويثير اقتحام عشرات من أفراد مجموعة الناسا الحقول توترا حادا واشتباكات مع عمال صناعة قصب السكر، ومعظمهم من السكان السود الذين يعيشون هناك منذ أكثر من قرن، ويطردون بذلك من أراضيهم ووظائفهم.

ويبدو أن نزاعا جديدا على وشك أن يندلع في وادي كورينتو الخصب الواقع على سفح الجبال، ويطالب فيه كل طرف بأرض “أجداده”.

وقال أحد قادة المجتمع الأسود المحلي لوكالة فرانس برس: “بأي حق يمكنهم تأكيد أن هذه الأراضي ملك لهم؟ أجدادنا عاشوا هنا طوال حياتهم”، وأضاف أن أفراد الناسا يريدون “بناء منازلهم فوق منازلنا” منددا بـ”عنف” شاغليها الجدد.

ويعيش نحو 2500 شخص من أصول إفريقية من “منتجي قصب السكر الصغار والمتوسطين” في قرية سيفيرو مولاتو المجاورة لعدد من المزارع التي يتم احتلالها الآن، على قول المتحدث ذاته.

وهذه الزراعة في ذاتها هي التي يرفضها أفراد الناسا لأنها كما يقولون تؤدي إلى جفاف الأرض ولا تغني سوى محتكري صناعة السكر في كالي.

حجارة وعصي

منذ أن انتخب في الصيف غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخ البلاد، ضاعف السكان الأصليون احتلال الأراضي ومصادرتها بالقوة في كاوكا، وهي أساسا واحدة من أكثر المقاطعات تضررا من أعمال العنف، إذ تنشط فيها مجموعات مسلحة وتهريب المخدرات.

وفي هذه المنطقة وحدها أحصيت حوالي ثلاثون عملية احتلال أراض زراعية، تسع منها الشهر الماضي، حسب الشرطة.

ويتمتع الرئيس بيترو بشعبية كبيرة بين الشعوب الأصلية، ووعد بإجراء “إصلاح زراعي” طموح لإعادة توزيع الأراضي في بلد تتركز فيه ملكية الأرض في أيدي عدد قليل من أصحاب الامتيازات.

والوصول إلى الأراضي هو لب الصراع الذي يهز كولومبيا منذ نحو ستة عقود؛ وفي الستينيات كان واحدا من الأسباب الرئيسية للكفاح المسلح الذي شنه عدد من الفلاحين المتمردين المسلحين.

في العقود التي تلت ذلك، قامت المجموعات شبه العسكرية اليمينية المتطرفة بطرد الآلاف من عائلات الفلاحين من أراضيهم لصالح كبار ملاك الأراضي ومربي الماشية.

وباتت عمليات احتلال السكان الأصليين لأراضي تجري الآن في سبع من أصل 32 مقاطعة في البلاد. وفي مواجهة تفاقم هذه الظاهرة عبرت الحكومة عن إدانتها وحذرت من أن الشرطة ستتدخل.

ويقول الزعيم المتحدر من إفريقيا إن أفراد الناسا “قطعوا كل شيء وكيفما اتفق يبنون أكواخًا ويحرقون” قصب السكر، مشيرا بساطوره إلى قصب السكر المتفحم؛ واتهم السكان الأصليين بتدمير خمسة هكتارات من الأراضي المزروعة.

وبعد إلغاء العبودية في 1851، اشترى السكان السود أراضي مقابل عملهم، واليوم، يزرع معظم أحفادهم قصب السكر لبيعه للمزارع الكبيرة في المنطقة.

وقال الرجل: “عندما واجهنا (السكان الأصليين) كان علينا أن نقاتل بالحجارة لأنه ليست لدينا أسلحة أخرى. حجارة وعصي”.

استعادة الوادي

قبل عام كان مخيم سيفيرو مولاتو يقع بجوار مصنع للسكر، لكن نحو 400 عائلة من السكان الأصليين “بلا أرض” نزلت من الجبل، واحتلت المكان.

ويعيش في المنازل المهجورة التي غزاها البعوض نساء وأطفال يتحلقون حول نار الحطب ويتغذون على حدائق الخضروات المتواضعة.

ويقول زعيم المجموعة الذي وضع لثاما خوفا من “ملاحقات قضائية”: “نعرض حياتنا للخطر للمطالبة بحقنا في قطعة أرض”، ويضيف أن الاستعمار وكبار ملاك الأراضي دفعوهم إلى “الذهاب إلى الجبال”، حيث الأرض غير صالحة للزراعة.

ومع تزايد عدد السكان، اضطر السكان الأصليون لتدمير الغابة لزراعة محاصيل غذائية على حساب الحيوانات والنباتات المحلية، كما يقول. لهذا قرروا “استعادة” الوادي وتدمير قصب السكر وزراعة الموز والأرز والذرة بدلاً من ذلك.

وحاليا تغطي محميات السكان الأصليين نحو عشرين في المائة من منطقة كاوكا. وهم يقولون إن أراضيهم هي في الأساس غابات مما يحرمهم من أرض قابلة للزراعة.

واليوم يعيش السكان الأصليون على نحو 1500 هكتار ويتهمون بارونات السكر بتمويل العمال السود ودفعهم سرا إلى الاحتجاج.

وتمنع جذوع أشجار وخنادق تقدم الشرطة التي تحاول طردهم. وقرى العاملين الكولومبيين المتحدرين من إفريقيا قريبة بينما يتحول الوادي إلى برميل بارود.

وتدين نقابة مستثمري قصب السكر خسارة “نحو ستة آلاف وظيفة”.

ويقول خوان كارلوس أغوديلو، المتحدث باسم العمال الذين يطالبون بـ”حقهم في العمل”، إن صناعة قصب السكر سمحت بـ “تنمية هذه المجتمعات”.
وتجاوز معدل الفقر في كاوكا بفارق كبير المعدل الوطني (58 في المائة مقابل 39.5 بالمائة).

ويقول أحد منسقي الأعمال في المنطقة معتمرا قبعة ومزودا بجهاز لاسلكي بيده إن “المجتمعات ليست لديها مدرسة، ليست لديهم مساكن ولا مياه جارية. أين التنمية؟”.

‫تعليقات الزوار

2
  • نور الدين
    السبت 10 شتنبر 2022 - 17:27

    استنجدوا بجمهورية الخيام البالية و العجاج لعلكم ترحمون “كرماتك يا مملكة شريفة”

  • Mosi
    السبت 10 شتنبر 2022 - 21:04

    عنذما نقول لمرتزقة البوليزاريو انكم على باطل و انكم إذا نبشتم التاريخ على أحقية ارض الصحراء فإنكم ستخسرون و ان العيش بسلام تحت الراية المغربية و في كنف وطن يتسع للجميع هو الحل الوحيد لكي نعيش جميعا في سلام و وئام فإننا لا نقول ذلك من فراغ.
    ارض الصحراء لها سكان اصليون و هم العمود الفقري للمغرب و المغرب من مميزاته البديعة انه مكان تتعايش فيه كل الاجناس و لا فرق بيننا جميعا في هذا الوطن…العربي كالأمازيغي و الشمالي كالصحراوي كالأطلسي كالسوسي كالشرقي كالدكالي كالجبلي….
    لماذا تبحثون عن الفتنة ايها البوليزاريو المتخلفين و المغفلين…؟؟؟
    ا لا ترون انه يصدق فيكم الحديث القائل : الفتنة نائمة أ لا لعنة الله على من يوقظها.
    ما يجري في كولومبيا من المفروض ان يكون درسا للبوليزاريو و من يساندهم.

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | تحرير طنجة
الأحد 14 أبريل 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | تحرير طنجة

صوت وصورة
الأمطار تفرح الفلاحين
الأحد 14 أبريل 2024 - 18:16 4

الأمطار تفرح الفلاحين

صوت وصورة
أممية أحزاب الوسط في مراكش
الأحد 14 أبريل 2024 - 14:04 1

أممية أحزاب الوسط في مراكش

صوت وصورة
نقاش إلغاء عيد الأضحى
الأحد 14 أبريل 2024 - 11:28 47

نقاش إلغاء عيد الأضحى

صوت وصورة
فوز الجيش الملكي على الوداد
السبت 13 أبريل 2024 - 22:57 1

فوز الجيش الملكي على الوداد

صوت وصورة
تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع
السبت 13 أبريل 2024 - 16:27 3

تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع