ضريح بويا عمر ... "غوانتانامو" الأرواح الخفية بالمغرب

ضريح بويا عمر ... "غوانتانامو" الأرواح الخفية بالمغرب
الجمعة 11 أبريل 2014 - 19:45

ماذا يحدث وراء جدران ضريح بويا عمر، أشهر أولياء المغرب قرب مراكش، حيث يحج المئات من المرضى طلبا للشفاء و”بركة” القوى الخفية؟ هل يجدون الشفاء فعلا أم أنهم يعيشون “الجحيم” كما يحكي أحد المرضى السابقين؟

يقع ضريح “بويا عمر” على بعد 50 كيلومترا شمال مدينة مراكش الملقبة “مدينة البهجة”، لكن داخل جدرانه تغيب تلك “البهجة”، ويسود الصمت الذي تكسره بين الفينة والأخرى صرخات المرضى القوية التي تثير رعب من لا يعرف هذا المكان.

ويحمل هذا الضريح، حسب كتب التاريخ المغربية، اسم رجل ولد خلال العقدين الأخيرين من القرن السادس عشر للميلاد وبقي أميا إلى أن بلغ الأربعين من عمره، حيث شد الرحال لتحصيل العلم في إحدى الزوايا جنوب شرق المغرب.

وغالبية أضرحة المغرب، يقصدها المغاربة والأجانب أحيانا طلبا للشفاء و”بركة” من دفنوا فيها، ومن بينها ضريح “بويا عمر” الذي يزوره المئات ممن “تسكنهم الأرواح” كما يعتقدون، وهم في الغالب مرضى نفسيون وعقليون أو مدمنو مخدرات.

وتقدر الصحافة المغربية عدد الذين زاروا هذا الضريح وبقوا محتجزين فيه اليوم بحوالى الف مريض، لكنه رقم غير مؤكد لدى السلطات المغربية.

وحاول مراسلو وكالة فرانس برس زيارة المكان لكن موظفي وزارة الداخلية المغربية أخبروهم أن التصوير ممنوع وكذلك زيارات الصحافيين، لكن شهادات النشطاء والزائرين حول الجو السائد بين جدران هذا المكان جعلته يستحق لقب “غوانتنامو المغرب” كما تصفه الصحافة المغربية، حيث يتم داخله تكبيل المرضى بالسلاسل الحديدية، بل ويتم تجويعهم وضربهم في كثير من الأحيان كما يشرح محمد أبولي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

ويقول هذا الناشط الحقوقي من قرية “العطاوية” القريبة من الضريح في تصريح لوكالة فرانس برس “نحن لسنا ضد معتقدات هؤلاء الناس (…) لكن ما يقلقنا هو المعاناة التي تلحق الأشخاص الذين يتم جلبهم الى هنا”.

وفي شهادة نادرة يقول محمد المتحدر من مدينة طنجة شمال المغرب “قضيت سنة كاملة وراء جدران هذا المعتقل، وعشت فيه الجحيم وفقدت إحدى عيني”.

ويؤكد هذا الشاب الذي أحضرته عائلته سنة 2006 الى “غوانتنامو المغرب” تعرضه “لسوء المعاملة” من قبيل التعنيف الجسدي وسرقة الأموال، قبل ان يخلصه شقيقه من هذا السجن.

وفي ديسمبر الماضي لفتت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان انتباه وفد أممي الى الحالة المتردية لهذه “المؤسسة” التي لا يعرف ما إذا كانت مستشفى أو معتقلا او مقاما ذا قيمة روحية، موضحة في تقرير خاص عن أماكن الاعتقال التعسفي أن “بويا عمر سجن يتعرض فيه المرضى لانتهاك حقوقهم ويعد خرقا لحقوق الإنسان”.

ومنذ ذلك الحين أعطى الحسين الوردي وزير الصحة المغربية وعدا بإغلاق هذا المكان قائلا “سأفعل ما في وسعي (…) لكن للأسف القرار ليس بيد وزارة الصحة”.

وتكمن صعوبة إغلاق “بويا عمر” في تجذر بعض المعتقدات في المخيلة الجماعية للمغاربة، كتلك المعتقدات المرتبطة بالجن.

إضافة الى ذلك يستفيد حراس هذا المكان والقائمون عليه من عائداته المالية التي يدفعها الزوار في مقابل العلاج والمبيت، وكذلك من العطايا والأضاحي المقدمة للتقرب من الأرواح ونيل رضاها، بحسب ظنهم.

ووفقا لدراسة أنجزت العام الماضي من طرف “مركز بيو للأبحاث “، وهي مجموعة من الخبراء الأميركيين، فإن 86 ٪ من سكان المغرب ما زالوا يؤمنون بالأرواح، الخيرة والشريرة منها على السواء.

وتعزز الاعتقاد بقوة الأرواح لدى المغاربة مع اعتلاء الملك محمد السادس للعرش في 1999، حين فتحت سياسته الدينية الجديدة الباب أمام تعزيز الإسلام الصوفي الذي ظهر في القرن الثامن الميلادي، “بغرض نشر اسلام معتدل ومتسامح” كما يقول علماء الاجتماع المغاربة.

وتقوم غالبية الزوايا والأضرحة، ومن بينها ضريح “بويا عمر”، في المغرب على فكرة احترام وتقديس الأشخاص المدفونين داخلها حيث يسمون ب”الأولياء الصالحين” ويزورهم الناس من أجل التداوي والبركة، كما تحظى الكثير من الزوايا والأضرحة بدعم مالي مباشر من البلاط المغربي.

ويقول زكريا الريحاني أستاذ علم الاجتماع المغربي “ليس في مقدور وزارة الصحة المغربية إغلاق بويا عمر لأنه يخدم اهدافا سياسية، حيث إن دعم مثل هذه الأماكن وتلك المعتقدات يدخل في باب تعزيز الشرعية السياسية للملكية القائمة بدورها على الشرعية الدينية”، باعتبار الملك سليل الرسول محمد.

ويعترف مسؤول في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، فضل عدم ذكر اسمه ان “موضوع بويا عمر معقد وحساس جدا”، مؤكدا في الوقت نفسه أنه تابع لوزارة الصحة المغربية.

ويضيف المصدر نفسه “كيف يمكن أن ندبر أمر شخص عنيف؟ يعتقد الناس أنه يجب سجنه ولو لفترة قليلة من أجل حمايته، للحد من اندفاعه العنيف، من أجل تخليصه من الأرواح التي تسكنه”.

ويتابع “الناس بسبب الجهل ومن باب التقليد والثقافة القديمين، تترك أقاربها في ذلك المكان لأنها لا تستطيع رعايتهم، وهذا واقع حان تغييره اليوم في المغرب”.

‫تعليقات الزوار

17
  • ضاحي سلفان يمني
    الجمعة 11 أبريل 2014 - 20:52

    كل شيء معقد إصلاحه في المغرب،من القضاء على اقتصاد الريع إلى إصلاح المؤسسة القضائية،فبعض الحكومات التي حاولت الاقتراب من بؤر الفساد فشلت وأعلنت أن هناك قوى متحكمة وراء الستار هي من بيدها مقاليد الأمور

  • bizarre
    الجمعة 11 أبريل 2014 - 21:18

    L'existence de ce genre de ces mausolées est une grande preuve de notre ignorance et de notre sous développement.quelle misère!

  • مغربية
    الجمعة 11 أبريل 2014 - 22:46

    تقدر الدولة تدير معاهوم الحيلة، و هي بناء مستشفى كبير جدا عليه حراسة مشددة و متابعة طبية، يكون قريب من المكان، و تضم هداك الضريح ف الباحة الخلفية للمستشفى مع وجود اسوار عالية، على الاقل مغايباقش الضريح ماوى لاصحاب الشعودة، لانه لن يكون له ممر الا عن طريق بوابة المستشفى، لى سلم المريض ديالو يمشي فحالو، و المرضى تكون لهم غرف و متابعة طبية، و مرة مرة يخرجو للحديقة الخلفية، يدخلو للضريح يغوتو و لا يشطحو و لا يديفولاو حتى يرتاحو ليهوم العضام (الدول المتقدمة يعالجون ايضا بجلسات الضحك الهستيري او الصراخ لاخراج التوثرات و التراكمات )، من بعد يدخلوهوم يشربو دواهوم و ينعسو، هكا شويا بشويا غادي نحيدو ديك الصفة ديال القداسة للضريح، يولي بحال مسجد او مكان للتامل و ترييح الاعصاب للمرضى فقط لا غير،
    و كل هدا يدخل في اصالة و معاصرة لكي لا نضطر لهدم قبر صاحبه، ف نفس الوقت ايقاف طقوس الشعودة التي تتم فيه بطريقة دكية،

  • شوف
    السبت 12 أبريل 2014 - 07:50

    الخرافات والشعوة والتخلف في الابلدان العربية يخدمون المواطن ولا يمكن الاستغناء عنها.

  • Rida
    السبت 12 أبريل 2014 - 08:28

    لا حول ولا قوة الا بالله ، اللهم ان هذا منكر ،يستغلون ضعف و أمية بعض الناس لسرقة أموالهم ، و في الغالب هي نفس الطبقة التي تتردد على هذا المكان ، فيا أحبابي ما تقومون به فهو خطير جدا ، انه شرك بالله ،فكيف لميت ان ينفعكم بشئ ، فالشافي هو الله عز و جل ٠ اللهم ردنا الى دينك ردا جميلا ااااامين

  • Yassine
    السبت 12 أبريل 2014 - 08:38

    و هل فكرت يا صاحب المقال في حل بديل لبويا عمر؟
    أغلب المرضى المتواجدون هناك يشكلون خطرا على عائلاتهم و لم يجدوا لهم حلا غير بويا عمر في ظل غياب المستشفيات.

  • الجيلالي
    السبت 12 أبريل 2014 - 09:42

    كل ما قيل في المقال صحيح من تعذيب للمرضى وتجويعهم وضربهم واستغلالهم في التسول ، لكن المسؤؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع ،فمستشفيات الأمراض النفسية قليلة، والاسر عندما تضيق درعا بأبنائها المرضى ولا تقدر على تحملهم في غياب مستشفيات، تأخدهم إلى هناك لتتخلص منهم مقابل واجب شهري يدفع لأحد الاشخاص يسمى لحفيظ وهؤلاء هم الدين يعذبون تامرضى إد يروضونهم بالقسوة والجوعويتم استغلالهم ،خاصة أولئك الين تنتابهم فقط نوبات صرع ثمبعد مدة يعودون إلىحالتهم الطبيعية فهؤلاء يستغلون في التسول والسخرة والنساء يتم استغلالهم جنسيا واحيانا حتى الذكور.فقط للتصحيح فبويا عمر يوجد بإقليم قلعة السراغنة وليس مراكش يبعد عن مراكش بحوالي 100 كيلمتر في اتجاه أزيلال قرب العطاوية.

  • mona
    السبت 12 أبريل 2014 - 11:42

    الشافي هو الله بركا مالخرفات ما دمتى فالمغرب فلا تستغرب

  • أب أحدهم
    السبت 12 أبريل 2014 - 11:51

    وهل هياتم لهؤلاء المرضى النفسانيين ومدمني المخدرات مستشفيات كافية لاستيعابهم ورفضوا الذهاب إليها ، إن هناك نقصل فظيعا في أسرة المصحات العقلية تعرفه جيدا وزارة الصحة ، وهناك مصحات جديدة تم بناؤها لكنها لم تفتح بدعوى عدم وجود الموارد البشرية (المستشفى النفسي لشفشاون مثلا)وهناك معاناة شديدة من قبل الأسر مع أبناءها المدمنين والمرضى النفسانيين ( طلب يومي -بالعنف- لمبالغ كبيرة من المال لشراء المخدرات ، الدخول في ساعات متأخرة من الليل مما يتطلب اليقضة وأخذالحيطة والحذر ، تأثر الأطفال الصغار(الإخوة) بمشاهد الخصام اليومي مع المريض مما يؤثر سلبا على نفسيتهم وعلى مردودهم الدراسي ، إذاية الجيران بالصراخ ومشاهد العنف خاصة في الساعات المتأخرة من الليل …….
    في انتظار البديل يجب تعميم تجربة "بويا عمر" وتقريبه من كافة مناطق المغرب حتى تستفيد من خدماته الأسر المعذبة.

  • mohajir
    السبت 12 أبريل 2014 - 11:52

    ces malades psychique sont un danger pour eux meme leur entourage et generalement pour la socite', si on ferme boya omar, alors qui va prendre soins de ces malades atteint d une maladie psychique chronique, on a meme pas des hopitaux psychiatrique pour hospitalisation de langue dure' alors avant de fermer faut avoir un alternative'.et ca je le voix pas en faite

  • هذا هو الشرك بالله والكفر به
    السبت 12 أبريل 2014 - 12:13

    يا عباد الله خافوا ربكم هذا هو الشرك بالله المحبط للعمل والموجب لدخول النار الشرك الأكبر: أن يجعل الإنسان لله نداً في الأسماء والصفات و أن يجعل له نداً في العبادة بأن يضرع إلى غيره تعالى من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلاً بقربة من القرب صلاة أو استغاثة به في شدة أو مكروه أو استعانة به في جلب مصلحة أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة أو تحقيق مطلوب أو نحو ذلك هو من اختصاص الله سبحانه

  • من المنطقة
    السبت 12 أبريل 2014 - 16:17

    للتوضيح فقط يبعد من مراكش بـ 70كم و ليس 50كم و العطاوية مدينة صغيرة و ليست قرية و يبعد عنها بـ 12 كم الضريح و اغلب المرضى مجرد مدمنين للمخدرات القوية الحل الوحيد هو بناء مستشفى للعلاج من الادمان و الامراض النفسية علما ان العائلات تدفع شهريا ما بين 2000 و 4000درهم مقابل اقامة ابنائها

  • nabil
    السبت 12 أبريل 2014 - 18:40

    التخلف والجهل هو من يدعم هده الظاهرة لمادا الغرب لا يؤمن بهده الطراهات مع الاسف نحن العرب قاطبة والمسلمون عامة تعشش في ادهانهم هده الظاهرة المدمرة والغريب في الامر حتى بعض المثقفين يؤمنون بها ويا عجبا في الوقت الدي يحرمها ديننا الحنيف هده هي اسباب بلاء الفقر و التخلف والاغرب انها لافرق بين اخطارها واخطار التشرميل على المجتمع كما ان العلماء و المثقفون و دوي النفود يغضون الطرف عنها اخيرا علاش هدالجنون ما يضربوش النصارا واش تسلطو غير علينا من دون العالم

  • الزتي امين سيدي قاسم
    السبت 12 أبريل 2014 - 20:08

    بسم الله الرحمان الرحيم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم الكل منا يعرف الخطا كما يعرف الصواب وكما يعلمون ان زيارة الاضرحة شرك و الله لا يغفر ان يشرك به لكن كما قال ص سياتي على امتي زمان لا يبقى من الاسلام الا اسمه ولا يبقى من القرءان الا رسمه فهذا هو حالنا مع الاميين الذين وضعوا عقيدتهم في غير الله كون ان هؤلاء يشفون ولهم من البركات ما يعجز اللسان عن ذكرها اتقوا الله في انفسكم واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله وما ابرئ نفسي وان النفس الامارة بالسوء الا من رحم ربي ولا حول ولا قوة الا بالله

  • younes
    الأحد 13 أبريل 2014 - 00:34

    la science et dans le curan.porquoi nous sommes comme ca.la ilaha illa llah

  • abderrahmane
    الأحد 13 أبريل 2014 - 16:29

    العلم نور والجهل عار… عار عليكم وعلى الناس لي شوفوا إلعار ويسكتون.

  • مغربية
    الجمعة 2 ماي 2014 - 10:21

    كما ذكر في التعليقات، هناك من يتركون ابنائهم المدمنين في هذا المكان مقابل مبلغ شهري و قد التقيت امرأة في سيارة اجرة راجعة من هناك بعدما تركت ابنها المدمن مقابل مبلغ مالي شهري كما حكت لي. و هناك مرضى كمرضى الصرع épilepsie فعوض اصطحابهم الى الطبيب يصطحبونهم الى هذا المكان لتتعقد حالتهم التي كان من الممكن شفاؤها بقرص من الدواء يتناوله هذا المريض. يعتقدون أن بويا عمر سيشفيهم . غدا سيتبرأ هذا الرجل أمام الله من كل من نسب إليه قدرة شفاء الناس لأن الله هو الشافي. فالأحياء لا يملكون قدرة شفاء الناس فما بالك بالأموات. اللهم نور بصيرتنا .

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب