الكبيري يقرأ رواية "الموتشو" لحسن أوريد .. "اصنع التاريخ أو اخضع له"

الكبيري يقرأ رواية "الموتشو" لحسن أوريد .. "اصنع التاريخ أو اخضع له"
صورة: صفحة أحمد الكبيري
الجمعة 17 مارس 2023 - 01:00

أجرى الكاتب والروائي أحمد الكبيري، في مقال له بعنوان “اصنع التاريخ أو اخضع له”، قراءة مستفيضة في رواية “الموتشو” للكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد، مشيرا إلى أن “الرواية ممتعة، وفيها حبكة وتشويق وسلاسة، وتقدّم معرفة وأفكارا مهمة من شأنها خلق نقاش وطرح أسئلة حول عدة قضايا، سواء ثقافية أو سياسية”..

هذا نص المقال:

اللافت للانتباه في رواية “الموتشو” للكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد هو أن الحكاية الأساس، التي تشكل قطب الرحى الذي ستدور حوله وتتولد عنه وتتشابك وتتعالق معه باقي الحكايات والأحداث وتخرج من رحمه نتوءات سردية عديدة موازية، هي حكاية كلاسيكية بسيطة جدا.

تبدأ الرواية بتاريخ شتنبر 2018، إذ سيظهر الشاب أمين الكوهن (الموتشو) في الدار البيضاء، متوجها إلى مقر عمله بالجريدة، حيث سنتعرف على أجواء وظروف ورفاق العمل، على رأسهم محند، لننتقل معه بعد ذلك إلى مستشفى ابن رشد، حيث يرقد صديقه الكبير السيد بنيس في حالة غيبوبة، فنتعرف على الدكتورة نعيمة بلحاج ابنة الجنرال المحجبة، بصفتها الطبيبة المشرفة على حالة المريض. ثم نعود، بعد هذه الزيارة الخفيفة، إلى شقته بحي أكدال في الرباط لنتعرف على با بوشعيب حارس العمارة الذي يراقب الشاذة والفاذة.

وفي العمارة نفسها، سنتعرف على السيدة إستير كوهن، جارته اليهودية المغربية، لتتوالى الأحداث بين الرباط والدار البيضاء، تتطور وتتصاعد وتتعقد، خصوصا لما يطرد الموتشو من الجريدة، بسبب مقال عنونه بـ”من الحكم نبدأ”، كان قد قدم به لملف أنجز تحت إشرافه. وتزداد الحكاية متعة وإثارة، بعد أن يدخل في علاقة حب مع الطبيبة نعيمة بلحاج، وفي صداقة حميمية مع الجارة اليهودية. ودردشات مع با بوشعيب، وحوارات مع محند، رفيقه الأمازيغي في الجريدة، لنكتشف شيئا فشيئا الوجه الحقيقي لهذه الشخصيات الظاهرة، والتي من خلالها سنتعرف أيضا على شخصيات أخرى ارتأى الكاتب أن تظل حاضرة غائبة، عبر حبكة متشعبة حينا وسلسة في كثير من الأحيان وبلغة متعددة ومتنوعة، عربية فصيحة تتعنتر وتتطاوس أحيانا لتدفع بقارئها إلى العودة إلى المعجم، أو تتعرى إلى حد “البعابع” فتتمرغ في وحل الواقع وبذاءته. هذا إلى جانب استعمال لغات أخرى عرضا، كالفرنسية والأمازيغية والدارجة حسب ما يقتضيه السياق ومستوى الشخصيات وهوياتها. وهكذا، سيعيش القارئ مع الموتشو أحداثا مختلفة؛ منها ما يتطابق وزمن الخطاب، ومنها ما يعود إلى الماضي، ومنها ما سيظل متضمنا في ثنايا السرد خارج كل الأزمنة.

ويظهر أن الكاتب لجأ إلى حبكة، تقدم لنا بدهاء شخصيات الرواية وكأنها مصابيح سحرية والموتشو هو علاؤها، لا تفتح دواليب أسرارها وتبوح بمكنوناتها إلا بحضوره وباستعمال أدوات مختلفة، كأقنة سرية (الحب، الكتب الصداقة، والنقاش)، ولكل شخصية قنها الخاص. هكذا إلى أن تنتهي الرواية بشتات عام لشخصياتها، وكأن زلزالا قويا ضرب الأرض من تحت أقدامها. لكل شخصية، بما قد تحيل عليه من رمزية، المصير الذي رسمه لها الكاتب لبناء خطابه، وخصوصا في النصف الثاني من الرواية، بعد بلوغ قمة التوتر والتشويق، حيث سنشهد انحدارية سردية فظيعة، تنقشع معها الغيوم وتتوضح فيها الكثير من الأمور وتسقط كل الأقنعة. سيموت بنيس الرامز إلى القومية العربية، ترحل إستير الرامزة إلى إسرائيل إلى فرنسا، إلى أن يأتي نبأ وفاتها من هنالك، لتظل أفكارها ورؤاها الصهيونية هي المهيمنة في الخطاب الروائي. وتهاجر نعيمة بلحاج، الرامزة إلى اليهود المغاربة إلى إسرائيل مع حبيبها الجديد، بعدما تخلت عن الموتشو، وكأنه ورقة كلينيكس مستعملة. ليعود الشاب المثقف، المناضل الثوري، الحداثي الحر، ليرتمي في أحضان أمه، (المرأة العجوز، الطيبة، المؤمنة، البسيطة، الضمير الحي للمجتمع)، في حي شعبي بفاس، مهزوما، مفلسا عاطلا عن العمل فاشلا في الحب وفي الحياة. بينما يبقى با بوشعيب حارس العمارة، أو (عين السلطة التي لا تنام)، قاعدا في مكانه يحرس الأرض والعباد ويقدم تقاريره اليومية لأصحاب الحال.

وكما سبقت الإشارة، فالحكاية الأساس التي قامت عليها الرواية كلاسيكية وبسيطة للغاية، لا من حيث تيمتها، قصة حب ملتبسة، لا تتعدى شهورا معدودة وبعض المضاجعات القليلة، بين شاب في منتصف الثلاثينيات من عمره، اسمه أمين الكوهن “الموتشو”، وسيدة في منتصف الأربعينيات، محجبة، تشتغل طبيبة جراحة، اسمها نعيمة بلحاج. ولا من حيث عدد شخصياتها، لا يتعدى العشر شخصيات، ثلثهم فاعل ظاهر وأغلب الآخرين يشكلون ضميرا مستترا تقديره هو أو هي. ولا من حيث محدودية الزمان والمكان فيها، فزمن الرواية الواقعي، لا يتعدى السنة الواحدة. أما المكان الأساس حيث تدور أغلب أحداث الرواية، فهو مدينتا الرباط والدار البيضاء، طبعا هذا إذا استثنينا حلما للموتشو زار فيه إسرائيل، حيث تحضر بعض الأمكنة والمدن. وكذلك بعض الجهات في المغرب الشرقي والصحراء، يشار إليها في أزمنة أخرى خارج زمن الحكاية. ومع ذلك، يمكن تصنيف الرواية ضمن تلك الروايات العربية الضخمة، التي وصفها الناقد سعيد يقطين ذات مقال بـ”الرواية البدينة”؛ فهي تتجاوز أربعمائة وثلاثين صفحة. فبماذا، إذن، خارج هذا النطاق الضيق والبسيط للحكاية، كما تجنينا عليها بهذا الاختصار الشديد، سمن الكاتب حسن أوريد روايته؟

لقد حاول الكاتب في هذه الرواية، على خلاف منجزه السردي السابق، أن ينزل إلى أرض الواقع ويكتب رواية ذات بعد واقعي اجتماعي سياسي، نحس مع شخصياتها بأننا أمام أشباه حقيقيين لنا، شخصيات تشقى، تأكل، تشرب، تتناسل، تقاوم، تفكر وتمشي في الأسواق؛ لكنه فيما يبدو لم يفلح، فما يكاد يخرجنا، رفقة الموتشو، من شقته في الرباط وينتقل بنا إلى الدار البيضاء، كمدينة غول، تمثل البلد بجميع شرائحه وأطيافه وثقافاته وهوياته ومشاكله، حيث من المفروض أن تتعدد الحكايات والشخصيات، حتى يعود بنا في أسرع وقت إلى شقة هذا الأخير وعزلته وكتبه ونقاشاته. كأنه شخص يعيش زمن الحجر الصحي ولا يخرج من بيته إلا مضطرا لقضاء بعض الأغراض الضرورية، ثم يرجع إلى عزلته.

وكما سيلاحظ القارئ، فالموتشو يكاد لا يحسن شيئا في الواقع، خارج نطاق فعل القراءة والكتابة والجدال والحلم. فمن يكون الموتشو؟ ما هي القضايا التي تشغل باله وفكره وتطير النوم من عينيه؟ ما هي الكتب التي تثير اهتمامه وتحضر بقوة في أطروحاته وقراءاته وتتداول في محيطه؟ ما هي أهدافه، تطلعاته وأحلامه؟ مع من يتقاسمها ويناقشها في روتينه اليومي البسيط؟ ما هي رسالته إلى العالمين؟ بل من يكون أصلا، لتكون له رسالة؟

ما هو الشيء الاستثنائي والدرامي والخيالي والغرائبي في شخصيته، حتى تحبه الدكتورة الجراحة، نعيمة بلحاج ابنة الجنرال. وتطرق باب بيته جارته اليهودية المغربية السيدة إستير، بكل رمزيتها في الرواية، تثق فيه وتتخذه نديما لها، تتقاسم معه الملح والطعام والكؤوس المعتقة، تفتح له قلبها وتبوح له بأسرارها، وتطلعه على أفكارها ورؤاها وتطلعاتها لاستقطابه إلى صفها؟ بل من يكون حتى يحظى بثقة السيد بنيس، المناضل اليساري القومي العجوز، بل ويعتبره صديقا حميما مقربا، رغم فارق السن والتجربة ويخصه برواية سيرته. بل ويتخذه صندوقا أسود لأسراره وحائط مبكاه وندمه وبوحه قبل أن يدخل، على إثر حادثة سير، في حالة غيبوبة حتى الموت؟

بل من يكون هذا الموتشو، حتى يحمل على كتفه مدفعية ثقيلة ويشرع في إطلاق النار بلا رحمة في كل اتجاه؟ على الصحافة، على السياسيين، على القوميين، على الإسلاميين، على الحداثيين، على المثقفين، على الناشرين، على المترجمين، على المحافظين التقليديين، على الحوت الكبير، على الأسماك الصغيرة، وربما لو ظهر له القمل يدب على الأرض لأطلق عليه ناره؟ ثم من هو حتى يجد فيه الكاتب الشخصية المناسبة ليكون في الرواية هو قطب الرحى وصخرتها الصلبة التي تنصهر تحتها كل المتناقضات؛ بل ويفوض له أحيانا أن ينوب عنه في الصدح ببعض الأمور التي يصعب عليه كاتب التعبير عنها خارج نطاق التخييل، دون أن تثير حوله الزوابع. مع العلم، أنه مجرد موتشو، بكل ما لهذا اللقب من دلالة في منطقتنا الشمالية، التي لا تعني أكثر من “عوييل”؟

طبعا، لن أجيب عن هذه الأسئلة، وإلا سأنتهي بكتابة رواية أخرى، فالمعني بالرد عليها في المقام الأول هو كاتب الرواية نفسه. هذه الرواية التي لا بد من الاعتراف بأنها، من حيث فنيتها ولغتها وحبكتها والأحداث والشخصيات المكونة لها والمعرفة التي تقدمها، ودرجة التخييل فيها، رواية مهمة تنضاف إلى السرود المغربية والعربية؛ بل نجد، في العديد من فصولها، متعة حقيقية، تشي بأن الكاتب بذل مجهودا جبارا في كتابتها والقبض على تفاصيلها أو كما لو كان هو نفسه من عاش أحداثها.

أما من حيث خطابها وبعض الأحكام المتسمة بالكثير من التعميم أحيانا والتجني والاتهام في كثير من الأحيان، فالمسألة تبقى قابلة للنقاش والمساءلة. صحيح أن هنالك الرأي والرأي الآخر؛ ولكن أين يتجه الخطاب ولمن تكون الغلبة ذلك هو السؤال، فأحيانا يكون الرأي فقط استفزازا للرأي الآخر، لينفجر بقوة وعنف وتقديم الكثير من الحجج، لإفحام صاحب الرأي الأول. وأضرب مثلا لذلك، حين تجرأ الموتشو في حوار مع إستير ذات جلسة خمرية، ونعت إسرائيل بدولة احتلال ودولة أبرتايد، لتتصاعد الكلمات من أعماق إستير كحمم من فوهة بركان.

ولولا الحيز الضيق لمثل هذه القراءات التقديمية التفاعلية لدللت على قولي هذا بتفصيل ممل مع مقتطفات من الرواية؛ لكن الملاحظة الأساس هي أن الرواية ليست ذات أهمية كبيرة من حيث حبكتها والسيرورة الزمنية والواقعية للأحداث فيها، بل لربما أهميتها الكبرى تكمن في تلك السببية الفكرية والسيرة الذهنية المضمنة فيها بكثافة، مع ما تقدمه من وجهات نظر مختلفة، وكذا للرمزيات السياسية والهوياتية والمعرفية والإيديولوجية التي قد تحيل عليها شخوصها، وما ينتج عن ذلك من خطابات روائية وطروحات متضاربة، تبدو أحيانا واضحة ومباشرة، وفي كثير من الأحيان يحتاج القارئ لبلوغ معناها إلى تركيز شديد أو إلى تأويل، ليضعها في سياقها العام. الرواية، كما سيكتشف القارئ، لا تقوم فقط على تحركات شخصياتها في الواقع كما يحاول الكاتب إيهامنا؛ بل على ما يعتمل في فكر هذه الشخصيات وما تتداوله من أفكار وقيم وأحلام ورؤى. ولا أدل على ذلك من أن جل شخصيات الرواية مثقفة، منشغلة بقضايا سياسية، هوياتية، فكرية معرفية كبيرة، أكثر من انشغالها بواقعها المادي في الزمان والمكان وما يترتب عن ذلك من أحداث جد محدودة.

لهذا، أعتقد أن الخطاب الأساس في الرواية، سواء كان بالكامل في وعي الكاتب أو حاضرا بجزء كبير منه في لا وعيه أثناء الكتابة، هو خطاب يروم كشف المستور وإسقاط الأقنعة في قضايا كثيرة وشديدة الحساسية؛ فبنيس شخصية مهمة ذات رمزية معينة، لكنها في غيبوبة (كوما)، وعاجزة تماما عن الصدح بما يعتمل بداخلها من صراع فكري وقيمي وإيديولوجي يعود إلى أوج القومية العربية. بينما نعيمة بلحاج الطبيبة المحجبة لم تجد بدا من اتخاذ الحب شرطا وسببا للكشف عن هويتها وإسقاط حجابها. كذلك إسبير، اليهودية المغربية، تخلق من جلسات الخمر والسهر شرطا وسببا للبوح والتعبير وفضح هويات شخصيات أخرى مستترة. أما محند الأمازيغي القح، فاتخذ المظلومية والاحتقار وعدم الاعتراف شرطا وسببا للتعبير عن أفكاره الثورية والرغبة في الخروج عن الأنا الجمعي وركوب المغامرة. وكل هذه الأدوار (محب، نديم مستمع، محاور مستفز وصديق حميم…) سيضطلع بها جميعها الموتشو، رأس المحن. “إنه كان ظلوما جهولا”.

لكن أسئلة كثيرة ستظل مطروحة، لماذا اختار الكاتب أن تكون جل شخصيات الرواية مغربية من أصول يهودية؟ حتى بعض الشخصيات الثانوية التي يشار إليها عرضا، كشخصية عبد اللطيف الشاعر والمناضل عشيق إستير السابق، يؤتى على ذكره، لكشف أصوله اليهودية؟ ولماذا الكتب المشار إليها في الرواية وهي بالمناسبة تتجاوز العشرين كتابا، جلها أو أهم ما تم التركيز عليه فيها، هو مأساة اليهود وتاريخهم سواء القديم، أو في أوروبا مع النازية أو في أرض الشتات أو في صراعهم مع العرب والمسلمين؟

ثم لماذا انتهت الرواية بانتصار أطروحة إستير، التي تعلي كلمة إسرائيل وتمجد تفوقها؟ لماذا تعود نعيمة بلحاج إلى أصولها اليهودية من جهة الأم، وترحل مع زوجها اليهودي إلى إسرائيل، بينما يعرف الموتشو انتكاسة حقيقية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ ذلك الموتشو الذي حاولت الرواية تقديمه كرمز للمثقف المناضل الحداثي الحر، يعود مهيض الجناح ليرتمي في أحضان أمه، كطفل، فاشلا في العمل، في النضال في الحب وفي الحياة؟ ماذا يريد الكاتب أن يعبر عنه من خلال هذه النهاية القاسية؟ فإذا كان كاتب روائي سيجشم نفسه عناء كتابة كل هذه الصفحات فقط ليؤكد لنا واقع الحال، الذي لم يعد هنالك شخص من المحيط إلى الخليج لا يعيه بل ويطبع معه، سيضعنا أمام سؤال: ما هي الإضافة التي قدمتها لنا الرواية؟ أما إذا كان خطاب الرواية هو أن يقنعنا بأنه علينا أن نسلم بالأمر الواقع ونخضع للمنتصر، كما تردد بأشكال مختلفة في الرواية فتلك كارثة. نقرأ مثلا: “الحقيقة هي ما يرى. والحقيقة يصنعها المنتصر. لا يمكن لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء… ينبغي للمرء أن يكون واقعيا…ثمن اللاواقعية غال” ص 308 أو “الذي لا يصنع التاريخ ينبغي أن يخضع له” ص56، أو “من يدخل الجنان يطرد منها. يطرد منها حين تمتد يده إلى الشجرة المحرمة. إلى المعرفة….” ثم يتساءل: “ماذا كسب من هذا الاجتراء على الشجرة المحرمة؟ اعتداء كاد يودي بحياته” ص263.

وفي الختام، لا بد أن أشير إلى أن الرواية ممتعة فيها حبكة وتشويق وسلاسة وتقدم معرفة وأفكارا مهمة من شأنها خلق نقاش وطرح أسئلة، حول قضايا عديدة، سواء ثقافية أو سياسية، داخلية أو في علاقتنا بالآخر؛ لكن هذا لا يمنع من تسجيل بعض الملاحظات، التي ربما أضعفت إلى حد ما المنطق الواقعي والتخييلي للرواية. وسأكتفي، لضيق الحيز، بالإشارة إلى بعضها:

أولا ـ شخصية الموتشو: بالنظر إلى المهام الجسام الملقاة على عاتقه في الرواية، بدا لي كما لو حمل فوق طاقته. فمشى في الرواية مترنحا وعاش متناقضا ومفعولا به. حتى الحب الذي عاشه مع نعيمة كان من تخطيط هذه الأخيرة ومبادرة منها، لغرض في نفس يعقوب، سينكشف في آخر الرواية.

ثانيا ـ نعيمة بلحاج: لم يكن دورها مقنعا، لتسليط الضوء على (معاناة اليهود المغاربة) قبل هجرتهم. وكذا تبرير هجرتها إلى إسرائيل، لسببين: الأول واقعي: لا يمكن تصور ابنة جنرال، في العهد السابق، حتى وإن كانت من أم يهودية أسلمت، أنها ستلجأ إلى إظهار تدينها بارتداء الحجاب، كي لا يتنمر عليها الآخرون (على افتراض أنه كان هناك تنمر من هذا القبيل) ونعتها بابنة اليهودية. وكأن ابنة الجنرال كانت تسكن حيا شعبيا مهمشا. والسبب الثاني زمني، عمر نعيمة كما يشار إلى ذلك في الرواية، في منتصف الأربعينيات. وبعملية حسابية بسيطة، اعتمادا على عمرها وتاريخ بداية الرواية 2018، سيكون تاريخ ازديادها هو بداية السبعينيات، بينما الواقع الذي توهمنا به، قد يعود إلى فترة الستينيات لما شعر اليهود المغاربة بالخوف من الانتقام بعد حرب 1967.

الحلم: صعب منطقيا، إقناع القارئ بحلم في 64 صفحة، يسرد فيه الكاتب تفاصيل زيارة حقيقية لإسرائيل، بأيامها ولياليها ومحاضراتها وعربداتها. إلى درجة يتساءل المرء: “كم قضى الموتشو، الذي يسهر كثيرا، من الوقت نائما؟”.

‫تعليقات الزوار

7
  • ربيع الأصفهاني
    الجمعة 17 مارس 2023 - 02:21

    قراءة عاشقة للأستاذ أحمد الكبيري في حق الأستاذ حسن أوريد. أقترح على الناقد والكاتب التفكير في عمل روائي مشترك لاحق بعنوان “ضعف الطالب والمطلوب”

    بالتوفيق للصوت والصدى

  • دنيا
    الجمعة 17 مارس 2023 - 06:42

    الموتشو بالإسبانية تعني : الكثير =mucho
    العويل او العايل بالإسبانية هي muchacho او chico

  • تحية لسي لكبيري
    الجمعة 17 مارس 2023 - 08:25

    اقدم تحية كبيرة للكاتب الوزاني ااكبير احمد الكبيري ، له اسلوب يجعلك تستمتع بكل كلمة ،طريقة تحليله للرواية نجعلك منبهرا والدليل انه في ورقة نقدية اعطانا تحليلا دقيق لرواية تتكون من اربعمئة وثلاتين صفحة

  • فاطمة الزهراء
    الجمعة 17 مارس 2023 - 10:35

    قراءة جميلة لرواية”الموتشو” تعطي نظرة تحليلية لأبرز مضامين الرواية،تنقد وتتسائل بأسلوب محبب جميل،تجعل لقارء هذه القراءة يرغب في استكشاف هذه الرواية والوقوف عند الأفكار التي زرع الكاتب فيها.
    دامت القراءات المستفيضة لاستاذ احمد الكبيري.

  • المقال يغري
    الجمعة 17 مارس 2023 - 14:47

    * المقال يغري بقراء ة الرواية و إقتنائها و تزيين مكتبتنا بها ، و لا شك أنها تجاوزت الحدود ،

    و إكتسبت شهرة عالمية من مفكر عالمي ، يعلم الله برقم مبيعاتها محلياً و عالميا ، و الواحد

    الأوحد أعلم بعدد اللغات العالمية التي ترجمت إليها . غير أني لا أعرف ، أبطال الرواية هل

    تحتفظ بأسمائها أم تترجم ؟ آخويا اللي أمه في دار العرس ما يخاف . كما أني أريد معرفة

    هل يوجد مغربي واحد لا يفكر و لو كان أحمق ؟ و إن كان كذلك أحسن له و هَنَّأ راسه .

    و رمضان مبارك سعيد لهسبريس و قرائها و معلقيها و صيام مقبول .

    * أنا جد مسرور ، لأن هسبريس ستجلب لنا ذلك الداعية المصري الذي يستفزنا بالتفنن

    و التوسع و التبحر في الشرح المستفيض لأسماء الله الحسني ، وا سيدي راه قاري بزاف ،

    منين جاب هذا العلم ؟ في الحقيقة الصنطيحة تنفع في بعض الأحيان و لا تنفع دائماً .

    و حتى أنتم كلوا بيض الدجاج البلدي بزاف، لتفكروا جيداً ، و تصبحوا مفكرين لا مكفرين .

  • عابر
    الجمعة 17 مارس 2023 - 16:32

    رواية الموتشو من خلال القراءات العديدة لها تعتبرها رواية ذات نفس راهني وتجمعت فيها مختلف الابعاد السياسية والثقافية والفكرية في محيط عالمي يفور بالاحداث المتسارعة . اوريد الذي يتميز بانتاجه الرواءي الغزير لا يتوانى عن تسجيل حضوره في النقاش الادبي الحاضر الذي يمتد الى خارج المغرب . وهذه الرواية وغيرها تساهم دون شك في انفتاح اللغة العربية على تناول مواضيع كانت من قبل حكرا على اللغة الفرنسية ولا يمكن نكران دور اوريد وغيره في ذلك . السؤال الذي يطرح هو ضبابية طروحات اوريد وتذبذب مواقفه الفكرية ويمكن حتى القول انه لا يملك مشروعا فكريا واضحا كغيره من المفكرين كالعروي.

  • Hasan
    الجمعة 17 مارس 2023 - 18:55

    عبقرية الكاتب تتساوى مع ماهو مرسوم على غلاف الكتاب. نفتخر بك ككاتب!

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 11

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير