حمودي يصدر كتاب "ما قبل الحداثة" لإعادة الاعتبار لـ"الأنثروبولوجيا العربية"

حمودي يصدر كتاب "ما قبل الحداثة" لإعادة الاعتبار لـ"الأنثروبولوجيا العربية"
صور: منير محيمدات
الأحد 12 يونيو 2022 - 04:00

كتاب جديد يندرج ضمن مشروع التنظير لـ”أنثروبولوجيا عربية” وقعه عالم الإناسة والاجتماع البارز عبد الله حمودي، الذي ارتبط اسمه بكتاب “الشيخ والمريد” وجامعة برينستون الأمريكية.

“ما قبل الحداثة” هو عنوان هذا الكتاب الجديد، الذي اختار له حمودي عنوانا فرعيا هو “اجتهادات في تصور علوم اجتماعية عربية”.

ومشروع “الأنثروبولوجيا العربية” بسط حمودي معالمه في كتاب “المسافة والتحليل”، ويعني به أنثروبولوجيا مكتوبة بالعربية، تتحدى الهيمنة الغربية، وتعنى بالمجتمعات التي تجمعها هذه اللغة، وتطرح بديلا يبحث بشكل مقارن في الإنتاجات الأجنبية حول المنطقة المغاربية والعربية، خاصة الأنثروبولوجيا الفرنسية والإنجليزية، ورؤية باحثي المنطقة ومثقفيها، عبر التاريخ، لأنفسهم من أجل محاولة فهم جديد لا تقتصر الكتابة حوله على اللغة العربية، بل تمتد إلى لغات أخرى، أهمها الإنجليزية.

ومع وراثة الباحث اليوم “العلوم الاجتماعية عن المسار المعرفي الغربي” مع وراثته “أزماتها ومحاولات إعادة تشكيلها في الظرف الراهن”، يرى حمودي أنه من الضروري الرجوع إلى إنتاجات “ما قبل الحداثة” بهدف “تصور علوم اجتماعية متجددة”.

هذا الرجوع، هو فحص لرصيد “كانت الحداثة، المؤسِّسة لعلوم الإنسان والمجتمع، قد صنفته في خانة التقليد الذي سبقها، أو تساكن معها في علاقة تراتبية تهيمن فيها الخطابات الحداثية ومفاهيمها كما مناهجها على الأرصدة التي سبقتها”، وبالتالي يدعو الأنثروبولوجي إلى “رجوع يواكبه مجهود نقدي”، يفصل معالمه في الكتاب السابق والجديد.

هذا الرجوع مقصده الأهم هو “إعادة قراءة المؤلِّفين العرب بهدف آخر، ألا وهو التفكير معهم وضدهم، والتفكير بفضلهم والتفكير بأفكارهم ومن خلال أفكارهم (…) ونبدع من صلب منجزاتهم كتراث معاصر حي”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال عبد الله حمودي إنه يتابع في هذا الكتاب الجديد “المشروع الذي تكلّمت عنه منذ سنين، وكتبت حوله كتاب (المسافة والتحليل)، ومهمته تعميق البحث في مشروع ما سميته (أنثروبولوجيا عربية) و(العلوم الاجتماعية العربية الجديدة)”.

وحول عنوان “ما قبل الحداثة”، ذكر حمودي أن الداعي إليه هو سؤال “هل هناك فيما سمي ما قبل الحداثة، بالنسبة للكتابات العربية، معارف وعلوم لا بد من الرجوع إليها والانطلاق منها لتأسيس علوم اجتماعية جديدة في مقابلة مع المعارف الاجتماعية الغربية والأوروبية أساسا والأمريكية النابعة من الحداثة؟”.

وقال حمودي: “ليس هذا رفضا للحداثة والعلوم، بل هو جانب من هذا المشروع التأسيسي، في نقد ونقاش مع رواد علم الاجتماع الأوروبي، وهو كتاب يحاول البناء بدمج الكتابات والمحاولات الأوروبية والعربية دائما بفكر نقدي”.

وأضاف أن “ما بعد الحداثة والرجوع إلى التراث المكتوب المدون باللغة العربية، ليس معناه أن نقول إننا كنا سابقين، نعم كنا كذلك وهذا شيء كبير، لكن المهم عندي هو ما البناء الجديد الممكن من هذا الرجوع إلى ما قبل الحداثة دون نفي لما جاءت به الحداثة، بل نقاش معه، مع الرجوع إلى مرجعية أخرى هي المكتوب العربي والمعارف العربية وكيفية البناء عليها في نقاش مع المعارف التي أتت بها أوروبا”.

ولا يدعو الأنثروبولوجي ذاته إلى “أصل واحد، أو الأساس الإسلامي للعلوم الاجتماعية” دون نفي “المرجعية الإسلامية، فمنذ قرون اعترف المسلمون والإسلام بمكانة خاصة للعلوم المؤسسة على العقل”.

هذا الجزء الثاني من المشروع، بداية، حسب صاحبه، “بعدما بدأته مع ابن خلدون في فصل من فصول (المسافة والتحليل)، وأعود في الكتاب الجديد إلى البيروني وكتاباته حول الهند، وتحليل وإعادة قراءة للبيروني كمؤسس”.

وواصل عبد الله حمودي: “كَتب البيروني كتابا غير معروف كثيرا في الخزانة العربية، باللغة العربية، مع أنه من بلخ، أي مما اليوم يسمى أوزباكستان، في القرن الحادي عشر”.

وحول “تراث الرحالة الغني”، قال حمودي إنه يقرأ اليوم ابن بطوطة ويأمل أن يكمل الاشتغال عليه، و”يشجع الباحثين والباحثات العرب، وغير العرب ممن يدونون باللغة العربية، للرجوع إلى هذا التراث الغني كأساس، من بين أساسَين، أراهما ضروريين في سبيل تأسيس وتجديد الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية بصفة عامة”.

‫تعليقات الزوار

10
  • نزار المشاوري
    الأحد 12 يونيو 2022 - 04:34

    اعظم تراث انساني صحيح و مبني على اسس سليمة هو التراث الاسلامي او ما تركه المسلمون العظام في كافة المناطق من مؤلفات في كافة المجالات…حقا تراث فكري عظيم جدا و فريد…و رغم تكالب القوى الظالمة و محاولاتها طمس و تبخيس و اقبار هذا المجهود الإنساني الصادق فإنه مساهماتكم تبقى حية و اليوم كثيرون يعودون إلى هذا التراث الرفيع الصادق للنهب منه سواء في التاريخ أو الفلسفة أو الجغرافيا أو الفلك أو الرياضيات أو العلوم الاجتماعية أو الفلاحة أو الري الخ الخ…المسلم يبقى أكثر ذكاء بالمعنى الصحيح للذكاء الصافي و ليس الميكانيكي التقني المحض…

  • Samir
    الأحد 12 يونيو 2022 - 04:44

    مشروع مهم مماثل لما قام به العالم الفذ الشهيد علي شريعتي حين استنبط قانون الهجرة ، كقانون مؤسس للتحول الاجتماعي و الحضاري من خلال هجرة نبينا الكريم صلوات الله عليه من مكة الى المدينة. لاقى عمله نجاحا و اعترافا كبيرين في اوروبا حينها حتى ان سارتر قال لا اعتنق اي دين و لكن احب دين علي شريعتي. نجح في الايصال و التبليغ و الاقناع و التطور لاحقا. بالتوفيق ان شاء الله.

  • ما قبل الكارثة
    الأحد 12 يونيو 2022 - 09:23

    آفاق مشتركة وتحديات راهنية تجمع الأديان والحضارات في “حوار طنجة”

    من جهته، أبرز المستشار الملكي أندري أزولاي أن “المغرب ملتقى للحضارات، ونموذجٌ للتعايش والتلّاقي بين الثقافات والديانات”، مضيفاً “تلتقون اليوم بطنجة بالنظر إلى أن المغرب عرف كيف يجد السبيل للوصول إلى التوافق، توافُقُ أمَّةٍ ومجتمع، على أرض الإسلام بالعالم العربي، والذي اختار الحداثة”.

    الصوت الأُمَمي

    يوسف يعكوبي

  • Mouha
    الأحد 12 يونيو 2022 - 10:15

    الاخ العزيز ياسين الاحمر إعلم رعاك الله يا عزيزي أن المغرب بلد عظمته وغناه في تنوعه ولا يمكن اختزاله في لغة أو ثقافة واحدة هي العربية. إعلم يا عزيزي أن جبالة معظمهم من قبيلتي صنهاجة ومصنوعة الامازيغيتين هم أمازيغ أقحاح أضيف اليهم العنصر المورسكي الاندلسي وقد تعربوا في ظروف تاريخية معينة. لمزيد من التفاصيل يمكنك العودة الى كتب التاريخ المغربية والاجنبية ومنها على سبيل المثال لا الحصر كتاب تاريخ قبائل المغرب للمؤرخ عبد الوهاب بنمنصور والذي حاز جائزة المغرب للكتاب سنة 1968.
    للأسف هناك جهل كبير وفظيع بتاريخنا كمغاربة.

  • جمال
    الأحد 12 يونيو 2022 - 12:37

    الحداثويون العرب عاشوا حالة من الإستلاب الفكري و الثقافي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين فبدل سبر أغوار الإرث الفكري و الثقافي و التعامل معه من خارج الصندوق الحداثوي، قاموا بتوجيه أسلحتهم الغربية في محاولة للإجهاز عليه جملة و تفصيلا. الراسخون منهم قدموا مشاريع فكرية بمناهج مستنسخة لا ترقى لدرجة الإنتاج، و المتعلمنون منهم فضلوا مسار الشعارات و الإستهزاء و التنكيت على إرث ثقافي عظيم كان السبب المباشر في نقل الإنسانية إلى سكة العلم و التطوير. يبدو لي أن الباحث يحاول أن يصحح المسار و يسعى إلى النهل من الميراث باستقلالية تامة و بأفكار غير جاهزة لإعادة إنتاج النسخة الأصلية للعلوم الإنسانية.

  • البداوة غالبة (تاعروبيت)
    الأحد 12 يونيو 2022 - 13:09

    بوسريف سبيلا افاية عصيد حميش شيء من هاته النوعية الطينية كانت البوادي مسقط راسها تلقت ابجديات التعليم الاصيل و التحول الى المدار الحضري احدث فيهم صدمة ان لم تكن معاداة و احساس دوني تجاه المدينة التي اعتبروها حداثة للاسف محاولتهم التاقلم بالتي ظنوها عصرنة مدينة هي كذلك احدثت فيهم فجوة لم يجدوا لردمها غير التي التقطوها دعوها حداثة حتى اولئك المفكرون من الغرب هم من الناشئة القروية و التقارب الحضاري محاولتهم نفي اصولهم الجيولوجية التي ظنوها معيبة تمادوا لنفسه السبب يضعون للحداثة اسسا واهمة نهلت منها تلك الاشياء من نفسها النوعية الطينية تصورات طلاسم تخلط بالتقدم التقني تقية العودة على النبش بمنابع منبتها هذه الحداثة كما تصوروها مع الاسف بكامله في حين ان الحداثة او ما تم تعريفها بتقنية العيش في اصلها ادوات حيل صناعية و طرق تطويع معطيات المادة المستخدمة و تنسيقها على معطيات باقي المواد المطروحة للحيل هذه الحداثة علم الحيل الذي انطلى على الحداثيين او مفرطو مدعي الحداثة التي ليست لهم و ما هم لها باهل و لا اقارب حقيقتهم انهم غرباء عن الحداثة و عليها و على المشط طارئون وفقا لما بالنص من حداثة

  • خالد احمد
    الأحد 12 يونيو 2022 - 13:31

    والله ما تفتاء تذكر العربية وحضارتها وثقافتها حتى نرى نباح وعويل شرذمة القوم
    لغتنا العربية مهم طمستم ومهم فرنستم ستبقى العربية لغة راقية وكقمر المنير .
    ما تطرق اليه الكاتب في هذا الموضوع هو في صميم ولكن اذناب ماما فرنسا يردون طمس هويتنا وخلق تخربيق وجعله لغة

  • مغربي
    الأحد 12 يونيو 2022 - 14:24

    الإسلام هو الدين عند الله يحتضن الجميع و يضمن حقوق الجميع بغض النظر عن الاعتبار لحسن الإعتقاد و حسن الرشاد.

    بسط الإسلام جناحيه على الجزيرة الأيبيرية فعاش الجميع مسلمون و يهود و نصارى في سلام و وئام لكن لما كانت الصولة النصارى نصبت المشانق في غرب البلاد و المشارق و قتل المسلمون و طرد اليهود فما بقي لهم أثر بعد أن إستوطنوا لثمان قرون أو يزيد.

    إكتسح الصهاينة فلسطين فضاقت الأرض على النصارى و المسلمين و ما وجدوا لهم مكانا لبناء الهيكل المزعوم إلا مكان المسجد الاقصى فيا لهم من ظالمين و كذالك الهندوس يفعلون.

    الدين الابراهيمي هو الإسلام و ما عداه إلا رجس ادويه الأقدام.

  • نعيمة شيخاوي
    الأحد 12 يونيو 2022 - 17:16

    لنقرأ الكتاب أولا و نستوعبه من حيث زاوية الطرح و براديكم التحليل و بعد المقاربة الاثربلوجية ، قبل السقوط في النقذ السريع و التأويل الجلدي…لا يقف الفكر الحداثي عند الإرث الاستعماري كما لا يقف الفكر العربي عند المرجعيات الإسلامية و لا يمكن القفز على الفكر الذي كان قائما و قاوم مع التعريب الموازي عموما لنشر الدين الإسلامي….الروافد تتعدد و لو طالها التغييب و التهميش.

  • ياسين الأحمر
    الخميس 16 يونيو 2022 - 02:55

    أتمنى أن يتم إعادة إحياء و بلورة العقلية العربية في المغرب العربي. أتمنى إعادة إحياة و بلورة العقلية الإسلامية مع العصر الحالي بما يرضي الله… أتمنى تحديت عقليتنا و ديننا الإسلامي العظيم. فتفاسير القدماء لها مفهوم أخر في ذالك الوقت و ربما تم إساءة فهم الدين من طرف المفسرين. نحتاج تورة فكرية في عقليتنا العربية و عقليتنا و ديننا الإسلامي… لو عدنا إلى المغرب عندما كان دولة إسلامية 100٪ و عربية 100٪ فسنجد أن المغرب كان دولة عادلة و كان فيها الناس سواسية و كانت فيه الديموقراطية العربية و الإسلامية الشرعية و كانت فيه العلوم و العلماء و كان لا يضلم فيه أحد و كان إقتصاد المغرب من أعظم الإقتصادات … يا حسرتاه… بلدنا يحتاج المزيد من المفكرين المعاصرين الذين يفيدوننا في ما يرض الله عز وجل… أنصحكم أن تقرأو الكتاب الإسباني “عندما كنا عرب” و ستكتشفو عظمة تاريخنا العربي الإسلامي.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة