"رحل النهار" .. مأساة مسرحية عربية تحكي أوجها متعددة لقهر واحد

"رحل النهار" .. مأساة مسرحية عربية تحكي أوجها متعددة لقهر واحد
صورة: و.م.ع
الخميس 19 يناير 2023 - 03:00

أوجه متعددة لمأساة واحدة صورها العرض المسرحي “رحل النهار”، الذي يأتي منسجما مع واقع المنطقة الذي يغلب عليه التشاؤم والمآسي ذات العناوين المتعددة.

هذا العرض توجه “مهرجان المسرح العربي” بجائزته الكبرى في دورته الثالثة عشرة التي استقبلتها مدينة الدار البيضاء، وأدته فرقة “مسرح الشارقة الوطني” من دولة الإمارات العربية المتحدة، وألفه إسماعيل عبد الله، وأخرجه محمد العامري.

وفي جو الموت في الشوارع والعقم في المزارع، يكتشف المشاهد مسرحية “رحل النهار”، التي تعرض في جو نهاية العالم وفقدان الأمل وسيادة الألم.

تحكي المسرحية قصة قهر واحد بالمنطقة تتعدد وجوهه ومفاهيمه وأكسسواراته: الجنرال الذي يمتلئ صدره بالنياشين، داعية السياسة المتدثر بثوب الإسلام، المعمم الولي الفقيه، رئيس الحزب الذي يبتغي ثورة ولا يقبل إلا التأمين على رؤاه واتباع هداه.

يحضر كل من هؤلاء متتالين في جو من التصفيق، لا ينتظرون إلا التأمين على ما يقولون، ولا يصير الجمهور في حضورهم إلا تابعا، قد يقولون له صراحة: لا خيار، وإذا أراد شعبي اختيار قائده، فسأختار شعبي واحدا واحدا، سأنتخب منه فقط من يكون صدايَ ولا يقض مضجعي.

هذا الألم متعدد الوجوه في المسرحية غابت عنه وجوه أخرى، فليس هؤلاء حصرا تمظهرات القهر بمنطقة لا تجمعها فقط اللغة والتاريخ والدين، بل مآس تتعدد لهجاتها وألبستها وتواريخها، ولو أنها في العمق واحدة، تنتفض إذا ما سمعت “لا” وكلما انتبهت لصوت تظنه نشازا.

القهر ليس وسيلة التقويم الوحيدة في المسرحية، بل هناك الوطن المفترى عليه، الوطن المقهور بدوره الذي نختار تطويعه بما يتلاءم وتبريرات لا تصون إلا المصلحة والقوة.

في ظل هذا الألم العام يبزغ البطل، وتبزغ التضحية؛ لكن المستقبل ليس هنا، بل في مكان آخر يحتاج شق البحر بحثا عنه، ثم التضحية، مرة أخرى، بشق البحر والعودة.

في غياب الزيت، تغيب النار، التي هي الاتقاد المفقود، والواقع المنطفئ، والفشل والتواكل والاستكانة العامة؛ لكن هناك من احتفظ بقليل من الأمل. لقد تحملت إحدى شخصيات المسرحية بردا وبردا دون أن تمس زيتها، أملا في يوم جديد تكون الحاجة فيه أمس لتلك القطرات، وكذلك كان.

بنيت السفينة، هلل المهللون، رحلت، تجدد البرد؛ لكن تحلق الشعب على منارة النار التي تُظهِر طريق العودة ليأخذوا من زيتها ليومهِم، ولو كان في ذلك وأد لغد.

هنا، تواطأت مشاعر الجموع المغرقة في المصلحة اللحظية مع قوى استغلال الألم متعدد الأوجه، اتهمت صائن جذوة الأمل بعدم الإحساس بألم مواطنيه، حدثته عن الأم والشيخ والإنسان… إلى أن انصاع.

وهكذا، بعدما بزغ النهار، رحل من جديد، لم تعد هناك قطرة زيت، لم تعد هناك جذوة أمل متقدة، ولو كان هذا الأمل مَهْدَوِيا بدوره ينتظر خلاصا من وراء البحار قد يأتي، وقد يخلف الموعد ولو ظلت المنارات متقدة إلى يوم القيامة.

‫تعليقات الزوار

1
  • بلي محمد من المملكة المغربية
    الخميس 19 يناير 2023 - 11:40

    هل تسمحون لنا بقول كلمات أخرى عن هد ا الفن العظيم القديم الحديث شكرا فاكلمة مختصرة عن المسرح لاتكفي فلازال شابا أنيقا يمارس نشاطه الفني رغم الرياح ألا عقلانية فهو وجد من اجل المساعدة في الخروج من القضايا دات طابع أجتماعي محض وكدالك أدخال لابتسامة الظاحكة على القلوب الجريحة المسرح لايمكن بأي حال من لاحوال لاستغناء عنه

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة