"الديب حرام والمرقة حلال"

"الديب حرام والمرقة حلال"
الأحد 28 غشت 2016 - 05:07

في أغلب المواجهات “الراديكالية” فكرية كانت أو قيمية أو حتى عسكرية، يكون هناك معسكران يمثلان فسطاطين، يمثل أحدهما الحق أو الصواب، ويمثل الآخر الباطل أو الخطأ.. فإذا تعددت الأطراف ظاهريا، فهي إما تكون ضمن تحالف مضمر أخفاه عالِمه، أو دس يدٍ خفية حركه “شيطان” تشويشا وتدليسا ووأرا،، المهم ألا أطراف إلا الطرفين وإن تعددا ظاهرا!!..

ولا يخرج الاستقطاب والاصطفاف والتعبئة والتجييش المواكب للانتخابات عن هذه القواعد.. لذا، ولتقييم موقف المعسكرين قصد تمييز الحق من الباطل أو الصواب من الخطأ، علينا إلقاء نظرة ولو مقتضبة سريعة على مكوني الفرقتين وحلفائهم..

وإذا كان ثابتا أن فرقة المشاركة تتكون من النظام(رأس الحربة، وأكبر المستفيدين، وأصل الداء)، والمتهِمين/المتهَمين بالفساد، والتماسيح والعفاريت، فماذا عساها أن تمثل هذه المكونات في مجال قيم الخير والشر والصواب والخطأ؟ وماذا تمثل بالتالي غرماؤها الذين لن نكون في حاجة إلى تحديدهم؟!..

إن تلك الفرقة المكونة من طبقة سياسية فاسدة تسيطر على البلد -في إطار صفقات معينة- منذ “الاستقلال” هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه، فهي المسؤولة بالقوة وبالفعل عن الحالة،، وبالتالي إذا ما أتى حزب يرفع شعار محاربة الفساد(بغض النظر عن نزاهته هو وصدقه)، فمن يكون الفاسدون الذين وجبت محاربتهم غير المشاركين في الجريمة منذ “الاستقلال”؟!..

لكن عندما يصرح هذا الحزب أنه تحالف مع “الأحزاب” المشاركة في الجرائم حتى يقطع الطريق على شخص/هيأة فاسد كي لا يتولى منصبا معينا، وتفويت ذلك لشخص آخر ثابت الفساد بالاسم والصفة،، فإن هذا يصيب بالغثيان، إذ كيف تتحالف مع فاسد “قديم” “محترف” قد أوغل في المشاركة في النهب منذ عقود سواء كفرد أو كـ”حزب”، ضد فاسد لم يبلغ مقدار ما بلغ غريمه، مع أنهما فاسدان كلاهما؟؟!!!..

نعم للمشاركة إكراهاتها تبتدئ بالتحالفات المرة، لكن لا يمكن استساغة إعادة الأسطوانة في كل مرة: اتهام مباشر حصري بالفساد،، ثم إعادة التحالف مع المتهَم!! كما لا يمكن أبدا هضم اتهام شخص بالفساد، والتحالف مع من هو أقدم منه في “الحرفة” بعقود!!!.. فإذا ما إذا صفت النية وصلحت العزيمة، لكن حصل العجز وتعذر الالتزام،، فإن الانسحاب أشرف بكثير..

إن من يصرح بوجود الفساد(وهو الواقع الذي لا تخطئه العين)، يلزمه أن ينسبه لفاعله متتبعا هرم المسؤولية، ومن لا يريد أن يسند الفعل للفاعل، فخير له أن ينكر وجود الجريمة من الأصل حتى لا يتورط في مثل هكذا تخبط.. أما أن تقر باستشراء الفساد وشيوعه وشموله كل المؤسسات الرسمية والمدنية، وتنزه المسؤولين عنه، بل وتتبجح في نفس الوقت بوجود قوانين ومؤسسات وأجهزة ومسؤوليات،، فهذا لا يستقيم..

هذه القاعدة السائدة عندنا في بلد الاستثناء والخصوصية: “الديب حرام والمرقة حلال”، يمكن إسقاطها حتى على تصور كثير من “المنظرين” للعمل السياسي، حيث نجد الكثير منهم قد سخط على كل الأحزاب، وسفه قيادييها، واتهمهم بمطلق أوصاف الجهل والتنفع والتربح والتكسب والارتزاق والسمسرة والمصلحية والتسلق والانتهازية والديكتاتورية والفساد والاستبداد… حتى أن منهم من لا يفتؤون يرددون أنهم لا يثقون في أي حزب ما عدا “60 حزبا من القرآن الكريم”، وهذا النفور والخيبة والإحباط هو موقف سليم له كثير من التبرير، لكن ما يفقده توازنه هو لجوء هؤلاء “المنظرين” إلى التنظير للعمليات الانتخابية وكأن تلك الانتخابات ستقام دون أحزاب، أو ستشارك فيها أحزاب جمهورية السيشل الصديقة!!!..

والواقع أن الانتخابات لا تقوم إلا بالأحزاب، ولا يجب أن يُلتفت إلى تلك الأحزاب إلا إذا كانت تتمتع بالحد الأدنى من الثقة و”الصلاحية”، وتقييمات غالبية المتتبعين تعج بما يفقد كل الأحزاب على الإطلاق أدنى نصيب من متطلبات ما ذكر، وعليه يكون معيبا التنظير لعملية قد نُقضت أركانها من القواعد!!.. فإما تزكية العملية بآلياتها المتاحة في الساحة، وحينئذ لا عيب في التنظير لها، أو رفضها من حيث المبدأ، حال تسفيه آلياتها، وهو الحال هنا..

أصحابنا المنظرون لا يجدون غضاضة في الإقرار المسبق باستحالة تنفيذ البرنامج وتحقيق الوعود. وهو ما يشكل دليلا إضافيا على أن اللعبة قذرة، والمهمة مستحيلة، والانسحاب واجب، والخوض فيه عبث، لأن أية عملية نُجمع على إفلاس كل أطرافها وأركانها، لا يمكن لعاقل أن ينتظر منها خيرا..

إن من يقدح في مكونات المشهد دون استثناء لا يُقبل منه التنظير من الداخل، وإنما يجب عليه طرح بديل راديكالي للعملية برمتها،، وهو ما يمكن أن يشكل حقا ديمقراطية جديدة، وبديلا للواقع السياسي المأزوم المتأزم الفاسد..

إن نقض العملية الانتخابية من القواعد بما تتضمنه من “زرقة/مرقة/سرقة”، يترتب عليه بالضرورة السببية والنتيجة الحتمية بطلان نتائجها وفساد منتجاتها مصداقا لـ”ما بني على باطل فهو باطل”…

إن أصحابنا قد غاصوا في هذا “الانفصام” إلى الأذقان حتى وجدوا له “تخريجة” مفادها التبرؤ من الهيآت السياسية والدعوة بدل ذلك إلى اعتماد الاعتبارات الشخصية في التقييم والتعاقد، فاتحين المجال للتساؤل عن واقعية التعاقد الفردي عوض المؤسساتي، خاصة فيما يتعلق بالتواصل والإنجاز والمحاسبة،، وكذا جدوى تحملنا التكلفة المادية والمعنوية لوجد الأحزاب!!..

‫تعليقات الزوار

9
  • ديب و مخزز و مرlوفز
    الأحد 28 غشت 2016 - 11:57

    اي ديب من الذئاب لحمه مر حتى صار حراما تقصد ، هل الديب سامي الكاتب عن خطاب 20/08 لجلالة الملك سيدي محمد السادس حيث تناوله الديب على هواه و كتب ختاما ،، ارجو دعم كتبي و مقالاتي ،، في ابتزاز واضح للمؤسسة الملكية ،، اي ديب تقصد رغم اني لم اطالع لك نظرا للعنوان القديم الذي رددته الجدات في ردهات التاريخ ،، معرفتي بالذئاب عميقة و رغبت الاحجام عن ادراج باقي الذئاب لانك جاهل بها و لها و ما عليها من حقوق و واجبات الله يعلمها .

    انتهى التخزيز

  • الراسا لكحلة
    الأحد 28 غشت 2016 - 12:36

    ايوا شفتي ،، هاد الشي كبير بغا مواليه ،، و راني ماشي دمدومة ،، انا سميتي ،، محمد ،، يعني بشر ،، يعني بنادم ،، يعني كحل الراس ،، وخا تنصبع شعري باللوانات صفرين و تندير الطوانg ،، راسي كحل وخا عمليات التجميل اللي درت ما زال راسي كحل .

  • فاضل
    الأحد 28 غشت 2016 - 14:41

    قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون )؛ سورة البقرة.

    قال العلاّمة أبو زهرة في " زهرة التفاسير": ( ذكر الله سبحانه وتعالى أوصاف المنافقين النفسية التي استغرقت نفوسهم، وصارت مرضا ملازما لهم كالمرض الجسمي العقام الذي لا يزايل المريض حتى يقضى عليه ، وفي هذه الآيات يبين الله تعالى أحوالهم في معاملة المؤمنين، فذكر سبحانه أنهم يفسدون في الأرض ويزعمون لطغوانهم أنهم يصلحونها، وأنهم فوق الناس، ويمارون في القول،…وإن أشد فساد الفاسد أن يغتر بحاله، ويزعم أنه ليس بفاسد، فهو معكوس النفس مركوس، قد انقلبت الحقائق في عقله، فلا يعرف الخير من الشر، ولا الفساد من الصلاح…

    وقد حكم الله تعالى عليهم ذلك الحكم القاطع مؤكدا له أفضل توكيد بقوله تعالى : ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون…)

  • الفساد راه منعناه
    الأحد 28 غشت 2016 - 16:22

    راه تندويو فبلاد ، فشعب كامل ،، ماشي تندوي على راسي ،، هادي راها مسؤولية دولة حاولنا ما طيحش ،، باش ما ينيكوش دير موك و لا تجد لك فيها سندا .

  • ضبع منتون خانز
    الأحد 28 غشت 2016 - 16:25

    ما تنساش ،، الديب تياكلوه على فعايلو ،، سمعتها من اقرب الاقربين ، هادا 37 عام بالتحقيق

  • الميكاهيك
    الأحد 28 غشت 2016 - 17:18

    اسيدي باز ،، تبارك الله عليكوم ،، و مرحبا بكم عندي ،، و راني ربي الكريم غناني عن البشر ،، حنا ولاد لخير ،، شبعانين ،، احب من احب و كره من كره ،، مرحبا بيكوم و هادي بلادكوم .

  • slima
    الأحد 28 غشت 2016 - 23:18

    pjd حزب مصنوع مخدوم جاهز لاداء الدور الذي اداه .هو حزب مخزني بامتياز ترك في الرف الى ان جاء وقته . لقد اتقن دوره واخمد الحريق في الوقت المناسب كالاطفائي !!! مكلخ او كامبو من كان يحسبه جاء لخدمة الشعب .والنتائج الكارثية في عهده كافية لمعرفة حقيقته !!!

  • ملاحظ
    الإثنين 29 غشت 2016 - 03:33

    بدأ الكاتب مقاله بما يلي:
    "في أغلب المواجهات "الراديكالية" فكرية كانت أو قيمية أو حتى عسكرية، يكون هناك معسكران يمثلان فسطاطين، يمثل أحدهما الحق أو الصواب، ويمثل الآخر الباطل أو الخطأ"

    هذه بعض الأمثلة من المواجهات بين طرفين ، وأطلب من الكاتب أن يدلني على الفسطاط الذي على حق والآخر الذي على باطل:

    1ـ اجتماع السقيفة أسفر عن بيعة ابي بكر. علي بن أبي طالب رفض بيعة ابي بكر وتشبث بحقه في الخلافة. كادت الأمور أن تصل حد المواجهة. مضت شهور وعلي لم يبايع أبي بكر. الشرع يقول بأن كل من لم يبايع في ثلاثة أيام يُضرب عنقه، ومع ذلك لم يُضرب عنق علي. بين علي وأبي بكر، من هو على حق ومن على باطل؟

    2ـ بعد مقتل عثمان بن عفان، تسلم علي الخلافة. عائشة رفضت خلافة علي، وانضم اليها كل من طلحة والزبير وهما من المبشرين بالجنة. دارت حرب طاحنة بين معسكر علي ومعسكر عائشة، سُميت بموقعة الجمل، انهزم فيها معسكر عائشة، وقتل فيها اكثر من 20 الف مسلم. بين علي وعائشة، من منهما على حق ومن على باطل؟

    3ـ موقعة صفين دارت بين علي ومعاوية الذي طلب القصاص من قتلة عثمان كشرط لبيعته فرفض علي طلبه. من على حق، علي ام معاوية؟

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين