النزعة الاستهلاكية

النزعة الاستهلاكية
الإثنين 26 نونبر 2018 - 12:29

مجتمعنا العربي موسوم بـ”النزعة الاستهلاكية”، أو ما يعرف أيضا بمفهوم “الاستهلاكية “Consumerism، وهذا ربما ما يفسر عدم أو نقص قدرتنا على الادخار، إذ نُقدم في كثير من الأحيان على اقتناء أغراض أو الاستفادة من خدمات ثانوية سُوّقت لنا على أنها ضرورية.

وتساعد في حثنا على عملية الشراء خصلة “الكمالية “Perfectionism، التي تجعل ذواتنا في بحث دائم عن “المثالية التعجيزية”، التي نحقق بعضا منها لدى ابتياع سلع أغلبها هامشية، فيخلّف الحصول عليها حالة من الرضى عن النفس، والجزم برضى الآخر الغريب.

إن التقييم النقدي للذات ومراجعتها أمر محمود طبعا، لكن المبالغة فيه تأتي بعكس هدف الإصلاح المرجو، إذ قد تتسبب في التدمير الذاتي self-destructionالناتج عن زعزعة الثقة والقبوع تحت رحمة نظرة الآخرين ورأيهم فينا.

من جهة أخرى، يبقى “حب الظهور”Exhibition need كما أشار إليه عالم النفس الأمريكي هنري موراي Henry Murray في نظريته التي تدرس “الحاجات العقلية” Psychogenticneedsلدى الإنسان، من أهم العوامل التي تؤثر مباشرة في تحفيز عاداتنا الاستهلاكية، وتساهم بالتالي في تقوية تلك النزعة التي أشرت إليها في بداية النص.

وليس من الإنصاف أن نقصي من خانة الدوافع كلاّ من “الرغبة في التملك” Acquisition need، و”البحث عن التقدير” Recognition need، فكل واحدة منهما تلعب دورا رياديا في جعلنا كائنات إنفاقية بامتياز.

الصفات المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى “حب التفوق” Superiorityneed، مترابطة بشكل عجيب، وتتغذى كلها من حوض النرجسية “Narcissism”، التي يمكن في حال طغيانها أن تحول صاحبها إلى مصاب بإحدى أنواع “الهوس الأحادي” Monomania التي أحصاها الطبيب النفسي جان إتيين دومينيك Jean-Étienne Dominique Esquirol. ومن بين تلك الأنواع “جنون العظمة” Megalomania، الذي يوجه سلوك الفرد نحو إشباع “الأنا” Ego بشتى الطرق وعلى حساب أي كان.

لا يمكن إذن أن نستمر في لوم الرأسمالية الجشعة على إفراطنا في الاستهلاك، فالاختيار يبقى بين أيدينا في نهاية المطاف، ما دمنا لم نتعرض بعد لعملية “غسل الدماغ” Brain wash التي تقوم بها الشركات قصد ترويج بضائعها، والتي تنبني غالبا على خلخلة قناعاتنا ثم تجريدنا منها، قبل أن تقدم لنا “قناعات جديدة” تسد فجوة الضياع التي نسقط فيها. لذا وجب إعمال الذهن والمنطق بترشيد المصاريف والتوقف عن اللهث وراء كل منتج أو خدمة لا حاجة عملية حقيقية وراءها.

‫تعليقات الزوار

1
  • Petchou
    الإثنين 26 نونبر 2018 - 17:10

    هذا الموضوع بمصطلحاته هو متداول بكثرة في بلدان الشمال الغنية والتي تعرف فائضا في الانتاج كما تعرف فائضا في الاستهلاك اما في المغرب فالاغلبية الساحقة من القرى والجبال والصحاري لا تجد حتى الضروريات اما المدن فهي محاطة بشريط من الفقر والحاجة وتعيش على الهامش

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين