تلويح البوليساريو بالحرب

تلويح البوليساريو بالحرب
الأحد 28 يوليوز 2019 - 18:49

بين التحولات الدولية والمتغيرات الداخلية والوضع بالجزائر

لوح الأمين العام لجبهة البوليساريو في شريط فيديو خصصه للحديث عن الاستعداد والتطوع لاستئناف العنف لأنه حتمية وضرورية، وهو ما أطلق عليه “عاد لابدالها من الدبزة، لابد من الدبزة هي اللي لاهي اتفيتقد ليد”.

ويأتي هذا الخطاب كنتيجة لتيقنه واستنتاجه بعدم واقعية خلق كيان جديد في المنطقة ورفض ذلك من منظور قناعة الدول الغربية والدول والعظمى، منها تلك المالكة لحق النقض (الفيتو)، أو الدول من أصدقاء الصحراء، وهو الاستنتاج الذي صرح به الرئيس السابق لموريتانيا محمد ولد عبد عزير في حوار له مع الصحافي عبد العاري عطوان.

وهذه القناعة الراسخة انعكست على محددات مجلس الأمن للحل في نزاع الصحراء، واعتماده، وباقي أجهزة الأمم المتحدة، بما فيه لجنة الشؤون السياسية المتطرفة، لضوابط تلم بذلك؛ منها التوافق السياسي المبني على معياري الواقعية والعملية في الحل والهدف، وضرورة تحلي الأطراف بذلك.

وضاعف من ضغط جبهة البوليساريو وقيادتها تجاوز الاتحاد الأوروبي لاجتهاد قضائه وتحديده لاتفاقيات مع المغرب تشمل مل المناطق الجغرافية للمغربي دون تمييز ولا استثناء لمنطقة النزاع.

ويؤرق البوليساريو الواقع الحالي في الجزائر، كدولة حاضنة وممولة ومعسكرة ومؤازرة له، المتسم بحراك اجتماعي مستمر منذ أشهر، نتج عنه فقدان البوليساريو لبوتفليقة الضامن، مادام الوضع ينفتح على كل الاحتمالات المجهولة.

ففي الوقت الذي فوجئت فيه الجزائر والبوليساريو بانقلاب في موقف الاتحاد الأفريقي منذ رجوع المغرب إليه سنة 2017، وتجسيد ذلك في منتصف السنة الماضية 2018 بمناسبة انعقاد القمة 29 للاتحاد الأفريقي بنواكشوط. في اعتماد الاتحاد الأفريقي لسياسة شبه رفع اليد.

وتأييد الاتحاد الأفريقي لإشراف واحتكار مجلس الأمن للتدبير التفاوضي والسياسي من أجل الحل السياسي، وتراجعه عن سابق قراره المؤيد للعودة إلى خطة التسوية بمطالباته المتكررة لمجلس الأمن بتحديد موعد ثابت للاستفتاء، واكتفائه بتقديم وتوفير المساعدة السياسية فقط، وفي إطار آلية التروكا الأفريقية، ونزع الملف من بين أيدي موظفي الاتحاد.

وهو الضغط نفسه الذي نجحت الديبلوماسية المغربية في نقله وتفاقمه لدى خصومه، بسحب جل الدول لسابق اعترافها بالبوليساريو كدولة، وخاصة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية، ووضوح علامات وأسس الحل، وأفق المستقبل كلها في صالح المغرب. كل ذلك يجعل خروج قائد البوليساريو بخطاب الاستعداد للعودة للحرب والتطوع من أجل ذلك أمرا مكرها عليه، له أسباب داخلية أخرى.

قد يكون تهديد قائد جبهة البوليساريو بالعودة للحرب مع المغرب وخرق وقف إطلاق النار يعتبر مناورة انتخابية لدغدغة مشاعر الشباب المحبط، لتعزيز مركزه الانتخابي تبعا لقرب موعد المؤتمر، وبالنظر إلى فشله في تحقيق أي من وعوده، وإحساس ساكنة المخيمات بخيلة الأمل.

وقد نتجت الهيبة بوضوح عن التقهقر السياسي الدولي، سواء في إطار جديد ما تحمله قرارات مجلس الأمن من تقدم للمركز المغربي، والانسحاب من الكركارات، ووصف المنطقة غرب الحزام الدفاعي بالعازلة، ومنع إقامة منشآت فيها، والإشارة بالاسم إلى المحبس التيفاريتي وبئر لحلو، وتعهده في لائحة أممية بذلك.

كما أن تحديد مجلس الأمن لأوصاف الحل الواقعي والعملي والسياسي، والإشارة إلى مبادرة المغرب بالحكم الذاتي، واقصاء مبادرة البوليساريو برفض الاستفتاء الذي يقصي الاستقلال، خلق صدمة للبوليساريو والجزائر أيضا وحطم الأوهام التي قامت عليها سياستها لإجبار ساكنة تندوف على تحمل الظروف والمعناة.

وهو ما أسفر في النهاية عن ظهور آراء خارج نسق وحدة الجبهة ووحدة الايديولوجية، وخرجت مبادرات جديدة وانشقاق جسم الجبهة نفسها (المبادرة الصحراوية للتغيير، شباب التغيير)، ترفض وتنتقد طريقة تدبير القيادة للصراع مع المغرب وطريقة التعامل مع الإشراف الأممي وتعبير جزء على العودة.

فلجأت قيادة الجبهة إلى اعتقال الرأي المخالف في الإعلام والمدونين وفي المبادرات، فتفاقمت الاحتجاجات يوميا، وأضحى ذلك ضغطا لا يطاق لا يمكن التخفيف منه إلا بإطلاق تصريح على غرار العودة إلى الحرب لعلها تسترجع المبادرة وتعيد الالتفاف والوحدة حول فكرة الاستقلال والإنصاف.

وقد تضافرت هذه التحولات الخارجية والمتغيرات الداخلية، إضافة إلى احتمال اتخاذ هذا التهديد أو محاولة تنفيذه وسيلة لتصريف نظر الحراك الشعبي في الجزائر عن طريق إثارة هذه الحرب مع المغرب، وقد يكون التهديد في النهاية مجرد وسيلة للفت الانتباه الدولي وفق ما دأبت البوليساريو على اطلاقه في كل مرة ومناسبة.

شخصيا لا اعتقد بجدية التلويح، رغم استعمال قائد البوليساريو لكلمة ضرورة الحرب، وقد سبق لي التعبير أنها في المرتبة الأولى، وأشار إليها بان كي مون، ومبعوثه كريستوفر في تعبيره عن خوفه من الحرب الشاملة، حسب ما كشف عنه سياسي موريتاني، بالقول إن الحرب حقيقة داهمة.

فالتعبير بالاستعداد للحرب هو تحصيل حاصل، لأن الجميع مستعد لها، والمغرب أكثر استعدادا وجاهزية لإنهاء النزاع وحسمه، وهو يؤمن بقدرته على ذلك ولا يعيقه عنه سوى تواجد المينورسو. كما أن تنفيذ البوليساريو للتهديد هو بمثابة انتحار ونهاية أكيدة لها.

ومع ذلك، فان الايمان بأن الحرب ضرورية، وربط التصريح بالوضع والواقع الحاليين، ووضوح شدة الضغط على البوليساريو، وتخبط النظام الجزائري بحثا عن وسيلة للسيطرة على الحراك الشعبي، يستوجب أخذ التهديد والتصريح بجدية تفاديا للمفاجأة.

فمن آمن أو استنتج أنه يفقد السيطرة قادر تحت وقع هول الصدمة وبالتهور أن يلعب كل شيء، والحرب قبل كل هذا وذاك مزاج بشري محض. وأعتقد أن الكركارات هي ملاذهم من أجل الاستفزاز.

*محام بمكناس خبير في القانون الدولي-الهجرة ونزاع الصحراء

‫تعليقات الزوار

6
  • عبد الرحمان
    الأحد 28 يوليوز 2019 - 21:33

    تلويح البوليساريو بالحرب يسبب لي التثاؤب و النعاس و الملل
    هذا يذكرني بقيام فيت جيدليكا”، المواطن التشيكي، بإقامة دولة جديدة خاصة به على منطقة غير مأهولة بين كرواتيا وصربيا، وأطلق عليها اسم “ليبرلاند”.
    ابقوا هناك في الرابوني إلى آخر الدهر و أسسوا دولتكم في صحراء تيندوف إذا تصدقت عليكم بها الجزائر.

  • ع الجوهري
    الأحد 28 يوليوز 2019 - 22:04

    مرات عديدة لوحوا فيها بالحرب ولم ينفذوا تهديدهم أتدرون لماذا لأننا لسنا في السبعينات أو الثمانينات قبل صدور لوائح الجماعات الإرهابية التي سيكتب إسمهم فيها إذا تجرأوا على بدأ إطلاق النار البوليزاريو يحتضر
    و سيبادر بقبول شروط المغرب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد تخلي 80٪ممن كانوا يدعمونه

  • بن علي
    الإثنين 29 يوليوز 2019 - 09:06

    ربط الدعم للصحراوين ببوتفليقة مغالطة كبيرة ربطتم الدعم ببومدين و مادا كانت النتيجة؟ هل رايتم اعلام الصحراوين خلال الاحتفالات بالفوز بكاس افريقيا وهدا ما يضجض كلامك جملة وتفصيل فالسياسة الخارجية ليست مرتبط بالاشخاص فانتم تراهنون على الخيرات الخاطئة وهدا ما يجعل المشكل يتعفن فالهروب الى الامام لن يجدي والحرب يبقى خيار مشروع

  • كاتب ياسين
    الإثنين 29 يوليوز 2019 - 12:25

    قيام الحرب تخدم الصحراويين
    سيكون لهم دعم من ااجزاءر من أي وقت مصر
    سيعرف العالم حقيقة الصراع و عندها سيعرف المغرب انه امام قضية شعب لا يمكن القفز عنها مهما حصل

  • وناغ
    الثلاثاء 30 يوليوز 2019 - 14:18

    الى رقم 3 و4
    انكم لا تفقهون شيئ في الموضوع
    تعليقاتكم
    تعليقات عاطفية

  • بائع الحليب
    الأحد 4 غشت 2019 - 01:24

    الحل في يد حكام الجزائر والبولي زاريو اذ هم سمحو للأمم المتحدة أن تحصي سكان تندوف ربما سيغيرون لهم خيامهم البالية بأخرى جديدة.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة