ظهور سلالات فيروس كورونا الجديدة .. بين الصدفة والانتقاءات الطبيعية

ظهور سلالات فيروس كورونا الجديدة .. بين الصدفة والانتقاءات الطبيعية
صورة: أرشيف
السبت 30 يناير 2021 - 04:00

قد لا تكون للفيروسات قدرة على التفكير، لكنها تستطيع التأقلم مع محيطها لتحافظ على بقائها، وتفسّر قدرتها هذه على التكيف الظهور المقلق لعدة نسخ متحورة وأكثر قدرة على نقل العدوى من الفيروس المسبب لوباء كوفيد-19.

كما كلّ الفيروسات الأخرى، يستطيع فيروس “سارس-كوف-2” التحوّل، إذ حين يقوم بالتكاثر، تنتج بعض الأخطاء في تكوينه. وليس لغالبية تلك النسخ المتحورة أي أثر، لكن بعضها قد تمنحه قدرة إضافية على “النجاة”.

هذه حال النسخ الثلاث الأكثر نقلاً للعدوى التي اكتشفت مؤخراً في المملكة المتحدة وإفريقيا الجنوبية والبرازيل، وظهرت خلال الخريف وعلى بعد أشهر في ما بينها، في حين لم تظهر أي نسخة متحورة أخرى ذات أهمية خلال الأشهر الأولى من تفشي الوباء.

هل يمكن اعتبار ذلك مصادفة؟ يرى خبراء أن جزءاً من المسألة يتم بشكل عشوائي، لكن الصدفة ليست السبب الوحيد خلف هذه التحولات.

وتقول خبيرة الأوبئة في جامعة بيرن إيما هودكروفت: “حين نخفض عدد الإصابات فإننا نقيد مجال تحرك الفيروس، وبالتالي احتمالات حصول تحولات إشكالية فيه”.

في المقابل، وحينما ينتقل الفيروس بمستوى مرتفع، “ترتفع فرص أن يقابل الفيروس سيناريو ما أو فرداً معيناً يمكنه، وبشكل عرضي، أن يؤدي إلى أمر لا نرغب حصوله”، مشبّهةً ذلك بلعبة “روليت”.

وتشرح بدورها ويندي باركلي، خبيرة الفيروسات في جامعة “إيمبريال كولدج” في لندن، أن ظروف التحور “مزيج بين كمية الفيروس الذي يتنقل من جهة، وعدد المرات التي نرمي فيها النرد من جهة ثانية، فضلاً عن بيئة الفيروس”، والمقصود بها عالم ينتشر فيه الفيروس بشكل كبير.

وأضافت الخبيرة في مؤتمر صحافي: “إنها اللحظة التي يجب أن نتوقع فيها ظهور نسخ متحورة متأثرة بالاستجابة المناعية، وذلك لأن مستوى المناعة ضد الفيروس في العالم يرتفع من خلال الإصابات وعمليات التلقيح”.

مريض نقص في المناعة

أشارت الخبيرة إلى أنه “في اثنين من الأمكنة التي ظهرت فيها التحورات المثيرة للقلق، أي في جنوب إفريقيا والبرازيل، كان هناك أصلاً مستوى استجابة مناعية عالٍ لدى الأشخاص الذين سبق أن أصيبوا بالفيروس وتعافوا منه”.

إلا أن بعض العلماء يشككون بوجود علاقة بين الانتشار المصلي المرتفع وظهور نسخ جديدة من الفيروس.

يعتبر بيورن ميير، عالم الفيروسات في معهد باستور في باريس، أنه “من المرجح أكثر أن التحول يحصل داخل المريض”، لاسيما المريض الذي يعاني من نقص في المناعة، كما يعتقد عدد من الباحثين في المتحور البريطاني.

ويشرح ميير لفرانس برس: “حينما يكون مريض ما يعاني من نقص في المناعة يمكن أن يبقى الفيروس في جسده وقتاً أطول”.

وفي حين أن الفيروس المسبب لكوفيد-19 يعيش ما متوسطه عشرة أيام في جسد الفرد، إلا أن دراسات بينت أن بعض المرضى حملوا الفيروس حياً لعدة أسابيع، بل عدة أشهر بعد الإصابة.

وحتى لدى المرضى الذين يعانون من نقص المناعة، يواصل الجسد مكافحة الفيروس أيضاً دون أن يتمكن من طرده تماماً. وفي مواجهة هذا “الضغط المناعي”، يرغم “الفيروس على التحول، وإما أن يتحول ويلقن نفسه كيفية الهرب من هذا الرد المناعي الجزئي، أو يموت”، وفق ميير.

ولماذا إذاً لم تظهر نسخة متحورة أكثر عدوى في وقت سابق خلال الأشهر الأولى من الوباء؟.

يشير الخبير إلى أنه “هنا تلعب الصدفة لعبتها”، مضيفاً: “لا يعاني الكثير من الأشخاص من نقص في المناعة.. ومع بداية تفشي الوباء، كان عدد الإصابات أقل، والأشخاص الذين يعرفون أنهم يعانون من نقص المناعة كانوا محميين ومعزولين”.

الفوز للأقوى

قد يختلف الأمر في المناطق حيث يوجد عدد كبير من المصابين بنقص المناعة أو ممن لا يعلمون أنهم يعانون من ذلك.

وتشرح أكاديمية الطب في فرنسا أن “ظهور متحور من سارس -كوف-2 في غشت في جنوب إفريقيا، وهي من أكثر الدول التي تنتشر فيها عدوى فيروس نقص المناعة البشري في العالم، قد يكون أنتج تكاثراً فيروسياً أكثر كثافة وأطول مدةً في أجساد الأفراد الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشري، ما عزز تراكم الطفرات”.

ويعتبر ميير تلك الفرضية “صالحة”، رغم أنه من الصعب تحديد مصدر ظهور الطفرة بشكل دقيق. وعلى أي حال، ومهما كانت الظروف التي سمحت بظهور طفرة جديدة، إلا أن عملية الانتقاء الطبيعي تلعب دورها.

ولخص خبير الأمراض المعدية البلجيكي إيف فان لايتيم الأمر في مؤتمر صحافي قائلاً: “ما يحصل عبارة عن منافسة طبيعية يكون فيها الفوز للأفضل، للأقوى، للذي يستطيع أن ينتقل بشكل أفضل، والأكثر قدرةً على إدامة النوع الفيروسي. إنها عملية داروينية نموذجية التي تدير تطور العالم الحي”.

وانطلاقاً من ذلك، يتوقع العلماء أنه من المرجح ظهور طفرات خطيرة أخرى، ما لم تكن قد ظهرت أصلاً.

وقال أستاذ علم الأحياء في جامعة واشنطن كارل برغستروم في تغريدة: “لأن العدد الإجمالي للإصابات يواصل الارتفاع بشكل مطرد، ليس من الصعب القول إن طفرات إشكالية ظهرت خلال الشتاء دون أن نتمكن من رصدها، أكثر من تلك التي ظهرت في الخريف، وهي الآن تحت نظرنا”، داعياً إلى تحسين مستوى المراقبة والرصد.

‫تعليقات الزوار

4
  • jamal usa
    السبت 30 يناير 2021 - 04:55

    حسب إعتقادي والله أعلم هذا الفيروس في يد عصابة شركة تصنع التلقيح ولما كثرت الدول المتقدمة كالصين تأكدت عصابة الشركة أن شركتها ستغلق لأن الصين قوة إقتصادية عالمية ستدمر رأسمالية العالم وتصنع وتنتج كل شيئ .فلما بدأ التلقيح كثير من الناس إمتنعوا عنه فنشرت العصابة في جنوب إفريقيا وفي انجلترا الفيروس المتغير للدفع بالناس إلى التلقيح .في البداية نشروه في الصين لتدمير إقتصادهم إلا أن إستخبارات الصين علمت بالهجوم عليها فنشرته في كل دول العالم وأصبحت جد حريصة على تفتيش أي شيئ يذخل بلادها وهذا مادفع بالعصابة لنشر الفيروس المتغير في أنجلترا وجنوب إفريقيا وستسمعون أن بعض شركات التلقيح في أربا ستغلق بعد الجائحة إن قضى التلقيح عليها

  • ع. م.
    السبت 30 يناير 2021 - 05:39

    الفيروس المتحول ظهر في الدول التي منتشر بها فيروس السيدا و هي جنوب إفريقيا و البرازيل و كاليفورنيا و موسكو بروسيا و تم نقله عبر المثليين الإنجليز من جنوب إفريقيا إلى بريطانيا و بقية أوروبا…
    الفيروس يمكنه التفاعل مع فيروس كفيروس المناعة و إكتسابه خصائص جديدة.
    حتى اللقاح لا يستطيع إيقاف إنتشاره و فقط تلقيح العالم يتطلب سنتين و مادا لو كانت حماية اللقاح أقل من سنة؟. مع إمكانية ظهور سلالة جديدة

  • حمزة
    السبت 30 يناير 2021 - 13:04

    هل يمكن ان تكون هناك علاقة بعدد الاشخاص المصابين بمرض الئيدس AIDS
    الذي يسببه فيروس HIV في بلد ما؟
    حسب المعطيات فان جنوب افريقيا تحتضن اكبر عدد من اصابات الئيدس انها مرعبة 7.5 ملايين ، في البرازيل 920.000 , المغرب 21.000 ، بريطانيا 105.000 ، لا اعتقد ان هذا المتحور الجديد البريطاني اصله من بريطانيا اذا اثبتنا العلاقة علميا بين تحور فيروس كورونا و مرض الئيدس سيكون اصل هذا الفيروس المتحور من جنوب افريقيا و انتقل الى بريطانيا او البرازيل الى بريطانيا .اشك في ان جنوب افريقيا تمتلك المعرفة و التقنية للكشف عن طفرة فيروس كورونا المتحور .
    او على الارجح ان فيروس كورونا يتحور في اجساد المصابين بالئيدس . هذا ميدان للبحث و الدراسة.

  • أنا
    السبت 30 يناير 2021 - 13:07

    هذا هو التطور و الانتخابات الطبيعي الذي لا يفهمه و لا يصدقه العامة الآن يلامسونه و يؤثر في حياتهم بشكل مباشر لكن مع ذلك لن يتعلموا الدرس و سيقوم الانتخاب الطبيعي بفلترتهم ايضا. الجائحة بينت بشكل جلي انه وقت الأزمات لا ينفع إلا العلم التجريبي الحقيقي.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز