عاصفة الحزم : شعارات ضخمة، لكن..؟

عاصفة الحزم : شعارات ضخمة، لكن..؟
الأربعاء 29 أبريل 2015 - 09:25

بعد مؤتمرين عربيين في شرم الشيخ،واحد اقتصادي والثاني سياسي، استشرفا معا”خطابا عربيا وحدويا”،لمواجهة التحديات المصيرية،لأن الواقع لم يعد يتحمل، مزيدا من التراخي والتهاون،أعلن يوم 26 مارس عن انطلاق أولى تسخينات عملية عاصفة الحزم،بقيادة سعودية لتحالف ضم دول الخليج باستثناء سلطنة عمان، والأردن ومصر والمغرب والسودان وباكستان.الهدف الأول،القضاء على الحوثيين وعلي عبد الله صالح،وإعادة الرئيس عبد ربه منصور إلى سدة الحكم.الهدف الثاني،كما أقرت مختلف المبررات الدعائية التي صاحبت بداية العاصفة،سيكون سعيا حازما، من أجل تقويم جديد لمسار عربي مختل وليس فقط محتل،بعد استفاقة غير مسبوقة للنظام الرسمي،قصد تحرير العواصم الأربعة : اليمن وسوريا ولبنان والعراق،من القبضة الإيرانية.ستجسد العاصفة بالأخص،مثلما لمحت ضمنيا الكتابات الصحفية المتحمسة،بداية النهاية الرسمية للنظام السوري،فالقوات المشاركة في العاصفة،بعد اكتساحها لصنعاء، ستكمل طريقها صوب الشام، ولن تقف إلا أمام بوابة القصر الجمهوري في دمشق،مما أحيا بصيصا ضئيلا من الأمل لدى السوريين. أكثر من ذلك، هناك من حلقت به النشوة،حد كون العاصفة، ستعصف آجلا بإسرائيل..،الله أكبر!!! .

ربما التفسير الساذج،لشعارات السياق المباغت أن الأنظمة العربية، تضيق يوما بعد يوم، مساحات أمانها،ومنطقتها الخضراء، لم تعد بذات الرحابة والسعة،مثل أيام “الزمن الجميل”، فقد تجاوزت مقتضيات الخريطة الدولية في شكلها الراهن،الأساطير إن صح الوصف،التي لازال يتكئ عليها هؤلاء،مما يجبرهم قياسا بالسنوات السابقة،كي يعتمدوا على أنفسهم، لاستعادة التوازن،بما أن إيران أثبتت قدرتها قولا وفعلا، على استعادة ممكنات إمبراطوريتها التاريخية،وأمريكا أوباما تختلف كثيرا عن أمريكا بوش الأب أو الابن،وروسيا بوتين تخلصت تماما من عقدة السقوط،أما المبادرات الكبرى لصناع السياسة الخارجية الأوروبية،والتي يقصد بها أساسا انجلترا وألمانيا وفرنسا،فيستحيل تقدير موقف حاسم لها، دون ترقبها البوصلة الأمريكية.

منطلقات شعاراتية ضخمة، ألحت على تعبئة الجميع،فالحرب ”التحريرية” لليمن ومن وخلالها التخلص نهائيا من زئبقية الأيمان،التي أنتجت هذا الوضع،لن تكون إلا طويلة،قياسا لطول ليلنا العربي،تقتضي تضحية وصبرا،لطرد الإيرانيين واجتثاث الداعشيين والحوثيين، وفلول القاعدة،وإذهال الاسرائليين عجبا،حين متابعتهم لبطولات الجندي العربي، على جبهات خلقتها العاصفة !!!.

بعد ذلك،وبهدف استثمار نتائج الحرب العاصفة،سريعا وإيجابيا،حتى نتدارك الزمن الضائع جدا،ونتداوى بالمطلق من التقيحات السرطانية،التي تفتت معها الجسم العربي،ستهب عاصفة البناء الاقتصادي والاجتماعي،من خلال مشروع ”مارشال”،يكرس ركائز قوة اقتصادية للمجموعة العربية،وما سيفرزه سياق كهذا، من تحديث سياسي وبناء ديمقراطي، والارتقاء بالفكر والثقافة… . هكذا شرد خيالي،وأنا ألحم طوباويا، حلقات سيناريو عاصفة الحزم، بناء طبعا على ما استلهمته من شعارات الانطلاقة.سمعنا،عن لقاءات جادة لتأسيس قوة عسكرية عربية مشتركة،ينطلق عملها الرادع من ليبيا كخطوة أولى…،فجأة وبسرعة هبوب العاصفة ،لم نعد نسمع شيئا من هذا القبيل،بل فقط توقف لعملية عاصفة الحزم، وهي لم تبدأ بعد،طبعا بناء على مارافقها من شعارات هائلة، والاستعاضة عنها ب”إعادة الأمل”،مع أن الشعب اليمني يحتاج بداية إلى أمل غير كل الآمال، كي يخرج من بؤس العهد البدائي،وعبد الله صالح لم يصلب أمام الملأ وسط ساحة عمومية، ولم تعلن عصابة الحوثيين استسلامها،ولم تظهر إيران أدنى إشارة بل أبسط إيماءة، تخالف قناعاتها الأصيلة،فماذا حدث إذن؟.

كما تخبرنا متون التاريخ،فبالنسبة للسياسيين المحترفين،المشتغلين بمنطق الاستراتجيات المتكاملة،يشكل الإعلان عن الحرب قرارا خطيرا،لكنه أقل خطورة حقيقة من توقيفها،بحيث قد تتحكم فعلا في انطلاقة حرب، لكن يصعب غالبا التحكم في نهايتها والأمثلة واضحة :الفيتنام، أفغانستان،العراق،غواتيمالا، نيكارغوا، السلفادور… .أيضا،الحرب مجابهة شاملة، عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا وعلميا،ثم بخصوص الشق العسكري، فهي معركة ضارية حتما، تتم برا وجوا وبحرا،تستلزم جيشا خبر القتال والميادين، وتكرست لدى أفراده عقيدة قتالية، فالأجهزة الاليكترونية مهما بلغ ذكاؤها، ستظل فاترة وبدون روح.

يوم 21أبريل ،أعلن عن توقف عاصفة الحزم :”بعد أن أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديدا لأمن السعودية والدول المجاورة،وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح”.أين نحن إذن من البعد المعنوي والقومي؟وملاحقة المشروع الإيراني؟وحل جل مشاكل المنطقة، دون اعتماد على أمريكا؟أين مسعى إعادة التوازن في المنطقة؟وتحريك الجبهة السورية؟ومابعد العاصفة، ليس كما قبله؟….

لم تحدث أبدا،المعركة البرية وهي التي ستوثق حقا للوقائع، وتظهر التفاصيل في معطياتها المباشرة.بهذا الخصوص،قيل بأن السعودية راهنت على الجيشين الباكستاني والمصري للقيام بالمهمة،غير أن تصويت برلمان إسلام أباد كان واضحا وحاسما،وقدم لكل العرب درسا بليغا في الديمقراطية،فالشعب هو من يحسم في اختيارات البلد. باكستان،البلد الإسلامي الفقير،لكنه استطاع منذ أواسط السبعينات،امتلاك سلاح الردع النووي،معتمدا كليا على قدراته الذاتية وبمجهود علمي جبار لعقول محلية بتأطير العالم الفيزيائي الكبير عبد القادر خان،وبرغبة قومية شديدة من الزعيم السياسي، ذو الفقار علي بوتو،صاحب المقولة الشهيرة :”نحن على استعداد لأكل العشب، وأوراق الأشجار، كي تحصل باكستان على قنبلتها”،هكذا ولجت باكستان من الباب الواسع، نادي الأسياد،وحققت توازنها مع الهند، لولا ذلك، لابتلعتها الأخيرة.

لنتأمل الصورة،كما ترسمها التقارير الدولية : يعتبر الجيش السعودي،ثالث أقوى جيش في الشرق الأوسط وراء إسرائيل وتركيا.السعودية، رابع دولة عالميا تنفق على السلح،وأول مستورد دولي للتجهيزات العسكرية،والدولة التي لا تكف عن إبرام صفقات بأرقام فلكية لتجهيز جيشها بالعتاد…،أظن أن هذا أكثر من مقنع لهزم حتى إسرائيل، وليس مجرد تنظيم بدائي اسمه الحوثيين.

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج