كاتب بالإيجار

كاتب بالإيجار
السبت 3 فبراير 2018 - 22:12

أشعر بأنني أعاني من مصيبتين، الأولى هي أني أمارس أحقر مهنة وُجدت في الكون، بينما الثانية وهي الأخطر أني لا أتقن أي حرفة أخرى لكي أعيل أسرة مكونة من زوجتي بيترا وابنتي المعاقة مارسيلا ذات العشرين سنة، النقود التي أحصل عليها وعلى قِلَّتِها أستطيع بها أن أسدد ثمن كراء الغرفة وتوفير ضروريات الطعام والشراب.

لا أدري كيف سيكون عليه حالي لو أني توفقت عن ممارسة هذه المهنة البغيضة، وكيف سأتصرف مع تلك العجوز الحدباء ذات الأنف المعقوف مادلين عندما تقف كعادتها أمام باب الغرفة عند أول الشهر تنتظر مجرد خروجي لتطالبني بوجهها كثير التجاعيد والحفر بسومة الكراء؟ وكيف سأتدبر مصاريف الطعام؟ حقيقة أني استطعتُ أن أدّخر بعض المال طيلة سنوات من العمل لكنه لن يصمد إلا لأسابيع قليلة وينتهي.

أشعر بأن مهنة “كاتب بالإيجار” هي قدري، هكذا وفي سن مبكرة جدا وجدتني صدفة أكتب للآخرين، كان ذلك في أواسط الخمسينات من القرن الماضي وأنا تلميذ في الصف الأخير من المرحلة الإعدادية حين طلب مني الولد المدلل باتريك الثخين صاحب الخدين المنتفخين والأحمرين باستمرار أن أكتب له موضوعا في مادة التعبير على أن يقتسم معي خبزه المحشو بشطائر اللحم المجفف اللذيذ.

لم أكن أعلم ساعتها حينما قبلت عرضه الشهي أني أضع أول قدم لي في مهنة ” كاتب بالإيجار”، كانت سعادتي لا توصف وأنا أرى باتريك الكسول وهو يركض مرتديا سرواله القصير الذي لا يتجاوز الركبة نحو والده عميد الشرطة مزهوا بنتيجة “حسن جدا” التي تحصل عليها في فرض مادة التعبير، شعرت بأن تفوقه هو في الواقع تفوقي أنا، ألست أنا من فكر وكتب وأبدع؟ أما باتريك فهو مجرد ممثل كومبارس يتقمص دورا ليس بدوره.

انتشر الخبر بسرعة داخل الفصل وصرت كاتبا لأكثر من تلميذ، لم تعد شطائر اللحم المجفف تثيرني، بل أصبحت أشترط قطعة نقدية من ربع خولدة لكل نص أكتبه، أضحت العروض تأتيني من فصول أخرى وصرت أقضي جل أوقاتي في الكتابة، مع المدة أخذ أسلوبي في التعبير والأدب يتطور بشكل مُلفت ومطرد، عرفت ذلك من خلال عبارات التشجيع والتنويه التي كان يدونها الأستاذة حين يعلقون على كتاباتي وإن كانوا يعتقدون أنها كتابات أصدقائي. هؤلاء الممثلون الكومبارس لا يستطيعون كتابة سطر واحد، ومع ذلك كانوا فرحين، لم يستوعبوا أنه عندما تضع اسمك تحت أي نص لا يعني ذلك أنك صاحبه، هؤلاء الكسالى لا يعلمون أن النصوص الأدبية تحمل في شفيرتها الوراثية خصائص كاتبها الأصلي أو البيولوجي، أما هم فمجرد آباء بالتبني لنصوص ليست من أصلابهم.

أهملت الرياضيات والجغرافيا والتاريخ واللغات واجتهدت أكثر في مادة الآداب، حتى إنني خصصت جزءا من المبلغ المالي الذي استطعت أن أوفره لشراء رواية هاملت لشكسبير الشهيرة، والبؤساء لفيكتور هيغو الرائع. لا أدري هل شغفي بالقراءة مرده إلى حبي للمطالعة أم فقط من أجل تطوير مهاراتي في الأسلوب والتعبير مصدر رزقي وتجارتي، كأي تاجر حينما يقتني أدوات ضرورية لتجارته.

قابلت خبر رسوبي في آخر السنة بالكثير من الضحك، كيف تعلن إدارة المدرسة سقوطي بينما العشرات من زملائي نجحوا بسبب الفروض التي كنت أكتبها نيابة عنهم؟ فلم أبالي، كما أن أبي لم يهتم لذلك مادمت قد استغنيت عن المطالبة بمصروفي من أجرته الهزيلة التي يتقاضاها كحارس لمحطة القطار، حتى والدتي لم تهتم بخبر رسوبي، كانت تظن أني صرت أستاذا بالمدرسة وأتقاضى أجرة محترمة من الدولة، فالأساتذة عادة لا يعنيهم الرسوب أو النجاح، هكذا كانت المسكينة تعتقد.

مهنة “كاتب بالإيجار” لم تكن بذلك البؤس في الأعوام الأولى، بل كانت ممتعة جدا، فأنا أصلا أحب الكتابة، وَمِمَّا زاد من ولعي وعشقي لها حين صار يقصدني الكثير من أولاد القرية لأكتب لهم رسائل غرامية، هكذا صرت أعيش حكايات حب مع كل رسالة أكتبها، لم تكن رسائلي تتشابه، فتارة تأتي حزينة وكئيبة، بينما أخرى تكون مرحة وسعيدة، فنفسيتي المتقلبة تنعكس على أوراق رسائلي، كنت أكتب بمشاعري وليس بمشاعر الزبائن، فأنا في الأصل كاتب وليس مترجما لمشاعر الآخرين، لكني مع الوقت صرت أستمتع أكثر بالكتابة إلى البنت بيترا.

منذ البداية شعرت بأنها تختلف عن كل البنات اللواتي كنت أكتب لهن، حينما أخرج الولد وليام من جيبه صورة صغيرة لبنت تدعى بيترا وطلب مني أن أكتب لها رسالة، وكان مستعجلا جدا يريد أن يسلمها رسالته قبل أن تغادر القرية هذا المساء رفقة والدتها إلى الشمال، فبعد أن توفي والد بيترا في بداية السنة قررت والدتها أخيرا الهجرة إلى بلدة صغيرة على الحدود الألمانية حيث تعيش عائلتها. آه منك أيها المشاغب وليام كيف تمكنت من الوصول إلى هذه الفتاة الفاتنة؟

لا أدري من أين نزل علي ذلك الشلال من المشاعر وأنا أكتب لها، أخذ وليام فرحا الرسالة وقبل أن ينطلق بها إلى بيترا أدخل يده في جيبه ومنحني قطعة من ربع خلدة، يا له من غبي لم يستوعب أني كنت أعيش بكل جوارحي ومشاعري وأنا أكتب لها رسالة تختلف عن كل رسائلي السابقة، وأنه مجرد ممثل يتقمص دور البطولة لرواية من تأليفي، بعد أيام جاءني من جديد وليام يحمل رسالة بيترا التي بعثتها له من الشمال، كانت رسالتها رائعة ذكرتني برسائل بتهوڤن التي عُثر عليها في منزله بعد وفاته، ومن جديد كتبتُ لها رسالة أقرب إلى قصيدة شعر، أخذ وليام الرسالة وذهب إلى مكتب البريد لكي يرسلها إلى بيترا، صرت انتظر رسالتها عند نهاية كل أسبوع لأقرأها بمتعة وأرد عليها بقصائد شعر.

من خلال رسائل بيترا العديدة عرفت أنها تعاني كثيرا من زوج والدتها ومعاملته القاسية لها وأنها تفكر جديا بالرحيل إلى أي مكان آخر وتنتظر رسائلي بفارغ الصبر، لم يكن يضايقني في رسائلها إلا شيئ واحد عندما كانت تخاطبني باسم وليام.

أما شعرتِ يا حبيبتي بأنني أنا من يراسلك وليس هذا الأبله وليام؟ ألم تخبرك أحاسيسك بذلك؟ ألم تقولي في رسالتك الأخيرة إن الحب يصعد بك إلى عنان السماء فتبدو الأرض أبوابها مُشرّعة لك، فما بالك لم ترني إذن أجلس إلى شمعتي إلى آخر الليل لا أفعل شيئا سوى الكتابة لك.

حدث ما لم أكن أتوقعه بالمرة حين ذهبت أبحث عن وليام في البيت بعد أن انتظرته طوال الأسبوع ولم يأت، وجدته مستلقيا في الفراش يقاوم داء السل الذي اجتاح أوروبا أواسط الستينات من القرن الماضي، كان يبدو هزيلا ولم يعد تربطه بالحياة إلا أنفاس متقطعة ومتعبة، صرت أبكي بصمت، فالكاتب يموت أيضا بموت أبطاله، تراني كنت أبكيني إذن!

في تلك الليلة كنت في حالة نفسية سيئة جدا فكتبت رسالة وداع لبيترا، أخبرتها بأني أعيش آخر أيامي، كم هذه الحياة قصيرة جدا حبيبتي حتى إنها لم تمهلنا فرصة اللقاء ثانية.

مرت بعض الأيام ووجدتني متلهفا لعيادة وليام المريض، هذا ما كنت أحاول أن أقنع به نفسي، لكن الحقيقة أني كنت متلهفا أكثر لقراءة جواب بيترا على رسالة الوداع، خلال الأيام الماضية حاولت أن أتخيل الشكل الذي ستكون عليه رسالتها القادمة، وهل ستسعفها اللغة لترجمة كل أحاسيس الحزن التي بداخلها؟ أعتقد أن بيترا اقتنعت بعدم جدوى الكتابة، فقواميس اللغة تصير شحيحة أمام غزارة المشاعر، فعوض أن تبعث رسالة ككل مرة آثرت أن تأتي بنفسها!

وجدتها تجلس بجانبه، كنا نحن الثلاثة في الغرفة، فبينما كان وليام يعاني من درجة حرارة مرتفعة ولا يعي ما يقع حوله، كانت بيترا تبكي وتشرح له كيف أنها بمجرد أن توصلت بالرسالة لم تتردد في المجيء، سمعتها تهمس له وهي تغالب شهيقها: “كيف ستموت وقد أدمنت رسائلك؟”

آه يا إلهي لماذا أنا صامت هكذا كالصنم؟ لماذا لا أخبرها بأني أنا من كان يكتب لها وليس وليام؟ وإذا لم تصدقني فلتسأل أهالي القرية، سيخبرونها بأني “كاتب بالإيجار”.

يا للسخرية لو علمت بيترا بأني كنت أتقاضى قطعة نقدية عن كل رسالة أكتبها لها؟ أكيد سوف تحتقرني، تلك المشاعر التي كانت تجعلها تطير في السماء ستكتشف أنها رخيصة جدا لم تكن تساوي إلا ربع خلدة!

وهذا المسكين وليام المستلقي الآن على السرير يحتضر أي ذكرى سيئة عنه ستظل عالقة في ذهنها بعد موته حينما تعلم أنه كان مجرد ببغاء ينطق بكلمات قد لا يستوعبها ولا يفهمها.

بينما بيترا سيصيبها إحباط شديد وتعزّ عليها نفسها كونها كانت ضحية لرجلين؛ أحدهما بائع كلمات والآخر ببغاء!

أليس من الأفضل إذن أن أبقى صامتا كالحجر؟

صار شائعا في القرية ورطة بيترا المسكينة، فلا هي تستطيع العودة إلى بيت زوج والدتها الشرير في الشمال ولا هي أيضا تحتمل البقاء في القرية عند عمتها وأبنائها الكثر داخل بيت صغير بطابق واحد. سمعتُ والدتي تخاطب والدي ونحن على طاولة العشاء: “هذه الفتاة لا يليق بها إلا الزواج لتستقل بحياتها”.

الزواج! لا أظنها سترفضني لو أني تقدمت لها، خصوصا وقد صرت أتقاضى من زملائي الذين التحقوا بالجامعة مبلغا ماليا محترما حين أنجز لهم أبحاثا أدبية.

آه صديقي وليام أنا الذي ظننت أن موتك سوف يقطع أي اتصال بيني وبين بيترا ها هو يقودني إلى الزواج بها، من كان يتصور أن نكون أنا وهي تحت سقف واحد.

لن أحتاج حبيبتي لرسائل جديدة لكي أعبر لك عن حبي وأشواقي ها أنت الآن أمامي تنصتين إلي، ولن أنتظر بشوق ساعي البريد حاملا رسائلك الرقيقة والعذبة، لكن ما بالك لا تكثرتين بحديثي ولا تقولين شيئا؟ رأيتك تنظرين في عيني وقلتِ وأنتِ تتلعثمين “آسفة لا أجيد التعبير عن العواطف”، ما أكذبك بيترا، الشيء الذي تجهلينه هو أني أعرف قدرتك الهائلة في الاحتفاء بالمشاعر وخبرتُ تعابيرك الرقيقة والمذهلة حين كنت أقرأ رسائلك لوليام.

استيقظتُ فجأة ذات ليلة فرأيتك خلسة تضمين بحنين رسائلي القديمة وتقبلينها، أليس هذا كافيا ليجعلني سعيدا جدا؟ المشكلة بيترا أنك تعتقدين أنها رسائل وليام وهذا ما أحزنني كثيرا، في خضم فوضى المشاعر التي تسكنني لم أكن أدري هل يليق بي الفرح أم الحزن؟

شعرت بأن مهنة “كاتب بالإيجار” سبب تعاستي، فلا أنا استطعت الحصول على أي شهادة تعليمية باسمي رغم أني كتبت العديد من أبحاث الإجازة والدكتوراة، وحتى قصص الحب، اعتقدت بسذاجة أني بطلها فاكتشفت أني كنت مجرد الظل، ومتى كانت النساء تعشق ظلال الرجال؟

فقط ابنتي مارسيلا وعلى إعاقتها التي وُلدت بها هي من حمل اسمي، صرت أشتغل أكثر لكي أدفع مصاريف مارسيلا المتعددة، لم يعد ممكنا المراهنة على شح الطلبة لتغطية مصاريف علاج مارسيلا لذلك صرت أبحث عن زبناء جدد…

عرضت نفسي على شخصيات سياسية وفنية ورياضية لكتابة سيرتها الذاتية، فكانت النتائج مبهرة حينما خرج أول كتاب عن سياسي عصامي معروف، ثم فنانة استطاعت أن تفرض نفسها بطموحها وكفاحها، بعد ذلك عن رجل ثري بدأ من الصفر فوصل إلى القمة، حينما كنت أجلس لساعات مع هؤلاء الشخصيات حتى أستمع إلى مسيرة حياتهم لصياغتها بأسلوب أدبي مشوق في كتاب كنت أقف على أسرار ومستندات خطيرة تورطهم، لكن كان علي أن أبرر ثرواتهم وشهرتهم وتفوقهم لمجهودهم الشخصي وعصاميتهم، حقيقة استطعت أن أحقق بعض الترف المادي لكني صرت أطمع في شيء آخر، أنا الذي كتبت سيرة ذاتية لكثير من الشخصيات أليس من الأولى أن أكتب عن نفسي؟ لكن ما قيمة حياة بئيسة لـ “كاتب بالإيجار” لحكايتها للناس؟

أبديت رغبتي لبيترا عن قراري في فضح كل الذين كتبت عنهم ونشر أسرار ثروتهم المشبوهة، كتابي الذي يحمل لأول مرة اسمي، استيقظت فجأة فوجدت بيترا تقرأ مسودة كتابي وبأناملها الرقيقة تداعب خصلات من شعري الذي حل به المشيب…

مكثت جاثما في فراشي كالصنم لا أتحرك ومنتشيا بتلك اللحظة، فقط شهقة على شكل تنهيدة سمعتها تخرج من صدري المرتجف: “آه أخيرا يا بيترا”…

*كاتب مغربي مقيم بهولندا

‫تعليقات الزوار

5
  • sam
    السبت 3 فبراير 2018 - 22:54

    صراحة، استمتعت كثيرا بقراءة هذا المقال الشيق الجميل. فيه قدر عال من الإبداع. الكتاب الحقيقيون يعيشون دائما في ألم ومعاناة وخصاص، فهذا قدرهم، كأنهم خلقوا ليتعذبوا وليرووا للجمهور عذاباتهم. أهنئك على هذا المقال الممتع.

  • غريبة هذه القصة
    الأحد 4 فبراير 2018 - 00:42

    لا أعرف ولكنني اشعر كما لو أنني قرأت قصة مشابهة ، من أكثر من ثلاثين سنة ورأس أمي ليس تشكيكا ولكنني أحس احساسا جميلا ، أنني أقرأ قصة قرأتها صغيرا . ربما هو توارد أفكار ، وربما هي هي نفس القصة التي قرأءها الكاتب ، فاستقرت في قلبه مستقرا حسنا ، ودون أن يدري وجد أنامله تخط قصة نامت في لاوعيه زمنا . تحياتي أستاذ .

  • وجاء
    الأحد 4 فبراير 2018 - 10:46

    قصة من الأدب العالمي ، قراءتها بكثير من المتعة ، تحية لأدبائنا بالمهجر صرت انتظر بشغف القراءة لك استاذنا لما في نصوصك من جمال التعبير والخيال الخصب والقيم المشتركة التي توحد كل الانسانية

  • كاتب عمومي
    الأحد 4 فبراير 2018 - 18:07

    قصة شيقة رائعة وقد أبدع الكاتب في سردها ولم يبخل بماعنده من وفرة في البلاغة وفن الحديث ، القصة تحكي عن أديب متمكن وعاشق ولهان لكنه فاشل ماديا بسبب زهده ،أما الأرض ومن عليها فيمشون على البطون ولا يكترثون كثيرا للإبداع وحسهم مرهف لرنين النقود ، يمكنك أن تكون عبقريا وتصنع طائرة لكن إن لم تعرف كيف تبيعها فقليل ما ينفعك علمك.

  • SINAA KHALIL
    الإثنين 5 فبراير 2018 - 13:56

    Bravo Mr Jebari ,bonne continuation

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس