ما بعد 25 نونبر: الرابحون والخاسرون

ما بعد 25 نونبر: الرابحون والخاسرون
الإثنين 28 نونبر 2011 - 18:54

بقدر كشفت نتائج انتخابات 25 نونبر عن مفاجئات، بقدر ما أكدت عددا من الافتراضات، فقد خلق تصدر العدالة والتنمية بفارق كبير عن الأحزاب الأخرى مفاجئة للجميع، لأن أكثر المتفائلين كانوا يتوقعون تقاربا في النتائج بين العدالة والتنمية والإستقلال والأحرار، في حين أن النتائج النهائية والتفصيلية، تبرز الفوز البارز للعدالة والتنمية بأكثر من ربع المقاعد (107 مقعدا برلمانيا)، وتفوقه على باقي الأحزاب الأخرى، سواء الوطنية أو الإدارية. كما أن هذه النتائج تؤكد انه كلما كانت السلطة أكثر حيادا كلما صعد الحزب الأقرب إلى الشعب، والعكس بالعكس.

هذه المحطة الانتخابية هي في نهاية المطاف محطة ضمن سلسلة من المحطات الإصلاحية لمرحلة ما بعد الربيع العربي، وليست نهاية السير ولا الغاية القصوى، فيها رابحون وخاسرون، تحتاج من الجميع، قوى سياسية، حركات اجتماعية، نخب فكرية، التفكير العميق في مستقبل المغرب على ضوء المعطيات الجديدة لبناء الثقة والمشترك الديمقراطي، بعيدا عن خطابات الإقصاء وممارسة الأستاذية التي مارسها لمدة طويلة الجالسون في الحكم والمتحالفون معهم.

طبعا، في كل محطة سياسية هناك رابحون وخاسرون، وتبرز انتخابات أن أكبر رابح من الانتقال الفعلي نحو الديمقراطية، ليس فقط حزب العدالة والتنمية، ولكن أولا وقبل كل شيء استقرار الوطن، فالمؤشرات كانت تتجه إلى أنه في حالة تزوير الانتخابات سيتم ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي التي ما زالت موجودة في حالة كمون يمكنها أن تكبر في أي لحظة إذا فشلت الحكومة المقبلة من تدبير الملفات الأكثر حساسية، خصوصا في مجال الحريات العامة والتشغيل والصحة والتعليم والإعلام، وهو ما يتطلب مباشرة تنزيل إجراءات فعالة وسريعة من أجل نزع فتيل التوتر القائم، وهي مهمات صعبة تنتظر مدبري السياسات العمومية في الحكومة المقبلة.

أبرزت نسب المشاركة المقدرة (ليست مرتفعة وليست منخفضة) عن أن الشعب المغربي لم يقاطع فعلا الانتخابات، ولكنه لم يشارك بشكل مكثف مثلما وقع في عدد من الدول التي انتقلت نحو الديمقراطية مثل تونس، إلا أن خيار المقاطعة لم يؤثر فعلا في النتائج الأخيرة، لأن نسبة المشاركة الحالي التي تحددت في 45 في المائة هي نفسها التي تصوت دائما (6 ملاين ونصف)، كما أن الأشخاص الذين لم يصوتوا ليسوا بالضرورة استجابة لدعوات المقاطعة، فهو محدد بعدد من المتغيرات، يتعلق جزء كبير منها بضعف الوعي السياسي عند فئات مهمة من المواطنين، تجدهم غير مبالين بما يقع في الوطن، سواء كان حراكا شعبيا أو مشاركة في الانتخابات أو غيرها، وهذه الفئة استعصت على الاستقطاب من طرف الجميع، كما أن هناك أسباب ثانوية تقنية وموضوعية، مثل عدم توصل نسبة كبيرة من المواطنين بإشعارات التصويت، وعدم معرفة مكاتب التصويت (خصوصا بالنسبة للأميين)، أو عدم تواجد الشخص في المدينة المسجل فيها نتيجة الدراسة أو العمل…، بالإضافة طبعا إلى دعاة المقاطعة الانتخابية بناء على قناعات فطرية بعدم جدوائية المشاركة في الانتخابات.

فعلا، لا يمكن لدعاة المقاطعة أن يدعوا بان جميع الأشخاص الذين لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع كان استجابة لدعوات 20 فبراير، إلا أنه في ظل غياب معطيات ميدانية مؤسسة على ملاحظة دقيقة للواقع وبناء على عينة تمثيلية من المواطنين المقاطعين، لا يمكن الجزم بشكل نهائي في هذا الأمر، إلا أن المؤكد أن خيار مقاطعة الانتخابات للضغط على الدولة من اجل تحقيق الملكية البرلمانية دفعة واحدة يحتاج إلى إعادة تفكير حاليا، كما أن دعاة التأزيم والرهان على نسب المشاركة المتدنية جدا في وضع شيء، لأن نسبة مقدرة من المغاربة لم تقاطع وأكدت على فكرة: “التغيير في إطار الاستقرار”، ولهذا صوتت نسبة مهمة من المغاربة المسجلين في اللوائح الانتخابية على حزب العدالة والتنمية.
لا يمكن القول بان وزارة الداخلية التزمت بالحياد المطلق خلال الانتخابات الأخيرة، بل كانت في وضع حياد سلبي تجاه عدد من الممارسات التي كان يقوم بها ممثلوا بعض الأحزاب الإدارية، كما أن الدولة لم تستطع أن تزوير النتائج بالطريقة التقليدية، بسبب الرقابة التي مارسها ممثلوا بعض الأحزاب ذات المصداقية، وهو ما يجعل هامش التزوير محدودا، خصوصا في المناطق القروية البعيدة، ولهذا فبالرغم من حجم المال الموزع من طرف ممثلي بعض الأحزاب الفاسدة، إلا أنها لم تستطع أن تغري جميع المواطنين، مما يؤشر على ارتفاع الوعي السياسي عند نسبة مقدرة من المواطنين في العالم الحضري والقروي على حد سواء، وهي ملاحظة تحتاج إلى تأمل ومراجعة لعدد من المقولات التبسيطية والإحتقارية للمواطن المغربي وعدم القدرة على التمييز بين الأشياء، خصوصا مع التطور في الوعي السياسي الذي لعبت فيه عدد من العوامل دورا مهما، أبرزها تأثير التعليم ووسائل التكنولوجيات الحديثة، بالإضافة على دور المجتمع المدني والهيئات السياسية ذات المصداقية في رفع الوعي السياسي للمواطنين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى المزيد من المكتسبات الإيجابية للديمقراطية في المستقبل القريب للمغرب.

يعيش التيار الراديكالي في الحركة الأمازيغية مأزقا حقيقيا حاليا، بسبب عدم استجابة المغاربة (عربا وأمازيغ ) على دعوات المقاطعة التي خاضتها عدد من الجمعيات الأمازيغية القريبة من أحزاب السلطة ضد العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، وقد أثبتت محدوديتها في التأثير على المواطنين، بحيث أن الحزب حصل على مقاعد جديدة في جميع مناطق المغرب، مناطق ذات الكثافة للناطقين بالأمازيغية أو عربية، مما يجعل مبررات مقاطعة العدالة والتنمية بتهمة معاداة الأمازيغية تهمة واهية ومرفوضة من طرف فئات واسعة من المواطنين التي صوتت على الحزب.

يبقى الرهان في المستقبل القريب هو تحقيق الأمور التالية: 1- تكوين حكومة منسجمة بعدد وزراء لا يتجاوز 15 وزيرا، 2- تنزيل إجراءات مستعجلة في المجال الاقتصادي والسياسي والحريات العامة (إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ورشيد نيني)، 3- فتح نقاش عمومي جدي وموسع مع كل الفعاليات السياسية (خصوصا العدل والإحسان، 20 فبراير) حول قضايا الإصلاح السياسي في المغرب.

ولنا عودة في الموضوع بمزيد من التحليل والتفصيل.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

11
  • nawfal
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 19:39

    la contradictoire dans l'analyse ,une fois il parle que les boycottes n'ont pas fait çà a cause de connaissance politique et de l'appel des boycottes .Mais dans l'autre coté il parle de la connaissance politique à ceux qui ont participer????

  • Ahmed
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 20:51

    يبقى الرهان في المستقبل القريب هو تحقيق الأمور التالية: 1- تكوين حكومة منسجمة بعدد وزراء لا يتجاوز 15 وزيرا، 2- تنزيل إجراءات مستعجلة في المجال الاقتصادي والسياسي والحريات العامة (إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ورشيد نيني)، 3- فتح نقاش عمومي جدي وموسع مع كل الفعاليات السياسية (خصوصا العدل والإحسان، 20 فبراير) حول قضايا الإصلاح السياسي في المغرب.:
    Pour établir une vraie démoctatie au pays, il faut appliquer les points si- dessus. Les autres acteurs politiques doivent aussi prendre leurs responsabilité dans l'opposition. Les 20 ff doivent continuer leurs marche pacifiquement pour accélerer le changement. Tous les marocains doivent travailler pour obtenir une bonne situation dans tout les domaines. Nous sommes sur un bon chemin. L'important c'est le respect des voix des votants et aussi des autres acteurs et la récupération de la confiance des citoyens

  • مندس
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 21:23

    و زعما انت أسي مصباح تيقتي ديك النسبة ديال الداخلية ديال 45 في المئة و لا بغيتينا نصدقوها بزز الشعب لن تنطلي عليه الحيلة هنيئا للعدالة و التنمية الذي فاز بمليون صوت من 25 مليون الكتلة الناخبة حسب الإحصاء الرسمي ل 2004 و نقول له ماغادير حتى زفتة ماشي حيت ما عندكش الأطر و لا الإرادة و لكن حيت راه المخزن هادا أحبيبي غادي يدير بيك كيفما دار مع الاتحاد الاشتراكي

  • الشعب
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 22:13

    عكس ما تطبل له فالمغاربة قاطعوا الانتخابات وبشكل مكثف وواعي ينم عن تنامي الوعي السياسي عند فئات واسعة من المغاربة.فاين ستضع الجماهير التي تخرج الى الشارع باستمرار والتي لها الحق في أن يسمع صوتها ومطالبها،وهي تفوق بكثير الذين شاركوا في الانتخابات،منهم كان تحت ضغط المخزن التقليدي الذي دفع بفئات عريضة الى الذهاب للتصويت،ومنها من تلقى الرشوة للتصويت على فلان أو فلان.على الحكومة الجديدة أن تنصت الى نبض الشارع والا لكان وفاتها على يديه،وعلى الدولة الانخراط في اصلاحات سياسية ودستورية عاجلة،وحل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية للمعوزين والفقراء.عاشت 20 فبراير والمجد والخلود لاحرار الوطن.

  • مغربي
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 22:33

    الذين لم يذهبوا ااىصناديق الاقتراع هم الذين يتوفرون على الوعي السياسي الحقيقي عكس ما يدعي صاحب المقال، لانهم لا يخافون من المخزن و اعوانه.
    الذين قاطعوا الانتخابات قاطعوا عن وعي؟، و الا كيف نفسرالفارق الكبير بين نسبة التصويت على الدستور و نسبة التصويت في اقتراع 25 نونبر؟ اليس من المفارقة ان يكون الذين صونوا على الدستور صوتوا لكونهم يملكون وعيا سياسيا و عندما يتعلق الامر بالانتخابات يصبحون بدون وعي سياسي؟ اما مسالة هل استحابوا او لم يستجيبوا لنداء المقاطعة فلا احد يملك الجواب ولكن الاكيد انهم قاطعوا هذه الانتخابات.

  • ahmadou
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 00:19

    Bravo et Grand merci sauf qu'on peut admettre jusqu'à 20 ministres ce n'est pas un problème. l'essentiel est de mettre l'Homme qu'il faut à l'endroit qu'il faut. Le MAROC est, j'espère, sera le véritable gagnant IN CHA ALLAH

  • youness de paris
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 06:53

    وكيل لائحة العدالة و التنمية بآسفي يستعين بأعضاء 20 فبراير كممثلين لي الحزب في مكاتب الموت يوم الإقتراع،و هدا ما فسر سقوط صقور كبيرة من الأعيان

  • abdelkader
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 10:56

    لو ساهم أكثرية المغاربة في الانتخاب لقضينا على تجار الإنتخابات وفرضنا القطبية الحزبية وأجبرنا الناس على اختيار البرنامج الحزبي بدل الشخص ولتمكنت كل الأحزاب أن تفرض مناضليها في الانتخاب لأنها حينئذ لن تحتاج إلى الأعيان.
    الخاسر في كل الأحوال هو القاعدين والعدميين والذين يظنون أنهم قادرين على استبلاد المغاربة
    أعداء العدالة والتنمية والحكومة المقبلة هم الأساتذة المتقاعسين والأطباء الطماعين والقضاة
    المرتشين والموظفين المتكاسلين والمحامين المتاجرين بالقضايا والنقابين المتخصصين في الدفاع
    عن الكسالى والتلاميذ الرافضين للقيام بأي مجهود والآباء الذين يلدون ويعتمدون على الدولة لتربية أبنائهم والمنهربين من الضرائب والفلاحين الصغار مشاة كبار الملاكين …….
    كل هؤلاء سيلتحقون بالعدالة والتنمية كالطحالب والبقية ستلج ملاعب العدل والإحسان والسلفيين والنهج الديمقراطي وغيرهم من المستقوين بالأجنبي

  • Rifi
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 14:19

    العدالة والتنمية حزب معادي للامازيغ والامازيغية وهاذا يعرفه الجميع.لكن لمن نصوت ان لم نصوت على المصباح؟ ليس هناك بديل. لو كان هناك بديل لما صوتت لبنكيران المتطرف. الاحزاب الاخرى هي احزاب الرشوة والفساد.
    انا صوتت ضد احزاب الفساد, ولم اصوت لصالح بنكيران.

  • Abou rabi¨â
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 17:08

    pk ce foto?ca veut dire que benkiran declare la guerre contre les militants d'origine du rif et pas contre PAM en tant que parti politique.alors là on comprend que PJD a des reglements contre les militants rifains car ils veulent aussi participer et contribuer dans la prise des decision au niveau etatique.

  • laaji rabab
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 22:18

    يبقى المخاض مستمرا في سباق مع الزمن لتحقيق الغايات و بلوغ المراد من اجل مغرب مضيء
    متمنياتنا لكم بالتوفيق
    و شكرا للعدالة و التنمية

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء